أجمع خبراء الاستثمار والصناعة والمستثمرون على أن دخول الحكومة فى مجال المشروعات الضخمة في البنية الأساسية أمر صعب فى الوقت الحالى لأنها تعانى من نقص فى السيولة والتمويل، وأنه لا بد من مساهمات القطاع الخاص فى تلك المشروعات وطرحها للاكتتاب العام، مثلما دعا المستشار عدلي منصور رئيس الجمهورية المؤقت بضرورة طرح مشروعات محور قناة السويس للاكتتاب العام. ورحب رجال الأعمال والمستثمرون بفكرة إنشاء شركات قابضة برؤوس أموال كبيرة يكتتب فيها المواطنون والبنوك والمؤسسات والشركات المختلفة، بحيث تتولى هذه الشركات إقامة مشروعات البنية التحتية والفوقية وتطوير مدن الصعيد واستصلاح الأراضي وتنمية الموارد البشرية. فى البداية يطالب الدكتور شريف وحيد رأفت رئيس البورصة الأسبق بأن يتم منح مثل هذه الشركات مميزات إيجابية ليتحقق لها النجاح، وتشجيع الاقبال على الاكتتاب من خلال القيام بحملة ترويجية ضخمة لتوضيح الجوانب الإدارية والاصول والضمانات التي تتمتع بها لأعطي الطمأنينة للمكتتبين، علاوة على حث بعض المؤسسات العالمية المعروفة علي الاكتتاب فيها أو منحها صفة الإدارة بحيث أن أمنح مثل هذه المؤسسات أو الجهات حصة تتراوح بين 30 إلى 40 % في أسهم هذه الشركة، وترك ال70% المتبقية للمواطنين. وقال إنه يجب على الحكومة أن تمنح مثل هذه الشركات صفة الاحتكار للخدمة أو المنتج الذي تقدمه لمدة لا تقل عن 3 سنوات لتشجيعها على النجاح في السوق، موضحًا أن الموازنة العامة أصبحت عاجزة عن الوفاء بمتطلبات المواطنين بل إن حدة الديون والعجز في الموازنة تتزايد بنسب مرتفعة يضعف الموارد السيادية للدولة، خاصة أن مشروعات البنية الأساسية تستوعب رؤوس أموال ضخمة والعوائد من ورائها بعد فترة من الزمن. ويضرب رئيس البورصة المثل أيضًا بشركة كهرباء "سيدي كرير" التي كانت تتمتع بضمان من البنك الدولي حيث شهدت إقبالاً كبيرًا. وأضاف الدكتور سلطان أبو علي وزير الاقتصاد الأسبق أنه أول من نادى بفكرة الشركات القابضة بعد ثورة 25 يناير، وطالب بأن تساهم البنوك والمؤسسات النقدية مثل شركات التأمين وشركات الاستثمارات المالية بأموالها في هذه المشروعات علاوة علي الصناديق الاجتماعية الكبري مثل صندوق التأمين والمعاشات وصناديق الاستثمار، مشيرًا إلى أن دخول مثل هذه الكيانات في الشركات القابضة الضخمة يعطي مؤشر أمان للأفراد. وأكد أن مشاركة المؤسسات النقدية في مثل هذه الكيانات الضخمة لا يهدد سلامتها المالية، بل إن خبراتها الفنية ستساعد في نجاح هذه الكيانات. لكن علي حمزة رئيس لجنة تنمية الاستثمار في مدن الصعيد لديه عدة تحفظات على جذب المواطنين للاكتتاب في هذه الشركات الضخمة، منها أن اضطراب المشهد السياسي والأمني والتخبط الاقتصادي لا يعطي مؤشرًا إيجابيًا يشجع علي هذا الاكتتاب، قائلاً: إن هؤلاء لديهم فوائض مالية يتحفظون عليها لتأمينهم من تقلبات الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في مصر التي يخيم عليها طابع الفقر والتضخم في الأسعار، وأن معظم هؤلاء فضلوا الاحتفاظ باموالهم في المنازل أو استثمارها في الذهب أو العقارات أو العملات خاصة الدولار أفضل من استثمارها في شركات قابضة في مهب الريح. ويرى أن دخول المواطنين فى عملية الاكتتاب يحتاج إلى أن تكون الحكومة شريكًا ليس رئيسًا في مثل هذه المشروعات لكن بنسبة لا تقل عن 15 % حتي يطمئن المواطن المكتتب أن داخل هذه الشركات لجان للمراقبة على أدائها ونشاطها، وأن محصلة اكتتابه لها مردود. وطالب بإنشاء شركة قابضة تتخصص في تنمية الموارد البشرية داخل محافظات الصعيد، لأنها تعد قضية غاية في الخطورة ونتائجها السلبية تدمر كيان هذا المجتمع القبلي. فى غضون ذلك، أوضح محمد السويدي رئيس اتحاد الصناعات ومجموعة شركات استثمارية لتصنيع الكابلات الكهربائية أن نجاح الاكتتاب يتوقف علي مدي نجاح الادارة في هذه الشركات، خاصة إذا رسيت علي شركات معروفة، لكن إذا أسندت هذه الإدارة للحكومة فإن المكتتبين لن يفكروا في الدخول لهذه الشركات لأن المواطن بل ورجال الأعمال فقدوا الثقة فيها. وطالب بأن تكون نسبة مساهمة الأفراد في الاكتتاب العام لا تزيد عن 35% والتركيز علي مساهمة المؤسسات والشركات والبنوك حتي لا تحدث مشاكل في الهياكل الإدارية للشركة. من جانبه، يؤكد السفير جمال بيومي أمين عام المستثمرين العرب أن المستثمرين العرب رحبوا بهذه الفكرة، لكن الحكومة لا بد أن تنسق بين متطلباتها في جذب الاستثمارات والاحكام القضائية تجاه شركات الخصخصة التي تم بيعها إلى مستثمرين عرب وأجانب ثم صدرت أحكام بردها إلى الحكومة مرة أخرى. وقال إن صدور قرارات من النائب العام بالتحفظ على 23 رجل أعمال ومنعهم من السفر وفرض الحراسة على أموالهم من بينهم مستثمرون عرب يثير مخاوف المستثمرين أيضًا من الدخول فى مثل هذه المشروعات، لذا لا بد من وضع اليات تضمن حقوق المواطنين والمستثمرين.