اتجهت جماعة الإخوان المسلمين مع اقتراب موعد محاكمة الرئيس المعزول محمد مرسي في 4 نوفمبر 2013، لتنظيم حملة في الدول الغربية، بعنوان "دعم الشرعية ورفض الانقلاب"، من أجل التعريف بما يجري في مصر، وب"الآثار السلبية لعملية الانقلاب في مصر". وينظم هذه الحملة "التحالف الدولي المناهض للانقلاب والمؤيد للديمقراطية"في محاولة أخرى من جماعة الإخوان لنقل الصراع إلى الخارج، و تحريك الدوائر الغربية من أجل الضغط على مصر لتقديم تنازلات للجماعة، خاصة فيما يتعلق بمستقبلها السياسي. -صراع الحملات: تعتمد جماعة الإخوان المسلمين على الحملة الخاصة بها في الدول الغربية، على أعضاء الجماعة في الخارج، وعلى الموالين للجماعة، والمتعاطفين معها، من أبناء الجالية المصرية في الخارج، ومن المتعاطفين معها من المنتمين للتيار الليبرالي، فضلا عن أعضاء التنظيم الدولي للجماعة، وتشمل هذه الحملة سويسرا والنمسا و بريطانيا وغيرها من الدول الأوروبية. وتشتمل أنشطة هذه الحملة على نشر إعلانات تندد بالمرحلة الانتقالية في مصر، في وسائل الإعلام الغربية التي تتبنى موقف سلبي من المرحلة الانتقالية في مصر، مثل الإعلان الذي تم نشره في الجارديان البريطانية ، ورفع شعار رابعة العدوية في المحافل المختلفة، خاصة من قبل رياضيين مصريين، ومن ذلك لاعب الكونج فو محمد يوسف الذي رفع شعار رابعة أثناء بعد تسلمه الميدالية الذهبية. وذلك إلى جانب تنظيم مؤتمرات تستهدف الأكاديميين الغربيين ومراكز الفكر الأوروبية، وأبناء الجالية المصرية في الخارج، من أجل ايجاد مساحة داعمة لتحركات الاخوان بينهم، وتنظيم مؤتمرات شعبية يتخللها فقرات غنائية، ومقاطع تمثيلية، مع استخدام مكثف للأطفال، وتستلهم في شعاراتها وعباراتها مفايهم مثل "الكرامة" و"رفض الاهانة"، و"الديمقراطية" و"رفض حكم العسكر"، وهي كلها مفاهيم حملتها ثورة 25 يناير 2011. وتشير عدة تقارير إلى أن تمويل هذه الحملة يعتمد بصورة كبيرة على المال القطري والتركي، بالتعاون مع المنظمات الحقوقية الدولية والاقليمية الموالية للجماعة، ويحصر موقع منبر رابعة (ar.r4biaplatform.com) كافة المؤسسات والكيانات المؤيدة للتحركات الخارجية لأخوان مصر، وهي في مجملها مؤسسات تركية. وقد ظل الإشكال الذي تواجهه الحكومة الانتقالية في مصر، مرتبطًا بعدم وجود صوت مواز لصوت الجماعة في الخارج، منذ ثورة 30 يونيو، وهو وضع استمر حتى أغسطس 2013، حيث بدأت الحكومة المصرية تهتم بتنظيم حملات تقدم رواية موازية لما تقدمه جماعة الإخوان، تضم الإعلاميين والأدباء والأكاديميين. وعلى سبيل المثال، بعد استضافة المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية في لندن IISS، عبدالموجود الدرديري في أغسطس 2013 للحديث عن الوضع في مصر، شارك السفير محمد شاكر رئيس المجلس المصري للسياسة الخارجية، إلى جانب عدد من الشخصيات المصرية في سبتمبر 2013 في أنشطة المعهد ليقدم رواية أخرى عما يجري في مصر، كما ترعى الدولة وفود الدبلوماسية الشعبية التي تهدف للتعريف بتفاصيل خارطة الطريق، والتي تم في إطارها جرت زيارة وفد يرأسه محمد سلماوي المتحدث باسم لجنة الخمسين المعنية بكتابة الدستور، لكل من بريطانيا وروسيا. -استمرار الأزمة: تعد الحملة الحالية التي تنظمها الجماعة، هي مرحلة من مراحل الصراع الذي أعقب ثورة 30 يونيو، والتي لن تكون الأخيرة، وستتكرر كلما نجحت الحكومة الانتقالية في مصر في توجيه ضربات حقيقية لها، خاصة وأن هذه الحملة أتت بعد صدور قرار قضائي بحظر جماعة الأخوان، ومصادرة أموالها، وبعد القبض على عدد كبير من المنتمين لها، وتفكيك بؤر سيطرت عليها ومنها كرداسة في الجيزة ودلجا في المنيا. ومن المتوقع أن تتكرر هذه الحملات، وأن تتجه الجماعة لنقل صراعها مع الحكومة الانتقالية للخارج، وللدول الغربية، طالما استمرت الأزمة السياسية بينها والحكومة، ويتوازى مع ذلك استمرار عناصر الجماعة في استراتيجيات التصعيد التي يتبعونها حاليا في الشارع المصري، وفي الجامعات المصرية. ويمكن تفسير هذا التوجه للجماعة بعاملين، يتمثل الأول في تحول أطراف الأزمة، حيث أصبح الشعب المصري طرف رئيسي في الأزمة، ولم تعد تقتصر على الحكومة والاخوان، وهو ما يضيق من الأفق السياسي للجماعة، حيث يتزايد الحنق الشعبي على أي حضور سياسي لهم في المؤسسات الجديدة، وبالتالي لم تعد المسألة مرتبطة بتقديم الحكومة الانتقالية تنازلات للأخوان حتى يقبلوا المصالحة، بل أصبحت مرتبطة بقبول الشعب وجود أي حضور سياسي للجماعة. وينصرف العامل الثاني إلى أنه لا يوجد طرف ممثل لجماعة الأخوان وقادر على التوصل لمصالحة ما مع الحكومة الانتقالية، حيث لا يبدو أن الأسماء المطروحة مثل محمد علي بشير وعلي دراج قادرة على التأثير في الشارع، أو الاعتراف بأن هناك واقع جديد خلقته ثورة 30 يونيو، ولعل محاولة الدكتور كمال ابو المجد للوساطة دليل جيد على ذلك.كما أن احتمال تحول حزب مصر القوية الذي يقوده عبدالمنعم أبو الفتوح إلى مظلة سياسية تنضوي تحتها أعضاء الجماعة، ويتفاوض باسم الجماعة مع الحكومة الانتقالية لا يزال ضعيفا. ويظل تقييم آثار هذه الحملات أولي، ولا يمكن الجزم بنجاح أي منها، خاصة وأن نجاحها مرتبط ب"النفس الأطول"، وعلى رغم تنوع الاستراتيجيات التي تتبعها الجماعة في حملتها، سواء من حيث اعتمادها على العنصر الشبابي بنوعيه المتقن للغة الانجليزية، والذي يستخدم رموز وعبارات تخاطب الرأي العام الغربي، إلا أن قوة الحملة الحكومية مرتبطة بتنوع المشاركين فيها من حيث انتماءاتهم السياسية والثقافية، ويظل العامل المرجح، مرتبط بكثافة المكتوب عن رواية كل من الحملتين، سواء في مراكز الفكر الغربية، أو الصحافة الغربية.