جاء قرار الدكتور أحمد شفي، رئيس مجلس الوزراء بنقل الأصول المملوكة لوزارة الاتصالات والخاصة بجامعة النيل إلى صندوق تطوير التعليم بمجلس الوزراء، ليقضى تماما على الجدل، الذى أثير منذ إنشاء هذه الجامعة وعلاقة الدكتور أحمد نظيف، رئيس الوزرء السابق بها. جامعة النيل خلدت ذاكرة إنشائها مجموعة من التساؤلات توصل البعض إلى إجابة لها وحاول البعض الآخر التكهن بباقى الإجابات، خاصة فيما يتعلق بأسلوب تكوينها وكيف آلت ملكيتها إلى جمعية أهلية صدر لها قرار باعتبارها ذات نفع عام بينما تحملت وزارة الاتصالات كامل قيمة الأرض والمنشآت والتجهيزات. بدأت فكرة جامعة النيل بتكوين جمعية أهلية غير ربحية تحمل اسم "المؤسسة المصرية لتكوين التعليم التكنولوجى"، وتم إشهارها برقم 1777، وتكونت فى البداية من 22 شخصية على رأسهم الدكتور أحمد نظيف وقت أن كان وزيرا للاتصالات قبل أن يرأس الحكومة السابقة، وكان معه فى الجمعية الدكتور طارق كامل والدكتور فاروق إسماعيل والدكتور صبرى الشبراوى ومنى ذو الفقار ، وغيرهم ، بجانب ثمانى شخصيات اعتبارية غالبيتهم تابعون لشركات فودافون وفيرجيتك لتكنولوجيا المعلومات ومايكروسوفت ومركز هندسة البرامج وجامعة فيرجينيا تك ، ومركز معلومات مصر ، وشركة الأهلى للاتصالات ، وتم فتح حسابا بنكيا فى "السى أى بى". وافق رئيس مجلس الوزراء وقتها برئاسة الدكتور عاطف عبيد ، ومحمد إبراهيم سليمان وزير الإسكان فى حكومة عبيد، على تخصيص أرض لجامعة النيل فى مدينة الشيخ زايد ، وأصدر وزير الإسكان وقتها قرارا بتخصيص 127 فدانا بسعر المتر 2000 جنيه وبدأ التنسيق بين وزارتى التخطيط المالية فى هذا الوقت على بدء إجراءات سداد أقساط الأرض بالخصم من الموازنة الاستثمارية لوزارة الاتصالات. مما سبق يتضح أن الدكتور نظيف وقت أن كان وزيرا للاتصالات ، وعضوا فى جمعية أهلية تخطط لتأسيس جامعة ، وافق على أن تدفع وزارته ثمن الأرض ، وبالتالى دخلت الحكومة – ممثلة فى وزارة الاتصالات – فى عضوية جمعية أهلية..هل هذا شىء طبيعى؟. التساؤل السابق ستكون إجابته ب "نعم".. لأن عهد الدكتور نظيف كان كل شىء بالنسبة له طبيعيا. الأغرب من ذلك أنه فى يناير 2006 نجح الدكتور نظيف – وقت أن كان رئيسا للوزراء- فى الحصول على موافقة من مجلس الوزراء بإنشاء الجامعة ، وفى يوليو من نفس العام (2006) صدر القرار الجمهورى رقم 255 بإنشاء الجامعة. مرت ثلاث سنوات على قرار الإنشاء ، وخرج التشريع رقم 12 لسنة 2009 والخاص بإعادة تنظيم الجامعات وأصبحت الجمعية الأهلية، التى هى عضو فيها نظيف ، تمتلك الأرض والمبانى الخاصة بجامعة النيل، رغم أن الذى دفع ثمنها فى البداية وزارة الاتصالات التى كان يتولى مسئوليتها نظيف. الجمعية الأهلية بقدرة قادر أصبحت جامعة ، وبعد أن كانت لاتهدف للربح فى البداية ، لكنها أعلنت فى النهاية أن مصروفات الجامعة بعشرات الآلاف ، ومثال ذلك مصروفات كلية الهندسة وكلية التجارو وإدارة الأعمال ، وذلك بخلاف ثمن الكتب ، لدرجة أن البعض وصف مصروفات جامعات النيل بأنها تعادل ثلاثة أضعاف مصروفات بعض الجامعات الخاصة. بلاغات بالجملة تقدمت للنيابة بسبب هذه الجامعة ، وكان من بينها البلاغ الذى قدمه النائب السابق فى مجلس الشعب مصطفى بكرى، عندما تساءل عن أسباب دفع الحكومة مليارا ونصف المليار جنيه لصالح جامعة النيل الخاصة ، والتى بات نظيف صاحب التصرف الوحيد فيها ، بالإضافة إلى قيام وزير التعليم العالى بفتح أبواب كليات الهندسة فى جامعة النيل لطلاب الثانوية العامة "قسم علمى" دون شرط حصول الطالب على مؤهل علمى رياضة. الأمر الذى يشوبه الكثير من علامات الاستفهام تجاهه. بكرى قال إن نظيف وقت أن كان وزيرا للاتصالات أصدر قرارا بتولى وزارة الاتصالات بناء جامعة النيل من ميزانيتها الخاصة، وبعد تولى نظيف رئاسة الحكومة فى يوليو 2004 وصدور القرار الجمهورى رقم 255 لسنة 2006 باعتبار جامعة النيل جامعة خاصة فى نفس العام. وبمقتضى قانون الجامعات الخاصة والأهلية الصادر فى 2009 ، فإن الجهات الحكومية تنازلت عن حقوقها كاملة فى جامعة النيل –على حد بلاغ بكرى- لتؤول ملكيتها كاملة إلى الجمعية الأهلية التى يترأسها نظيف دون أن تتكلف هذه الجمعية أي أموال ودون أن يكون لها الحق فى إلزام الدولة بتخصيص الأرض المجانية لها وبنائها من حساب المال العام. الأمر ذاته دفع المحامى سيد بحيرى لتقديم بلاغ للنائب العام رقم 182 عرائض فى يناير الماض يقال فيه إن الدكتور هانى هلال وزير التعليم العالى سهل لكل من الدكتور أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء السابق، وطارق كامل وزير الاتصالات وآخرين من مؤسسى جامعة النيل الخاصة الاستيلاء بغير حق بما يزيد على 2 مليار جنيه قيمة أرض ومبانى جامعة النيل الخاصة المسددة من مال الشعب عن طريق وزارة الاتصالات، حيث قاموا بتحويل تلك الجامعة إلى جامعة أهلية، وذلك بأن استغل الأول (هانى هلال) سلطة وظيفته كرئيس لمجلس الجامعات الخاصة والأهلية بإصدار قرار من هذا المجلس فى 21 يناير، كما استغل كل من الثانى والثالث سلطة وظيفتهما للموافقة على تحويل أموال الشعب إلى مؤسسى جامعة النيل. الأغرب أن الدكتور نظيف عندما قدّم الدكتور طارق خليل القائم بأعمال رئيس جامعة النيل حاليا، إلى الرئيس السابق حسنى مبارك ، قدّمه على أنه رئيس جامعة النيل ، إنما الحقيقة أن جامعة النيل ليس لها رئيس ، وإنما يرأس المهندس عقيل بشير رئيس الشركة المصرية للاتصالات مجلس أمنائها.