تأنق حتى لا يستهينوا بك"؛ نصيحة ذكية "ومخلصة" من الأديب الروسي الشهير "دوستوفيسكي" لحفيده؛ فمعظم الناس "تقرر" من نكون من المظهر وقبل أن تتعرف علينا. حكى الموسيقار الراحل محمد عبدالوهاب أنه عندما كان فقيرًا جدًا في بدء حياته؛ كان يضع "البنطلون" تحت المرتبة فترة طويلة قبل ارتدائه ليبدو مكويًًا وجميلًًا، ولم يقل لا يهم المظهر أو عندما يتوافر لي المال سأهتم به فدائمًا نستطيع صنع أفضل ما يمكننا متى "رغبنا" بقوة ولم "نقرر" الاستسلام. ننبه أن التأنق لا يعني أبدًا التكلف ولا المبالغة بارتداء كل ما هو غالي الثمن؛ فالمبالغة تخصم من الأناقة "وتنفر"؛ والأفضل ارتداء ما يناسب أعمارنا وأجسامنا والأماكن التي نذهب إليها؛ فما نرتديه بالعمل لا يتناسب مع الزيارات الخاصة والاحتفالات، وكذلك لا يجب ارتداء الملابس الغالية جدًا، أو الحلي الذهبية بالعمل إلا البسيطة؛ فهو ليس مكانًا للتباهي بما نمتلكه. الهدف من الأناقة المظهر الجميل الذي يسبقنا في التعريف بأنفسنا وليس الثراء؛ فبعض الأثرياء يفتقدون الأناقة ولا يعرفون كيف يتمتعون بالمظهر الذي يضيف إليهم. "تتسع" الأناقة لتشمل طريقة تناول الطعام، وأسلوب الكلام ووقته، وتجنب الصوت العالي والاستخدام السيئ للغة الجسد؛ بكثرة استخدام اليدين أثناء الكلام أو الجلوس بطريقة غير لطيفة، ومن الأناقة "اللطف" ومراعاة مشاعر الآخرين، وعدم إلقاء الحجارة في وجوههم في صورة كلمات جارحة "بدعوى" أننا نتميز بالصراحة، أو القول البشع "بأننا نقول للأعور أنت أعور في وجهه" ولا نرى أي شجاعة في ذلك بل تعمد للإساءة والإيذاء بلا مبرر. الإفراط في العناية بالمظهر خطأ مثل إهماله، ويضر بالصحة النفسية؛ حيث يعتمد صاحبه عليه في لفت الأنظار إليه وكأنه بضاعته "الوحيدة" التي تمهده للفوز في الحياة، وهي جزء فقط من أجزاء نجاحنا بالحياة وتجاهلها خطأ، والاعتماد عليها "كارثة" بكل المقاييس؛ فيتراجع الاهتمام بالعقل وبتحسين العلاقات مع النفس ومع الآخرين، وبتحديد أهداف "تستحق" أن نحيا من أجلها والعمل بجدية ومثابرة لتحويلها لحقائق وعدم الاكتفاء بالتفكير بها ومنع تحويلها لأحلام يقظة نحتضنها بالخيال ولا نراها بالواقع كما يفعل - مع الأسف - الكثيرون من الجنسين وبكل الأعمار وبكل زمان ومكان. من الأخطاء الشائعة الاهتمام بالمظهر خارج البيت فقط، وإهماله داخله بحجة أن البيت مكان الراحة؛ ومن قال إن الراحة "يجب" أن تخاصم الجمال؛ ألا نرى أنفسنا نحن وشركاؤنا بالحياة وأولادنا وأباؤنا وأمهاتنا ونحن في البيت فلماذا لا نهتم بمظهرنا داخله؟ وكأن الاهتمام به "ليرضى" عنا الناس خارجه فقط، وليس لنسعد نحن بمظهرنا أولًا، لذا من المهم الاعتناء بالمظهر داخل البيت وارتداء ملابس جميلة "ومريحة" أيضًا والكلام للجنسين. من الخطأ الشائع؛ الاهتمام بالمظهر لأهداف معينة كالحصول على عمل جيد أو للفوز بالزواج، ويحدث ذلك من الجنسين؛ قالت لي بنت مخطوبة إنها تستعد "ماديًا" للاهتمام بجمالها في السنة الأولى للزواج. قلت لها: الاهتمام بالجمال يجب أن يكون طوال العمر؛ ولا يتطلب المال الكثير؛ فستفوزين به فقط بالنظافة وبعض الرتوش البسيطة والرشاقة وتناسق الألوان والتغيير في ارتداء قطع الملابس وشجعي زوجك على حسن المظهر أيضا فالجمال والتزين للجنسين؛ لقول عبدالله بن عباس رضي الله عنهما: إني أحب أن أتزين للمرأة كما أحب أن تتزين لي. نلفت النظر لخطأ يتكرر في بعض الفضائيات وبوسائل التواصل؛ فنجد مذيعة أو صانعة محتوى تلقي بكلمات مسيئة للزوج الذي "ينبه" زوجته لتراجع اهتمامها بنفسها بعد الزواج وكأنه "أجرم" في حقها؛ مع أنه "يساعدها" لتكون أفضل، واللافت أن من تعترض "وتبرر" إهمال الزوجة لمظهرها واستسلامها للبدانة تبذل مجهودًا "خارقًا" وتجري عمليات تجميل لتبدو جميلة ورشيقة، وكأنها تستعد لمسابقة ملكة الجمال؛ ولو تعاملت "بأمانة" مع بنات حواء لنصحتهن بالعناية بالرشاقة وبالجمال قبل الزواج وبعده؛ لكنها "لعنة" الكذب وإرضاء المتابعات ولو على حساب مصلحتهن!! المحافظة على الجمال والمظهر الجيد ليس عبئًا لا نفسيًا ولا ماديًا بل جزء من الصحة النفسية؛ لأنه يحقق "بعضًا" من رضى الإنسان من الجنسين عن نفسه والعكس صحيح، على أن يكون باعتدال ولا يصبح هدفًا ولا يشكل ضغطًا أو للتنافس مع الآخرين. الهدف من المظهر الجميل الاستمتاع الشخصي به و إعطاء النفس "حقها" وتجنب الإحساس بالغيرة، وأحيانا "الحسرة" عند رؤية من يهتمون بمظهرهم "وتدريب" أولادنا وبناتنا على ذلك، ثم تقديم النفس للآخرين بأفضل صورة؛ فالعين تحكم قبل العقل، ولكل عمر ما يناسبه من المظهر الجميل.. ولا داعي للتصابي؛ فالأناقة الذكية تتلاءم مع العمر ومع مواصفات الجسد أيضًا، ونوصي بتجنب الجري وراء التقاليع والموضة، وأن يصنع الكل من الجنسين لنفسه ما يناسبه ويعبر عن "شخصيته" ويسعده ولا يكون أبدًا جزءًا من قطيع. الاهتمام بالمظهر ليس رفاهية كما يفكر البعض؛ بل "ضرورة" حتى عندما يكون الإنسان مكتئبًا "لرفع" الحالة المعنوية وللشعور بأنه يهتم بنفسه ولا يتركها في حالة سيئة أبدًا، وليس صحيحًا ما يردده البعض أن حسن الجوهر لا يغني عن الاهتمام بالمظهر؛ فلا تعارض بينهما بل يكملان بعضهما البعض، ومن الخطأ تراجع الاهتمام بالمظهر الجيد عند كبار السن - من الجنسين - والصواب مواصلة الاهتمام به كجزء من الاهتمام بالنفس، وبإبعاد "أشباح" التراجع النفسي أو "الذبول" وانسحاب الحيوية وعدم الشعور بأن الإنسان "يستحق" المظهر الجميل في كل الأعمار "وكمحفز" على تحسين كل تفاصيل الحياة دائمًا وأبدًا.