دعا المستشار محمد فؤاد جادالله، نائب رئيس مجلس الدولة والمستشار القانوني السابق لرئيس الجمهورية، الرئيس محمد مرسي إلى إجراء استفتاء عاجل قبل 30 يونيو الجاري، ليحدد الشعب ما إذا كان من المناسب أن يستمر بمنصبه حتى نهاية ولايته أم لا، بموجب المادتين 5 و105 من الدستور، اللتين تؤكدان أن السيادة للشعب يصونها ويحميها، وأنه يجوز لرئيس الجمهورية استفتاء الشعب في أي من المسائل التي تمس أمن البلاد. وأوضح جادالله، في حواره مع الإعلامية دينا عبدالرحمن في برنامج "زي الشمس" على قناة سي بي سي، صباح اليوم السبت، أن إجراء هذا الاستفتاء يقي الشعب المصري خطر أي مواجهات بين القوى والتيارات السياسية، مشدداً في الوقت نفسه على أهمية الحراك السياسي الذي تقوم به حركة تمرد بالشارع المصري للتأكيد على تنفيذ مطالب الثورة، التي تعاني مصر في انحراف في مسارها حاليًا، ولكن هذه الحركة تفتقد الشرعية السياسية والدستورية، حسب تعبيره. وحمل جادالله بشدة على السلطة الحاكمة واصفًا بث الحوار الوطني بشأن سد النهضة الإثيوبي على الهواء ب"جريمة في حق الأمن القومي المصري" مطالباً بمحاكمة كل من تورط في قرار البث متعمداً أو مهملاً، وفي الوقت نفسه انتقد أن يتقدم بعض السياسيين بالاعتذار لإثيوبيا "لأن إنشاء السد ينطوي على 4 جرائم ترتكبها أديس أبابا في حق المصريين، بحسب مواثيق الأممالمتحدة، منها الإبادة الجماعية،لأن مصر بلد فقير مائياً". وأكد أن الرئيس محمد مرسي والحكومة والإعلام لم يولوا جميعاً قضية المياه أهمية كبرى، على خلاف ما تقتضيه أهداف الأمن القومي المصري، لأن المواطن المصري حالياً فقير جداً مائياً، فهو يحصل سنوياً على أقل من خط الفقر المائي بنحو 400 متر مكعب، بينما يحصل المواطن الإثيوبي على ما مقداره 1700 متر مكعب أي أعلى بنحو 700 متر مكعب من خط الفقر المائي، بالإضافة إلى أن إثيوبيا تتمتع بموارد مائية إضافية مثل مياه الأمطار والبحيرات، وهي موارد لا تتوافر في مصر. وطالب بتشكيل لجنة للتفاوض مع إثيوبيا حول المياه برئاسة الرئيس مرسي شخصيًا، وأن تكون كل الحلول السلمية وغير السلمية مطروحة، وأن يتم الاتفاق مع إثيوبيا على اللجوء إلى محكمة العدل الدولية لفض النزاع قضائياً إذا فشلت جهود التفاوض، مؤكداً أنه في هذه الحالة ستكون فرصة مصر بالفوز بالقضية "هائلة" لأن الاتفاقيات السابقة الموقعة عليها مصر وإثيوبيا تتضمن تعهد الأخيرة بعدم بناء سدود على النيل الأزرق، وتسلط الضوء على حق مصر التاريخي في مياه النيل بنفس الحصة باعتبارها دولة مصب رئيسية. وحول الأحداث الأخيرة التي شهدتها سيناء، قال جادالله إن القوات المسلحة التي هي العمود الفقري لمصر تعلم جيداً من خلال المخابرات الحربية أسرار ما يحدث في سيناء، لكن أيديها مكبلة هناك "ولا أعرف السبب" وأن سبب توالي أزمات سيناء هو عدم المضي قدماً في برامج التنمية والتصالح الوطني هناك، مشيرًا إلى أن معظم التيارات السياسية الدينية خارج مصر لها أتباع في سيناء. وأوضح أن الإعلان الدستوري الصادر في 12 أغسطس بإزاحة المجلس العسكري كان معداً له من اليوم الأول لتوليه منصبه في إدارة الرئيس مرسي، وأنه لم ينل من علاقته وعلاقة الرئيس القوية بالمشير حسين طنطاوي والفريق سامي عنان، وأن الهدف الوحيد منه كان القضاء على ازدواجية اتخاذ القرار. وكشف جادالله للمرة الأولى تفاصيل دوره في الإعداد للإعلان الدستوري الصادر يوم 21 نوفمبر، بأنه لم يعرف به إلاّ يوم إصداره صباحاً حيث كان في مهمة عمل بمطروح، وتم الاتصال به وطلبت منه الرئاسة العودة سريعاً لأمر عاجل، ففوجئ بهذا الإعلان، لافتاً النظر إلى أنه صدر بناء على قرار لم يتخذ في رئاسة الجمهورية، وأن محركيه هم بعض قيادات الإخوان المسلمين. واستطرد قائلاً: كان موجودًا أيضًا المستشار أحمد مكي، وزير العدل، واعترضنا سويًا على مادة كانت تنص على تخفيض سن تقاعد القضاة إلى 60 عاماً، وتم الاكتفاء بإقالة النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود، الذي اكتشفت فيما بعد أنه دقيق جداً في عمله، وهذا لا ينفي أنني كنت أطالب بإسقاطه منذ الأيام الأولى لثورة 25 يناير. وأوضح أيضًا أنه حذر من أن ينقسم الشارع المصري بسبب المادتين 2 و6 من هذا الإعلان، وقد حدث هذا بالفعل، حيث اعترض ورفض قياديو الأحزاب وعلى رأسها جبهة الإنقاذ فيما بعد على التواجد في الحوارات الوطنية التالية. وحول كواليس الإعداد للحوارات الوطنية السابقة، كشف جادالله أيضاً عن أنه حاول مع د.أحمد البرعي، نائب رئيس حزب الدستور وأمين عام جبهة الإنقاذ، في تقريب وجهات النظر بين الرئاسة وقيادات الجبهة، واقتربا بالفعل من تحقيق ذلك، لكنهما فشلا في النهاية، وأن هذا الفشل كان أحد الأسباب التي لم يعلنها من قبل لتقديم استقالته. وكشف جادالله أيضًا عن أنه نصح الرئيس بتعيين النائب العام الحالي المستشار طلعت عبدالله في منصب سياسي كوزير للعدل أو الشئون القانونية، وحلحلة الأزمة بعد صدور حكم بطلان تعيينه، إلاّ أن أحداً لم يلتفت لهذه النصيحة. ورداً على الشائعات التي أثيرت عن أن سبب استقالته هو عدم توليه حقائب وزارية، أكد جادالله أنه عرضت عليه حقائب وزارية عديدة من قبل المجلس العسكري والرئيس محمد مرسي، ورفضها جميعاً، وأنه أخبر الرئيس برغبته في الاستقالة قبل إعلانها، إلاّ أنه طلب منه إرجاءها. وأوضح جادالله أيضًا أنه يطالب الآن بإعادة النظر في العديد من مواد الدستور بعد أن كشفت التجربة العملية عدم صلاحيتها أو قصورها.