إنتاجية الموظف داخل الدواوين الحكومية لا تتعدي دقائق محدودة فى اليوم والباقى وقت مهدر والمحصلة ضعف الإنتاج، هل لأن الشعب المصرى كسول بطبعه أم أن الشغل "على قد فلوسهم" كما يتردد على ألسنة الناس ؟ أم هناك أسباب أخرى؟ الحقيقة أن المواطن المصرى ليس كسولا أكبر دليل نجاح القطاع الخاص وتحقيقه لإنتاجية مرتفعة، كذلك نجاح المصرى خارج بلده .. إذن القصة فى الإدارة والمناخ العام وضعف المقابل المادى وعدم وجود عدالة. يوضح هذا المفهوم الدكتور حمدى عبدالعظيم(الرئيس السابق لأكاديمية السادات للعلوم الإدارية) قائلا: زيادة الإنتاج معناها زيادة الدخل وتحسن مستويات المعيشة، ولكى نصل إلى ذلك لابد من إصلاح الإدارة بحيث تكون واعية وقادرة على رفع إنتاجية الموظف والعامل فى كافة قطاعات الدولة . والإدارة مسئولة عن حسن توزيع العمالة بحيث لا نجد عجزا فى مكان وفائضا فى مكان آخر، وأن توفر برامج تدريبية لتدريب العمالة على أحسن أساليب إنجاز العمل باستخدام التكنولوجيا المستحدثة. كذلك من الضرورى إكساب العاملين مهارات سلوكية للتعامل مع الرؤساء والزملاء والجمهور، ووضع أسس وقواعد للثواب والعقاب وإعطاء حوافز مقابل حسن الأداء و ومكافآت حسب الإنجاز لأنه ليس من العدل أن يتساوى الجميع من يعمل ومن لايعمل، أيضا محاسبة المقصرين وعقابهم حسب حجم التقصير. كما أن هناك جانبا سلبيا موجودا هو خلط الجوانب العاطفية أو الإنسانية والعمل فلا يعاقب المقصر وتلتمس له الأعذار لأى سبب وهذا لا يحدث فى الغدارة الناجحة. بالإضافة إلي احترام قدسية العمل تقتضى تنظيم الوقت هذا مع تخصيص فترة راحة فى المنتصف لأنه لا يعقل أن نتكلم ونأكل ونصلى ونستقبل زوارنا فى وقت العمل، ولذلك لابد من جدول يومى للعمل يضعه المسئول ويحدد ما تم إنجازه لكل موظف فى إدارته. تقول الدكتورة علا الحكيم ( عضو مجلس الشورى وأستاذ الاقتصاد ومدير معهد التخطيط القومى سابقا) : لكى نضع خطة قومية لزيادة الإنتاج لابد أن نضع أيدينا أولا على أوجه القصور الموجودة، هل ضعف الإنتاج فى القطاع العام فقط أم فى القطاع الخاص؟ هل المناخ العام مسئول عن ذلك، والإجابات التى سنتوصل لها سوف تساعدنا فى وضع الحلول وتطبيقها ولكى نصل إلى زيادة الإنتاج لابد من تحسن مناخ العمل المحفز على الشغل ونظام الإثابة والمحاسبه بربط الأجر بالإنتاج. وعلى المستوى الفردى لابد أن يؤمن المواطن بقيمة العمل الذى يقوم به ويشعر بانتماء وولاء لهذا العمل مثلما حدث فى تجربتى اليابان والصين حيث يرفض المواطنون هناك الراحة ويعملون أضعاف ما يطلب منهم لأن هناك إدراكا أن زيادة الإنتاج سوف تعود عليهم وعلى بلادهم بالخير الوفير. نقطة أخيرة هى أن منظومة القيم التى اختفت من مجتمعنا أثرت سلبا على الإنتاجية لأنها جعلت من يترقى ويربح ليس هو دائما المستحق، فالمحسوبية والفهلوة والواسطة هى الأساس على حساب قيمة العمل، وهذا سبب رئيسى فى تدنى الإنتاجية فى قطاعات عديدة.