كوابل الربط البحرية.. شرايين العالم الجديدة

تعد كوابل الإنترنت البحرية بمثابة شريان المعلومات الذي يربط العالم، والذي قد تضطرب حياة ملايين البشر لمجرد حدوث انقطاع بواحد منها، وهو ما بدا أثره خلال الأيام القليلة الماضية، عندما انقطعت 3 كوابل إنترنت دولية تمر بمصر، مما تسبب في بطء الاتصال بالشبكة ليس في مصر فحسب وإنما بعدد من الدول التي تستخدم تلك الكوابل.
ورغم قدم استخدام الكوابل البحرية في التراسل الدولي بدءًا من العام 1840 حين بدأت أولى تجارب استخدام الكوابل البحرية في إرسال البرقيات "التليجراف"، ولكن في ثمانينيات القرن الماضي تم استخدام كابلات الألياف البصرية، وتم تشغيل أول هذه الكوابل في العام 1988، وكان يسمى TAT-8 .
ومع مرور الوقت، وتنامي الطلب على استخدام تلك الكابلات في الاتصالات الدولية خصوصًا الإنترنت تزايدات أعدادها بكثافة لتربط معظم أنحاء المعمورة، وتحل بديلاً عن الربط الفضائي باستخدام الأقمار الصناعية الأقل جودة، والأعلى بنسبة الخطأ بالرسائل المنقولة عبره، ومع حلول العام 2006م، أصبحت نسبة الربط الفضائي تدور حول 1% فقط، في حين مثلت النسبة الباقية استخدام الكوابل البحرية، أي بما يناهز 99%.
ومع تزايد الاعتماد العالمي على الكوابل البحرية، بدأت سلبياتها في الظهور، والتأثير بشدة، وأهمها على الإطلاق انقطاع الكابلات، الذي قد يقع لأسباب طبيعية كالزلازل والبراكين والتيارات البحرية القوية أو بسبب الأسماك الضخمة، خصوصًا أسماك القرش التي قد تقضم الكوابل فتتسبب في انقطاعها، وذلك بالإضافة إلى مراكب الصيد، بل لقد وصل الأمر إلى "تعمد" قطع هذه الكوابل مثلما حدث خلال الحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي والغربي.
ومن أشهر الانقطاعات تأثيرًا، ما حدث في العام 2005، حين تسبب قطع في الكابل SEA-ME-WE-3، على بعد نحو 35كم إلى الجنوب من مدينة كراتشي الباكستانية، في عزل باكستان عن العالم تقريبا، وتأثر نحو 10 ملايين من مستخدمي الإنترنت الباكستانيين بهذا القطع.
وفي العام 2006، تسبب زلزال هنجشتون القوي في قطع عدد من كوابل الربط بين تايوان والفلبين، وفي مارس 2007 سرق اللصوص نحو 11 كيلومترا من كابل الربط T-V-H، الذي يربط بين عدد من دول جنوب شرق آسيا، وحاول اللصوص بيع نحو 100 طن من مكونات الكابل كخردة.
أما الكابل SEA-ME-WE-4، وهو واحد من أشهر كوابل الربط في العالم، ويربط بين جنوب أوربا، وجنوب شرق آسيا، مرورا بعدد من المدن الرئيسية هي: مرسيليا بفرسنا، وعنابة في الجزائر، وباليرمو في جزيرة صقلية الإيطالية، ثم بنزرت التونسية، فالإسكندرية والسويس في مصر، ومنها إلى جدة السعودية، فالفجيرة في الإمارات، فكراتشي الباكستانية، ثم مومباي وتشيناي في الهند وعدد آخر من مدن جنوب شرق آسيا لينتهي في سنغافورة؛ فقد تعرض للانقطاع عدة مرات.
كان أشهرها في العام 2010م، عندما انقطع في ثلاث نقاط بالقرب من باليرمو الإيطالية، وهو الكابل الذي انقطع الأربعاء الماضي بالقرب من شاطئ الإسكندرية.