جامعة القاهرة تكمل استعداداتها لبدء ماراثون امتحانات نهاية العام الجامعي لنحو 270 ألف طالب    رئيس النواب يفتتح أعمال الجلسة العامة    رفع اسم محمد أبو تريكة من قوائم الإرهاب    مفاجأة في سعر الدولار رسميا الآن في البنوك    أسعار المكرونة اليوم الأحد 19-5-2024 في أسواق ومحال في محافظة المنيا    صعود سعر الفراخ البيضاء الآن.. أسعار الدواجن اليوم الأحد 19-5-2024 للمستهلك (تحديث)    وزير التعليم العالي يلتقي بوفد جامعة إكستر البريطانية لبحث وتعزيز التعاون المُشترك    «جولدمان ساكس» يتوقع خفض المركزي المصري أسعار الفائدة 150 نقطة أساس    الأحد 19 مايو 2024.. نشرة أسعار الحديد والأسمنت اليوم    الديوان الملكي السعودي: خادم الحرمين الشريفين يجري فحوصات طبية في قصر السلام    شرطة الاحتلال الإسرائيلية تعتقل عددا من المتظاهرين المطالبين بعزل نتنياهو    الأمور تشتعل.. التفاصيل الكاملة للخلافات داخل مجلس الحرب الإسرائيلي    إعلام روسي: هجوم أوكراني ب6 طائرات مسيرة على مصفاة للنفط في سلافيانسك في إقليم كراسنودار    مفاجأة في تشكيل الزمالك المتوقع ضد نهضة بركان بإياب نهائي الكونفدرالية    وصول بعثة الأهلي إلى مطار القاهرة بعد مواجهة الترجي    بحضور وزير الشباب والرياضة.. تتويج نوران جوهر ودييجو الياس بلقب بطولة CIB العالم للإسكواش برعاية بالم هيلز    بالأسماء.. التصريح بدفن ضحايا حادث تصادم الدائري بالقليوبية    موعد عيد الأضحى 2024 وجدول الإجازات الرسمية في مصر    حملات على حائزي المخدرات تضبط 40 قضية في الشرقية وجنوب سيناء    اختل توازنها.. مصرع طفلة سقطت من الطابق الثالث بأوسيم    النيابة تحيل عصابة سرقة إطارات السيارات في الحي الراقي للمحاكمة    لهذا السبب.. صابرين تتصدر تريند "جوجل" بالسعودية    أخبار جيدة ل«الثور».. تعرف على حظك وبرجك اليوم 19 مايو 2024    بيت الأمة.. متحف يوثق كفاح وتضحيات المصريين من أجل استقلال وتحرير بلادهم    منها «تناول الفلفل الحار والبطيخ».. نصائح لمواجهة ارتفاع درجات الحرارة    كشف تفاصيل صادمة في جريمة "طفل شبرا الخيمة": تورطه في تكليف سيدة بقتل ابنها وتنفيذ جرائم أخرى    كوريا الجنوبية تستضيف وفدا أمريكيا لبحث تقاسم تكاليف نشر القوات الأمريكية    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الأحد    مسيرات حاشدة في باريس لإحياء ذكرى النكبة والمطالبة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة    القناة الدولية الأهم التى تحمل القضية المصرية والعربية: أحمد الطاهرى: «القاهرة الإخبارية» صاحبة الرؤية الموضوعية فى ظل ما أفسده الإعلام العالمى    إقبال الأطفال على النشاط الصيفي بمساجد الإسكندرية لحفظ القرآن (صور)    «البحوث الإسلامية» يوضح أعمال المتمتع بالعمرة إلى الحج.. «لبيك اللهم لبيك»    حديث أفضل الأعمال الصلاة على وقتها.. الإفتاء توضح المعنى المقصود منه    الدفع بمعدات لإزالة آثار حريق اندلع في 10 أكشاك بشبرا الخيمة    «الصحة» توجه عدة نصائح مهمة للمواطنين بشأن الموجة الحارة    دراسة طبية تكشف عن وجود مجموعة فرعية جديدة من متحورات كورونا    حقيقة فيديو حركات إستعراضية بموكب زفاف بطريق إسماعيلية الصحراوى    برنامج واحد من الناس يواجه أحمد ماهر بابنه لأول مرة على قناة الحياة غداً الإثنين    إصابات مباشرة.. حزب الله ينشر تفاصيل عملياته ضد القوات الإسرائيلية عند الحدود اللبنانية    ظاهرة عالمية فنية اسمها ..عادل إمام    خبير اقتصادي: صفقة رأس الحكمة غيرت مسار الاقتصاد المصري    الخارجية الروسية: مستقبل العالم بأسرة تحدده زيارة بوتين للصين    الحكم الشرعي لتوريث شقق الإيجار القديم.. دار الإفتاء حسمت الأمر    بن حمودة: أشجع الأهلي دائما إلا ضد الترجي.. والشحات الأفضل في النادي    "التنظيم والإدارة" يكشف عدد المتقدمين لمسابقة وظائف معلم مساعد مادة    مدرب نهضة بركان: نستطيع التسجيل في القاهرة مثلما فعل الزمالك بالمغرب    باسم سمرة يكشف عن صور من كواليس شخصيته في فيلم «اللعب مع العيال»    محمد يوسف: محمد صلاح عالمي وينبغي أن يعامله حسام حسن بشكل خاص    تعزيزات عسكرية مصرية تزامنا مع اجتياح الاحتلال لمدينة رفح    رضا حجازي: التعليم قضية أمن قومي وخط الدفاع الأول عن الوطن    "التصنيع الدوائي" تكشف سبب أزمة اختفاء الأدوية في مصر    عماد النحاس: كولر أدار المباراة بشكل متميز.. وغربال كان متوترًا    وظائف خالية ب وزارة المالية (المستندات والشروط)    اليوم السابع يحتفى بفيلم رفعت عينى للسما وصناعه المشارك فى مهرجان كان    مدافع الترجي: حظوظنا قائمة في التتويج بدوري أبطال أفريقيا أمام الأهلي    نقيب الصحفيين: قرار الأوقاف بمنع تصوير الجنازات يعتدي على الدستور والقانون    بذور للأكل للتغلب على حرارة الطقس والوزن الزائد    الأزهر يوضح أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماذا حدث فى بحر المعلومات ؟
نشر في أخبار مصر يوم 09 - 02 - 2008


تصوير: محمد اللو
الإنسان لا يستطيع الحياة بدون هواء ثوان وبدون طعام أو ماء لبضعة أيام ، لكن كم من الزمن يتحمله الإنسان العصري بدون إنترنت ؟ هذا افتراض لم يكن كثيرون يفكرون فيه قبل أسبوع أو قبل أن يقطع كابلان بحريان أمام الإسكندرية ينقلان 70 %من حركة الإنترنت في مصر والشرق الأوسط. وفجأة وبدون سابق إنذار انقطعت الإنترنت تماما عن 70 % من مستخدمي شبكة المعلومات الدولية فجأة فقد الملايين مصدر معلوماتهم وبرامجهم وصحفهم اليومية ومواقعهم المفضلة وأصدقائهم وأقاربهم الذين يعيشون في الخارج. فجأة أصبحنا معزولين عن العالم الخارجي تقريبا لمدة حوالي سبع ساعات.
وعانت الشركات التي توفر خدمات الإنترنت من طوفان من المكالمات التي تشتكي من إنقطاع النت بدءا من الساعة السادسة صباحا وكما يقول المهندس أحمد عبد الرؤوف مدير الدعم الفني بشركة "إنترنت مصر IM" "إنهالت علينا اكثر من مائة شكوى خلال الدقائق الأولى للحدث ، ولم نكن ندري ما حدث ولم يكن لدينا تفسير فالمكالمات من كافة سنترالات مصر ، فاتصلنا بالشركات التي تعمل في نفس المجال لنجد أنهم يعانون من نفس المشكلة تقريبا و لا أحد لديه تفسير.. ظننا أنه يوجد عطل بالخادم الرئيسي بالشركة المصرية للاتصالات... وبعد ساعات قليلة جاء بيان وزارة الاتصالات ليوضح ما حدث.
بعد ذلك وضعت معظم الشركات رسالة صوتية على هواتف الدعم الفني بأن إنقطاع الإنترنت ناتج عن قطع كابلين بحريين رئيسيين يمدان مصر بخدمات الإنترنت.
لكن ماذا حدث يوم 30 يناير 2008 وكيف حدث؟
الاحتمالات التقليدية الرئيسية هي :
- حدوث زلزال مثلما حدث عام 2003 بالجزائر وأدى لقطع كابلات الإنترنت. ولم تسجل أجهزة الرصد اية زلازل يوم وقوع القطع الأخير.
- أما الإحتمال الثاني والذي كان معظم الخبراء الفنيين يرجحونه هو القاء السفن العابرة بالمنطقة "الهلب" للإبقاء على توازنها أثناء الأمواج العالية . وهو إجراء تلجأ إليه السفن الصغيرة والمتوسطة حتى في حالة عدم وجود أمواج عالية للحفاظ على توازنها. وفي حالة السفن الكبيرة فإن إلقاء "الهلب" يكون للمساعدة على إيقاف السفينة وتقوم بهذه العملية قبل التوقف بما يقرب من خمس كيلومترات . ويكون الهلب بزاوية قدرها 45 درجة وملاصقا لقاع البحر مما يؤدي لاكتساح كل ما في طريقه قبل التوقف. وقد سبق أن قطعت إحدى السفن في إيطاليا أربعة كابلات دفعة واحدة في طريقها.
- وكان الاحتمال الأخير شبه مؤكدا حتى أصدرت وزارة النقل بيانا يوم الأحد 3 فبراير يؤكد عدم وجود أية سفن في منطقة قطع الكابلان البحريان لما يزيد عن 12 ساعة قبل وأثناء الوقت المحدد لقطعهما [ بين السادسة صباح الأربعاء 30 يناير والثانية عشرة ظهر ذلك اليوم].
والاحتمالات غير التقليدية او يستبعدها البعض فهي التي ملأت مواقع الإنترنت ، مثل عمل إرهابي من منظمة أو من دولة أو عمل مخابراتي عالي المستوى .
بعد الحادث بحثنا عن خبراء نطرح عليهم تساؤلات الناس حول ماحدث ..... في البداية توجهنا للدكتور ناجي انيس عضو غرفة الصناعة العضو المنتدب لشركة الشرق الأوسط للكابلات البحرية [مينا].
وسألناه أن يوضح لزوار موقع "أخبار مصر " اسباب إنقطاع الكابلات البحرية. فقال :
"في البداية يجب أن نعرف شكل الكابل ومما يتكون فالكابل البحري الذي يمدنا بالانترنت هو عبارة عن كابل أنبوبي به اسلاك رفيعة في سمك الشعرة وعددها يتراوح بين سلكين و عشرين سلكا من الألياف الضوئية ، داخل أنبوب من الألمونيوم سمكه حوالي خمس سنتيمترات تحيط به طبقة عازلة سميكة ويحتاج الكابل لبرج تقوية إرسال يسمىRepeater كل حوالي مائة كيلومتر وحجمه يقارب متران مربعان وتبلغ قوته 2000 فولت volt ولذا يحتاج الكابل إلى طبقة من الموصلات الكهربائية بقوة 2000 فولت volt ثم طبقتان اخرتان منها طبقة عازلة للكهرباء وطبقة بيضاء من مادة لتنفير أسماك القرش وابعادها عن الكبلات ، حيث أن خطر قيام أسماك القرش في المإضي بقرض الكبلات كان من أهم أسباب انقطاع الكبلات البحرية في الماضي .
- وما عدد الكابلات التي تعتمد عليها مصر ؟
- ثلاثة كابلات، FLAG, , SMW4, وهما الكابلان اللذان إنقطعا ، وللأسف فإنهما الكابلان الرئيسيان حيث أن بكل منهما 20 سلك من الألياف الضوئية بينما يحمل الكابل الثالث الذي لم ينقطع SMW 3 شعرتان من الألياف الضوئية، وهو أقدم الكبلات ولحسن الحظ فإن هذا الكابل يحمل بالاضافة لدوائر الإنترنت دوائر الاتصالات الدولية الصوتية ولذا لم تتأثر الاتصالات الدولية .. وهذا الكابل مملوك لشركة T E DATA التي لم يتأثر مشتركيها بانقطاع الكبلين الآخرين ، وفي لفتة طيبة قامت الشركة بتقاسم مواردها مع الشركات التي من المفترض ان تنافسها لكي توفر هذه الشركات الخدمة لعملائها ولو بصورة بطيئة.
- هذا يقودنا لسؤال آخر عن كيفية تعاملنا مع الآزمة !
- بالاضافة لتقاسم الشركة المذكورة لمواردها ، تم الاتفاق مع شركات كابلات أخرى تعمل في الاتجاه العكسي من أسيا إلى أوروبا لمدنا بسعات إضافية من الكابلات القادمة عبر المحيط الهادي والهندي والبحر الأحمر .
- ألا يمكننا الإعتماد على الأقمار الصناعية كبديل مؤقت لمدنا ، أو على الأحرى لمد المؤسسات الإستراتيجية ، بخدمات الإنترنت، رغم أنه من المعروف أن الأقمار الصناعية تعد تكنولوجيا قديمة في هذا المجال ؟
- طبعا ممكن أن تكون بديلا مؤقتا .لكن لا ينصح بذلك . لأن الأقمار الصناعية إنتهى عهدها بالنسبة للبيانات بينما مازالت تتفوق بالنسبة للصوت الذي لايحتاج لسعات كبيرة.
ويضيف الدكتور "ناجي أنيس" :
ان الاتصال بشبكة المعلومات العالمية عبر الاقمار الصناعية يعيبه ثلاثة امور وهي :
• البطء فالنقرة الواحدة تحتاج إلى 250 ميللي ثانية للوصول للقمر و 250 ميللي ثانية للعودة للكمبيوتر أي أنها تحتاج نصف ثانية لتنفيذ الأمر هذا بالإضافة إلى الوقت الذي يستغرقه تنفيذه على الأرض.
• والعيب الثاني هو قلة السعة حيث أن السلك الواحد من الألياف تصل سعته إلى 150 ضعف لأي قمر صناعي، وهذا السلك يحمل نحو واحد "تيرابايت" terabyte أي ألف جيجابايت من معلومات .. وهذا بالتكنولوجيا المتوافرة اليوم ، ويعلم الله ماذا يحمل الغد.
• والعيب الثالث هو التكلفة العالية.
واضاف ان هذه العيوب تحولت إلي مزايا في الكابلات البحرية للالياف البحرية حيث تتميز بسرعة نقل الاتصالات مع الانترنت والسعة العالية وانخفاض التكلفة مقارنة بالاقمار الصناعية.
لقد صرح المهندس عقيل بشير رئيس الشركة المصرية للاتصالات بأن الكابل الجديد الذي تم توقيع اتفاقية تركيبه يوم الخميس يهدف لتلبية الطلب المتزايد علي خدمات الانترنت فائقة السرعة في مصر كما يدعم خدمات البنية الاساسية لعبور الكوابل البحرية من قارة آسيا وافريقيا إلي قارة أوروبا ويعتبر اول الكابلات المصرية التي تم تركيبها ويصل طول الكابل إلي 3100 كيلو متر. وهذا يقودنا لسؤال جديد هو : هل تحتكر الشركة المصرية للاتصالات الكابلات البحرية ؟
- حتى عام 2006 كانت الشركة تحتكر مناطق الإنزال للكابلات البحرية ، بينما تمتلك الكابلات شركات خاصة. وفي عام 2006 تم اعطاء الترخيص لشركتين من القطاع الخاص لتشغيل كابلات ومناطق انزال وهما "شركة مينا " التابعة لمجموعة أوراسكوم ، والشركة العربية للكابلات. وسيدخل كابل "مينا" الخدمة في بداية 2009 وهو أكبر من كابل المصرية للاتصالات ويمتد من فرنسا حتى باكستان وسيتفادى مشكلة توحيد منطقة الانزال والمسار فهو يمر من فرنسا إلى قبرص واليونان وقبل الوصول إلى مصر يتفرع إلى مسارين أحدهما إلى سيدي كرير ثم القاهرة والآخر إلى بورسعيد ثم في مسار بجوانب قناة السويس إلى السويس ثم جدة بالسعودية ثم مضيق باب المندب مرورا إلى المحيط الهندي ومنه إلى الخليج وباكستان. وتبلغ تكلفته 350 مليون دولار.وسعته ثلاثة أضعاف أي من الكابلين المعطلين.
اضاف الدكتور ناجي أنيس :
- "الكابلات الثلاث الجديدة سوف تساهم في حماية مصر من أخطار انقطاع شبكة الإنترنت وذلك لتعدد مناطق الانزال وتضاعف السعات لتتوازى مع الطلب المتزايد مما يساهم أيضا في خفض تكلفة توفير خدمات الأنترنت.
- ويرى الدكتور ناجي أنيس ضرورة زيادة الرخص الممنوحة لبناء وتشغيل كابلات بحرية لأن ذلك يؤمن اتصالات مصر ويجعلها نقطة إرتكاز وترانزيت لكافة الاتصالات الدولية من أوروبا وأمريكا إلى أفريقيا وأسيا والخليج .
- إلا ترى وجود أي احتمال لمؤامرة أو عمل إرهابي وراء قطع الكابلات ؟
- هذا احتمال مستبعد ويصعب تحقيقه فالكابلات تحت البحر بعمق مابين 100 و150 مترا ومن ذلك الذي يستطيع الغوص لهذه المسافة.وعلى بعد عشرة كيلومترات داخل البحر.
نقلنا نفس التساؤل إلى بعض من خبراء الأمن القومي والشئون العسكرية واتفق الدكتور "أحمد إبراهيم من مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بمؤسسة الأهرام مع رأي الدكتور ناجي أنيس واستبعد دخول الإرهاب كعامل في قطع الكابلات البحرية بإعتبار أن الجرائم المعلوماتية التي تسود العالم تتراوح بين التطفل والتجسس الإلكتروني واختراق مواقع المؤسسات الكبرى ووزارات الدفاع والبنوك وما إلي ذلك . أو تدمير الإجهزة ومحتويات قواعد البيانات عن طريق نشر الفيروسات . ولكن لم تسجل جرائم إرهابية في المجال الذي يشمل تدمير البنية الأساسية.
أما اللواء دكتور قدري سعيد الخبير العسكري بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بمؤسسة الأهرام يقول :
قطع ثلاث كابلات بحرية منها إثنان في منطقة واحدة يجعل احتمال وجود عمل إرهابي أمر وارد ، لكنه يتطلب منظمة ذات قدرات عسكرية وفنية عالية للغوص في الأعماق .حيث أن الكابلات التي تم قطعها أمام سواحل الإسكندرية تبعد عشر كيلومترات عن الشاطئ وبعمق يتراوح بين 50 و150 مترا تحت البحر أي بارتفاع يوازي عمارة 20 طابقا أو ناطحة سحاب بارتفاع 50 طابقا.
ورغم صعوبة هذا الأمر إلا أن قدرات المنظمات الإرهابية تعاظمت في الفترة الماضية.
والأخطر ليس إرهاب الجماعات الإرهابية بل مخابرات الدول فحرب المعلومات هي من السيناريوهات المطروحة وربما سمع الكثيرون عن الحرب باستخدام الفيروسات التي تُدمر أجهزة الحاسبات والمعلومات المحفوظة بها.
لكن العمل الإرهابي دائما يستهدف إحداث أكبر حالة من الفزع والترهيب العام وعملية قطع كابلات تربط ملايين من أجهزة الحاسب الآلي كما نرى ونشهد الآن أحدث حالة من الفزع الجماعي والتأثير الاجتماعي والاقتصادي والارتباك المؤسسي امتد من شمال أفريقيا مرورا بالشرق الأوسط والخليج وشرق أفريقيا حتى جنوبها وصولا إلى الهند وباكستان.
هناك دول كثيرة تقدمت في مسألة حرب الإلكترونية للمعلومات مثل روسيا والصين وأمريكا وإسرائيل [ التي لم تتأثر بانقطاع الإنترنت في الشرق الأوسط] .
وردا على سؤالي حول احتمال عمل باستخدام سلاح متطور كالليزر مثلا، قال الدكتور قدري سعيد:
استخدام أسلحة الليزر في الأعماق الكبيرة صعبا وربما لا يكون مؤثرا. لكن الأمر الأكثر احتمالا هو تسليط مجال مغناطيسي قوي يؤدي لقطع الكابلات.
ويطرح اللواء دكتور قدري سعيد نظرية أخرى لما حدث وهي وجود عيب فني مشترك بين الكابلات الثلاث تصادف أن توافرت له الشروط للانقطاع في نفس الوقت مثل العيوب التي تظهر بين الحين والآخر في اطارات السيارات من أحد الأنواع وتنتج عنها حوادث في أوقات متقاربة . وهذا يجب أن يتضمنه التقرير الفني لسفينة الصيانة لضمان عدم تكرار هذه الحادثة.
الحرب الإلكترونية :
من فترة نشر خبر عن إن البنتاجون يدرس قطع الإنترنت عن الدول المعادية وكان الكثيرون يعتقدون أنه من الناحية التقنية صعب جدا ، أو إنهم سيقطعونها بتقنيات فنية في الشبكات نفسها ... إنما الذي حدث أثبت إنه ممكن جدا أن يتم هذا بقطع الكابلات !!! وثارت في أعقاب الحادث مخاوف بين البعض أن ما حدث هو تجربة من أحد أجهزة المخابرات على الخطة.
ومن أمثلة الحرب المعلوماتية الحديثة ما نشرته مجلة الإيكونوميست البريطانية في 27 مايو 2007 وأقتبس منه مايلي :
إذا تخيّل المرء ان عملاء قوة معادية تعاونوا مع عصابات الجريمة المنظمة وتمكنوا من إحداث تكدسات هائلة في حركة المرور في أكبر مدن البلاد بحيث أدت إلى تعطيل وشل الشركات والنشاطات والخدمات الحكومية والعامة وقطع البلد عن العالم، فإن هذا الوضع يمثل كابوساً له خطره البالغ على الأمن القومي لأي دولة.
تقول مجلة “الإيكونومست” ان حدوث سيناريو كهذا على الإنترنت يشكل هاجساً يجعل الخبراء يفكرون في التدابير اللازمة لمنع وقوعه.
وبالنسبة لغالبية الحكومات، فإن حماية أمنها القومي ضد الحرب الإلكترونية يعني إبقاء المتطفلين بعيداً عن أجهزة الحاسب الآلي الحكومية المهمة.
ولم توجه السلطات اهتماماً كبيراً إلى المخاطر التي تشكلها إرباكات واسعة النطاق لشبكة الإنترنت العامة. وتعتمد الحياة العصرية على هذه الشبكة العنكبوتية، وعلي الرغم من ذلك فهي مفتوحة أمام الجميع.
ولهذا السبب تدرس أغنى دول العالم وخبراء التخطيط العسكري فيها وبشكل مكثف الهجمات التي تعرضت لها إيستونيا في مطلع مايو/أيار الماضي في خضم خلاف بينها وبين روسيا حول نقل نصب تذكاري عسكري يخلد قتلى الحرب إبان الحقبة السوفييتية.
وقد أحدثت الهجمات صدى واسعاً حيث انه وللمرة الأولى واجهت “أيستونيا” هجوماً مباشراً مجهول المصدر استهدف مواقع الإنترنت الخاصة بالبنوك والوزارات والصحف واجهزة الإعلام، وقيدت تلك الهجمات مساعي ايستونيا للدفاع عن حججها في الخارج. وكانت الحروب الإلكترونية السابقة محدودة الى درجة كبيرة مقارنة بما شهدته إيستونيا مؤخراً واقتصرت على سبر دفاعات الدولة الأخرى في مجال شبكة المعلومات كما تحاول طائرة استطلاع اختبار الدفاعات الجوية لدولة ما.
وعلاوة على ذلك، كان الهجوم على إيستونيا متطوراً ومعقداً على نحو لم يكن له مثيل، حيث تغيرت التكتيكات مع ظهور نقاط الضعف. وعلى سبيل المثال، استهدفت الهجمات “بوابات” محددة في أجهزة حاسب الآلي بعينها ذات أهمية بالغة كالسنترالات .
أما أشهر هجوم فيروسي فهو الذي حدث في عام 1998 بفيروس "CIH" والذي دمر مئات الألاف من أجهزة الكمبيوتر في العالم أجمع وأحدث حالة من الارتباك والخوف من ربط أجهزة الكمبيوتر بشبكة الإنترنت لمدة طويلة ، حيث أن هذا الفيروس كان يدمر اللوحة الرئيسية للكمبيوتر ..
ويجد خبراء الأمن القومي في الولايات المتحدة، الذين اعتادوا التعامل مع المتفجرات والمهددات التقليدية، في الحرب الإلكترونية ساحة عمليات جديدة مثيرة للارتباك.
ماهي الدروس المستفادة من هذه الأزمة وكيف يمكننا تلافي حدوث مثلها ؟ كان هذا ماطرحناه على الخبراء.
يقول الدكتور "ناجي أنيس" يجب في البداية أن ندرك أنه لا يمكن تلافي الحوادث الطبيعية مثل الزلازل او الأخطار الناتجة عن الأحوال المناخية غير التقليدية ... لكننا يجب ألا نضع كل البيض في سلة واحدة أو بمعنى أخر لانقوم بتوحيد مناطق إنزال الكابلات أو مساراتها".
أما اللواء دكتور قدري سعيد فيقول أنه يجب فرض حراسة مشددة وتأمين مناطق انزال الكابلات باعتبارها مناطق ذات أهمية إستراتيجية
وهناك حاجة ملحة لقواعد قانونية دولية تحدد الجرائم الإلكترونية بمزيد من الدقة وتوفر الاساس لبعض التدابير. وتوجد لدى الاتحاد الأوروبي اتفاقية حول الجريمة الإلكترونية يعود تاريخها إلى العام ،2001 ولكن الموافقة عليها كانت جزئية. ومن خارج أوروبا وقعت الولايات المتحدة واليابان على الاتفاقية، ولكن روسيا مثلاً لم تفعل حتى الآن.
ويأمل الاتحاد الدولي للاتصالات اللاسلكية الذي يضم جميع ال 191 دولة التي تستخدم نظام الهاتف العالمي في أن يأخذ زمام المبادرة للمطالبة بمعاهدة عالمية ضد الجريمة الإلكترونية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.