أثار حكم محكمة استئناف القاهرة ببطلان قرار رئيس الجمهورية بتعيين النائب العام طلعت عبد الله، وإقالة المستشار عبد المجيد محمود، جدلاً واسعًا بين القوى السياسية، حيث ساد ارتياح كبير داخل أوساط المعارضة التي اعتبرته انتصارًا للقانون. فيما تباين موقف التيار الإسلامي ما بين محايد ورافض للقرار لكونه يعيد إنتاج الأزمات السياسية دون أفق سياسي، بل أعتبره البعض غير قانوني لتعارضه من المادة 236 من الدستور الجديد، ووصفه بكونه حكم ضد الإرادة الشعبية. اعتبر جورج إسحاق القيادي بحزب الدستور الحكم دليل على أن القضاء مازال شريفًا رغم محاولات التشويه التي يتعرض لها، وسيظل حصن الدفاع عن الحريات العامة داخل المجتمع، لكونه المُعبر عن ضمير الأمة، واعتبر أن التحدي الأكبر يتمثل في مدة استجابة الرئاسة للحكم وتنهي حالة العناد السياسي وتدخلنا في معارك قضائية تستنزف الجميع. وأيد هذا الموقف محمد أنور عصمت السادات رئيس حزب الإصلاح والتنمية حيث وصف الحكم بكونه تاريخيا، ويؤكد نزاهة القضاء المصري وشموخه ووقوفه لجانب الحق ولو في مواجهة النظام الحاكم، كما طالب الرئيس بإقالة مستشاريه ومعاونيه الذين يورطونه دوماً. كما يراه حزب الحركة الوطنية المصرية ضربة لعدوان الرئاسة على القضاء، وأكد الدكتور إبراهيم درويش رئيس الحزب الحكم بمثابة انتصاراً لسيادة القانون التي يقوضها الرئيس، منذ توليه السلطة، أنه يعيد الحق لأصحابه ويشدد على دولة القانون، وأن الحكم واجب النفاذ الفوري، ويعيد الحق المسلوب وتمكين دولة القانون، وطالب النائب العام باحترام الحكم وأن يبادر بالاستقالة من تلقاء نفسه، بالإضافة ألا يتعامل الرئيس مع الحكم باستعلاء واستكبار، ويحنث باليمين الذي أقسم عليه عند توليه منصبه. كما رجب بالحكم ماجد سامي الأمين العام لحزب الجبهة الديمقراطية، واعتبر تعيين المستشار طلعت إبراهيم منافيًا للقانون والدستور، وأنه حقق أحد مطالب القوة الوطنية، وبالإضافة لشرعية مطالب أعضاء النيابة العامة لوجود النائب العام الحالي. ومن جانبه طالب المهندس شهاب وجيه المتحدث باسم حزب المصريين الأحرار النائب العام أن يعطي مثلاً وقدوة في احترام الأحكام القضائية ويترك المنصب فورًا. فيما اعتبره محمد عثمان عضو الهيئة العليا لحزب مصر القوية بمثابة إلزام لوزارة العدل بعودة فتح الباب لاختيار نائب عام جديد طبقاً لما هو موجود بالدستور، وأن الحكم بمثابة عامل مهدئ لإحدى الأزمات السياسية التي تتزايد داخل المشهد المصري. لم تخلف رد فعل جبهة الإنقاذ الوطني عن هذا الاتجاه العام، إذ دعت عقب اجتماعها عصر اليوم، إلى ضرورة التزام رئيس الجمهورية والسلطة التنفيذية بقواعد القانون، ووقف الاعتداءات المستمرة على السلطة القضائية، وتقويض دولة القانون بما في ذلك تعيين نائب عام بالمخالفة للقانون، وطالبت الجبهة بتنفيذ هذا الحكم بشكل فوري وإزالة كل آثار الاعتداءات الأخرى التي تعرضت لها السلطة القضائية في الفترة الماضية. فيما رفضت جماعة الإخوان المسلمون التعليق على الحكم، وقال المتحدث الإعلامي باسمها الدكتور أحمد عارف أنه لا تعليق على الحكم وأنها ستدرس تداعياته وتأثيراته على المشهد السياسي، مؤكدًا احترام الجماعة لدولة القانون. أما حزب الحرية العدالة في اعتبر أنه ليس طرفًا بالقضية، وقال عبد المنعم عبد المقصود عضو اللجنة القانونية ومحامي الحزب أن عودة عبد المجيد محمود مسألة مستحيلة لكونه من ناحية استوفى مدته القانونية أربع سنوات طبقاً للدستور الجديد، وأن قرار عزله أتى ضمن إعلان دستور محصن قانونيًا. ومن جانبه اعتبر الدكتور خالد سعيد المتحدث باسم الجبهة السلفية أن الحكم مخالفة صريحة للدستور وتحديداً المادة 236 التي تلغي جميع الإعلانات الدستورية الصادرة عن المجلس الأعلى للقوات المسلحة ورئيس الجمهورية منذ 11 فبراير 2011، وحتى تاريخ نفاذ الدستور الجديد. ولذا اعتمد الحكم على العوار القانوني الموجود بالإعلان الدستوري الأول، الأمر الذي يدخلنا في مناكفات سياسية وقضائية لا تنتهي. وأكد سعيد على أن الرئيس يستطيع أن يمضي ويملي إرادته السياسية على الجميع بشرط أن يضمن تأييد الشعب له ووقوفه خلف القرارات التي تنتصر لحقوقه ومصالحه، فالشعب رقم صعب في معادلة المشهد السياسي الراهن. وقارن بين وضعية الرئيس مرسي حالياً ووضعية الرئيس عبد الناصر الذي استطاع أن يمضي إرادته على الجميع وينال تأييد الشعب له، ولذا طالب الرئيس مرسي أن يوظف المستحقات المالية التي حصلتها الدولة من التصالح الضريبي ومع رموز النظام السابق في تحقيق العدالة الاجتماعية، لكونها السبيل الوحيد حسب توصيفه لنيل رضا وتأييد الشعب وراءه بعد الفجوة التي حدثت بينه وبين العديد من فئات الشعب طوال الفترة الماضية. فيما وصف الدكتور عصام دربالة رئيس مجلس شورى الجماعة الإسلامية الحكم بأنه يصطدم مع الإرادة الشعبية التي أفرزت المادة 236 من الدستور. كما أكد طارق الملط القيادي بحزب الوسط أن عزل النائب العام السابق كان مطلب شعبي وثوري، وأن قرار تعيين نائب عام جديد كان متسقًا مع الدستور والقانون، وأكد أن القضايا القانونية والسياسية أدخلت مصر بحالة كبيرة من التخبط بسبب تعدد الرؤى والآراء فيها. فيما لم يتخذ حزب النور موقف واضحاً من الحكم، وأن كان أميل لتأييده بوصفه نهاية لأزمة شغلت مساحة كبيرة من الجدل بين الرئاسة والمعارضة السياسية. أكد المهندس جلال مرة أمين حزب النور أن طبيعة المرحلة التي تمر بها مصر تقتضي التوافق الوطني ولا تقتضي العناد بين كل الطوائف السياسية لأن مصر في خطر. وشدد علي ضرورة تخلي كل فصيل عن أهدافه الشخصية وأن يغلب مصلحة الوطن مشيرا إلي أنه ليس من المعقول أن يتبادل كل فصيل الاتهامات مع الفصيل الآخر. وطالب مرة القوي السياسية أن تقف وقفة صادقة تجاه كل ما يحاك بمصر وأن تعمل بتجريد فالأمور الاقتصادية والأمنية في غاية السوء وكل يوم ينشغل بحقيقة تعجل بسقوط البلاد ففي الماضي كنا ننشعل بمباريات الكرة أما الآن ننشغل بقضية الاتحادية والمقطم والنائب العام وغيرها من القضايا ينشغل عن القضية الأساسية وهي مصلحة مصر. ونوه إلي أن حزب النور يواصل اتصالاته مع كل القوي السياسية من أجل العودة لمائدة الحوار الذي يعتبر السبيل الوحيد للخروج من الأزمة الحالية التي تعيشها مصر.