طالما صّدرت سوريا مسلسلات الدراما التلفزيونية زادا لشهر رمضان، وأحيانا لكل أشهر السنة لكن صانعيها لم يتوقعوا يوما أن تصبح سوريا نفسها عنوانا لدراما الواقع، وأن يتحول أبناؤها إلى مجسدين لأدوار التراجيديا على حقيقتها، والتي قد تُنتج قصصا غير خيالية تمتد لمئة عام. لكن الكاتب السوري رافي وهبي آثر، تناول الأزمة من زاوية إنسانية خاصة تعكس الصمت ومحاولة الوقوف على الحياد في المسلسل السوري، الذي يتم تصويره في لبنان تحت اسم "سنعود بعد قليل". يصور المسلسل، الذي يقوم ببطولته دريد لحام ومن إخراج الليث حجو، حال السوريين الذين نزحوا عن ديارهم بسبب الأزمة المستمرة منذ عامين وهم يمنون النفس بان العودة ستكون بعد فترة قصيرة، لكن كما يقول كاتب المسلسل الفنان رافي وهبي فان "هذه الاقامة المؤقتة خارج الوطن، امتدت يوما بعد يوم وشهرا بعد شهر ولم يعودوا حتى الآن." يرصد المسلسل الذي من المقرر عرضه في شهر رمضان المقبل الوضع السوري الراهن عبر عائلة غادر كل أفرادها إلى الأراضي اللبنانية بعضهم بسبب الأزمة التي تعصف بسوريا وبعضهم الأخر كان يعيش في لبنان منذ فترة طويلة، فيما يبقى الأب الذي يقوم بدوره دريد لحام وحده ولكن مرضا عضالا ألم به سيدفعه إلى ترك منزله واللحاق بأولاده. يقول الكاتب رافي وهبي الذي يشارك في المسلسل أيضا: إن العمل يحكي قصة رجل سوري أرمل لديه أولاد يعيشون في لبنان بعضهم منذ فترة طويلة، والبعض الأخر جاء بسبب الأزمة التي تعصف بالبلاد منذ عامين. أضاف لرويترز "أنا استوحيت الفكرة من فيلم إيطالي حيث المحور الإساسي في المسلسل هو رحلة الأب الذي اسمه نجيب إلى أولاده؛ ليكتشف إلى أين أخذتهم الحياة وماذا حصل معهم.. وكم تحقق من أحلامهم وكم لم يتحقق وماذا يفعلون الآن. عنده مجموعة أسئلة يبحث عن الأجابة عنها بهذه الرحلة". وأكد أن هناك ارتباطًا وثيقًا بين المسلسل وبين ما يحدث في سوريا، وأن جزءًا من العمل تدور أحداثه في الشام "وبالتالي نحن على تماس مباشر مع الشارع مع الشيء اليومي. عندما ننتقل مع نجيب إلى لبنان نستطيع أن نرى انعكاسات ما يحدث أحيانا بجانبه السياسي وأحيانا بجانبه الاجتماعي"" ومسلسل "سنعود بعد قليل" عبارة عن لافتة يتم تعليقها في الدكاكين لان نجيب كما يقول الكاتب "عنده دكان في الشام القديمة ودائما عندما يتحرك يعلق هذه اللافتة وفجأة أصبحت هي العنوان. أحببت فيها حالة اليقين. دائما عندما نقرأها على باب محل نجد ان هناك يقينًا عند قارئها وعند كاتبها أو الذي قام بتعليقها أنه راجع. حاولت في هذا المسلسل أن أرى إلى أي درجة هذا اليقين سيبقى موجودا عن كل الناس". ويشير وهبي إلى أن المسلسل وهو من إنتاج شركة كلاكيت السورية كان قد كتب على شكل خماسية منذ سنوات وكانت الجولة على المحافظات السورية فقط لكن "المفارقة أن الجولة أصبحت أطول وأكبر وشاقة أكثر، بمعنى أنها شاقة على الروح والجسد".." وقال "الزاوية التي نرى فيها الحدث هي زاوية إلى حد ما محايدة لأن أبطالنا خارج الحدث، وبالتالي هم خارج التأثير المباشر على ما يجري. هم أناس يرون ويتأثرون وينعكس على حياتهم الإنسانية أكثر." وقد انقسم الفنانون السوريون في مواقفهم ازاء ما يحدث في سوريا منذ بداية الازمة قبل عامين. وتأثرت الدراما السورية التي لاقت رواجا كبيرا خلال السنوات العشر الاخيرة من ناحية الكم او النوع فيما غادر العديد من الفنانين السوريين دمشق وتوزعوا بين لبنان ومصر والإمارات العربية. أضاف الكاتب الذي اتخذ من لبنان مقرا له مثله مثل العديد من الفنانين السوريين "أبطالي يشبهوني. غير ان هذا البطل خرج من البلد. أتساءل ماذا يفعل يا ترى هل لديه الحق بالرجوع؟ هل لديه الحق أن يكون عنده رأي وموقف أو هو خرج من الميدان، وبالتالي هو فقد حقه فى أن يكون فعالا بشكل أو بآخر". ويؤكد لبنان أنه يستضيف الآن مليون سوري ثلثهم من المسجلين رسميا كلاجئين فارين من الصراع الذي أودى بحياة 70 ألف شخص في بلادهم وفقا للأمم المتحدة. والباقون عمال سوريون وعائلاتهم. ويقول الممثل دريد لحام، الذي يقوم بدور الأب: إنه يشتاق الى أولاده الستة فيأتي الى لبنان ليزورهم، ويسأل عن أحوالهم "طبعا لا تغيب الأحداث الجارية على الساحة السورية عن مضمون أو تفاصيل القصة، ويقدم العمل وجهتي النظر بموضوع الأحداث وجهتي النظر المتصارعتين على الساحة السورية". ويقول دريد لحام في مركز التصوير في بيروت لرويترز "نحن نقدم في المسلسل كل وجهات النظر. نحن مع الرأي والرأي الآخر وليس على الطريقة الأمريكية، إذا أنت لست معي يعني ضدي. لا نحن لا نفهم هكذا. نفهم الحرية والديمقراطية أنك أنت تسمع رأي وتسمع رأي آخر وتقاطعهم مع بعض وتصل في هذه الحالة إلى الحقيقة وليس مخنا مقفول عن أي رأي آخر". ويضم المسلسل بالإضافة إلى دريد لحام كلا من باسل خياط وقصي خولي وعابد فهد وسلافة معمار وكندة علوش. ويشارك ممثلون لبنانيون في هذا المسلسل منهم تقلا شمعون وبيار داغر وطلال الجردي وغيرهم.