حذر خبراء اقتصاديون من التداعيات السلبية الناجمة عن ارتفاع قيمة الدولار مقابل الجنيه على الأوضاع الاقتصادية فى مصر فى ضوء تراجع معدلات التدفقات الاستثمارية الأجنبية وعائدات السياحة والتضخم. وأشاروا إلى أن السياسات الحكومية خلال المرحلة القادمة ينبغى أن تركز على تعزيز العملة المحلية لمواجهة الزيادة فى معدلات التضخم التى تشكل مصدر تهديد للاستقرار الاجتماعى فى مرحلة ما بعد ثورة يناير، مشددين على ضرورة إعطاء الأولوية لجهود استعادة الأمن والاستقرار لدعم بيئة الاستثمار، خاصة وأن معدل التضخم خلال الفترة من يناير إلى نوفمبر من العام الجارى ارتفع ليصل إلى 7.7 مقارنة بنفس الفترة من العام الماضى ، كما زادت أسعار الطعام والمشروبات خلال الفترة المذكورة بنسبة 9.4% مقارنة بالفترة المناظرة من العام الماضى. ومن جانبه أكد أحمد سبح الخبير الاقتصادى أن ارتفاع سعر الدولار فى الآونة الأخيرة من 6.01 جنيه إلى 6.19 وبشكل متسارع يفرض ضغوطا على البنك المركزى للتدخل لحماية الجنيه،الا أن انخفاض حجم احتياطى النقد الأجنبى إلى حوالى 15 مليار دولار يحد من قدرة البنك المركزى على التدخل. ولفت إلى أن استمرار تذبذب سعر صرف الجنيه أمام العملات سيلقى بمزيد من العثرات أمام جهود جذب الاستثمارات الأجنبية إلى مصر، خاصة وان المؤسسات الاستثمارية العالمية تبنى سياستها الاقتصادية والاستثمارية داخل أى بلد أجنبى ترغب اليه على أساس وجودأسعار صرف متوازنة فيه وليس كالتذبذب الحادث الآن فى سعر صرف الجنيه المصرى. وتوقع أنه فى ظل عدم الاستقرار السياسى والتدهور الاقتصادى اللذان تعانيان منهما مصر منذ الثورة حتى الآن، وعجز النظام الحاكم عن حل المشاكل الاقتصادية والمالية التى تعانى منها مصر والمتمثلة فى التضخم والبطالة سيزدادالوضع سوء مما ينعكس على المواطن المصرى البسيط الذى يعانى من نار التضخم خاصة وأن نسبة كبيرة من المنتجات المباعة يتم استيرادها. واستعرض متولى رضوان الخبير المصرفى أوضاع سوق الصرف فى مصر ، مشيرا إلى دور البنك المركزى فى حل مشكلة تزايد الطلب على العملات الصعبة وخاصة الدولار من جانب الأفراد والشركات فى هذه المرحلة الحرجة التى تعانى منها مصر، حيث أصدر البنك تعليماته لجميع البنوك بعدم سحب أكثر من 10 آلاف دولار فى اليوم كمحاولة منه لحل المشكلة التى يمكن أن تواجه البنوك فى حالة استمرار الطلب على الدولار. وقال إن انخفاض المعروض من الدولار خلال الأسابيع الماضية أدى إلى زيادة قيمة الدولار مقابل الجنيه،مشيرا إلى أن قلة حجم الصادرات مقارنة بالواردات وعجز ميزان المدفوعات دفعت أيضا إلى انخفاض سعر العملة الوطنية بشكل مبالغ فيه. وأبدى قلقه بشأن احتمال عودة "ظاهرة الدولرة" خاصة وأن معدلات الطلب على الشهادات الاستثمارية الصادرة بالجنيه المصرى ارتفع بشكل ملحوظ نتيجة زيادة معدل الفائدة عيها والتى تزيد عن الشهادات الدولارية بنحو 21 مثل، متوقعًا أن يقوم البنك المركزى باتخاذ اجراءات عاجلة لمواجهة الارتفاع الملحوظ فى قيمة الدولار. واتفق معه الدكتور محمود عبد الحى مدير معهدالتخطيط سابقا على وجودأسباب رئيسية ساهمت فى ارتفاع سعرالدولار وهى اعتماد مصر على استيراد معظم احتياجتها من الخارج وذلك بنسبة 50% - 60%، مما يساهم ارتفاع أسعار السلعة المستوردة والخدمات، لافتًا إلى أن الصناعة المصرية تعتمد اعتمادا كليا على استيراد معظم المواد الأساسية فى الصناعة من مواد خام وآلالات ومعدات من الخارج مما يرهق خزينة الدولة. وقال عبد الحى إن انخفاض قيمة الجنيه يؤدى إلى زيادة فى كلفة الدين الخارجى، حيث أن الحكومة المصرية ستضطر إلى مبادلته بكميات أكبر من الجنيهات لسداد القروض الدولارية أو قروض بعملات أخرى وهو ما سيفرض بالتبعية على الاحتياط النقدى حال محاولة البنك للتدخل لمنع مزيد من الانخفاض فى قيمة الجنيه المصرى. وطالب البنك المركزى بضرورة التدخل لضبط الأسواق المصرفية من أجل توفير العملات لتمويل عمليات الاستيراد خاصة بالسلع الأساسية والمواد الخام اللازمة للمصانع والشركات ،والتى تساهم بشكل كبير فى مشكلة التضخم بسبب عرض السلع بأسعار تفوق قدرة المواطن المالية مما يدفعه إلى الوقفات الاحتجاجية للمطالبة بزيادة الأجوروتعطيل عجلة الإنتاج. وشاركهم الرأي فاروق بركات المستشار الاقتصادى بمجموعة البريق القابضة، متوقعا ارتفاع معدلات التضخم نظرا لانخفاض الموارد الخارجية خاصة السياحة التى كانت تمثل نسبة كبيرة من الدخل القومى خلال هذه الفترة، وذلك إلى جانب نقص الصادرات المصرية نتيجة الاضطرابات والاعتصامات المنتشرة فى الوقت الحالى فى مصر. وأشار إلى أنه لقلة تحويلات المصريين فى الخارج بسبب التطورات السياسية والاضطرابات التى تعانى منها مصر ساهمت بشكل كبير،وذلك إلى زيادة الطلب على الدولار فى هذه الفترة سواء من الدولة أوالشركات أو المصانع وذلك للسداد الالتزمات المالية المرتبطة بنهاية العام.