أيام قليلة ويحل عيد الفطر المبارك وفي مثل هذا التوقيت تشهد سوق وكالة البلح للملابس زحاما شديدا من المواطنين الذين يتوافدون لشراء احتياجاتهم من الملابس من هذه السوق التي تتميز بانخفاض أسعارها مقارنة بالمحال التجارية الأخرى حتى أن البعض أطلق على وكالة البلح مول الغلابة الذي يحتضن شريحة مجتمعية كبيرة تجد فيه "فرحة العيد" إلا أن أجواء كورونا فرضت نفسها على السوق فأطفأ هذه العام مشاهد الزحام , وإن كان ما زال البعض يخاطر ويذهب إلى السوق تحت ضغط شراء ملابس العيد بسعر منخفض. للعام الثاني على التوالي تتأثر حركة البيع في وكالة البلح بسبب فيروس كورونا, هكذا قال عدد من التجار إذ يعاني أصحاب المحال والبائعون من ضعف الإقبال على البضائع وتراجع المبيعات بنسبة كبيرة, رغم الاستعدادات التي قاموا بها, من عرض وتنظيم الملابس داخل الفتارين ووضع الأسعار المناسبة لجذب الزبائن, ويرى البائعون أن السبب حالة الركود التي ضربت الوكالة هو قلة ساعات عمل المحال, وضيق الوقت خلال شهر رمضان. حيث اتخذت الحكومة عددا من القرارات المهمة للحفاظ على سلامة المواطنين لتفادي تفشي فيروس كورونا في البلاد، ضمن الإجراءات الاحترازية لمنع أي زيادة محتملة في إصابات كورونا, والتي تتضمن غلق جميع المنشآت التجارية من المحال والمولات والمقاهي في التاسعة مساء, مما كان له من تأثير كبير على البائعين في وكالة البلح. أعياد المسلمين والمسيحيين قبل صدور قرار الغلق بأيام قليلة, كانت الوكالة تشهد إقبالًا كبيرًا من المواطنين, ويرجع ذلك إلى تزامن أعياد المسلمين مع المسيحيين, وحرص أسر كل منهما على عادة شراء لبس العيد لأطفالهم. وفي سياق متصل وضح "أحمد", أحد التجار بالوكالة, أن قبل قرار الغلق, كانت نسبة البيع تمثل 55% ولكن بعد القرار أصبحت نسبة إقبال المواطنين هي صفر بالمائة, وذلك بسبب أن الأغلبية من الزبائن موظفون ينهون العمل قبل أذان المغرب بساعات قليلة, أو إذا كانوا غير ذلك فهم يستيقظون آخر النهار, مشيرًا إلى أن في كلا الحالتين لم يعد هناك وقت للإقبال على شراء الملابس. وأضاف التاجر أن الوكالة تقوم بتخفيف العبء على الأهالي التي تحاول الهروب من غلاء الأسعار, خلال توافر الملابس بأسعار رمزية, حيث تبدأ ملابس الأطفال من 25 إلى 100 جنيه, وأغلى قطعة في الملابس الحريمي ب 100 جنيه, والرجالي ب 150 جنيهًا. ولم يختلف الوضع كثيرًا بالنسبة "لكريم", الذي أكد أن حركة البيع هذا العام جيدة ولكن لا يوجد وقت بسبب قرار غلق المحال في التاسعة مساء, وإنه على الرغم أن هذا هو موسم العيد الذي كان من المعتاد أن يقبل الفقير والغني على شراء الملابس, إلا أنه تعاني الأسواق في الوقت الحالي قلة الإقبال على الملابس رغم خفض الأسعار, بالإضافة إلى اتجاه المواطنين نحو "الفصال" نظرًا لسوء ظروفهم المادية. وأوضح أن في الأعوام السابقة كانت تبدأ حركة البيع بعد أذان المغرب, لأن الإقبال يكون ضعيفًا خلال ساعات الصيام, فكان التجار يقومون باستلام البضاعة وتنظيمها في الصباح استعداداً لقدوم الزبائن. بينما يرى "عمر الخلاف" تاجر آخر بالوكالة, أن حركة البيع هذا العام أفضل بكثير عن العام الماضي, وأن الأسعار جيدة للغاية, وأن ملابس الأطفال هي الأكثر مبيعًا, حيث لا تتعدى ال60 جنيهًا, بالإضافة إلى الملابس الحريمي والتي تتضمن الفساتين والعباءات السوداء التي تصل إلى 250 جنيهًا, أما "البلوزات" فهي تتراوح من 75 إلى 100 جنيه . الفرق بين البالة وبواقي التصدير؟ يجيب عمر الخلاف أن الوكالة تشمل كلًا من ملابس البالة وبواقي التصدير, حيث "البالة" هي الملابس القديمة والمستعملة, التي يتم تجميعها جيدًا وبيعها, موضحًا أنهم يختارون البالة بالقطعة للحصول على أفضل البضاعة المطروحة, ثم تنظيفها لتكون بحالة جيدة لتصلح للبيع ويقبل عليها المشتري. أما بواقي التصدير, هي الملابس التي يخرجها المصنع بعيوب بسيطة جدًا, ولكنها لا تناسب معايير المصنع, فيتم التخلص منها وبيعها بسعر قليل, وتعتبر هي المادة الخام للتجارة في الوكالة لأنها ماركة أصلية ولكن بسعر لا يذكر, وعلى حد قوله: "محدش بيختلف عليها, وأغلبها بالتيكت بتاعها". جذب الطبقات الراقية لم تعد وكالة البلح "سوق الغلابة", حيث أصبحت في الوقت الحالي ملاذا للهروب من شبح غلاء الأسعار الذي يطارد أرباب الأسر في كل وقت, بالإضافة إلى تلبية احتياجات أصحاب المظاهر للتفاخر بارتداء الماركات العالمية. حيث أكد التاجر "سيد شطة" أن مستوى الزبائن اختلف كثيرًا عما سبق, حيث كانت تقتصر الوكالة على المواطنين محدودي الدخل, أما في الوقت الحالي تأتي زبائن من شرائح اجتماعية عالية, ومن مناطق سكنية مختلفة مثل مدينة نصر ومصر الجديدة ومدينة السادس من أكتوبر والتجمع الخامس وغيرها, وذلك لأنهم يبحثون عن ملابس لماركات مشهورة ولكن بأسعار بسيطة. وأيدت ربة المنزل آمال إبراهيم, منطق مناسبة الأسعار للجميع, حيث قالت إن الميزانية المخصصة لشراء ملابس العيد لأطفالها الثلاثة لم تعد كافية, مما دفعها للتوجه نحو سوق وكالة البلح, لأن الصغار لا ذنب لهم في حالة الغلاء المسيطرة على المحال التجارية, بالإضافة أنها لا تشعر بفرق في الجودة, قائلة: "جودة المستعمل في الوكالة أفضل كثيرا من أغلب المحال المشهورة: "على الأقل بيدونا فرصة نقلب في المعروض براحتنا". وأضافت آمال أنها تأخذ جميع الإجراءات الاحترازية في ظل انتشار فيروس كورونا, خلال ارتداء الكمامة, واستخدام الكحول لتطهير اليدين بصفة مستمرة بعد لمس أي شيء, مؤكدة أنها تهتم بتعقيم الملابس التي تم شراؤها من الوكالة بعناية شديدة, لتجنب انتقال العدوى لها ولأبنائها. طلبة الجامعات وقالت ريم محمد طالبة بكلية التجارة, أنها تأتي للوكالة لشراء ملابس للجامعة والعيد وجميع المناسبات المختلفة, نظرًا لأسعارها المناسبة, بالإضافة إلى أنه لا يوجد مثل هذه الملابس في المحال التجارية باهظة الثمن, موضحة أن أسعار الوكالة تساعدها على إتمام أناقتها, وخاصة لاحتوائها على موديلات شبابية عصرية عالمية, مما يميزها وسط زملائها في الجامعة. تأثير المشاهير ويشير البائعون إلى دور المشاهير ومواقع التواصل الاجتماعي في زيادة شهرة المنطقة، حيث ظهور الفنانة سارة عبدالرحمن في حفل ختام مهرجان القاهرة السينمائي الدولي, قبل 3 أعوام بفستان من وكالة البلح, وكان سعره 370 جنيهًا, وأنها فضلته على دور الأزياء المحلية التي يتعامل معها الأثرياء، وهو الأمر الذي يتكرر مع كثير من الممثلات في بداية حياتهن الفنية. بالإضافة إلى انطلاق هاشتاج "رخيص_بس_شيك" على مواقع التواصل الاجتماعي, كان له تأثير كبير علي حركة البيع بوكالة البلح. وهذه الأسباب كافية لإقناع الكثير من الفتيات للاتجاه نحو الوكالة من مختلف الفئات الاجتماعية. ازدواجية الصورة الذهنية ولكن تظهر ازدواجية في الصورة الذهنية لزوار سوق وكالة البلح, فرغم من تأكيدهم على عدم وجود وصمة عار في الشراء من الملابس المستعملة, إلا أن جميعهم يرفضون تصويرهم أثناء عملية الشراء أو حتى وجودهم داخل المنطقة, خوفًا من وصفهم بالعجز المالي.