على بعد أمتار من محطة مترو جمال عبد الناصر وتحديداً فى المنطقة الأشهر لبيع الملابس المستعملة القادمة من أوروبا "وكالة البلح"، ملابس رخيصة معلقة على استاندات تلفت انتباه المارة من أمامها، فمع ارتفاع الأسعار تجد الملابس المستعملة أسعارها تبدأ من 5 جنيهات إلى 50 جنيها للقطعة. ماركات عالمية تناسب جميع الأعمار فهناك ملابس الأطفال والشباب والكبار للرجال والسيدات، ورغم انخفاض أسعار الملابس فى الوكالة، إلا أن الاقبال ضعيف للغاية كما أكد لنا أصحاب المحلات هناك. البائعون يؤكدون أن زبائن الوكالة ليسوا فقط من محدودي الدخل، وإن كانوا هم الفئة العظمى، بل تأتي بعض الطبقات العليا قاصدين الماركات العالمية، من خلال البالات الأوروبية المستعملة. البالة بالكيلو "كل نوع مصنف حسب الماركة، هذه الملابس تأتي في بالات مفروزة من أوروبا وأمريكا وزاد عليهم دول الخليج السعودية وغيرها، ويتم شرائها بالكليو من خلال تجار كبار ثم توزيعها علي تجار بورسعيد ووكالة البلح، حيث يتم تحديد سعر البالة بناء علي سعر الكليو الذي يتراوح من 70 جنيها إلى 200 جنيها".. هكذا بدأ أحمد متولى بائع بالمنطقة حديثه ل" محيط"، مضيفاً:"جميع البالات الموجودة فى الوكالة هى ملابس من أوروبا وتعتبر المصدر الخلفي للفقراء فى شراء ملابسهم فى جميع المناسبات لأن أسعارها زهيدة عن مثليتها فى المحلات باهظة الثمن. وتابع:"تعتبر منطقة الوكالة الأكثر رواجاً فى بيع الملابس المستعملة حيث يتم شراء البالة بالكيلو من التجار الكبار، وبعضهم يسافر إلى بورسعيد لشراءها من هناك، ويختلف سعر الكيلو فى البالة على حسب كل نوع من الملابس سواء كانت ملابس أطفال أو بنطلونات جينز للشباب والفتيات أو فساتين للفتيات. وأشار إلى أن كل بالة تختلف حسب الجودة فهناك بالات نمرة 1 وهناك بالة نمرة 2 ونمرة 3، ويتراوح سعر البالة من 130 إلى 200 جنيه، وتزن البالة 50 كيلو، ويختلف محتوها على حسب كل نوع حيث تحتوى بالة الأطفال على 400 قطعة، وتبدأ أسعار الملابس من 5 جنيهات إلى 50 جنيهاً." دول الخليج منصور مصطفى أحد تجار ملابس البالة بوكالة البلح قال:"بعد أن كان التجار يعتمدون على شراء ملابس البالة من أوروبا بإعتبارها المصدر الوحيد، لكن الأمر اختلف وأصبح لديهم مصادر عربية تتمثل فى دول الخليج ومنها على سبيل المثال السعودية. وأضاف:"تقوم دول الخليج بتصدير الملابس المستعلمة وبيعها بالقطعة عن طريق استلامها من التجار فى جمارك نويبع وسفاجا، لكن ليس بالكيلو كما يحدث فى الملابس الأوروبية المستعملة وتختلف سعر كل قطعة على حسب الجودة والخامة لكن أسعارها مرتفعة عن أسعار الملابس الأوروبية المستعملة. وتابع: من فترة كانت الوكالة تقتصر فقط على فئة بعينها، وهم الأقل دخلاً فى شراء الملابس لكن بعد ارتفاع الأسعار أصبح الأمر مختلفاً وبدأت الفئات المتوسطة فى الإقبال بشكل كبير على شراء الملابس المستعملة وخاصةً الملابس الشتوية، حيث يجدون أسعارها أرخص بكثير عن أرسعارها فى المحلات. وعن الإقبال فى الشراء من الوكالة هذا العام قال مصطفى:"الإقبال ضعيف هذا الموسم بشكل كبير على الشراء مع العلم أن أسعار الملابس المستعملة لم تختلف عن العام الماضي فى ظل ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه، لكن هناك حالة ركود من المواطنين فى شراء الملابس ليس فقط المستعملة ولكن أيضاً الملابس الجديدة، وأغلب الزبائن يقومون بشراء ملابس لأطفالهم فقط دون أن يشتروا ملابس لأنفسهم". تراجع الحج منتصر مخلوف صاحب محل ملابس مستعملة، قال إنه لا يشعر بأن العيد اقترب، فلا بيع ولا شراء ولا زحام كما كان يحدث في كل موسم عيد، مضيفاً: "مفيش بيع والحركة واقفة، ورغم أن الأسعار رخيصة في الوكالة الناس لا تشتري. وتابع:"أسعار الملابس في الوكالة جيدة ومناسبة لكل الطبقات، للغني والفقير، ومعظم الملابس ماركات عالمية جيدة جدا، والقميص الماركة سعره لا يتعدي 30 جنيها في حين أن سعره يساوي 300 جنيه، فثمن القميص مثلاً بمحلات وسط البلد لا يقل عن مائة جنيه. وعن الشراء من وكالة البلح قالت فاطمة محمود طالبة إنها تشرتي كل شتاء الملابس من وكالة البلح، لانخفاض أسعارها و توافر الموديلات الكلاسيك عكس ما يباع في الأسواق من خامات رديئة ومرتفعة السعر. وتابعت:"وكالة البلح لديها كافة الموديلات النادرة التي من الصعب أن تجدها في الخارج، الأمر الذي يشعرها بالتميز والأناقة بين زميلاتها في الدراسة، مؤكدة أن أصدقائها كثيرا ما يسألونها عن أماكن شراء تلك الموديلات لرغبتهم في شرائها إلا أنها تخفيها عنهم لكي تكون مميزة". وعن نظره البعض أن الوكالة مكان للفقراء، قالت إن لديها أصدقاء أغنياء ينزلون لشراء ملابس مستوردة من الوكالة، لافتة إلى أن الوكالة مكان مشهور ومعروف بأن به العديد من الموديلات النادرة التي من الصعب أن تجدها في الخارج في ظل وجود موديلات مكررة ومرتفعة السعر. تبرعات يحيي زنانيري، نائب رئيس الشعبة العامة للملابس الجاهزة في الاتحاد العام للغرف التجارية قال:"إن بالات الملابس المستعملة تأتي من الاتحاد الأوروبي وأمريكا، وهي في الأصل تبرعات للدول الفقيرة النامية في أفريقيا، وهي ملابس قديمة تم تجميعها وإعادة غسلها وتغليفها، ثم تجميعها في بالات". وأضاف زنانيرى فى تصريحات خاصة لشبكة الإعلام العربية محيط، أن هذه البضاعة يتم بيعها بالكيلو لأنها أنواع مختلفة من الملابس ولا يمكن حصرها أو تجميعها في قطاع واحد، فهناك قطعة ب 1 دولار، وأخرى ب 100 دولار، وبالتالي تكون البالة تقريبا 50 كيلو، وقد يكون الكيلو قطعة واحدة فهناك جواكت وأقمشة ثقيلة وأخرى خفيفة. وقال رئيس الشعبة العامة للملابس الجاهزة، أنه ليس هناك أرقام أو إحصائيات رسمية بهذه البضاعة، مضيفاً:"نحن نعاني من نقص في الإحصائيات في المصانع والتجارة الرسمية فكيف يكون لدينا إحصاء دقيق بهذه البضاعة التي يتم تهريب جزء كبير منها وهي مستعملة. وأشار إلى أنه حتي الآن ليس لدينا إحصاء رسميا بعدد مصانع الملابس الجاهزة في مصر، مشدداً على أن حجم هذه التجارة تتراوح من نصف مليار إلى مليار جنيه سنويا، وأماكن بيع هذه البالات في وكالة البلح وبورسعيد، وتأتي إلي بورسعيد عبر الميناء. وأوضح زنانيرى أن معظم هذه البضاعة تدخل بشكل رسمي وباتباع الطرق الرسمية عبر الجمارك، وهناك تجار يحاولون استغلال هذه البضاعة ويقومون بفرزها واستخراج ما هو غالي وبيعه، بتجميع القطع الجيدة في بالات غالية الثمن، وتجميع القطع الرخيصة أو السيئة في بالات رخيصة الثمن. ولفت إلى أن هناك ماركات عالمية، يقوم باستيرادها بعض التجار الكبار ويقومون بتوزيعها علي التجار الصغار، كما أن هذه البضاعة لا يفرض عليها جمارك، والصادرات والواردات تفحص هذه البضاعة في الجمارك جيداً. نوه بأن ضعف الإقبال على الشراء يرجع إلى ضعف القوة الشرائية للمستهلك المصري بسبب الغلاء، وبالتالي تأتي أولوية الملابس في مراحل متأخرة ، بعد أولوية المأكل والمشرب والفواتير، رغم أن الكساد في سلع كثيرة لكنها تترواح بنسب، مشدداً على أن ارتفاع سعر الدولار أدى إلى ارتفاع عام في أسعار الملابس.