ألقى الرئيس عبدالفتاح السيسي، صباح اليوم السبت، كلمة بمناسبة الاحتفال بعيد العمال، أكد خلالها، قيمة العمل في الأديان السماوية إذ أوصت تعاليم الأديان السماوية بأن العمل عبادة. من جانبه، قال الدكتور محمد ورداني أستاذ الإعلام بجامعة الأزهر ل" بوابة الأهرام": إن قيمة العمل الجاد تمثل أهم قيمة في حياة الناس، فبالعمل تقوم الحياة وبفقدانه يحل الفقر والعوز وتتحول هذه الحياة إلى نقمة، ولذلك فإن المشكلة الأكبر التي تؤرق المجتمعات والدول هي مشكلة البطالة لأنه كلما اتسعت دائرتها كلما كان ذلك أدعى إلى أن يحلّ الفراغ بديلًا للعمل، وإذا كان الفراغ هو البديل فحدث ولا حرج في انتشار الجريمة والإصابة باليأس والإحباط. وأكد ورداني، أن الشريعة الإسلامية بنصوصها من قرآن وسنة قدّرت العمل أيّما تقدير، وجاء القرآن الكريم برسالة واضحة في ذلك فقال الله –سبحانه وتعالى- (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ)، وقال في موضع آخر: (رَبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا)، كما أن النصوص النبوية دعت إلى ذلك صراحة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لَأَنْ يأخذَ أحدكم حَبْلَهُ، فيَأْتِي بحِزْمَةِ الحطبِ على ظهرِهِ فيَبيعها، فيَكُفَّ اللهُ بها وجهَهُ، خيرٌ لهُ من أن يسألَ الناسَ، أعطوهُ أو منعوهُ). وتابع قائلًا: أن النبي صلى الله عليه وسلم حذر في كثير من أحاديثه عن مسألة الناس وترك العمل بل إنه وصف الأيدي غير العاملة بأوصاف سلبية، ومنها ما ذكره عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما: (أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قال، وهو على المنبرِ، وذكرَ الصدقةَ والتَّعَفُّفَ والمسأَلَةَ: اليدُ العُلْيَا خيرٌ من اليدِ السفلى، فاليدُ العليا هي المُنْفِقَةُ، والسفلى هي السائِلَةُ)، فكل إنسان تتوافر لديه القدرة على العمل ويسيطر عليه الكسل هو إنسان غير نافع لنفسه ولا مجتمعه بل إنه يمثل عالة على هذا المجتمع الذي لا يرقى ولا ينهض إلا بالعمل والاجتهاد والتفاني. وأكد "ورداني"، أن الإسلام جعل الناس على درجة سواء في مرتبة الإخلاص في العمل ولم يفقر بين مهنة أو أخرى، بل إنه اعتبر العمل شرف مهما كانت هيئته أو شكله مادام كسب من حلال وليس بالتعدي على حقوق الغير، حتى أن النبي صلى الله عليه وسلم عندما تعرض لقضية العمل فذكر أقل أنواعها وقال فيها: (لَأَنْ يأخذَ أحدكم حَبْلَهُ، فيَأْتِي بحِزْمَةِ الحطبِ على ظهرِهِ فيَبيعها، فيَكُفَّ اللهُ بها وجهَهُ، خيرٌ لهُ من أن يسألَ الناسَ، أعطوهُ أو منعوهُ). كما ناشد ورداني المؤسسات الثقافية والإعلامية بضرورة تبني حملات توعية مستمرة تغرس في نفوس الشباب أهمية العمل وقيمة المجتهدين والمخلصين فيه، فالجميع مسئول مسئولية تضامنية لأن المجتمع لا يرتقي إلا بسواعد أبنائه، ولا يفلح قوم ضاعت قيمة التناصح فيما بينهم. وكان فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر. الشريف، قد أكد في تهنئته للعمال بعيدهم، أن العمل الجاد هو الركيزة الأساسية لنهضة الأمم والشعوب ومواكبة التطور الشامل الذي يشهده العالم من حولنا، مثمنا الدور الذي يقوم به أبطالنا من الطواقم الطبية؛ أطباء وممرضين وموظفين وعمال، ممن يقفون على خطوط الدفاع الأولى لحمايتنا والحفاظ على مجتمعاتنا في ظل الأزمة الإنسانية التي خلفها انتشار فيروس كورونا المستجد. فيما أوضح و الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، أن الإسلام يعظم من شأن العمل، بل إن الأنبياء قد عملوا في مختلف المجالات، فأبو البشر نبي الله آدم -عليه السلام- كان زارعًا ، وداود -عليه السلام- كان حدادًا، وعيسى ابن مريم -عليه السلام- كان صباغًا ، وخاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم عمل بالرعي والتجارة. وأشار المفتي إلى أن النبي محمدًا صلى الله عليه وسلم حث على العمل والاجتهاد فيه وإتقانه، فقال صلى الله عليه وسلم: (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملًا أن يتقنه). وأوضح مفتي الجمهورية أن الشريعة الإسلامية تحث على العمل والإنتاج، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم دعا إلى العمل ورغَّب فيه بقوله: «مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ، وَإِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ»، وقوله صلى الله عليه وسلم: «منْ باتَ كالًّا منْ طلبِ الحلالِ باتَ مغفورًا لهُ»، وهو حث على الكسب الحلال، والعمل والإنتاج، وأداء الأمانة في العمل والإخلاص فيه، فهذا كسب حلال. كما استدل مفتي الجمهورية أيضًا بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها»، وهو ما يدعونا إلى العمل والإنتاج وتحقيق النفع للبشرية حتى في آخر لحظات الحياة.