أعلنت شركة المشرق للإنتاج الفني في مطلع مارس ماضي عن افتتاحها لساحةروابط للفنون بعد تطويره وإجراء تحديثات عديدة، وتعد ساحة روابط واحدة من أهم مسارح مصر المستقلة. تأسس مسرح روابط في عام 2005 وسرعان ما أصبح أحد أشهر الأماكن التي تدعم الفنانين والعروض المسرحية والأدائية. تم إطلاق المسرح كامتداد للأنشطة التي يقوم بها جاليري تاونهاوس (الذي تأسس في عام 1998) والذي أطلق أيضًا مساحة "فاكتورى"، مع التركيز على الفنون البصرية حتى تم إغلاق المسرح عام 2019. في مارس 2021 أعلنت المشرق للإنتاج الفنى عن عودة ساحة روابط للفنون بالقاهرة واستئناف أنشطتها الفنية بعد توقفها لما يقرب من عامين قامت شركة المشرق - لمؤسسها وميدها المخرج أحمد العطار- بأعمال تجديد وتطوير للمسرح كاملًا ساهم فيها كل من المجلس الثقافي البريطاني بالقاهرة، والسفارة الهولندية في القاهرة، واستوديو عماد الدين، وشركة الإسماعيلية للاستثمار العقارى، ومعهد جوته بالقاهرة. شركة المشرق للإنتاج الفني هي ايضاً المسؤولة عن إدارة كل من "ستوديو عماد الدين" و"مهرجان وسط البلد للفنون المعاصرة دي-كاف" ومهرجان "البقية تأتي" وأخيرًا مساحة عمل "مكتبي" بالإضافة لمشاريع وانجازات أخرى تقوم بها الشركة. خلال الأشهر الطويلة التي سبقت إعادة افتتاح ساحة روابط، خضع المكان لعملية تصليحات وتطويرات كبيرة. فقد قامت شركة المشرق للإنتاج الفني بتغيير مكان المسرح وتجديد جميع الأرضيات والجدران والقاعات والمكاتب وما إلى ذلك. كما تم تطوير المعدات وأدوات عزل الصوت كما وفرت الشركة نظامًا أمنيًا متطورًا للحماية من الحرائق وتم تحسين الدوائر الكهربائية وتقنيات أخرى. أدت جميع هذه التجديدات إلى أن تقدم ساحة روابط تسهيلات أفضل لكل من الجمهور والفنانين على المسرح وخلف الكواليس والفرق الفنية والإدارية. في السنوات بين 2005 و2019، سلط مسرح روابط -في فترة عمله من 2005 ل 2019 - الضوء على عدد كبير من الممثلين والمخرجين الشباب والناشئين من خلال إتاحة الفرصة لهم وعرض أعمالهم للجمهور. كما أكد المخرج أحمد العطار ل"بوابة الأهرام"، فإن المكان الذي تم تجديده حديثًا سيكون من أحد العلامات المميزة في تاريخ المسرح من خلال مساحة كبيرة وموسعة ومحسّنة تدعم المشهد الفني وتثقل من دوره. وأضاف العطار "أن دور ساحة روابط في المشهد الفني لن يختلف جذريًا فالتطور كان خلال هيئة المسرح وساحة الانتظار ومرافق خاصة لكل من الجمهور والعارضين والتقنيين إلى آخره، وستستمر الساحة في تنظيم فعاليتها وعروضها كما كانت ولكن بشكل أكثر تطورًا فقد تم توسعة المسرح فالآن يمكن أن تستوعب القاعة 150-280 فردًا من الجمهور بدلاً من 120 فردًا سابقًا. ونأمل أن يتم استغلال هذه التطورات على نطاق واسع وعلى مسرح روابط سيتم تقديم مختلف العروض المسرحية والنقاشات والبروفات بالإضافة لأنشطة فنية أخرى". مع كل هذه التطورات، تعد روابط هي أحدث مشروع لشركة المشرق للإنتاج الفني التي تعد بيتا مفتوحا لكل من الفنانين ومحبي الفنون كافة. وتجدر الإشارة إلى أن روابط هي أيضًا جزء من شبكة فنية أكبر والتي نمت بشكل ملحوظ على مدار الخمسة عشر عامًا الماضية وتنضم يومًا لعائلة كبيرة من الخدمات الفنية التي تقدمها المشرق للإنتاج الفني. في عام 1993، أسس العطار فرقة المعبد للمسرحية المستقلة والتي تقدم أحدث أعمال العطار الفنية للجمهور المحلي والدولي. وفي عام 2005، تم افتتاح استوديو عماد الدين لتقديم مساحات لأداء البروفات والتدريبات للفنانين وفي هذا الوقت كان الوحيد الذي يقوم بهذه المهمة. في عام 2007، أسس العطار شركة المشرق للإنتاج الفني التي تشرف على جميع أنشطة المعبد وستودي عماد الدين. أدى ذلك إلى إطلاق أول دورة من مهرجان البقية تأتي عام (2008) الذي ينظمه استوديو عمادالدين، وهو مهرجان يهدف في الأساس إلى تطوير ودعم الفنانين المصريين في مجال الفنون الأدائية. تقوم فكرة "البقية تأتي" على اختيار أربعة مديري مسرح ومصممي رقصات واعدة من بين مجموعة من المتقدمين وتوفر المساحة والأموال وورش العمل والتوجيه لإنتاج أعمالهم. ويقوم "البقية تأتي" باختيار أربعة من المخرجين المسرحيين ومصممي الرقصات ويمدوهم بالمساحة والتمويل وورش العمل لإنتاج أعمالهم. كما أطلق العطار – ضمن فعاليات مهرجان وسط البلد للفنون المعاصرة – الملتقى العربي للفنون المعاصرة عام 2014 وهي مبادرة تهدف إلى تسليط الضوء على الفنانين العرب وإنتاجاتهم وسرعان ما تطور الملتقى مع أول عرض دولي أقيم كجزء من مهرجان Edinburgh Fringe في عام 2017 تلاه نسخة أخرى أقيمت ضمن الجزء الهامشي من مهرجان أفينيون الدولي للمسرح في عام 2018. وفي نفس العام ، أسست شركة المشرق مشروع مكتبي والذي يوفر مساحة ومجالا للعمل ترحب بكل أصحاب العقول الإبداعية وتصدرت كل هذه الأنشطة إعادة افتتاح مسرح روابط مؤخرًا تحت إدارة شركة المشرق للإنتاج الفني. ويصف العطار طريقة عمل شبكته الفنية بأنها أشبه ب "النظام الأيكولوجي" وأنها تكمل بعضها البعض فالبداية تكون بالبروفات في استوديو عماد الدين مع ورش العمل ومرحلة انتاج العروض والعرض ضمن فعاليات مهرجان دي-كاف ومهرجانات أخرى، أكد أن هذه الدورة التي تضم العديد من العمليات الإبداعية تساهم في خلق بنية تحتية فنية صحية. ومع ذلك، فإن تحقيق هذه الشبكة لا يخلو من التحديات، إلا أن شغف العطار ورؤيته يجدان في هذه التحديات طريق لتحقيق نتائج مثمرة، فيقول العطار عن تأثر المشرق في المجال فني من خلال مشاريعها الفريدة من نوعها "بالتوازي مع نجاحنا نواجه بعض التحديات المالية والسياسية والفنية ولكن ما يجعل هذه التحديات محتملة هو ما نصل له من نتائج مثمرة، فخلال 15 عاما لم نقف في مكاننا ولكن عملنا على تطوير ما نقوم به ووسعنا خططنا وهذا ما يجعل التحدي مثيرا بالنسبة لنا. إنه شعور أكثر من رائع أن نرى القطاع الفني قد تقدم من خلال ما نقوم به وحدنا أو بالتعاون مع الآخرين. ويضيف العطار " ان النجاح الذي حققناه ونمونا كان طبيعيًا. فعندما أسسنا استوديو عماد الدين لم نفكر أبدًا في أن نكون مسؤولين عن مسرح أو ننظم مهرجانا، ولكن حدث كل هذا بشكل طبيعي وتسلسل. فنظمنا المهرجان ثم جاءت فكرة المساحات المكتبية. لم يعود هذا النجاح علينا فقط ولكن ساهمنا في توسيع نطاق الخدمات للقطاع الفني ككل. كنا نشعر أننا نملأ فجوة واحدة ثم تظهر فجوة أخرى، لذلك نحاول ملئها أيضًا. وهذا ما يجعل رحلتنا مثيرة ولكنها ممكنة أيضًا ". بالنسبة للعطار، استغرق الأمر 15 عامًا لتحويل هذه الأفكار لحقيقة وإنشاء هذا النظام الأيكولوجي ليصبح أكثر اكتمالًا. كما يكرر، كل مشروع يخدم الآخر. "أنت فنان ستبدأ بالتدريب والبروفات ثم تشترك في البقية تأتي ، وهو أكاديمية فنية تتوج بمهرجان. ويمكن للعروض هذه أن تعرض على مسرح روابط أو الفلكي، ثم يمكن أن تكون ضمن مهرجان وسط البلد للفنون المعاصرة أو الملتقى العربي للفنون الأدائيةأو الجولات الفنية الدولية. جميع المشاريع مرتبطة وتخدم جميعًا نفس الهدف وهو تطوير قطاع الفنون الأدائية والفنانين والأدوات والجماهير حتى نتمكن من الحصول على قطاع فنون أكثر استدامة وصحة وتنوعًا. في صميم كل هذه العمليات، يوجد فريق من الأشخاص المتخصصين يشاركون معًا شغف الفنون. يقول العطار "نحن فريق مكون من حوالي 20 شخصًا يعملون في جميع مشاريع شركة المشرق. وهذا يشمل فريق الدعم الذي يمثل حوالي ثلث الفريق. هناك أيضًا من 50 إلى 100 شخص ينضمون إلينا في مشاريع وفعاليات محددة. نحن نقدم أيضًا إقامات فنية ودورات، كل هذا يساعد على عملية التطوير". أي شخص ينضم إلى شركة المشرق للإنتاج لديه فرصة للتطور داخل الشبكة واكتساب الخبرة التي تعتبر ضرورية بالنسبة له للعمل في المشهد الفني بشكل عام. سنوات خبرة العطار وجميع المشاريع التي يديرها هي في حد ذاتها أرضية غنية للتعليم وبالتأكيد دراسة حالة لإدارة الفن المصري. اليوم ، يمكن للعديد من الفنانين الشباب التعلم من رحلة عطار والنصائح التي يقدمها بالإضافة للعديد من المتخصصين الآخرين الذين يعملون معه. "النصيحة التي سأقدمها لمديرين الثقافيين الشباب هي أن هذه المهنة، سواء كانت فنية أو إدارية، تدور حول الشغف. في الواقع، إنها مهنة عن الشغف. يجب أن يكون المنتج شغوفًا بالإنتاج، ويجب أن يكون المدير شغوفًا بعمله وما إلى ذلك. كل ذلك يخدم الفنون ويدفعها إلى الأمام. إن المنظمة التي تعمل بشكل جيد ستنتج عملاً أفضل من المنظمة الضعيفة. هناك الكثير من المهن الأخرى، يمكن أن يكون الكثير منها أكثر فائدة من الناحية المالية، إلا أن قطاع الفن هو من بين أكثر القطاعات مجزية ذاتيًا. إن مكافأتك هنا فورية، عندما ترى أشخاصًا يخرجون بعد مشاهدة عرضك المسرحي أو فيلمك أو أي حدث إبداعي آخر ". كما يشير العطار إلى أهمية التعلم والتطوير والمثابرة. "من الضروري ألا تكون كسولًا، وأن تعمل وتطلب المعرفة. أنت بحاجة إلى التعلم، لتكون على دراية بكل ما يحدث محليًا ودوليًا. المعرفة هي القوة. على سبيل المثال، إذا كنت تعمل في مجال الفنون المرئية، فأنت بحاجة إلى معرفة ما يحدث من حولك في هذا المجال ولكنك تحتاج أيضًا إلى معرفة ما يحدث في السينما والمسرح وما إلى ذلك. كن شغوفًا ومدركًا ومتطلعًا. في الوقت نفسه، عليك أن تفهم كيف يعمل المجتمع أنت بحاجة لدفع الحدود من داخلك. إنها دائرة تستمر في دفعها من الداخل وأنت مدرك لما يحدث خارجها ". أن تحلق بأحلامك هو جزء من المعادلة أيضًا، لكن كما يوضح العطار، يجب أن يكون المرء حقيقيًا في تحقيق أحلامه فيقول "إذا كانت ميزانيتك محدودة، فلا تستخدم في عرضك 20 ممثلًا وتقنيات ضخمة. كن مبدعًا حيال ذلك، اتبع خطوة واحدة في كل مرة. يتم تحقيق الأحلام الكبيرة خطوة بخطوة. أحلم دائمًا وقدميك على الأرض".