كثير من أصحاب المزاج العالي لا يحلو لهم كوب الشاي إلا على المقهى، فالجالس على المقهى في مصر له طقوسه التي تعطي للشاي طعما ونكهة مميزين بعيدا عن مكوناته الأساسية. ولكن حلاوة كوب الشاي الساخن مهددة بعد أن أصابها ارتفاع سعر السكر في مقتل، ولن تستطيع أن تستمتع بصوت القهوجي وهو قام إليك (أيوه جاي)، لأن الكوب ليس له أكثر من معلقة ونصف سكر، يعني، لت يكون هناك شاي سكر زيادة بل وسيكون تحت المظبوط فليس أمامك سوى أن تعدل من مزاجك العالي وتضبطه على الشاي المر. وإن كنت من مرتادي المقاهي الشعبية أومن أصحاب المزاج العالي فخذ سكرك معك أحسن لك، حتى لا يقاجئك الجارسون قائلا: "آسف .. هذه الكمية المسموح لنا ننزلها مع كل كوب شاي " فهكذا تحدث القهوجي راضي محمود، عندما جلسنا على المقهى الصغيرة فى أحد شوارع وسط البلد، طلبنا ثلاثة أكواب شاي، وبعد أقل من دقيقتين عاد راضي بنشاطه المعتاد يحمل صينية عليها ثلاثة أكواب تفوح بروائح الشاي اللذيذ ولكن بعد أن وضعها على الطاولة؛ وجدنا بجوار كل كوب طبق صغير أشبه بغطاء زجاجة موضوع فى كل واحد منه ما لايزيد عن مقدار ملعقة ونصف من السكر. وعندما لاحظ راضي دهشتنا تطوع بالإجابة قبل أن نسأل :" حضراتكم عارفين إن السكر سعره زاد جدا، وصاحب القهوة نبه علينا إن هذه هي الكمية التي تنزل مع الشاي، وإللى هينزل أكتر من كده هيتخصم منه فرق الثمن " . يحكي راضي " نحن نتعامل مع تاجر سكر، ومتفقين على كمية معينة نأخدها منه، وكانت أسعاره زمان مثل أسعار الجمعية التعاونية، و لما كانت تحل علينا أوقات السكر يقل في السوق قبل ميعاد الطلبية التانية، كنا نشترى ما ينقصنا من الجمعية( لكن حاليا أساسا مفيش سكر فى الجمعية بعدما زاد سعره) فاضطررنا نقلل فى الطلبية من التاجر ونمشي حالنا "، يتابع راضي بعد أن حمل الصينية فارغة من على الطاولة وكأنه يقدم مبرراته " أصل الغرض من إن واحد يفتح قهوة، هو المكسب، ولن يتحمل هو الخسارة لأن الحكومة رفعت الأسعار وليس أمامه سوى أن يرتب أوضاعه ويقسم كيلو السكر الواحد على عدد أكواب الشاي بقسمة معينة حتى يضمن مكسبه "، ويكمل راضي دون توقف " وهذا أحسن تدبير بدلا من أن نرفع ثمن كوب الشاي من جنيه ونصف ل 3 جنيهات، الأفضل نقلل السكر، وكل القهاوي تفعل مثلنا (مفيش حد هيبطل يقعد على قهوة) فهي المكان الوحيد إالذي يستريح فيه بعد الشغل. ويضيف ساخرا: وحتى خالي الشغل (مالوش مكان تاني غير القهوة) ثم أردف " وأحسن شيء إن المتضرر من السكر القليل، يشرب الشاي سادة " وصمت لحظات ثم أضاف وكأنه وجد حلا للمشكلة " أو يطلب شاي تاني وهينزل معاه سكر يحلي به الكوب الأول" . زادنا رد راضي إندهاشا فقرر المتابعة " قبل كده كان كيس السكر( الكيلو) ب 3 جنيه فلما زاد الضعف مرة واحدة ذادت تكلفة كوب الشاي ولم لم نفعل ذلك فستقف علينا بالخسارة" بصراحة انتهى زمن الشاي الحلو مثلما انتهى حديث القهوجي راضي بالقليل من السكر! ففى أحيان كثيرة كنا نفضل ذلك المقهى عن غيره من المقاهي الكثيرة المنتشرة فى وسط البلد، وعندما كنا نطلب كوبا من الشاي يقدم معه أوتوماتيكيا كوبا آخر مماثلا فى الحجم ولكن كان مفعما بالسكر! غير أن الوضع الآن اختلف تماما وأصبح كل رواد المقهى ملتزمين إجباريا بوضع نصف ملعقة من السكر مرغمين على شرب الشاي " ماسخ".