"عزوة أم مسئولية مضاعفة"، مازال البعض يرون أن كثرة الإنجاب عزوة وسند وتجلب الرزق في الحياة، إلا أنها على عكس ذلك تعد مسئولية مضاعفة على الأسرة بالكامل، لما تسببه من تزايد العبء والضغط والمتطلبات، مما يؤدي إلى انتشار عادات سلبية تؤثر على الأسرة بشكل خاص وعلى المجتمع بشكل عام، كالبطالة والزواج المبكر، والتسرب من التعليم، مما يزيد نسبة الأمية لينتشر الجهل الذي يدمر أي مجتمع. ويولي الرئيس عبد الفتاح السيسي، أهمية كبيرة لحل مشكلة الزيادة السكانية، التي تعد خطرا داهما يواجه مصر حاليا، ويؤثر على تنمية المجتمع بكل أبعادها الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، إضافة لما تسببه من من انخفاض مستوى الأجور بالنسبة لغالبية العاملين، خاصة الموظفين بالقطاعات الحكومية، ما يؤثر على الأحوال المعيشية للمواطنين. طفل كل 13 ثانية وبحسب الإحصائيات الرسمية الأخيرة، فإنه كل 13 ثانية يحل مولود جديد في مصر، بنحو 270 مولودا في الساعة، الأمر الذي دفعها لأن تكون في مصاف الدول الأكثر في أعداد المواليد مقارنة بالوفيات، وتقلدت المرتبة الأولى في تعداد السكان على مستوى الدول العربية، والمرتبة الثانية إفريقيا بعد نيجيريا وإثيوبيا، فيما تحتل المركز ال 14 في الترتيب العالمي، وتشير التوقعات إلى أن الفترة المقبلة ستشهد زيادة سكانية كبيرة. تأثير كثرة الإنجاب على الأسرة هناك من يرى أن إنجاب الأطفال بكثرة، هو رابط قوي بين الزوج والزوجة ويمنع الطلاق، إلا أنه أهم الأسباب التي تسبب الطلاق، حيث إن إنجاب الكثير من الأطفال يعد شرارة لإثارة المشاكل بين الزوجين، فتعدد الأبناء في حياة الزوجين بشكل غير مدروس أو محسوب حسب إمكانات الأسرة المادية والاجتماعية، يؤول بلا شك إلى جر الأزواج نحو هاوية الانفصال والطلاق، بحسب ما أكده علماء الاجتماع. زيادة نسبة الأمية ويؤثر كثرة الإنجاب على الأسرة ماديا، مما يجعل الأب والأم يفكران في عدم تعليم أطفالهما لتوجيههم إلى العمل مبكر لجلب المال والإنفاق على آبائهم، ومنهم من يجعلهم يتسولون بالشوارع، فيؤكد الدكتور سعد صادق أستاذ علم الاجتماع، أن بعض الآباء والأمهات ينجبون الأطفال لكي يعملوا ويجلبوا لهم الأموال فقط، حيث إنهم يعدون آلة لجب المال، أما البنات فيلجأون إلى تزويجهن مبكرا، لتزيد نسبة زواج القاصرات. ويوضح أستاذ علم الاجتماع، أن التفكير يسبب زيادة نسبة الأمية، حيث إن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، أظهر أن عدد الأميين يقدر بنحو 14.3 مليون نسمة عام 2016 منهم 9.1 مليون من الإناث، أي أن هناك فردا أميا بين كل 5 أفراد من السكان، وارتفع عدد الأميين في مصر إلى 18.4 مليون شخص في عام 2017 حسب آخر تعداد، والذي من المؤكد أنه زاد مع تزايد عدد السكان. زيادة البطالة ومن المشاكل التي تسببها كثرة الإنجاب التي تزيد عدد السكان، زيادة نسبة البطالة، حيث إن النمو السكاني يتطلب توفير مليون فرصة عمل سنويا لسد احتياجات الشباب العاطل للعمل، وبذلك ترتفع معدلات الفقر في مصر، حيث وصلت نسبة البطالة في مصر في عام 2019 إلى 7.50%، وتعمل الدولة على إنشاء المشروعات التي تخلق فرص عمل للشباب. الموروثات الخاطئة وأرجع علماء الاجتماع أسباب الزيادة السكانية، إلى الموروثات الثقافية الخاطئة، كالعزوة والسند، وإنجاب الولد، مؤكدين أن هؤلاء هم السبب الرئيسي في زيادة معدل الإنجاب في مصر، التي أصبحت خطرا داهما، ولابد من زيادة حملات التوعية وتفعيل دور الإعلام، كما أكد علماء الدين أن هناك بعض المفاهيم الخاطئة لبعض الأحاديث النبوية والتي لابد من تصحيحها عن طريق الخطاب الديني. التأثير النفسي على الأسرة يجعل البعض أن كثرة الأطفال لها تأثير كبير على الحالة النفسية الأسرية، حيث يؤكد الدكتور محمد هاني استشاري الصحة النفسية، أن كثرة الإنجاب يدخل الزوجة في اكتئاب فلا تهتم بنفسها، وتزيد المسئولية عليها لتجد نفسها مسئولة عن الاعتناء بكل هؤلاء الأطفال. كما يترتب على ذلك حدوث عدم مساواة بين الأطفال، فتختلف درجات الاهتمام بينهم، وهذا أمر طبيعي، فلا يوجد شخص يستطيع أن يعتني بأربعة وسبعة أطفال أو أكثر في آن واحد ويقدم لهم رعاية واهتماما متساويا، مما يجعله بشكل غير إرادي لا يساوي بين أطفاله، وبمرور الوقت تسوء العلاقة بين الأبناء ووالديهم. الحل يعد نشر أهمية تنظيم الأسرة هو الحل الوحيد في مشكلة الزيادة السكانية، ليتم إنجاب الأبناء بشكل مدروس ومحسوب حسب إمكانات الأسرة المادية والاجتماعية، والاكتفاء بطفلين فقط من الأفضل لكي يتم تعليمهم بشكل أفضل وتربيتهم بشكل سليم يفيدهم، ويفيد المجتمع. يؤكد الدكتور محمد عبد العزيز أستاذ التربية بجامعة عين شمس، أن حل مشكلة الزيادة السكانية يتطلب من الدولة أولاً عمل دراسات استقصائية عن الفئات التي تنجب بكثرة وهي غالبا ما تكون الفئات الفقيرة والمتدنية من حيث التعليم والمستوى الاجتماعي، وبعد ذلك نعرف أسباب لجوئهم للإنجاب بكثرة، ومن ثم عمل جلسات معهم لسماع اعتقاداتهم وأسباب كثرة الإنجاب. برامج تنظيم الأسرة ويوضح أستاذ التربية، أنه يجب بعد توفير وسائل تنظيم الأسرة في كل مكان، خاصة الأرياف والمناطق الفقيرة بأسعار منخفضة جدا وموثوق بها، وتعريف المواطنين بتواجدها في هذه الأماكن لأن هناك أشخاصا لا يعرفون أن الدولة توفرها من الأساس. انعدام الوعي ويشير إلى أن انعدام الوعي والثقافة واختفاء دور الإعلام المرئي وإعلانات التوعية، التي كانت متواجدة بشكل أساسي في جميع القنوات والشوارع، حيث كانت هناك أفلام ومسلسلات تناقش وتحاور متخصصين لمعالجة القضية وتوضيح الآثار السلبية لها، نظرا لأن الإعلام المرئي هو أكثر الوسائل التي تصل لكل مواطن، بجانب تجديد الخطابات الدينية والثقافية. معتقدات دينية خاطئة كما يؤكد الدكتور محمد عبد العزيز، أن هناك معتقدات دينية خاطئة يستند إليها البعض للإنجاب بكثرة، والإعلام المرئي من خلال علماء الدين والخبراء هو من سيوصل المفاهيم الدينية السليمة في كل مكان، مع تجديد الخطاب الديني بالمساجد والكنائس، بجانب عمل حوارات مجتمعية مع المجتمع المدني.