وزيرالتعليم يتفقد الأعمال الإنشائية للمدرسة الدولية بمجمع الجلاء التعليمي بطنطا    البورصة المصرية تخسر 146.9 مليار جنيه في أسبوع    مصر تستهدف بيع أصول حكومية قيمتها 3.6 مليار دولار بالعام المالي المقبل    مطالب برلمانية بوقف تخفيف أحمال الكهرباء في أثناء فترة الامتحانات    الرئيس السيسي يشدد على دعم مصر الكامل لتعزيز العمل البرلماني المشترك    "بالشوكولاتة".. مارسيل كولر يحتفل بتأهل الأهلي لنهائي أفريقيا    طبيب نفسي يوضح الأسباب وراء قضية مقتل طفل شبرا    الإعدام والمؤبد للمتهمين باللجان النوعية في المنوفية    الليلة.. أصالة تلتقى جمهورها فى حفل بأبو ظبي    أهمية وفضل حسن الخلق في الإسلام: تعاليم وأنواع    تعليم الإسكندرية تستقبل وفد المنظمة الأوروبية للتدريب    بعد فتح التصدير.. «بصل سوهاج» يغزو الأسواق العربية والأوروبية    وزير التعليم العالي يتفقد الجامعة المصرية اليابانية في الإسكندرية- صور    رئيس مياه سوهاج يتسلم شهادات 6 محطات حاصلة على اعتماد خطط السلامة    «السياحة»: زيادة رحلات الطيران الوافدة ومد برنامج التحفيز حتى 29 أكتوبر    رئيس جهاز العاصمة الإدارية يتابع معدلات تنفيذ حي جاردن سيتي الجديدة    أبو الغيط: الإبادة في غزة ألقت عبئًا ثقيلًا على أوضاع العمال هناك    هيئة شئون الأسرى الفلسطينيين: الوضع في سجون الاحتلال كارثي ومأساوي    حان وقت الصفقة.. تحرك جديد لعائلات الرهائن الإسرائيليين في تل أبيب    وسط اعتقال أكثر من 550.. الاحتجاجات الطلابية المناهضة لإسرائيل بالجامعات الأمريكية ترفض التراجع    كوريا الشمالية: الولايات المتحدة تقوم ب«تشهير خبيث» عبر نشر تقارير مغلوطة عن حقوق الإنسان    مستشار الرئيس الفلسطيني: عواقب اجتياح رفح الفلسطينية ستكون كارثية    رئيس البرلمان العربي يكرم نائب رئيس الوزراء البحريني    محافظة القاهرة تكثف حملات إزالة الإشغالات والتعديات على حرم الطريق    بيريرا يكشف حقيقة رفع قضية ضد الحكم الدولي محمود عاشور    كرة اليد، موعد مباراة الزمالك والترجي في نهائي بطولة أفريقيا    مديرية الشباب بالشرقية تنفذ دورات لطرق التعامل مع المصابين    خالد بيبو: لست ناظر مدرسة «غرفة ملابس الأهلي محكومة لوحدها»    «شريف ضد رونالدو».. موعد مباراة الخليج والنصر في الدوري السعودي والقنوات الناقلة    السيسي يتفقد الأكاديمية العسكرية بالعاصمة الإدارية الجديدة - فيديو    التنمية المحلية: تدريب 2034 قيادة علي منظومة التصالح في مخالفات البناء بالمحافظات    9 إجراءات للشهادة الإعدادية.. تفاصيل مناقشات "تعليم القاهرة" بشأن الامتحانات    سياحة أسوان: استقرار الملاحة النيلية وبرامج الزيارات بعد العاصفة الحمراء | خاص    تحرير 134 محضرا وضبط دقيق بلدي قبل بيعه بالسوق السوداء في المنوفية    موعد إعلان أرقام جلوس طلاب الثانوية العامة 2024    استمرار حبس عاطلين وسيدة لحيازتهم 6 كيلو من مخدر البودر في بولاق الدكرور    حصيلة تجارة أثار وعُملة.. إحباط محاولة غسل 35 مليون جنيه    وزير الصحة يهنئ الدكتور إيهاب هيكل ومجلس نقابة أطباء الأسنان للفوز في انتخابات النقابة    4 أفلام مصرية ضمن عروض اليوم التاني من الإسكندرية للفيلم القصير    بسبب البث المباشر.. ميار الببلاوي تتصدر التريند    وزيرة التضامن توجه تحية لمهرجان الإسكندرية للفيلم القصير بسبب برنامج المكفوفين    خبيرة: يوم رائع لمواليد الأبراج النارية    علي الطيب يكشف سبب اعتذاره عن مسلسل «صلة رحم» ويوجه رسالة لابطاله (فيديو)    الليلة.. أحمد سعد يحيي حفلا غنائيا في كندا    السيسي يتفقد الصالات الرياضية المجهزة بالأكاديمية العسكرية في العاصمة الإدارية.. فيديو    بيان عاجل لهيئة كبار العلماء السعودية: لا يجوز الحج في هذه الحالة ويأثم فاعله    «بيت الزكاة» يستقبل تبرعات أردنية ب 12 شاحنة ضمن حملة إغاثة غزة    متصلة تشكو من زوجها بسبب الكتب الخارجية.. وداعية يرد    إحالة 12 طبيبًا بمستشفى أخميم بسوهاج للتحقيق لغيابهم عن العمل    هل يوجد تعارض بين تناول التطعيم وارتفاع حرارة الجسم للأطفال؟ هيئة الدواء تجيب    الكشف على 165 مواطنًا خلال قافلة طبية بالزعفرانة وعرب عايش برأس غارب    طلب إحاطة يحذر من تزايد معدلات الولادة القيصرية    أفضل دعاء تبدأ وتختم به يومك.. واظب عليه    وزير الخارجية يتوجه إلى الرياض للمشاركة في أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي    قبل 3 جولات من النهاية.. ماهي فرص "نانت مصطفى محمد" في البقاء بالدوري الفرنسي؟    إشادة دولية بتجربة مصر في مجال التغطية الصحية الشاملة    "كنت ببعتله تحياتي".. كولر يكشف سر الورقة التي أعطاها ل رامي ربيعة أثناء مباراة مازيمبي    عمل نفتخر به.. حسن الرداد يكشف تفاصيل مسلسل «محارب»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المصير الغامض

في عالم الطب يُمثل التشخيص السليم نصف العلاج، ويختصر مسافات طويلة على المريض الذي قد تفرق معه الثانية ما بين الحياة والموت، والآن ما أحوجنا، أكثر من أي وقت مضى، لدراسات اجتماعية معمقة تسلط أضواءها وتعطي تفسيراتها للتحولات الجارية في المجتمع المصري، وتظهر قسماتها ومعالمها المزعجة بما نتابعه يوميًا من وقائع جرائم غير مألوفة، يتسم العديد منها بالقسوة والعنف المفرط، وتتعارض جملة وتفصيلا مع كل ما ألفنا ترديده بشكل آلي عن قيمنا الدينية والاجتماعية المثالية.
هذه الجرائم على اختلافها وتنوعها ما بين قتل جائر، وحرق لممتلكات، واستقواء أرباب العضلات المفتولة على الضعفاء المغلوبين على أمرهم، والجنوح الشائع لارتكاب المخالفات، تعد مؤشرات لا يجب إغفالها ولا القفز فوقها، تبين ما يموج به المجتمع من تغييرات عاصفة تسترعي الانتباه والدراسة العميقة، لبيان الثغرات ومواضع الخلل لعلاجها، بغية الحد من الجريمة وجعلها في حدها الأدنى وبما لا يتجاوز الخطوط الحمراء التي تهدد استقرار المجتمع ورسوخ قواعده.
ومهمة التشخيص ودق ناقوس الخطر بالأساس معلقة في رقبة طرفين، الأول العلماء والباحثون في القضايا الاجتماعية، فهؤلاء منوط بهم متابعة كل شاردة وواردة من حولهم وسبر أغوارها بدقة متناهية، ومن المؤسف أننا لا نعرف يقينًا مصير الدراسات الاجتماعية التي تبحث بعين ثاقبة الظواهر الشاذة والغريبة على مجتمعنا.
ومما يزيد من الأسف أننا لا نعاني شحًا في الجهات المختصة بالدراسات الاجتماعية فعندنا مراكز بحثية مشهود لها بالكفاءة الفائقة، ويتصدرها المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، وتضم هذه المراكز بين جنباتها مجموعات وكوادر متميزة وواعدة من الباحثين والمتخصصين والدارسين، وإلى جوارهم الكليات المتخصصة وأقسام الاجتماع بكليات الآداب المنتشرة في جامعاتنا.
السؤال الصعب والملح الذي يتعين طرحه يُدور حول ما إذا كانت تلك الدراسات تعرف طريقها للمعنيين بها، وإن عرفت هل يتم الالتفات إليها، والاستفادة منها بالشكل الأمثل لدى رسم وإعداد سياساتها، أم أنها تجري في أطر ضيقة للغاية، وتبقى حبيسة الأدراج ولا ترى النور، أو تناقش ضمن سياقات أكاديمية بحتة في ورش عمل وندوات ومؤتمرات متخصصة مغلقة، أو للحصول على درجات علمية للترقي؟
الأسئلة كثيرة واحتمالات إجاباتها أيضًا عديدة ومتشعبة فيما يتعلق بمصير الدراسات الاجتماعية ومآلاتها في ضوء ما نراه من جرائم تبذل الأجهزة الأمنية مجهودًا خارقًا في كشف ملابساتها وخلفياتها وتقديم الجناة للعدالة لنيل عقابهم المستحق وفقًا للقانون.
وأفتح قوسين للإشارة إلى أن تعريف الجريمة ليس مقصورًا على الناحية الجنائية من قتل وسرقة وهتك عرض وبلطجة.. إلخ، لكنه شامل وينطبق حرفيًا على سلوكيات وعادات ذميمة وقبيحة هي في حقيقتها المجردة جريمة مؤثمة، ومنها التعدي على أراضي وأملاك الدولة، وخداع البسطاء بالاستيلاء على أموالهم بزعم توظيفها، وهنا فإن جزءًا من المسئولية يقع على عاتق المخدوعين، وتشمل كذلك البناء المخالف، ونشر فلسفة القبح وتشويه كل جمال يحيط بنا، والمستخفين والمشككين في كل إنجاز على أرضنا.
وإن كانت الدراسات الاجتماعية تشكل الضلع الأول في معادلة فهم وتفسير الظواهر الاجتماعية المقلقة، ودق جرس الإنذار، فإن الضلع الثاني فيها يمثله الإعلام الذي يفضل غالبيته الاستسهال والمعالجات السطحية للقضايا الاجتماعية.
إعلامنا مهموم ومشغول أكثر بالتغطية الإخبارية الآنية، التي لا أقلل من جدواها وأهميتها للقارئ والمتابع للشأن العام، ولا يكترث بالقدر الكافي والمطلوب بالاستقصاء والمتابعة العميقة التي تحتاج إلى جهد وصبر ودقة وكفاءة لابد أن تتوافر فيمَن يقوم بها، حتى يعرف المتلقي الشغوف ما وراء الأحداث ودلالاتها ومخاطرها، وينمو وعيه ويتشكل بأسلوب يخدم المجتمع وما يجابهه من تحديات ومخاطر.
خذ مثلا المعالجة الإعلامية لقضية الزيادة السكانية التي لا نكف عن الشكوى من آثارها السلبية وأخطارها الراهنة والمستقبلية، ستجد معظمها نمطية ومحفوظة عن ظهر قلب، كالحديث عن تأثيراتها على التنمية ووصول عائدها للمواطن العادي، وصحة الأم، وعدم قدرة الأب على رعايتهم وتعليمهم والمحافظة عليهم أصحاء وأقوياء.
هل فكرت وسيلة إعلامية على سبيل المثال في القيام بمعايشة واقعية بين أسرة لا تعترف ولا تؤمن بتحديد النسل، لكي تنقل رؤيتها وأفكارها التي ستكون فيها إفادة عظمى في تشخيص وعلاج الظواهر الاجتماعية، فالمواطن يود رؤية مشكلاته وهمومه منعكسة بالشكل الصحيح في وسائل الإعلام، وذاك هو المفتاح السحري لاستعادة تأثير الصحافة ومكانتها، والمحافظة على مصداقيتها ومهنيتها.
فالذين يُفكرون في مغادرة قطار النمطية يعدون على أصابع اليد الواحدة، ومن يجازف بالتجديد لا يقدر على الاستمرار بسبب عوامل مثل الافتقار للتمويل اللازم، أو خوفًا من عواقب وردود الفعل على الغوص فيما وراء الحدث، أو لقلة المعلومات المتوافرة عن الموضوع محل الدراسة.
الدراسات الاجتماعية والتطبيق العملي للنافع منها والمعالجات الإعلامية المهنية والسليمة بعدان كفيلان بتصحيح مسارات وسد ثقوب وثغرات، والمحافظة على تماسك المجتمع وتوازنه، ووقايته من شرور أمراض عديدة تتسبب في إضعاف جهاز مناعته وقدرته على المواجهة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.