(فى تاريخنا وحاضرنا.. أيام وأسماء وأحداث وإيجابيات وإنجازات وأبطال وبطولات لا تُنسى ويجب ألا تُنسى.. ومسئولية الإعلام أن يبعدها عن النسيان ويبقيها فى دائرة الضوء.. يقينًا لنا.. بأن الأبناء من نفس جينات الآباء.. قادرون على صناعة الإعجازات.. ويستحيل أن يفرطوا فى حق الوطن.. مهما تكن التضحيات). سبحان مُغَيِّر الأحوال من حال إلى حال!. أمريكا.. قعدت ست سنين من يونيو 1967 حتى أكتوبر 1973.. وِدْنْ من طين والتانية بَرْضُه من طين!. ساكتة.. والسكوت علامة الرضا على ممارسات إسرائيل التوسعية.. وإعلانها ضم الأراضى التى احتلتها فى 1967 لها والزعم بأنها أرض «الميعاد» وتأكيد أنها لن تفرط فى شبر واحد منها.. ورفض قرارات مجلس الأمن وتجاهل أى مبادرات تدعوها للتخلى عن الأرض مقابل السلام مع العرب!. ... وأمريكا فى 11 يومًا من 9 يناير حتى 18 يناير 1974 تغيرت 180 درجة! واقفة على حيلها وناكشة شعرها ومكشرة عن أنيابها.. لأجل السلام «المنسى» من ست سنين!. تذكرت أمريكا أن فى الدنيا حاجة اسمها السلام.. عندما أيقنت من الصور الجوية.. أن القوات المصرية التى تحاصر الثغرة.. أكبر مما كانت تتصور.. وأن جيش إسرائيل الموجود فى الثغرة.. رهينة عند جيش مصر.. ومحكوم عليه بالإبادة فيما لو نفذت مصر العملية شامل لتصفية الثغرة!. أمريكا التى لم تتكلم عن السلام ست سنوات.. هى نفسها فى أسبوعين من ألغت كل ما كان قائمًا من مفاوضات بإشراف الأممالمتحدة.. وتولى وزير خارجيتها بنفسه المفاوضات!. يطرح ويحاور ويضغط بل وصل إلى التهديد.. بأن أمريكا ستدخل الحرب فيما لو أن مصر نفذت العملية شامل!. كل ما يهم كيسنجر وزير خارجية أمريكا الأسبق.. سلام القوات الإسرائيلية المحاصرة فى الثغرة وتعانى حرب استنزاف وصل عمرها إلى 80 يومًا.. وباتت قوات العدو على بعد خطوات من الإبادة حيث المعركة المنتظرة لتصفية الثغرة.. فى أغلب المواقع.. ستكون معركة رجل لرجل.. نتيجة تداخل القوات وطبيعة الأرض.. وهذا ما كنا نتمناه نحن ويخشونه هم!. منطق القوة ولا شىء إلا القوة.. هو ما أجبر إسرائيل على الرضوخ للواقع الذى هو فى غير مصلحتها على الأرض.. وإلى أن تعلن لأول مرة استعدادها للتخلى عن الأرض لأجل ضمان سلامة قواتها المحاصرة فى الثغرة!. السلام «المنسى» تذكرته أمريكا فى ال11 يومًا.. وقدمته نيابة عن إسرائيل.. التى تريد سلام جيشها فى الثغرة!. إسرائيل التى لم تتخل يومًا عن متر أرض احتلته.. منطق القوة جعلها تقبل بأى شىء.. لأجل أن يخرج جيشها على رجليه من الثغرة!. ال11 يومًا مفاوضات.. وضعت الحروف الأولى لمفاوضات كامب ديفيد التى جاءت فيما بعد وانتهت باتفاقية السلام.. وهى الاتفاقية التى ما كانت ستحدث ولا بعد ألف سنة مفاوضات.. لولا حرب أكتوبر التى مازالت أفكارها وأحداثها موجودة فى المعاهد العسكرية بالعالم.. تناقش وتحلل العبقرية المصرية الجبارة التى خططت ونفذت حربًا بهذا الحجم.. وهذا النموذج غير المسبوق.. فى المبادأة والمفاجأة.. من خلال أعظم خطة خداع عرفتها حرب!. مشوار حرب أكتوبر.. بدأ بما أهملناه وتعالينا عليه من 1948 إلى أن وقعت هزيمة يونيو!. التخطيط بدأ بمبدأ اعرف عدوك!. تفاصيل التفاصيل.. عسكريًا واقتصاديًا واجتماعيًا.. أخذت حقها من الدراسة والتحليل والمقارنة!. كل المعارك التى دارت.. ابتداء من رأس العش التى وقعت بعد أيام من هزيمة يونيو.. إلى حرب الاستنزاف التى استمرت 500 يوم!. نتكلم عن قرابة الثلاث سنوات.. شهدت قرابة الألف عملية عسكرية مع العدو فى سيناء.. كلها خضعت إلى تحليل تفاصيلها الدقيقة.. قتاليًا وإداريًا ونفسيًا!. حرب الاستنزاف.. دورها وأهميتها وتأثيرها والخبرات العسكرية الهائلة المكتسبة من معاركها وإغارتها وكمائنها.. والأهم!. الصورة الكاملة المتكاملة الحقيقية التى قدمتها لنا عن العدو الذى نحاربه.. وعلى هذا الأساس تم بناء خطة حرب أكتوبر!. حاربنا العدو بنفس أسلوبه.. المبادأة والمفاجأة!. حرب أكتوبر مفاجأة استراتيجية كاملة أفقدت الإسرائيليين ثقتهم فى جيشهم وفى جهاز مخابراتهم!. المبادأة والمفاجأة حقق بهما جيش مصر زلزالاً على المستويين الاستراتيجى والتكتيكى.. خدع بهما جهازى مخابرات أمريكا وإسرائيل!. أسلوب العدو فى حرب 1956 هو نفسه فى حرب 1967.. المبادأة بحرب هجومية سريعة ينهى فيها كل الأمور!. نحن فى حرب أكتوبر أخذنا المبادأة وحققنا المفاجأة.. والعدو الذى لا يعرف إلا الهجوم.. فوجئ بأنه مجبر على حرب دفاعية جيشه لم يخضها من عام 1948 وليس له أى خبرة بالحرب الدفاعية ولا المبادئ التى تقوم عليها الحرب الدفاعية!. عرفنا أن العدو خبراته قليلة فى الحرب الدفاعية.. وعرفنا من تحليل نظرية الأمن الإسرائيلى.. أنه فيما لو تعرضت إسرائيل لهجوم.. تقوم القوات النظامية بدعم من الطيران.. بصد هذا الهجوم إلى أن تتم تعبئة قوات الاحتياط.. ووقتها يتحول الجيش الإسرائيلى من الدفاع إلى الهجوم!. كل لحظة من ساعات الحرب الأولى لابد من تحقيق أكبر عدد من الأهداف العسكرية خلالها!. تلك كانت عبقرية التخطيط المصرى.. الذى فاجأ العدو وأربك العدو وأجبر العدو على الهروب من المواقع الأمامية التى كان يحتلها!. الخطة المصرية بها مائة أمر قتالى فى ساعة الحرب الأولى.. كلها مهام قتالية مختلفة.. هدفها النهائى واحد.. تحقيق أكبر خسائر للعدو.. واحتلال كل الهيئات الحاكمة وإسقاط أكبر عدد من حصون خط بارليف.. وحرمان العدو من تهديد عملية إنشاء الكبارى والمعديات.. لأجل عبور الدبابات والمدافع والعربات إلى سيناء وتمركزها دفاعيًا.. قبل أن يفيق العدو من صدمة الحرب!. الخطة المصرية نسفت نظرية الأمن الإسرائيلى!. حكاية القوات النظامية مع الطيران يقومان بصد الهجوم المصرى فشلت واتوكست!. ليه؟. لأن حائط صواريخ الدفاع الجوى.. منع أى طائرة للعدو من الاقتراب حتى 15 كيلو من القناة!. دمرنا الشق الدفاعى للعدو!. القوات النظامية المعقود عليها الآمال.. فشلت فى غياب الطيران فى تحقيق أى هدف لها.. بل إنها عجزت عن حماية نفسها وتعرضت هى نفسها لخسائر كبيرة.. تعاظمت هذه الخسائر بسقوط 29 نقطة قوية من خط بارليف تحت أقدام جيش مصر خلال يومين ونصف اليوم قتال!. ملاحظة: العدو فى موقف لم يتعرض له من قبل!. من البداية.. تقديره لقوة جيش مصر خاطئة!. وضح ذلك من رد موشى ديان على الصحفيين.. فور بدء الحرب.. وسؤالهم له: ماذا أنت فاعل؟ وقوله: أمامنا 48 ساعة تعبئة و48 ساعة بعدها نقضى فيها على الجيش المصرى والجيش السورى و48 ساعة نحتل فيها القاهرة ودمشق!. ملاحظة ثانية: كلام موشى ديان ليس رأيًا شخصيًا له.. إنما يعكس ثقة تامة وقناعة هائلة فى إسرائيل وفى أمريكا.. بأنها ساعات.. وتتم التعبئة ودبابات إسرائيل تخترق سيناء وتعبر القناة وتحتل الإسماعيلية والسويس وتخسر مصر الحرب وتملى إسرائيل شروطها!. كيسنجر.. منع مجلس الأمن من الانعقاد واتخاذ أى قرار بشأن وقف الحرب.. أوقف كل التحركات والمبادرات إلى ما بعد 8 أكتوبر.. بعد الهجوم المضاد الإسرائيلى.. الذى سينهى الحرب!. وبدأ الهجوم المضاد فعلاً.. لكنه انتهى حيث بدأ!. المصريون اصطادوا الهجوم المضاد فى مصيدة الموت!. الإسرائيليون هم من وصفوا الكارثة باسم الاثنين الحزين!. حزين على الهزيمة وعلى القتلى وعلى الأسرى وعلى ال400 دبابة التى تدمرت!. ملاحظة ثالثة: الحرب التى بدأت يوم 6 أكتوبر وقامت على المفاجأة والمباد≠≠أة.. كان ضمن أهدافها.. مد هذه الحرب لأطول فترة.. لكن لم يكن فى الحسبان أن تطول إلى كل هذه الفترة!. النيران لم تتوقف لحظة من جانبنا.. من يوم 6 أكتوبر 1973 حتى يوم 17 يناير 1974!. هناك اعتقاد خاطئ بأن الحرب انتهت يوم 22 أكتوبر مع قرار مجلس الأمن بوقف النار!. الحقيقة على أرض الواقع أن النيران لم تتوقف على مدى 104 أيام!. هى 26 يومًا فى أكتوبر و30 يومًا فى نوفمبر و31 فى ديسمبر و17 يومًا فى يناير!. كيسنجر.. ما بين أسوان وتل أبيب فى رحلات مكوكية بداية من 9 يناير.. ونحن القوات التى تحاصر الثغرة.. لا علاقة لنا بما يدور من مفاوضات.. لأنه لا هم لدينا.. إلا تنفيذ الأوامر الصادرة لنا.. بألا يهنأ العدو للحظة بالأمن والأمان.. وفى يوم.. والله بكينا فيه.. وصلتنا الأوامر.. بوقف النيران نهائيًا اعتبارًا من مساء يوم 17 يناير!. بكينا.. لأن تصفية الثغرة فى متناولنا ولن يخرج واحد منهم على قدميه منها!. الثغرة.. هى التى جعلتهم لأول مرة فى تاريخهم يتركون أرضًا احتلوها!. تركوها قبل أن تصبح هذه الأرض قبورهم!. وقفت النيران يوم 17 يناير الذى أعلن فيه التوصل إلى قرار الفصل بين القوات.. والوصول إلى هذا القرار لم يكن محصلة كلام فى مفاوضات.. إنما وصلنا له وفرضناه بقوة السلاح.. من لحظة اقتحام القناة وحتى نهاية ال104 أيام قتال!. وصلنا له بحجم انتصاراتنا الأكبر.. ومقدار خسائرهم الأكثر!. وصلنا إلى قرار الفصل بين القوات.. بالعقلية الفذة للقيادات والشجاعة الفائقة للقوات.. والنجاح المصرى المذهل فى تدبير وتوفير كل خطوط إمداد حرب استمرت 104 أيام قتال.. لم يتوقف فى يوم.. لأجل أن يبقى العدو كل يوم فى جحيم نيراننا.. ويعرف أن الموت نهاية من يحتل أرضنا!. ال104 أيام قتال.. بدأت فى الثانية ظهر 6 أكتوبر 1973 وانتهت فى التاسعة مساء 17 يناير 1974.. والأيام ال104 قدمت أحداثها لحضراتكم على مدى 20 حلقة آخرها اليوم... هى دى حرب أكتوبر.. وكل ما أتمناه من كل أب وكل أم أن يحكوا لأبنائهم بطولات وانتصارات جيش مصر فى حرب أكتوبر.. لأجل أن تبقى ذكراها خالدة.. ما بقيت حياة على الأرض.. رمزًا للإرادة المصرية!. قادة الحرب وزير الحربية: الفريق أول أحمد إسماعيل على. رئيس الأركان: الفريق سعد الدين الشاذلى. رئيس العمليات: لواء محمد عبدالغنى الجمسى. قائد القوات الجوية: لواء طيار محمد حسنى مبارك. قائد البحرية: لواء بحرى فؤاد ذكرى. قائد الدفاع الجوى: لواء محمد على فهمى. رئيس هيئة الإمداد والتموين: لواء نوال سعيد. مدير سلاح المدفعية: لواء محمد سعيد الماحى. مدير سلاح المدرعات: لواء كمال حسن على. مدير سلاح المهندسين: لواء جمال محمود على. مدير المخابرات العسكرية: لواء فؤاد نصار. قائد قوات الصاعقة: لواء نبيل شكرى. قائد قوات المظلات: عميد محمود عبدالله. قيادات الجيش الثانى: قائد الجيش: لواء سعد مأمون (أصيب بأزمة قلبية يوم 14 أكتوبر وتولى قيادة الجيش اللواء عبدالمنعم خليل اعتبارًا من 16 أكتوبر). رئيس أركان الجيش الثانى: لواء تيسير العقاد. قائد مدفعية الجيش الثانى: عميد محمد عبدالحليم أبوغزالة. قيادات الجيش الثالث الميدانى: قائد الجيش: لواء عبدالمنعم محمد واصل. رئيس أركان الجيش: لواء مصطفى شاهين. رئيس هيئة عمليات الجيش: لواء محمد نبيه السيد. قائد مدفعية الجيش: عميد منير شاش. قادة الفرق: قائد الفرقة الثانية مشاة: عميد حسن أبوسعدة. قائد الفرقة الثالثة مشاة آلية: عميد محمد نجاتى فرحات. قائد الفرقة الرابعة مدرعة: عميد محمد عبدالعزيز قابيل. قائد الفرقة السادسة مشاة آلية: عميد محمد أبوالفتح محرم. قائد الفرقة السابعة مشاة: عميد أحمد بدوى. قائد الفرقة 16 مشاة: عميد عبدرب النبى حافظ. قائد الفرقة 18 مشاة: عميد فؤاد عزيز غالى. قائد الفرقة 19 مشاة: عميد يوسف عفيفى. قائد الفرقة 21 مدرعة: عميد إبراهيم العرابى. قائد الفرقة 23 مشاة آلية: عميد أحمد عبود. السلام لك وعليك جيش مصر العظيم.. فى الأمس واليوم والغد وكل غد بإذن الله..