طلاب جامعة الأقصر يشاركون في ختام البرنامج التدريبي لقادة المستقبل    البنك الأوروبي لإعادة الإعمار يقدم 3 ملايين دولار لخط التمويل التجاري مع بنك القدس    النائب أحمد عثمان: قانون التصالح في مخالفات البناء تضمن تيسيرات عديدة    وزير الاتصالات يبحث مع سفير التشيك تعزيز التعاون بمجالات التحول الرقمي    استمرار تراجع العملة النيجيرية رغم تدخل البنك المركزي    رئيس الوزراء الإسباني سيعلن الأربعاء موعد اعتراف بلاده بدولة فلسطين    ممثل جنوب أفريقيا بالعدل الدولية: يجب حماية المدنيين الفلسطينيين ومحاسبة مجرمي الحرب    جيش الاحتلال يستهدف مناطق شرق دير البلح وسط قطاع غزة    أوكرانيا تسعى جاهدة لوقف التوغل الروسي فى عمق جبهة خاركيف الجديدة    وزير الشباب ومحافظ القاهرة يفتتحان المشروع المتكامل الأول بالتجمع الأول    سيفاس سبور يهزم إسطنبول في الدوري التركي    مصرع شخص وإصابة آخرين في حادث تصادم بصحراوي سمالوط في المنيا    «السكة الحديد» تعلن إيقاف بعض القطارات بصفة مؤقتة أيام الجمع والعطلات الرسمية    إصابة 4 أشخاص في حريق 7 منازل و4 أحواش ماشية بسوهاج    حريق هائل يلتهم محتويات شقة سكنية في إسنا ب الأقصر    شريهان في عيد ميلاد الزعيم: دمت لنا علم مصري مبدع وعظيم نفتخر به    ديمي مور بفستان أحمر في العرض العالمي لفيلم KINDS OF KINDNESS بمهرجان كان (فيديو)    الصورة الأولى من تجهيزات حفل زفاف شقيقة المخرج محمد سامي    بعد غلق دام عامين.. الحياة تعود من جديد لمتحف كفافيس في الإسكندرية (صور)    طيران الاحتلال يغتال القيادي بحماس في لبنان شرحبيل السيد «أبو عمرو» بقصف مركبة    فيديو.. المفتي: حب الوطن متأصل عن النبي وأمر ثابت في النفس بالفطرة    مدير إدارة المستشفيات بالشرقية يتفقد سير العمل بمستشفى فاقوس    حسام موافي يوضح أعراض الإصابة بانسداد الشريان التاجي    "بسبب سلوكيات تتعارض مع قيم يوفنتوس".. إقالة أليجري من منصبه    تاتيانا بوكان: سعيدة بالتجديد.. وسنقاتل في الموسم المقبل للتتويج بكل البطولات    توخيل يؤكد تمسكه بالرحيل عن بايرن ميونخ    "بموافقة السعودية والإمارات".. فيفا قد يتخذ قرارا بتعليق عضوية إسرائيل    سوليفان يزور السعودية وإسرائيل بعد تعثر مفاوضات الهدنة في غزة    عمر الشناوي حفيد النجم الكبير كمال الشناوي في «واحد من الناس».. الأحد المقبل    عمرو يوسف يحتفل بتحقيق «شقو» 70 مليون جنيه    بريطانيا تتهم روسيا بتزويد كوريا الشمالية بالنفط مقابل السلاح    علماء الأزهر والأوقاف: أعلى الإسلام من شأن النفع العام    4 وحدات للمحطة متوقع تنفيذها في 12 عاما.. انتهاء تركيب المستوى الأول لوعاء الاحتواء الداخلي لمفاعل الوحدة الأولى لمحطة الضبعة النووية    بالصور.. رئيس مدينة المنيا يفتتح مسجدين جديدين    أحمد السقا: أنا هموت قدام الكاميرا.. وابني هيدخل القوات الجوية بسبب «السرب»    دعاء آخر ساعة من يوم الجمعة للرزق.. «اللهم ارزقنا حلالا طيبا»    الوضع الكارثى بكليات الحقوق    بعجينة هشة.. طريقة تحضير كرواسون الشوكولاتة    وزارة العمل تعلن عن 2772 فُرصة عمل جديدة فى 45 شركة خاصة فى 9 مُحافظات    رئيس جهاز دمياط الجديدة يستقبل لجنة تقييم مسابقة أفضل مدينة بالهيئة للعام الحالي    موعد عيد الأضحى المبارك 2024.. بدأ العد التنازلي ل وقفة عرفات    «جمارك القاهرة» تحبط محاولة تهريب 4 آلاف قرص مخدر    «تقدر في 10 أيام».. موعد مراجعات الثانوية العامة في مطروح    إعلام فلسطيني: شهيدان ومصاب في قصف إسرائيلي استهدف مواطنين بحي الزهور    «المستشفيات التعليمية» تكرم المتميزين من فرق التمريض.. صور    بالصور- التحفظ على 337 أسطوانة بوتاجاز لاستخدامها في غير أغراضها    المقاومة الإسلامية في العراق تقصف هدفا إسرائيليا في إيلات بالطيران المسيّر    «المرض» يكتب النهاية في حياة المراسل أحمد نوير.. حزن رياضي وإعلامي    قافلة دعوية مشتركة بين الأوقاف والإفتاء والأزهر الشريف بمساجد شمال سيناء    في اليوم العالمي ل«القاتل الصامت».. من هم الأشخاص الأكثر عُرضة للإصابة به ونصائح للتعامل معه؟    كيف يمكنك حفظ اللحوم بشكل صحي مع اقتراب عيد الأضحى 2024؟    أوقاف دمياط تنظم 41 ندوة علمية فقهية لشرح مناسك الحج    الاتحاد العالمي للمواطن المصري: نحن على مسافة واحدة من الكيانات المصرية بالخارج    سعر جرام الذهب في مصر صباح الجمعة 17 مايو 2024    «الإفتاء» تنصح بقراءة 4 سور في يوم الجمعة.. رددها 7 مرات لتحفظك    أحمد سليمان: "أشعر أن مصر كلها زملكاوية.. وهذا موقف التذاكر"    بعد حادثة سيدة "التجمع".. تعرف على عقوبات محاولة الخطف والاغتصاب والتهديد بالقتل    «الأرصاد»: ارتفاع درجات الحرارة اليوم.. والعظمى في القاهرة 35 مئوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هو الإثنين الحزين .. لأنه يوم سقوط أسطورة الجيش الذي لا يقهر!
نشر في بوابة الأهرام يوم 06 - 11 - 2020

فى تاريخنا وحاضرنا.. أيام وأسماء وأحداث وإيجابيات وإنجازات و أبطال وبطولات لا تُنسى ويجب ألا تُنسى.. ومسئولية الإعلام أن يبعدها عن النسيان ويبقيها فى دائرة الضوء.. يقينًا لنا.. بأن الأبناء من نفس جينات الآباء.. قادرون على صناعة الإعجازات.. ويستحيل أن يفرطوا فى حق الوطن.. مهما تكن التضحيات.
وقفت الأسبوع الماضى مع نهاية يوم 7 أكتوبر 1973 المستمر فيه التفوق العسكرى للجيش المصرى.. وأيضًا على ما يدور فى أمريكا وبيتها الأبيض الواقف على حيله.. لأمرين!. الأول: التأكد من أن ترتيبات الهجوم الإسرائيلى المضاد.. تسير وفق التصور الأمريكى الإسرائيلى المشترك!. والأمر الثانى تلبية مطلب إسرائيل العاجل بتعويض خسائرها في الحرب التي لم يمض عليها إلا 34 ساعة فقط.. عشر ساعات يوم 6 أكتوبر وال24 ساعة يوم 7 ثانى يوم قتال!.
مطلب غريب رفضته وزارة الدفاع الأمريكية .. إلا أن كيسنجر وزير الخارجية.. أقنع نيكسون الذي كان جاهزًا للاقتناع.. ليبدأ أكبر جسر جوى يحمل ما تراه إسرائيل من طائرات ودبابات وصواريخ!.
فى الحقيقة وكما قالت وزارة الدفاع الأمريكية .. إسرائيل عندها ما يكفيها.. إلا أن كيسنجر مصمم على الجسر الجوى لسبب آخر!. إسرائيل تريد الطائرات والدبابات بأطقمها.. وكان لها ما أرادت.. والأطقم من عسكريين محترفين من جنسيات مختلفة.. نزحوا لأمريكا وحصلوا على إقامة.. وفى انتظار الجنسية التى تعطى وفقًا للأداء فى مثل هذه المهمات القذرة!. هذا ما انتهت عليه ساعات يوم 7 أكتوبر.. الذى رحل والكل ينتظر يوم الاثنين 8 أكتوبر.. لأن كيسنجر جعل العالم كله يحبس أنفاسه وأنظاره متعلقة بالشرق الأوسط.. مترقبًا ما سيسفر عنه الهجوم المضاد للجيش الإسرائيلى على جيش مصر !. كيسنجر أفهم الدول الصديقة وغير الصديقة.. بالانتصار الساحق القادم لإسرائيل.. والانكسار الهائل للعرب!.
إسرائيل وخلفها الغرب بأكمله.. قناعتهم تامة بأنها مسألة وقت يحسب بالساعات.. هى الساعات صباح 8 أكتوبر.. والهجوم المضاد ينهى الفوضى القائمة فى سيناء من بعد ظهر 6 أكتوبر.. وقبل أن يأتى ظهر 8 أكتوبر.. تكون الدبابات الإسرائيلية احتلت الإسماعيلية والسويس والقوات المصرية الموجودة فى سيناء باتوا فى قبضة الجيش الإسرائيلى.. ووقتها تملى إسرائيل شروطها كما تشاء!. الهجوم المضاد سيعيد عقارب الساعة إلى الوراء.. ويجعل العرب يلهثون فى سبيل النجاة!.
الانحياز التام لإسرائيل.. جعلهم لا يبصرون الحقيقة!. حقيقة ال34 ساعة قتال.. الواقع القائم على الأرض بمواجهة 170 كيلو!. خبراء الغرب العسكريون وقادة الغرب هم من كانت ثقتهم تامة فى نظرية الحدود الآمنة التى بها رفضت إسرائيل على مدى 6 سنوات أى مقترح للسلام مقابل الأرض.. وحجتهم أن الأرض التى احتلوها فى يونيو 1967 هى أرض الميعاد وهى حدود إسرائيل الآمنة التى لا يجرؤ مخلوق على الاقتراب منها!.
الغرب هو من كان على يقين.. باستحالة أى جيش.. أن يخترق هذه الحدود الآمنة.. وكيف يفعل وأمامه أكبر مانع مائى عرفته حرب.. وكما قال ديان وزير الدفاع الإسرائيلى.. إن حاول المصريون الحرب.. القناة ستكون قبرهم!. يعنى العبور استحالة والساتر الترابى استحالة.. ومن بإمكانه الاقتراب من خط بارليف أقوى خط دفاعى فى العالم؟.
وقامت الحرب و جيش مصر نسف نظرية الحدود الآمنة .. لأنه ببساطة فى يوم ونصف يوم حرب.. قهر كل المستحيلات المقتنع بها الغرب!. المانع المائى اقتحمه وفى 10 ساعات.. على أرض سيناء 80 ألف مقاتل!.
لا مانع مائى منعه ولا ساتر ترابى أوقفه.. ولا أقوى خط دفاعى صمد أمامه.. وليس هذا فقط!.
الجيش المصرى فى عمق سيناء حتى 12 كيلومترًا بمواجهة 170 كيلومترًا بعد أن احتل كل هيئات خط المهمة الرئيسية.. وأجبر العدو على التقهقر إلى المضايق!. الجيش المصرى حطم كل الدفاعات واحتل مساحة الأرض التى خطط لاحتلالها.. وفشل العدو فى زحزحته مترًا واحدًا عنها!. الذي عليه جيش مصر .. انتصار ساحق.. الغرب فقط هو الذى لم يره والذى يعيش على وهم الجيش الذى لا يقهر.. وعلى أنه بمجرد الانتهاء من التعبئة وشن الهجوم المضاد.. تعود الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل يوم 6 أكتوبر!.
الصورة مختلفة جذريًا فى مصر.. لدى القيادة وعند القوات المسلحة التى تسابق الزمن لتحقيق الأهداف المطلوبة منها!. المكلفون بتحرير القنطرة شرق.. قرارهم لا يرحل 8 أكتوبر إلا وهى فى أيدينا!. المكلفون بإسقاط نقاط بارليف.. أنجزوا ما وعدوا به ونصف بارليف سقط! تبة الطاليا إحدى أهم النقاط الحاكمة والتى إسقاطها حتمى.. مخطط أن تكون معنا قبل أن يمضى 8 أكتوبر!. الفرقة الثانية التى يقودها الجنرال حسن أبوسعدة تقارير المخابرات أكدت أن الهجوم المضاد سيكون فى نطاقها.. فوضعت خطتها التي ستجابه بها الهجوم الذى ينتظره العالم بأكمله!. القوات المصرية فى شرق القناة.. ثقتهم بلا حدود في النصر الذي تحقق والذي سيتحقق!. خلاص الحاجز النفسى تحطم وغرق فى مياه القناة!. خلاص.. حققنا المفاجأة وحققنا المبادأة.. والعدو لأول مرة فى موقف رد الفعل!.
معظم دول العالم عمومًا ودول الغرب تحديدًا.. تحفظوا على إعلان موقفهم من الحرب الدائرة فى الشرق الأوسط.. انتظارًا لما ستسفر عنه معارك 8 أكتوبر!. الغرب بأكمله ومعه دول كثيرة.. مع إسرائيل وثقتهم تامة فى انتصار إسرائيل!. المؤيد لمصر والمتعاطف مع مصر.. بضع دول صديقة وشقيقة!. الملك الحسن الثاني والرئيس تيتو زعيم يوجوسلافيا.. كلاهما أخبر مصر.. بالمعلومات المؤكدة التى وصلتهما عن الهجوم الذى ستقوم به إسرائيل يوم 8 أكتوبر.
في أمريكا كيسنجر أوقف اجتماعًا عاجلاً لمجلس الأمن.. انتظارًا لما سيسفر عنه الهجوم الإسرائيلى!. أمريكا لم يتوقف انحيازها التام لإسرائيل على القرارات السياسية وعلى الإمداد بالسلاح والأطقم البشرية.. إنما وصل الأمر إلى المشاركة فى الحرب.. بالتخطيط والإمداد بالمعلومات!. الذى كشف هذه المسألة الجنرال أليعازر الذى فى مذكراته يقول: وصل مسئول أمريكي عسكري كبير إلى إسرائيل فى الثالثة من فجر يوم 8 أكتوبر بطائرة عسكرية خاصة.. حاملاً معه مجموعة من التقارير العسكرية مدعومة بمجموعة من الصور الجوية عن المعارك التى جرت وعن مواقع القوات المصرية.. غرب وشرق القناة.. كما التقطها القمر الصناعى الأمريكى!. المسئول العسكرى الأمريكى الكبير نصيحته.. شل فاعلية المدرعات المصرية واصطياد الطيران المصرى فى معارك مدبرة!.
إصرار الغرب وأمريكا تحديدًا على رؤية طرف واحد فقط ينحازون على طول الخط له.. جعلهم لا يعرفون ما وصل إليه الطرف الآخر.. وإن عرفوا.. أعمى الله بصيرتهم.. فبقوا على جهلهم.. والمفاجأة والمبادأة اللتان برعت القيادة المصرية فيهما.. فوجئت أمريكا وأقمارها الصناعية.. بهما مثل أى دولة!.
ونفس عمى البصيرة استمر إلى ما بعد إسقاط جيش مصر ل نظرية الحدود الآمنة واحتلال خطوط العدو الدفاعية وتمسكه بالأرض.. استمر تجاهلهم للانتصار المصرى.. وقناعتهم بوهم الجيش الذى لا يقهر.. وهذا ما ظهر واضحًا فى نصيحة الجنرال الأمريكى الكبير.. المعتقد أن القيادة المصرية ليس فى حساباتها ما هو يفكر فيه!.
ملاحظة: عفوًا إن كنت قد أعطيت كل هذه المساحة للمسافة الزمنية الصغيرة.. ما بين منتصف ليل يوم 7 أكتوبر حتى فجر يوم 8 أكتوبر!. صحيح هي بضع ساعات.. إلا أنها كانت لحظات فارقة بين ما قبل وما بعد.. لأن الاثنين 8 أكتوبر.. هو يوم التحول الرئيسى فى حرب أكتوبر!.
هم كانوا يعتقدون تمامًا أنه سيكون لصالحهم.. ونحن على يقين لا يقبل ذرة شك فى أنه سيكون الضربة القاضية الفنية التى تسقطهم!. فما الذي حدث ومن الذي صدقت رؤيته؟. تعالوا نعرف من خلال معرفة سير الأحداث على جبهة القتال فى سيناء!.
القوات الإسرائيلية من لحظة إعلان التعبئة بعد بدء الحرب.. يتوالى توافدها على سيناء إلى أن اكتمل تشكيل ثلاث فرق مدرعة.. واحدة موجودة من قبل الحرب واثنتان بعد إعلان التعبئة وهما الفرقة 143 مدرعة بقيادة الجنرال احتياط إرييل شارون والفرقة 162 مدرعة بقيادة الجنرال إبراهيم أدان.. وهو من قاد الهجوم على الزعفرانة فى 1969 وقبلها هو من كلفه حاييم بارليف بتخطيط ومتابعة إنشاء خط بارليف الدفاعي عام 1968، أما القوة الثالثة فهى الفرقة 252 مدرع بقيادة الجنرال إبراهام مندلر وهى فى سيناء من قبل الحرب.. وقائدها مندلر كان قد صدر قرار بتعيينه قائدًا لسلاح المدرعات.. إلا أنه لم ينفذ القرار لنشوب الحرب!. بالمناسبة ال200 دبابة التى خسرها فى ال34 ساعة حرب.. تم استعواضها!.
قبل أن يأتي فجر 8 أكتوبر.. الفرق المدرعة الثلاث اكتمل تشكيلها.. عتادًا وأفرادًا!. الجبهة المصرية فى مواجهتها ألف دبابة مدعمة بكل إمكانات الحرب الحديثة.. وجاهزة لتحقيق الهدف الرئيسي للعدو.. عسكريًا وسياسيًا.. ألا وهو إنهاء الوضع القائم فى سيناء لصالح إسرائيل!. هناك.. التخطيط للهجوم المضاد.. تم بعد التعرف على أوضاع القوات المصرية من القمر الصناعى الأمريكى.. وبعد العرض على مجلس الحرب وافقت عليه رئيسة الوزراء وسخّرت له كل الإمكانات!. الخطة ملخصها.. توجيه ضربة قوية ضد الجانب الأيسر للجيش الثانى.. واختراق كل تجمعات القوات المصرية من الشمال إلى الجنوب والاستيلاء على أحد كبارى الجيش المصرى والعبور إلى الغرب واستكمال تدمير القوات المصرية!. الفرقة 162 هى التى ستهاجم وتبقى فرقة شارون احتياطى عام فى منطقة الطاسة على المحور الأوسط.. وبعد نجاح الهجوم.. يتجه شارون بفرقته إلى الجيش الثالث.. مهاجمًا الجانب الأيسر للجيش بنفس أسلوب الفرقة 162 مع الجيش الثانى!. تقتصر مهمة الفرقة 252 بقيادة مندلر على تثبيت الجيش الثالث وتكبيده خسائر كبيرة إلى أن يصل شارون ويشاركا معًا فى الهجوم الرئيسى!.
هنا.. الجيش الثانى يتابع تحركات العدو.. ومع أول ضوء تأكدت قواتنا من أن الهجوم تجاه شمال الإسماعيلية فى مواجهة الفرقة الثانية مشاة التى يقودها الجنرال حسن أبوسعدة!. قرار قائد الجيش الثانى اللواء سعد مأمون هو تدمير القوات المهاجمة وإخراجها من حسابات المعارك المقبلة.. وعليه تم تسخير كل الإمكانات النيرانية لمعاونة الفرقة الثانية فى صد هذا الهجوم!.
هم تصوروا أنهم وحدهم من يفكرون ويخططون.. ولو نظروا لخط بارليف الذى سقط نصفه.. لعرفوا أنهم ليسوا وحدهم.. لكنه الغرور!. العبقرية المصرية تجلت فى خطة مواجهة الهجوم المضاد!. استدرجنا العدو اعتمادًا على غروره.. للدخول فى جيب نيرانى تم تنظيمه.. وإجبار العدو على دخوله والتورط فيه!. التنظيم الدفاعى الذى تم بدقة متناهية على هيئة أتون نيران تركزت فيه كل أنواع الأسلحة المضادة للدبابات.. صواريخ وRPG ومدافع ودبابات!. أتون النيران من أربعة أضلاع.. فى مساحة 15 كيلومترًا مربعًا.. الضلع الأمامى هو خط الدفاع الأول للفرقة الثانية.. والأضلاع الثلاثة الأخرى أشبه بصندوق غطاؤه الخط الأمامي.. التعليمات الصادرة لخط الدفاع الأمامي.. ترك العدو يخترق هذا الخط حتى آخر دبابة له.. وبعدها يغلق ما كان مفتوحًا وسمح للعدو باختراقه.. ويبدأ فى إطلاق نيرانه على مؤخرة العدو الذى فوجئ بالنيران المصرية مفتوحة عليه من أربع جهات هى أضلاع أتون النيران!.
الصيد دخل المصيدة!. معركة غير مسبوقة فى أى حرب.. هى فى الواقع أكبر مذبحة للدبابات فى تاريخ الحروب على مساحة 15 كيلومترًا مربعًا!. جهنم الحمراء رأتها قوات الفرقة 162 مدرعة التى كانت على يقين أنها لن تتوقف إلا فى غرب القناة!. الفرقة المدرعة الإسرائيلية.. حققت رقمًا قياسيًا بأكبر خسائر وقعت خلال أقل وقت!. فقدت 115 دبابة تدمرت تمامًا خلال 20 دقيقة فقط!. القادة الإسرائيليون الذين هللوا فرحًا على اللاسلكى وهم يتبادلون التهنئة بعد أن اخترقوا خط الدفاع الأمامي للفرقة الثانية ويتقدمون بأقصى سرعة للدبابات.. وهم لا يعلمون أنهم فى طريقهم للآخرة باختيارهم!. نفس القادة خلال لا وقت.. ذعر الدنيا انتابهم وهم يسمعون صيحات الجنرال أدان وأوامره بالتخلص من المعركة.. مع أصوات الانفجارات والهستيريا التى انتابت جنود العدو وهم يشاهدون دباباتهم تتدمر وجثث زملائهم تتطاير!.
واكتملت مأساة العدو.. بوقوع العقيد عساف ياجورى قائد الكتيبة 190 من اللواء 217 مدرع فى الأسر.. وكان قد شارك فى الهجوم المضاد الصباحى وخسر فيه بضع دبابات وفشل الهجوم.. ولم يتعظ لا هو ولا الفرق المدرعة الثلاث.. التي بدأت هجومها المضاد الرئيسي ظهرًا.. وانتهى إلى مذبحة الدبابات فى أتون النيران الذى نصبته الفرقة الثانية مشاة للعدو!. ونعود للكابتن عساف.. الذى شارك فى الهجوم المضاد الرئيسي من اتجاه المحور الأوسط.. وكان في مقدمة القوات التي ابتلعت الطعم واخترقت خط الدفاع الأمامي المتروك مفتوحًا لاستدراجهم.. وهم فى قمة الزهو والنشوة والانتصار ويواصلون التقدم وعمنا عساف فى الطليعة.. إلى أن حدث ما حدث.. واكتشفوا وعساف منهم أنهم كانوا يتوغلون فى المصيدة المعدة لهم!. عساف ياجورى فجأة وجد نفسه خارج دبابته وراقدًا فى حفرة صنعتها دانات المدافع والصواريخ المصرية!. القائد الإسرائيلى عرف أن كل دبابات كتيبته تدمرت وأغلب جنوده قتلوا والمتبقين.. مثله.. أسرى!.
قائد الكتيبة المدرعة الذى كان واثقًا من وصوله إلى غرب القناة.. قال للضابط المصري الذي قام بأسره.. النقيب يسرى عمارة.. أنا ضابط برتبة عقيد وفقدت دباباتى وأرجو أن تحسنوا معاملتى!. القائد الإسرائيلى معذور فى قوله.. لأنه يظن أننا مثلهم!.
العقيد عساف ياجورى بعد فك أسره وعودته إلى إسرائيل.. كتب مقالاً فى جريدة معاريف الإسرائيلية بتاريخ 7 فبراير 1975 قال فيه: لماذا تركوا صدورنا عارية على جبهة الفردان يوم 8 أكتوبر؟. إن خيبة الأمل التى أحسست بها وقتئذ.. شعر بها أغلب الجنود.. وكل من عاشها لا ينسى مرارتها!. فى تل أبيب الصدمة هائلة على القيادة وعلى الشعب حتى إنهم أطلقوا على يوم 8 أكتوبر.. الاثنين الحزين!. جولدا مائير رئيسة الوزراء.. عينت حاييم بارليف قائدًا لجبهة القتال فى سيناء.. وأجرت عدة تغييرات عسكرية أخرى!. جولدا مائير فى هذا اليوم.. بكت وهى تكلم الرئيس الأمريكى نيكسون تليفونيًا وتقول له: أنقذوا إسرائيل!.
الانكسار الإسرائيلى الناجم عن فشل الهجوم المضاد الذى أوقفوا عقارب الساعة لأجله.. هذا الانكسار كان أعظم فرصة تهيأت لقواتنا من ليل 8 أكتوبر!. كل التشكيلات تهاجم العدو على طول الجبهة وتدمر القوات المعادية لها.. تمهيدًا ليوم قتال جديد.. نستكمل فيه تحقيق المهمة الرئيسية لقواتنا.. وإسقاط نقاط بارليف التى تم حصارها.. ومواصلة التقدم إلى خط تحقيق المهمة الرئيسية!.
كيسنجر وزير خارجية أمريكا.. هو من جعل العالم كله يترقب يوم 8 أكتوبر.. انتظارًا للتغيير الجذرى الذى سيحدث فى الحرب لصالح إسرائيل!. كل الذى تحقق من كلامه أن الهجوم المضاد حدث.. إلا أنه انتهى بكارثة وهزيمة وقهر للجيش الذى لا يقهر.. وانتصار هائل للجيش المصرى.. وأول من اعترف بهذا وشهد بذلك كيسنجر نفسه الذى أدلى بتصريح فى غاية الأهمية يوم 9 أكتوبر.. بعد تأكده من هزيمة الإسرائيليين قال فيه بالحرف الواحد: لقد حقق العرب نصرًا استراتيجيًا فى الشرق الأوسط.. دون النظر إلى النتيجة النهائية للحرب.. وأصبح هناك وضع جديد.. ولن تعود العجلة للوراء!.
لم يخطئ الإسرائيليون.. عندما أطلقوا على يوم 8 أكتوبر.. الاثنين الحزين!. حزين لأن جيش مصر فى هذا اليوم.. أسقط أسطورة الجيش الذى لا يقهر!.
كل الحب والتقدير والإعزاز والاحترام إلى جيش مصر العظيم فى الأمس واليوم والغد وكل غد بمشيئة الله...
* نقلًا عن صحيفة الأهرام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.