نحن نعيش في عالم يختلف عما يمكن أن يصبح عليه كوكب الأرض، اذا ما ارتفعت درجة حرارته بمقدار درجتين مئويتين. ففي حالة زيادة درجة حرارة الأرض بهاتين الدرجتين، سيختلف شكل الحياة تماما. لم يسبق لنا تجربة العيش علي كوكب الأرض في حالة زيادة درجة حرارته بدرجتين مئويتين، منذ أن بدأ الإنسان في حرق الوقود الأحفوري في أواخر القرن التاسع عشر، ويقول خبراء المناخ إننا نجازف بتغيير الحياة بشكل أساسي علي هذا الكوكب إذا تخطينا هاتين الدرجتين. يقول جيرنوت واجنر ، كبير الاقتصاديين البارزين في صندوق الدفاع عن البيئة ومؤلف كتاب «صدمة المناخ» إن ما يحدث الآن يعتبر مقامرة كبيرة مع الكوكب، وهو أمر لا يمكن لأحد التكهن بعواقبه. فهل يمكن أن تتسبب في موجات الجفاف الشديدة، أو ارتفاع مستوي البحار، أو الانقراض الجماعي؟! وعلي الرغم من أهمية ال2% تلك، إلا أن الأمر ليس معروفا بالقدر الكافي، فهي يشار إليها باسم «نجم الشمال» خلال مفاوضات المناخ، وتعني الرقم الصغير ذا الأهمية الكبيرة. ويحاول واجنر تبسيط فكرة تأثير الدرجتين المئويتين من خلال بعض الأسئلة وإجاباتها، حتي يتسنى للجميع التعرف علي تأثير هذا الرقم البسيط خاصة لو تخطيناه. أولا، من أين أتت فكرة الدرجتين؟ جاءت من اقتراح قدمه وليام نوردهاوس، خبير اقتصادي في جامعة ييل بولاية كونتيكت الأمريكية، حيث قدم نوردهاوس ( 73 عامًا ) دراسة بعنوان «النمو الاقتصادي والمناخ: مشكلة ثاني أكسيد الكربون». في عام، 1977 تحدث خلالها عن تأثير الدرجتين. وذكر أنه إذا كانت هناك درجات حرارة علي المستوي العالمي تزيد على درجتين أو ثلاث درجات فوق متوسط درجة الحرارة الحالية، فسيخرج هذا المناخ علي نطاق كل ماهو معروف، من خلال الدراسات التي تم إجراؤها علي مدي مئات الآلاف من السنين الماضية». ثانيا، كيف أصبحت درجتا المعيار الدولى؟ استمر العلم في رفع الأعلام الحمراء حول درجتين من الاحترار، وما يمكن أن يتسبب فيه ذلك من أضرار للحياة علي كوكب الأرض. قال كارلو جايجر، رئيس منتدي المناخ العالمي، الذي كتب عن تاريخ درجتين مئويتين، إننا بحاجة إلي اتخاذ خطوات لتفادي هذا الشيء، وهو تخطي الدرجتين المئويتين، وهو نداء لما يواجه العلم والسياسة معا، فالأمر لا يتطلب حلولا علمية فقط بل سياسية أيضا. وقال جايجر، إن ألمانيا كانت أول من اعتبر هذا الأمر هدفا سياسيا في فترة التسعينيات، وبعدها المفوضية الأوروبية ومجموعة الثماني والأكاديمية الوطنية الأمريكية للعلوم، ثم جاءت اتفاقية كوبنهاجن، التي وقعتها أكثر من 100 دولة وتم الاتفاق فيها، علي أن درجتين ستكونان أكثر من اللازم، وهو أمر يجب تفاديه. ثالثا، كيف سيبدو العالم عند تخطي درجتين؟ وفقا لتقارير المجلس القومي للبحوث والهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيير المناخ والبنك الدولي، يتوقع العلماء أن تزداد حرائق الغابات في الولاياتالمتحدة من 400% إلي 800% في الحجم. و من المتوقع أن تزداد حدة الأعاصير بنسبة 2% إلي 8%. وهناك مجموعة من المخلوقات معرضة لخطر الانقراض، وخاصة البرمائيات. كما تقدر الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، أن 20% إلي 30% من الحيوانات وأنواع النباتات ستكون معرضة بشكل متزايد لخطر الانقراض، كما من المتوقع أن يستمر ذوبان القطب الشمالي، حيث يفقد 30% من متوسط الجليد البحري السنوي، وأن تنخفض كمية بعض المحاصيل في الولاياتالمتحدة والهند وإفريقيا بنسبة 10% إلي 30%، كذلك من المتوقع أن ينخفض توافر المياه العذبة بنسبة 20%. رابعا، ماذا يحدث عند زيادة حرارة الأرض بأكثر من درجتين ؟ إن حرق الوقود الأحفوري يشبه التدخين، وإذا تساءلت كم عدد السجائر التي تصيبك بالسرطان؟ لا أحد يعرف بالضبط، ولكن كلما زاد تدخينك زادت مخاطرك. هذا هو الأمر بالنسبة لاستمرار حرق الوقود وتسببه في ارتفاع درجة الحرارة، فكلما استمر الأمر زادت الخطورة. خامسا، ما هي درجة حرارة المناخ بالفعل؟ لقد ارتفعت درجة حرارة المناخ بالفعل بمقدار 0.85 درجة منذ الثورة الصناعية. ومن المنطقي أن نتوقع أن تصل درجة الحرارة إلي 1.5 درجة، بناء علي التلوث الذي نتسبب به في الغلاف الجوي، حتي مع إجراءات التخفيف الطموحة للغاية لتقليل انبعاثات الكربون، فوفقًا لتقرير صادر عن البنك الدولي عام 2014 فان بعضًا من هذا الاحترار محبوس في نظام الغلاف الجوي للأرض. وأصبحت آثار تغير المناخ محسوسة بالفعل. سادسا، هل من الممكن الإبقاء علي درجة حرارة الأرض دون زيادة تتخطي الدرجتين؟ نعم، ولكن لن يكون الأمر سهلا. يقول جايجر من منتدي المناخ العالمي، إن الحل الوحيد هو تقليل الانبعاثات بسرعة مذهلة . بمعني خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنحو 80% إلي 90% بحلول عام 2050 . سابعا، ماذا يحدث إذا لم نتخذ إجراء؟ إذا واصلنا حرق الوقود الأحفوري بالمعدل الحالي ، يمكن أن نصل إلي درجتين من الاحترار قبل منتصف القرن، وهو أمر مرعب للغاية ويمكننا أن نصل إلي درجة حرارة تتراوح من 3 إلي 5 درجات بحلول عام 2100. وقد دعا بعض الخبراء إلي التخلي عن هدف الدرجتين، قائلين إنه أمر طموح للغاية ومستحيل، لكننا نحتاج إلي معيار لقياس التقدم ونحتاج إلي «نجم الشمال» لمساعدتنا علي تحديد الأهداف التي ستكون في الواقع ذات ثقل كافٍ لإحداث تأثير في هذه المشكلة. فإذا كنت تعتقد أن 2 درجة تبدو سيئة، فإن 5 درجات حتما أسوأ بكثير. تتوقع الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، انه بزيادة درجة الحرارة ب 5 درجات ستحدث سلسلة من الانقراضات، وسيعاد تشكيل الخطوط الساحلية علي مستوي العالم، أما في حالة الزيادة ب6 درجات، سيتحول الأمر لكارثة محققة وسيكون الأمر بمثابة القضاء تماما علي الكوكب وقتل الحياة فوقه.