د. شيرين العدوي مرت الحضارة بعدة مراحل، اقترب فيها الإنسان من بيئته وتعامل معها معاملة الخائف منها والمتأمل لطبيعتها، فتناغم معها تارة وتعدى عليها تارات أخرى حماية لنفسه وخوفا. لكنه فى كل مراحل تطوره يقوم بدوره فى إعمار الكون حتى يدركه الموت. أما البعث والحساب فأمره متروك لله. إذ لم يعد أحد من الموت ليخبرنا عن عذاب القبر أو النعيم، ومن عاد - كما فى قصة أهل الكهف أو قصة العزير-. فقد أخبرنا الله أن موته كان كالنوم فلم يشعر بشيء، ولم يذكر إلا اللحظة التى مات عليها. عدد ليس بالهين من البشر يؤمن ب البعث والحساب بسبب الديانات التى ربطت السماء بالأرض. فلماذا السماء هى المنزهة عند الإنسان؟! هل لاعتقاده بوجود الله بها! تفسيرى لهذا ينبع من أنها المنطقة البكر التى لم يكتشفها الإنسان بعد. فكل غامض نقي. ولأن الله بالنسبة للإنسان الغامض الأكبر وإن شهد آياته، فإنه يضعه فى السماء. مع أنه لو فكر لحظة واحدة لعلم أنه حينما يضعه فى السماء يحدد مكانه. والله سبحانه لا يحده حد. كان ذلك الخوف الشديد دافع الإنسان الأول لاستخلاص الأفكار، وربط الأسباب بالمسببات إلى أن وضع القوانين والنظريات التى أنشأت العلوم والفنون عبر توارثه للمدونات التى تركها السلف للخلف. كل هذا كان من أجل أن يشعر بالأمان ويؤمن غذاءه وغده. وما إن ضمن هذا حتى بدأ فى البحث عن الرفاهية لتوفير الوقت والجهد. ومر بمراحل طويلة فى تطوير الآلة حتى وصل لاختراع الكمبيوتر ، فبدأ عصر جديد ربما سيسجله لنا التاريخ ب العصر الرقمى . مرت الحضارة بتطورات مذهلة حتى وصلنا لما نحن فيه الآن من ثورة المعلومات، ف الكمبيوتر يحفظ لنا كل شيء حتى الأنفاس. ربما تموت أجيال دون أن تعى ما نحن مقدمون عليه. فالأمم التى تفشل فى التنبؤ بالمستقبل تصبح عبيدا للدول الأخرى التى اتخذت المناهج والأدوات لبناء معارفها المستقبلية واستشراف القادم. ومن قراءة المشهد الذى نحن فيه الآن أستشعر الخطر القادم من خلال الكتب التى تؤلف كل يوم فى الذكاء الاصطناعى من مثل: Hundred-Page Machine Learning The لكاتبه لاندرى بوركوف، وكتاب Machin Learning Yearning لأندرونج، وكتاب Deep Learning لمجموعة من المؤلفين، هذه الكتب وغيرها كثير تؤكد أن العصر القادم هو عصر الذكاء الاصطناعى الذى سينتج لنا الآلة بديلا عن الإنسان بل ستكون على هيئته تماما كالدمية صوفى وبعض الدمى الأخرى التى صنعتها الصين وأطلقتها بشكل تجريبى للعمل كمذيعات، إنها التجارب الأولى التى يعمل الغرب عليها الآن. وقد تقدم كثيرا فى ذلك الحجر الوحيد الذى يمثل عثرة فى طريقه ويظهر الفارق بين آلاته والإنسان هو الروح واللغة. إن الغرب يسعى للسيطرة على مقدرات الدول والتحكم فى العالم، ومن ثم فإن مراكز الأبحاث فى الخارج تعمل على قدم وساق. فهل سينجح الإنسان فى إعلاء شأن الآلة التى صنعها بيده على صنع الله؟! هل نحن فعلا نتجه إلى عصر ما بعد الإنسان كما قال أوباما فى إحدى خطبه؟ أم أن حربنا القادمة هى حرب وجود كما أشار الرئيس السيسى إذا كان الأمر كذلك فالموقف خطير. لكن ما طمأننى بعض الشىء كلمات قليلة قيلت فى افتتاح مؤتمرنا السنوى لكلية الإعلام وكان بعنوان « الإعلام الرقمى: أخلاقيات وتشريعات » من بعض رموز الدولة من أمثال: د. يحيى الزنط، د. رشا علام، د. محمد زهران تلك الكلمات جعلتنى أفهم إلى أى درجة تعى مصر ما يخطط له الغرب وتستعد للخطر المحدق بالبشر. * نقلًا عن صحيفة الأهرام