تتعدد أسباب أهمية كتاب " البلاغة والفلسفة في أعمال محمد عابد الجابري " لمؤلفه دريس الجابري، إذ يقدم مقاربة بلاغية لمشروع واحد من أكثر الفلاسفة العرب تأثيرا في الفكر العربي المعاصر. الكتاب طرحته حديثا دار العين للنشر بالقاهرة ومن تقديم الباحث عماد عبد اللطيف في مواكبة لإحياء ذكرى الفيلسوف المغربي بعد مرور 10 سنوات على رحيله. جاء الكتاب في 348 صفحة من القطع المتوسط، ويتضمن مقدمة وقسمين، يتناولان " البلاغة وتحليل الخطاب الفلسفي"، و" البلاغة وتحليل الخطاب القرآني عند محمد عابد الجابري "، في سبعة فصول. ويركز الكتاب على عملين خالدين لعابد الجابري هما رباعيتا نقد العقل العربي وتحليل الخطاب القرآني. ويقدم الكتاب عابد الجابري بوصفه فيلسوفا ذا صبغة بلاغية واضحة، محللا تصوراته للبلاغة العربية ، ودورها في تشكيل العربي من ناحية، وفي تحليل القرآن الكريم من ناحية أخرى. ويرتاد كتاب " البلاغة والفلسفة" أفقًا مهما للدرس البلاغي هو النص الفلسفي، مؤكدا أهمية البلاغة في فهم المشاريع الفلسفية الكبرى، راصدا أثر التصورات التي يبنيها الفلاسفة لعلم البلاغة والكلام البليغ في مشاريعهم الفلسفية. وينطلق مؤلف الكتاب من إيمان جازم بأهمية المقاربة البلاغية للأعمال الفلسفية عمومًا وأعمال عابد الجابري خصوصا. ويقول إدريس الجابري في كتابه إن أعمال عابد الجابري "مطوقة ب البلاغة بمختلف مفاهيمها المؤسسة، ومحكومة بها، وهل يستقيم الحديث عن الإقناع بمنأى عن البلاغة وتقنياتها التخيلية والحجاجية؟ ويشدد الكاتب على أن الفلسفة خطاب بلاغي احتمالي، إذ تقوم على طرح تساؤلات في المقام الأول لا تقديم إجابات جاهزة. محمد عابد الجابري ، هو مفكر وفيلسوف مغربي، له 30 مؤلفاً في قضايا الفكر المعاصر، أبرزها "نقد العقل العربي" الذي تمت ترجمته إلى عدة لغات أوروبية وشرقية. وكرمته اليونسكو لكونه "أحد أكبر المتخصصين في ابن رشد، إضافة إلى تميّزه بطريقة خاصة في الحوار". واستطاع محمد عابد الجابري عبر سلسلة نقد العقل العربي القيام بتحليل العقل العربي عبر دراسة المكونات والبنى الثقافية واللغوية التي بدأت من عصر التدوين ثم انتقل إلى دراسة العقل السياسي ثم الأخلاقي وهو مبتكر مصطلح "العقل المستقيل" وهو ذلك العقل الذي يبتعد عن النقاش في القضايا الحضارية الكبرى.