"التلاعب النفسي و بث الشائعات "، مصطلح يتماشى بقوة مع الجيل الجديد من الحروب التى اُصطلح على تسميتها ب" حروب الجيل الرابع والخامس" التي نحّت الأسلحة الحربية التقليدية جانبًا، وأطلق مدى صانعوها جيوشهم الخفية للنيل من قوة الدولة؛ لإحداث فجوة بين الحكومة والشعب. وطالما حذر الرئيس عبد الفتاح السيسي، من طراز هذه الحروب خلال خطابات له فى مناسبات عدة، آخرها ما قاله في الندوة التثقيفية ال32 للقوات المسلحة، بمناسبة الذكرى ال47 لانتصارات أكتوبر المجيدة، قال "إن الجيلين الرابع والخامس من الحروب موجود بالفعل ويشكك في قدرات الشعب وقياداته". وقال الرئيس:" إن الحروب المباشرة كانت تستخدم في الماضي لإسقاط الدولة وهزيمتها وعرقلة تقدمها، ولكن الآن توجد أجيال جديدة للحروب تتعامل مع قضايانا وتحدياتنا، ويُعاد تصديرها للرأي العام في مصر؛ لتحويل الرأي العام لأداة لتدمير للدولة". حروب الجيل الرابع بين المفهوم والتطبيق أما بالنسبة ل حروب الجيل الرابع (4GW)، فيعنى باختصار:"صراع يتميز بعدم وضوح الخطوط الفاصلة بين الحرب والسياسة، يهدف إلى زعزعة استقرار الدولة وفرض واقع جديد"، "أو أي حرب يكون فيها أحد المشاركين الرئيسيين ليس دولة، بل جهة فاعلة غير حكومية عنيفة، تهدف للتشكيك و بث الشائعات ". وتتمثل عناصر تلك الحروب في استخدام الإرهاب كوسيلة لها و كذلك الحرب النفسية والدعائية المتقدمة للغاية، من خلال التلاعب في وسائل التواصل، ومتصيدي الإنترنت، وبرامج الروبوت والقانون، واستخدام جميع الضغوط المتاحة، السياسية والاقتصادية والاجتماعية؛ لإحداث التلاعب النفسي. ويشتمل "الجيل الرابع" من الحروب على جماعة متمردة أو جهة فاعلة غير حكومية تعمل في الخفاء تحاول إقامة حكومتها أو إعادة تشكيل حكومة قديمة فوق السلطة الحاكمة الحالية بشكل غير معلن. ويعرفها الخبير الأمني اللواء أشرف أمين، "أنها تستهدف بالمقام الأول تغيير طبيعة الشعب المصري، وبث حالة من الغليان وتفتيت لحمة الشعب الذي يقف صفًا واحدًا في كل أزمة، مشيرا إلى أنها تستهدف طبقة المثقفين بالمقام الأول لتستخدمهم كأداة فعالة للتأثير في العامة". وبحس الخبرة الأمنية يقول أمين:"تتنوع الحروب وتختلف حسب ظروف كل دولة، وتوجد حرب بالسلاح وأخرى فكرية، وهناك دول يجري محاربتها بالشائعات لزعزعة استقرارها، حينما يجد العدو أنه غير قادر على مواجهتها عسكريا". ويستخدم مديرو هذه الحروب وسائل الإعلام الجديد والتقليدي ومنظمات المجتمع المدني والمعارضة أحيانًا وغيرها من وسائل التواصل الاجتماعي، وربما يسخدمون كل الضغوط المتاحة سواء السياسية منها والاقتصادية والاجتماعية، لإضعاف الدولة. وتوصف حروب "الجيل الرابع" بأنها طويلة الأمد، ويُمكن أن تمتد إلى أجيال، وتتعمد الإضعاف المستمر باستخدام كل وسائل الضغط المتاحة، من حصار اقتصادي وضغط دولي وشائعات وتمويل لجماعات ضغط، سواء كانت سياسية أو مسلحة، وكل ذلك يحتاج إلى عدة سنوات، حتى تتم النتيجة المرجوة. نظرية "الثمرة المعطوبة" ويشرح اللواء أمين " حروب الجيل الرابع والخامس" التى تعتمد على نظرية "الثمرة المعطوبة" وهي إفساد الكيان الداخلي للدولة، وقتها تصبح هشة وضعيفة وتكون عرضة لتكالب الحشرات عليها". ويوضح "أخطر أسلحة تلك الحروب هي بث الشائعات ، والشحن المعنوي وبث الكراهية، من خلال استغلال الأزمات في الدولة وتسخير مواقع التواصل الشخصي والاجتماعي وربما الدراما للتأثير على وجدان المتلقي". ويستدرك قائلاً:"لكن لابد أن يكون هناك وعي من الشعب لطبيعة الحروب، ولابد أن تتيقظ الحكومات لها بسرعة الرد على الشائعات بحرفية، وتعزيز وعي المواطن والحول بين استغلال الأزمات في تأجيج مشاعر الرأي العام، وتوخي الحذر لبعض المنابر الإعلامية المعادية للدولة، وعلى الحكومة سرعة وأد الفتن المصطنعة لإفساد بعض العقول وسرعة الرد على الاستفسارات الملحة للشارع المصري". اللواء أشرف أمين