3– لم يكن بمقدور مصر بعد النجاح المذهل لعملية العبور و اقتحام خط بارليف و قهر الساتر الترابي خلال ساعات قليلة من بعد ظهر يوم 6 أكتوبر 1973 أن تتجاهل ما يجري في أمريكا من اتصالات وتحركات تستهدف تخويف مصر وسوريا من ناحية والعمل على توفير كل ما يلزم لإنقاذ إسرائيل من ذلك الذي جرى مزلزلا ومخيفًا ومرعبًا وخارج كل الحسابات والتقديرات الأمريكية والإسرائيلية للوضع في الشرق الأوسط. كانت مصر تتابع بدقة وعبر وسائل متعددة ما يدور بين أمريكا وإسرائيل من اتصالات ساخنة من خلال القناة الدبلوماسية التي يوفرها وجود أبا إيبان وزير الخارجية في نيويورك الذي كان يتلقى يوميًا عشرات البرقيات الرمزية من حكومته في تل أبيب والتي كان الوزير الإسرائيلي جاليلي مكلفًا بمهمة إرسالها. كانت البرقية الأولى التي تلقاها أبا إيبان من جاليلي تتحدث عن كفاءة القوات الإسرائيلية في صد الهجوم – ولم يكن ذلك صحيحًا – ثم توالت البرقيات التي تتحدث عن نجاح إجراءات التعبئة العامة في إسرائيل وقرب دخول القوات الإسرائيلية بسرعة إلي أقصى درجات التأهب. وكان هذا التفاؤل يمثل عنصر ارتياح للدوائر المسئولة في القاهرة؛ لأنه كان يعني أن إسرائيل مازالت تعيش أوهام الماضي، ولكن تطورًا مهمًا حدث في اليوم الثاني للحرب – وتابعته مصر بكل اهتمام – حيث وصل إلى واشنطن فجأة «مردخاي شئيف» أحد كبار المسئولين بالخارجية الإسرائيلية واجتمع مع جوزيف سيسكو نائب وزير الخارجية الأمريكي وطلب الاطلاع على الاستنتاجات التي توصل إليها فريق العمل الأمريكي لمتابعة الأزمة، وأوضح بصورة قاطعة ومحددة أن إسرائيل ستكون بحاجة إلى إمدادات متواصلة من المعدات العسكرية في أقرب وقت.. وفي مسار نفس اليوم 7 أكتوبر طلب السفير الإسرائيلي في واشنطن سمحا دينيتز لقاء عاجلا مع وزير الخارجية الأمريكي كيسنجر ليبلغه رسالة عاجلة حملها بنفسه من تل أبيب طلبت فيها جولدامائير سرعة تزويد إسرائيل بما تحتاجه من أسلحة وذخائر ومعدات. كانت القاهرة ترصد بعيون مفتوحة حجم الهلع والقلق الإسرائيلي في حزمة الاتصالات المكثفة مع أمريكا خصوصًا بعد أن أكدت التقارير التي تلقاها فريق العمل الأمريكي لمتابعة الأزمة أن الأمر على الجبهة المصرية جد خطير وسمعت للمرة الأولى في واشنطن همسات وشكوك حول صحة وصدق البيانات الإسرائيلية بشأن النجاح في صد الهجوم وهو ما جرى وصفه في اجتماع فريق العمل الأمريكي مساء 8 أكتوبر بأن هناك أزمة ثقة في مصداقية البيانات الإسرائيلية مما يستوجب طلب مساعدة المخابرات الأمريكية في نقل الحقيقة لفريق العمل. ولم يهدأ بال الإسرائيليين في تل أبيب إلا بعد وصول برقية رمزية من السفير الإسرائيلي في واشنطن يوم 9 أكتوبر – اليوم الرابع للحرب – بأن الرئيس نيكسون أصدر بنفسه تعليمات مباشرة إلى البنتاجون لعمل جسر جوي بالأسلحة والمعدات لإنقاذ إسرائيل . بعد غد السبت نستكمل الحديث [email protected] * نقلًا عن صحيفة الأهرام