د. جمال الشاعر يحكى أن الطيار الحربي جورج هول كان أسيرًا في الحرب الفيتنامية.. وكان محبوسًا في صندوقٍ مظلمٍ لمدة سبعة أعوام، وحفاظًا على قواه العقلية فى أثناء فترة سجنه في هذا القفص الرهيب.. كان يتخيّل نفسه يلعب رياضة الجولف وبأدق تفاصيل اللعب.. وبعد خروجه من الأسر بأسبوعٍ واحدٍ فقط استطاع الالتحاق بإحدى المسابقات العالميّة لرياضة الجولف، وحصل فيها على أحد المراكز المتقدمة جدًا.. أحلام اليقظة إذن كانت هى طوق النجاة.. فلولاها لانهزم الإنسان واستيأس من كل أمل فى الحياة.. هذا الخيال وتلك الأحلام تجعلك تعيش متعة الهروب من قسوة الواقع وهى أيضا نوع من المشاعر التعويضية.. مثل الأجهزة التعويضية لذوي الاحتياجات الخاصة.. جرب أنت شخصيًا هذه الحيلة النفسية.. أنت تحلم مثلا بأنك تكون رئيس الشركة، ولكن مديرك يضع أمامك العراقيل وزملاءك يكسرون مجاديفك.. ماذا تفعل؟ إما أن تحبط وتستسلم.. وإما أن تجتهد وتبدع وتبتكر وتطلق خيالك فتفوز مثل وارن بافت رجل الأعمال الأمريكى وثالث أغنى رجل فى العالم .. بدأ حياته بياع جرائد ثم مدرسا ثم سمسارا ثم حلم أن يكون أغنى رجل فى أمريكا.. فأطلق خياله وجمع بعض الأموال من أصدقائه وأنشأ شركة صغيرة وظل يحلم أن أسهمها تفوز فى البورصة ويتخيل نفسه جالسا فى نادى رجال الأعمال العظماء وأنهم يتفاوضون معه على صفقات.. وبمرور السنين تحول الحلم إلى حقيقة.. وتحققت فيه مقولة باولو كويلو.. لو آمنت بفكرة وتملكت أحاسيسك بجنون فسوف يتواطأ العالم معك لتحقيقها.. كيف؟ يقولون إن الطموح يخلق الخيال.. والخيال يساعدك على التحليق بلا حدود خارج الواقع وعلى إنعاش و تقوية الذاكرة وعلى تقوية جهاز المناعة النفسانى وعلى خلق دوافع وحوافز ذاتية لتحقيق الطموح، وأيضًا على الإفلات من اليأس والإحباط.. ماثيو ماكاى فى كتابه (تقدير الذات) فيدلك على خطة مضمونة لامتلاك قوة الخيال، وأن ذلك لا يتطلب منك إلا عدة أشياء ليست مستحيلة: أولا.. الجرأة وكسر حاجز الخجل.. كيف؟.. بأن تضع سيناريوهات خيالية متوقعة وتؤلفها تأليفًا وتتخيل حدوثها.. كأن تتخيل نفسك قائدًا للفرقة الموسيقية، أو قائمًا بالفقرة الكوميدية في حفل كبير.. ثم تفكر فى مزيد من التفاصيل مثل أن تتجرأ فى الذهاب للتعرف على أحد الأشخاص وتشتبك معه فى حديث لطيف، أو أن تقوم بتوزيع الطعام الفاتح للشهية لشركائك على المائدة. ثالثا تخيل نفسك تجامل الآخرين دونما تصنع وتستقبل إطراءهم دونما شعور ب النشوة والعظمة .. وتستخدم لغة جسد راقية وودودة. رابعا.. تخيل نفسك ناجحًا في العمل، وأن تستمتع بعلاقات حميمة ومرضية، وتحقق الأهداف. خامسا.. تخيل نفسك تناضل قليلا في البداية.. ثم تنجح بعد ذلك. اتضح أن هذه الطريقة هى الأكثر فعالية من أن ترى نفسك ناجحًا من المحاولة الأولى. سادسا.. تخيل نفسك ستكون الأفضل مستقبلا وأن الأمور ستمضي بخير. سابعًا.. ذكر نفسك بقدراتك ومواهبك دومًا.. وأيضًا بشهادات وتكريمات وثناءات حصلت عليها من أشخاص متميزين ومهمين. ثامنا.. استمع إلى الموسيقى الجميلة وشاهد الأفلام المحفزة للخيال والمحرضة على الطموح. تاسعًا.. تخيل أنك ستحصل على شهادة مهمة دكتوراه مثلا.. وأن الجميع سوف ينادونك يادكتور.. حتى يهون عليك هذا الخيال مشاق المذاكرة والبحث والخوف من الإخفاق. عاشرًا.. قم بعملية تربيط بين قدراتك وأحلامك وطموحاتك وخيالاتك وإبداعاتك خارج الصندوق.. ثم آمن بأن هناك قوة روحية سوف تبارك جهدك وتحقق لك ماتريد. خلاصة الأمر.. انتج لنفسك فيلمًا فى الخيال وعش فيه مع أحلامك وطموحاتك وإذا استغربك أحدهم قل له.. أنا حر.. أنا بطل الفيلم . * نقلًا عن صحيفة الأهرام