قال الدكتور محمد عبد الرحمن الشافعي ، نجل المخرج الراحل عبد الرحمن الشافعي ، أن تكريم اسم والده في مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي هو تكريم مستحق خاصة باعتباره أيقونة المسرح الشعبي إذ يؤكد تاريخ المسرح في العالم أنه نشأ نشأة شعبية من خلال الاحتفالات الأسطورية في الحضارة الفرعونية ثم الاحتفالات الدينية في اليونان القديمة، وقد تطور المسرح الشعبي في اليونان نتيجه لإلتفاف النخبه حوله من فلاسفة وعلى رأسهم "أرسطو" بينما نحن أهتتمنا بالقالب الأوروبي مستنكرين مسرحنا الشعبي. وأكد نجل المخرج الراحل في تصريحات ل"بوابة الأهرام"، أن عبد الرحمن الشافعي هو أحد أهم المخرجين المسرحيين الذين ساهموا في تشكيل حركة مسرحية مصرية تميزت بشكل ومضمون اختلف عن المسرح التقليدي والمتوارث عن الثقافة الأوروبية. واعتبر "الشافعي" أن الحركة المسرحية التي ظهرت بعد ثورة 1952 وأطلق عليها مسرح الستينات كانت بمثابة عصر النهضة المسرحية في تاريخ المسرح المصري ليس لأنها اهتمت بتأصيل حالة الشعب المصري فحسب وإنما لتقديمهالمجموعة كبيرة ومتميزة من الكتاب والشعراء والممثلين والمخرجين المسرحيين والذين احتوتهم فرق التليفزيون فور إنشائها عام 1961، والذي ألتحق بها " عبد الرحمن الشافعي " عام 1963 عندما جاء من إحدى قرى محافظة الشرقية والتحق بكلية الحقوق بجامعة عين شمس، فعمل ممثلا ومساعدا للإخراج بشعبة المسرح العالمي لمجموعة من كبار الأساتذة أمثال حمدي غيث ، سعد أردش ، حسن عبد السلام، سيد بدير وغيرهم، وزامل سمير العصفوري ، فهمي الخولي، عبد الغفار عودة وأخرين. وكانت هذه الفترة هي فترة إعداد وتدريب تختلف عن ممارسات التمثيل التي كان يمارسها في إحتفالات وموالد القرية. وفي عام 1968 تم انتدابه للعمل مخرجا بالثقافة الجماهيرية والتي كان يرأسها الكاتب الكبير سعد الدين وهبة ويشرف على مسرحها المخرج الكبير حمدي غيث ، وكلف "الشافعي" بتكوين فرقة مسرحية لحي الغوري بالحسين، فكانت الفرصة الحقيقية لتقديم ذاته وسط هذا الزخم من كبار الأساتذة. ورغم بداياته وسط نصوص واتجاهات المسرح العالمي، إلا أنه إختار أن يبحث عن مسرح مصري ليس فقط في النص ولكن في كافة عناصر العرض وجاء هذا نتيجة لنشأته الريفية والتي تشكلت من خلال عادات وتقاليد وأمثال واحتفالات القرية. فبعد عن نصوص شكسبير وموليير ومارلو ولجاء إلى نجيب سرور ويوسف أدريس ويسري الجندي وأبو العلا السلاموني وغيرهم من الكتاب الذين تميزت أعمالهم بتناول الثقافة المصرية الشعبية بكافة همومها وطموحاطها، وكون أول فرقة مسرحية بحي شعبي وسط القاهرة الفاطمية.ثم جاء تعيينه مديرا لفرقة مسرح السامر والتي كانت في بدايات تكوينها لتفتح له مجالا أخر أكثر إبداعا وأصالة وهو تناوله لأعمال السير الشعبية وأبطال الأساطير المصرية. فاستلهم - كما يضيف نجل المخرج الراحل - الأفكار والمواضيع المختلفة بمساعدة زملاءه من الكتاب والمؤلفين والذي جمع بينهم انفعال الشباب والطموح بالبحث عن هوية المسرح المصري غرارا لما سبقوهم من أساتذه كبار على نفس المنوال، لكن هذه المرة كانت أكثر جدية وجراءه، فأخذوا يتناولون أفكارا مصرية شعبية بجانب تقديمها داخل قالب مختلف عن المعتاد، وربما كان السامر مكانا مناسبا مع مخرج أعتاد العمل مع نوعية مختلفة من الممثلين أكثر شعبية وتواصلا مع الحياة العامة بعيدا عن أمراض النجوم وأوهامهم. فقدم (علي الزيبق- هنا القاهرة- شفيقة ومتولي- وغيرهم) وفي تلك الفترة تم إختيار "الشافعي" مشرفا على فرقة النيل للالات الشعبية عام 1975 مما فتح له أفاقا وفرصا مختلفة لإستخدام الموسيقى الشعبية الحية ورواة السيرة الحقيقين ليضعهم على خشبة المسرح نجوما تلقائيين.ليقدم عرض "عاشق المداحين"والذي شاهده الرئيس الراحل "أنور السادات"وأشاد به وأستمر لمدة عام. وهنا قد استقرت قناعة "الشافعي" بأن يكون صاحب طريقة مختلفة استطاع من خلالها أن يقدم شكلا مميزا ومنفردا به، فقدم عشرات المسرحيات والتي حصل من خلالها على الكثير من الجوائز من أهمهم جائزة الدولة التشجعية وجائزة الدولة في التفوق ونوط الامتياز من الدرجة الأولى وغيرهم. وتميز مسرح "الشافعي" بتقديم العناصر الشعبية سواء في النص أو على مستوى العرض، فكان يعتمد في جماليات عروضه على العناصر البسيطة في الديكور او الملابس والاكسسوار، وكان دائما يوظف المكان حسب الدراما فقدم أعماله داخل المواقع الأثرية والأماكن والساحات الشعبية، وساعده في تشكيل هذه الرؤية الفنان التشكيلي "حسين العزبي" والذي صاحبه في أغلب أعماله. أما التمثيل وهو العنصر المميز عنده فكان يعتمد في أغلب عروضه خاصة العروض التي تعتمد على الرواه والمداحين على أشخاص حقيقيين فنجد شاعر السيرة يحكي ويغني ثم يتحول إلى ممثل مستخدما ربابته ويوظفها داخل الحدث ثم يعود مرة أخرى للغناء والمديح وكأنه ممثل محترف يملك أدواته ولدية تقنية الدخول والخروج في الشخصية. والجدير بالذكر أن هؤلاء الفنانين كانوا أكثر حضورا وإبهارا من الممثلين المحترفين داخل نفس العمل، كذلك كان يعتمد "الشافعي" في عروضه على عدد كبير من المؤدين ما بين ممثلين ومغنيين وراقصين كذلك كان يهتم بتقنيات الحركة المسرحية فكان يقوم بحركات جماعية جمالية ويستخدم التشكيلات لملء الفراغ المسرحي. أما الجمهور وهو العنصر الأهم، دائما متيقظا ومشاركا في الحدثوهو جمهور يقدر الفن ويستمتع به وليس جمهورا مستهلكا يبحث عن النكات والقفشات والممثل النجم قدم "الشافعي" 72 عرضا احترافيا بجانب إخراجه للحفلات القومية والدولية بمصر ودول أخرى.