للوهلة الأولى يعتقد البعض أن سكان حي الزمالك بلا متاعب مع الحي أو المحافظة، وأن هناك حرصا فى الاهتمام يتناسب مع مكانة الحي وقيمته التاريخية وخصوصية المبانى التى يزخر بها و البعثات الدبلوماسية التى يتجاوز عددها العشرات فى شارع واحد فقط من شوارع الزمالك التى تعج بالكثير منها. غير أن واقع الحال يشير الى أن الحى العريق أشبه بمنطقة عادية بلا رقابة أو متابعة فشوارع الحى وبخاصة شارع 26 يوليو مسرح لكل فنون العشوائية فى الصباح يفترشه والشوارع الجانبية المتفرعة منه الباعة الجائلون لبيع الخضراوات والفاكهة وهم يفترشون الأرض ويلقون بالمخلفات فى عرض الشارع، عندما تسأل الحي عن ذلك تأتى الإجابة من المسئول: نقوم بالحملات ولكن الباعة يختفون ثم يظهرون من جديد.
وهناك عشرات المتسولين الدائمين فى إشارات المرور وهم معروفون يمارسون التسول بشكل احترافى وبمظهر يسيء للمكان ولصورته ومع هذا لا أحد يقترب منهم كما لو كان هذا هو الوضع الطبيعى.
المقاهى عددها يفوق عدد السكان المقيمين وكل يوم مقهى جديد أو منفذ لبيع الشاورما وما شابه.
جاءت واقعة عمارة الشربتلي لتكشف عن ظواهر موجودة ونعانى منها وهى غياب الحوار المجتمعى لمناقشة القضايا العامة بالطريقة التى تحقق للوطن الخير، وهذا يمكن أن يتحقق من خلال الدور الغائب لنائب المجلس النيابي عن الدائرة فى أن يكون حلقة وصل بين صوت المواطن والمسئول، فهناك اعتراضات سابقة على محطة المترو من السكان لكن المشكلة فى أن صوتهم لم يصل بالصورة المطلوبة وبدت كما لو كانت ضد المشروع القومى وهى عكس ذلك تماما، حدث ما حدث وشعر السكان بالألم والضيق بسبب التصدعات التى ظهرت فى عمارة الشربتلي وإخلاء سكان العقارات المجاورة، وظهرت المبادرات التي تعكس نبل الشخصية المصرية فى نفس الوقت أبدى الرئيس عبدالفتاح السيسى اهتماما وتحدث عن ضرورة تعويض السكان، وهى رسالة كان لها أثر كبير فى النفوس.
بعض الأصوات تحدثت عبر وسائل التواصل الاجتماعى بطريقة أظهرت عدم ارتياح لصرخة سكان الزمالك واعتبرت أنه نوع من البحث عن معاملة متميزة وهذه الرؤية تحتاج الى شرح وتوضيح من زاوية أهمية جزيرة الزمالك كمنطقة نادرة تضم كنوزا تاريخية لا مثيل لها وقصورا نادرة تمثل ثروة قومية لمصر وبعثات دبلوماسية تقيم، وطبيعى أن تكون صورة مصر أمامها فى أفضل صورة .
على سبيل المثال فى الهند متحف تاج محل لا يسمح بوصول السيارات التى تعمل بالوقود إليه والحركة السياحية الزائرة تتوقف على بعد مسافة كبيرة منه وبعدها يتم نقل الزوار بسيارات يدوية بهدف الحفاظ عليه.
جزيرة الزمالك…القيمة والتراث، الاصدار الأول والذى أصدرته وزارة الثقافة يؤكد أن الدولة مهتمة جدا وعبرت عن ذلك الدكتورة إيناس عبدالدايم وزيرة الثقافة عندما قالت إن اختيار الزمالك لتكون باكورة سلسلة ذاكرة المدينة جاء بهدف القيمة التاريخية والتراثية لمنطقة الزمالك وتنوع طرازها المعماري، بما يجعله حيا جديرا بالحفاظ على ثرواته المعمارية، ذات التنوع المبهر، والنسيج المجتمعي الذى لا يقل عن نسيجه العمراني، وهو ما يتطلب تكاتف المجتمع المدنى مع مؤسسات الدولة، من أجل الحفاظ على هذا التراث الجدير بصونه والحفاظ عليه.
وعرض الكتاب جهود الجهاز القومى للتنسيق الحضارى للحفاظ على جزيرة الزمالك، حيث يبذل جهودًا دؤوبة لوضع أسس واشتراطات الحفاظ على جزيرة الزمالك، بوصفها منطقة ذات قيمة تراثية ومعمارية متميزة.
قائمة الشخصيات التاريخية التى عاشت فى هذا الحى لا حصر لها وتشير بوضوح إلى أهميته وسمعته، ولا يحتاج الحى الى شيء أكثر من تطبيق القانون ومنع التجاوزات وحماية الكنوز الأثرية به وعدم التوسع فى مد شبكات النقل الجماعى إلى شوارعه والبحث عن مسارات جديدة تمتص حركة العابرين منه إلى وسط المدينة وغيرها.
فى النهاية يتوقع سكان عمارة الشربتلى والعمارات المجاورة الدعم والعودة إليها وهى آمنة وألا تكون محطة المترو سببا فى نكبة الحى الهادئ أو سببا فى متاعب السكان الذين يتطلعون إلى أن تكون كل مناطق مصر راقية تخلصت من العشوائيات الغريبة على أم الدنيا لكنها تعانى منها بسبب عدم احترام القانون ، والفساد الذي كان عنوانا للمحليات فى وقت كانت مصر فى أمس الحاجة إلى نزاهة اليد والضمير والحمد لله الآن تسترد كل هذا وتحاسب من أضر بالوطن.