لم ينصحه أحد بأن يحتفظ بعلم مصر في غرفته، وأن يكون أول ما يضعه على كتفه في أثناء لحظة هي من أجمل لحظات عمره، علم مصر، فقط ترك إحساسه بوطنيته وحبه لبلده يقوده، لحظة عبر فيها أمام كل شاشات العالم أنه مصري، وأن بلده هي أول ما يلون مشاعره بلون مبهج، وهي ليست المرة الأولى التي يضعنا محمد صلاح أمام اختبارات، على من يحبون بلدهم أن يسألوا أنفسهم بأهمية الوطنية وحب البلد. في فيلم "فى بيتنا رجل" سأل رشدي أباظة الذي جسد شخصية المستهتر "عبدالحميد زاهر" عمر الشريف في شخصية "إبراهيم حمدي" سؤالا لخص هذا السؤال مضمون الفيلم: "إنت ليه بتعمل كده.. وتعرض نفسك للخطر.. فقال له عمر الشريف ملخصًا له الإجابة في كلمة واحدة " الإيمان بحب الوطن ".. هذا الفيلم - الذي كتبه إحسان عبد القدوس، وأخرجه هنري بركات، وشارك فيه عمالقة التمثيل حسين رياض وزبيدة ثروت وحسن يوسف - قدم رسائل معبرة، تشبه كثيرًا ما يقدمه محمد صلاح ، من تقديمه رسالة إلى العالم عن حب الإنسان المخلص إلى بلده. محمد صلاح يؤمن بحب مصر، لا يؤمن بمصالح، فهو ليس بحاجة إلى مصالح، ولا مناصب، ولا أن يتم استضافته في برنامج ليقدم نفسه، أملا في أن يحصل على عضوية في حزب، أو أن يقول لأبناء دائرته إنه يتحدث في الإعلام، وإن أصواتهم أمانة.. لم يكن أحد ينتظر من محمد صلاح عندما صعد إلى منصة التتويج - بعد فوز ناديه ليفربول بلقب الدوري الإنجليزي - أن يحمل العلم المصري ، بل هو فعلها من وازع تقديره للحظة، لحظة مصر تحتاج إلى إيمان أبنائها بقوتها، بحضارتها أمام العالم، بعد تتويج الفريق بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز " بريميرليج "، للمرة التاسعة عشرة في تاريخه. هي لحظة لا تقدر بثمن، قد لا تنجح فيها كل أشكال الدعاية على قنوات العالم، وبكل اللغات، صعد ولم يبالغ، لم يبعث لنا نحن برسائل، بل إلى العالم، بأنه نجم أهم نادي اليوم، وأن له الشرف أن يحمل علم بلده مصر. نحن بحاجة إلى أن نحمل علم مصر، دون أن نصور أنفسنا بلقطات فيديو، أو صور، ونبثها على صفحاتنا، لنبعث برسائل إننا وطنيون، نحن تحركنا وطنيتنا التي ولدنا بها، وتربينا عليها، ونؤمن بها، كما فعل محمد صلاح ، لسنا بحاجة لأن ننتظر ثمن حبنا لبلدنا، أيضًا كما فعل "مو" فهو يعلم جيدًا أن العالم يعرفه، ويعرف أنه مصري، وأن الأجيال الأجنبية التي أحبته من الأطفال قد لا تعرف لون علم مصر، ومن هذه اللحظة عرفت أنه ذو الألوان الثلاثة، وأنه من شرف اللحظة المهمة، تتويج أهم بطولة ناد إنجليزي.. وتسلم محمد صلاح ، ميدالية التتويج بلقب الدوري الإنجليزي ، بعد صعوده إلى منصة التتويج. الرسالة التي أراد "صلاح" أن يبعثها لنا هي: "حبوا بلادكم بلا ثمن، ستمنحكم أكبر مما تنتظرون!!".