«الداخلية» تنظم أولى الدورات التدريبية مع إيطاليا عن «الهجرة غير الشرعية»    «إسكان النواب» توافق على موازنة الهيئة القومية لمياه الشرب والصرف الصحي    تداول 118 ألف طن و 535 شاحنة بضائع عامة ومتنوعة بموائ البحر الأحمر اليوم    استشهاد 34 فلسطينيا في غزة من بينهم 22 برفح (تفاصيل)    السيسي عن دعوته لزيارة البوسنة والهرسك: سألبي الدعوة في أقرب وقت    أنشيلوتي لا يعرف الخسارة أمام بايرن في دوري أبطال أوروبا    «لازم اعتذار يليق».. شوبير يكشف كواليس جلسة استماع الشيبي في أزمة الشحات    تعرف على حقيقة تسمم مياه الشرب في مركز قوص بقنا    بعد رحيله.. تعرف على أبرز المعلومات عن المخرج والسيناريست عصام الشماع (صور)    الجندي المجهول ل عمرو دياب وخطفت قلب مصطفى شعبان.. من هي هدى الناظر ؟    إيرادات قوية لأحدث أفلام هشام ماجد في السينما (بالأرقام)    وزير الصحة: توفير رعاية طبية جيدة وبأسعار معقولة حق أساسي لجميع الأفراد    فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا.. «البحوث الإسلامية» يطلق حملة توعية شاملة بمناسبة عيد العمال    إعلام عبري: عشرات الضباط والجنود يرفضون المشاركة في اجتياح رفح    مصرع 42 شخصًا على الأقل في انهيار سد شمال نيروبي    «العمل» تنظم فعاليات سلامتك تهمنا بمنشآت الجيزة    الأنبا بشارة يشارك في صلاة ليلة الاثنين من البصخة المقدسة بكنيسة أم الرحمة الإلهية بمنهري    محمد شحاتة: التأهل لنهائي الكونفدرالية فرحة كانت تنتظرها جماهير الزمالك    صعود سيدات وادي دجلة لكرة السلة الدرجة الأولى ل"الدوري الممتاز أ"    عرض صيني لاستضافة السوبر السعودي    عواد: كنت أمر بفترة من التشويش لعدم تحديد مستقبلي.. وأولويتي هي الزمالك    كيف احتفلت الجامعة العربية باليوم العالمي للملكية الفكرية؟    إصابة عامل بطلق ناري في قنا.. وتكثيف أمني لكشف ملابسات الواقعة    «أزهر الشرقية»: لا شكاوى من امتحانات «النحو والتوحيد» لطلاب النقل الثانوي    استمرار حبس 4 لسرقتهم 14 لفة سلك نحاس من مدرسة في أطفيح    محافظ أسيوط يشيد بمركز السيطرة للشبكة الوطنية للطوارئ بديوان عام المحافظة    القومي لحقوق الإنسان يناقش التمكين الاقتصادي للمرأة في القطاع المصرفي    1.3 مليار جنيه أرباح اموك بعد الضريبة خلال 9 أشهر    أبو الغيط يهنئ الأديب الفلسطيني الأسير باسم الخندقجي بفوزه بالجائزة العالمية للرواية العربية    515 دار نشر تشارك في معرض الدوحة الدولى للكتاب 33    محافظ الغربية يتابع أعمال تطوير طريق طنطا محلة منوف    مركز تدريب «الطاقة الذرية» يتسلم شهادة الأيزو لاعتماد جودة البرامج    بالاسماء ..مصرع شخص وإصابة 16 آخرين في حادث تصادم بالمنيا    الوادي الجديد تبدأ تنفيذ برنامج "الجيوماتكس" بمشاركة طلاب آداب جامعة حلوان    عامر حسين: لماذا الناس تعايرنا بسبب الدوري؟.. وانظروا إلى البريميرليج    دراسة تكشف العلاقة بين زيادة الكوليسترول وارتفاع ضغط الدم    المشاط: تعزيز الاستثمار في رأس المال البشري يدعم النمو الشامل والتنمية المستدامة    ضحايا بأعاصير وسط أمريكا وانقطاع الكهرباء عن آلاف المنازل    كشف ملابسات واقعة مقتل تاجر خردة بالإسماعيلية.. وضبط مرتكب الواقعة    ولع في الشقة .. رجل ينتقم من زوجته لسبب مثير بالمقطم    منهم فنانة عربية .. ننشر أسماء لجنة تحكيم مهرجان كان السينمائى فى دورته ال77    مؤسسة أبو العينين الخيرية و«خريجي الأزهر» يكرمان الفائزين في المسابقة القرآنية للوافدين.. صور    مصرع شخض مجهول الهوية دهسا أسفل عجلات القطار بالمنيا    التعاون الاقتصادي وحرب غزة يتصدران مباحثات السيسي ورئيس البوسنة والهرسك بالاتحادية    «الرعاية الصحية» تشارك بمؤتمر هيمس 2024 في دبي    خلي بالك.. جمال شعبان يحذر أصحاب الأمراض المزمنة من تناول الفسيخ    رمضان السيد: الأهلي قادر على التتويج بدوري أبطال إفريقيا.. وهؤلاء اللاعبين يستحقوا الإشادة    أول تعليق من ياسمين عبدالعزيز على طلاقها من أحمد العوضي    رئيس الوزراء: 2.5 مليون فلسطيني في قطاع غزة تدهورت حياتهم نتيجة الحرب    فضل الدعاء وأدعية مستحبة بعد صلاة الفجر    سعر الذهب اليوم الاثنين في مصر يتراجع في بداية التعاملات    أمين لجنة الشئون الدينية بمجلس النواب: هذا أقوى سلاح لتغيير القدر المكتوب    مطار أثينا الدولي يتوقع استقبال 30 مليون مسافر في عام 2024    "استمتع بالطعم الرائع: طريقة تحضير أيس كريم الفانيليا في المنزل"    سامي مغاوري: جيلنا اتظلم ومكنش عندنا الميديا الحالية    بايدن: إسرائيل غير قادرة على إخلاء مليون فلسطيني من رفح بأمان    من أرشيفنا | ذهبت لزيارة أمها دون إذنه.. فعاقبها بالطلاق    الإفتاء توضح حكم تخصيص جزء من الزكاة لمساعدة الغارمين وخدمة المجتمع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



16 فناناً يسجلون شهاداتهم في مئويته: ناصر الفن

أن يجلس رئيس جمهورية ليصالح بين اثنين من الفنانين ويطالبهما بالتعاون وتقديم أعمال فنية سويًا، الرئيس هو «جمال عبدالناصر» والفنانان هما «أم كلثوم» و«عبدالوهاب»، أو يذهب رئيس جمهورية إلى منزل فنان مريض ليطمئن عليه، الرئيس هو «عبدالناصر» ثانية والفنان المريض كان «عبدالحليم حافظ», أو يقبل رئيس جمهورية حضور العرض الخاص لفيلم فنان آخر بدلا منه، لأن هذا الفنان وقع فريسة المرض قبل العرض الخاص بأيام، الرئيس ثالثا هو «ناصر» والفنان هذه المرة «فريد الأطرش».. مواقف لا حصر لها قام بها «ناصر» مع الفنانين.. وليست مواقف شخصية فقط، وإنما جعل موقفه المحب للفن والمقدر لقيمته وأهميته هو موقف الدولة بأكملها. الفن عنده كان عمودًا أساسيًا من أعمدة البيت الكبير - مصر. لذلك ليس غريبًا أن تكون أزهى وأهم عصور الفن فى مصر على جميع المستويات هى فترة هذا الزعيم، ولكن الغريب فى الأمر أن أكثر من اعتنى بالفن فى مصر لم يعتنِ به الفن بالقدر الكافى ولم يقدم عنه وعن سيرته سوى عدد محدود من الأعمال الفنية، أغلبها كان انتقاديًا - مهاجمًا.. «جمال عبدالناصر» يستحق من الفن أكثر من ذلك.. وإليه فى ذكرى ميلاده هذه الشهادات القليلة، البسيطة والتى تشهد على حكايات بعض من عاصروه، بعض من شهدوا حضوره لعروض أفلامهم ومن خرجت مسرعة بملابس البيت عقب خطاب التنحى مع باقى الرافضين لتردعه عن هذا القرار، ومن استفادوا بقراراته فى مجانية التعليم ومن عاشوا فترة «الحفاء العظيم».. من عرفوا معنى العزة والكرامة وهيبة وشموخ مصر بين الأمم.


مالك الحلم
«جمال عبدالناصر» كان يمتلك موهبة ربانية، استطاع من خلالها أن يوصل رسالته للمواطن المصرى بل والعربى، رسالته فى توحيد الصف فى أنحاء الوطن العربى كله. قام بتوحيد صوت وآمال ورغبة ملايين الجماهير المصرية والعربية من خلال موقفه ضد الاحتلال والاستعمار. ومساعيه المستمرة وراء الاستقلال بكل أشكاله السياسى والاجتماعى والاقتصادى.
كان «ناصر» يمثل الأمل فى تحقيق استقلال الشعوب العربية المقهورة. وكان يدرك أنها أمنية كل مواطن عربى، وقد قالها «ناصر» على لسانه وحاول تحقيقها بمساندة الشعوب العربية فهو والشعوب عبروا عن آمال وأحلام بعضهم البعض.. «عبدالناصر» كان يمتلك حلمًا التقى بحلم الشعوب العربية واستطاع أن يوحد الهدف.
«عبدالناصر» حرك كل الأيقونات الموجودة فى مصر من أجل القضية الأعم والأشمل. فقد بعث برسالته أيضا عن طريق صوت العبقرى الذى كان يمثل نبض ووجدان العرب فى ذلك الوقت «عبدالحليم حافظ». حيث وضع المبادئ والآمال والآلام فى صوت يعشقه المصريون والعرب، مما خلق وحدة متكاملة.
«عبدالناصر» زعيم كبير كان يمتلك كاريزما، له إنجازات وله إخفاقات، لا نستطيع أن ننسى الثورة الصناعية التى قام بها ولا ننكر أهمية السد العالى ولا الدور الريادى الذى أوجده لمصر فى فترة حكمه.
هناك من يحب «ناصر» وأكيد هناك من يكرهه، كل كاتب أو مؤرخ أو حتى مواطن عادى له وجهة نظر مختلفة وانطباعات عن فترة حكمه يشوبها وجهة نظره الشخصية. وعامة، لا يوجد إنسان كامل ولم يجتمع البشر على أحد.. وفى أحيان كثيرة لا نستطيع أن نحكم على الأش ياء أو الأشخاص حكمًا مطلقًا، خاصة إذا كانوا فى مناصب حساسة كالزعماء. لأن هناك أسرارًا متعلقة بأمن الدول وسياساتها لا تنكشف فى أوقاتها. وكل مرحلة تاريخية لها متطلبات وطريقة تعامل مختلفة و«جمال عبدالناصر» خاض معارك كثيرة من أجل الحفاظ على أمن مصر والمنطقة العربية كلها.
نادية

وطنى من الطراز الأول
صادق الوعد.. زعيم تحمل مسئوليات كبيرة، له نجاحاته وإسقاطاته.. مخلص لمصر بدرجة امتياز، لم نشعر يوما أن له أهدافا أو أغراضا خاصة من وراء هذه الزعامة.
قريبا كنت أقرأ بحثا فى مجلة أمريكية عن تأميم قناة السويس، وعن فكرة اتهام «جمال عبدالناصر» بأنه استعجل قرار التأميم. وأوضح البحث أنه كان قرارا صحيحا لأن الفرنسيين فى حقيقة الأمر كانوا ينوون عدم ترك القناة.
هذا الرجل تفانى فى حب الوطن، حمل مسئولية مرحلة زمنية صعبة، كان يحارب داخليا وخارجيا. تعرض لعدوان الدول الخارجية أكثر من مرة.. لم تتغير وجهة نظرى عنه، فقد وجد فى زمن صعب وتمكن من إعادة استراتيجية مصر ومكانتها بين الدول. أردت أن أعرفه أكثر فقرأت ما كتب عنه باللغة العربية والإنجليزية .
كان رمزا، فعندما كنا شبابا كنا نشعر أنه صوت لأحلامنا وحماسنا السياسى. كنت أؤيده فى كل خطواته، باستثناء حرب اليمن. كان رجلا يضرب أعداءه فى الوجه، يمتلك وعيا ويدرك أهمية مصر الاستراتيجية. كان صاحب رؤية فى كثير من الخطوات التى اتخذها، ومنها بناء السد العالى، إدخال الصناعات الثقيلة، اهتمامه بالفن والثقافة.. كان له الكثير من الإيجابيات، كما كان له أخطاء.. فهو فى النهاية، بشر، وليس نبيا.
الفن لم يقدمه كما ينبغى، ولم يعطه حقه فهو يحتاج إلى عمل ضخم كالأعمال التى قدمت عن «غاندى» أو «كاسترو». الرئيس الراحل «جمال عبدالناصر» هو رجل مصرى وطنى من الطراز الأول.. زعيم مخلص لوطنه، ولأرضه.
العلايلى

زعيم صادق
شهادتى عن «جمال عبدالناصر» مجروحة، فهو ليس شخصا عاديا.. كى نتحدث عنه بشكل عادى، نحن هنا نتحدث عن شخصية وطنية أحدثت نقلة كبيرة لمصر، انتشلها من ظرف لآخر جديد لم تشهده فى تاريخها. فبعد قرون من الإقطاع، ولدت مصر جديدة وحرة لها مكانة وسط العرب والعالم.. حمل «ناصر» هذه المهمة على عاتقه، فأصبح للمصرى البسيط قيمة وصوت، هذا ما حاول أن يفعله «عبدالناصر»، لقد حاول بناء صناعة وطنية وخلق حركة تحررية فى الوطن العربى بأكمله.
أيام طفولتى وقبل دخولى المعهد العالى للسينما، رأيت فى «ناصر» الرمز الكبير والأيديولوجية الناجحة، كنا جميعا نؤمن به وبإنجازاته، لكن للأسف ما لبثت تلك الإنجازات أن زالت على يد من جاء بعده، وكأنها لم تكن.
إن الصدق لمن أهم سمات الزعامة لدى «ناصر»، لن يستطيع أحد أن يُنكر مواقفه الوطنية، وأتعجب من هؤلاء الذين ينكرون فضله على المواطن البسيط ابن الطبقة الوسطى، بالطبع أتحدث عن الذين عاشوا فى تلك الحقبة، وليس عمن ليس لديهم أدنى فكرة عنها سواء هنا فى مصر أو فى المنطقة العربية.
الأعمال الفنية التى قدمت سيرة «ناصر» سواء فى السينما أو التليفزيون، أمر يطول الحديث فيه، لكن وبشكل عام أرصد منذ فترة وجهة نظر مفادها أن التاريخ هو الذى يؤطر أعمال السيرة الذاتية، لكن فى الحقيقة هذا من قبيل السذاجة، فمهمة الفنان ليست صنع التاريخ بل التعبير عن خياله ورؤيته للشخصية، بالإضافة لضرورة وجود خط درامى وصراع فى سبيل وجود عمل تشويقى يراه الناس.
أقول إن الناس يذهبون للسينما أو يفتحون التليفزيون لمشاهدة وجهة نظر الكاتب والمخرج فى شخصية «ناصر»، فهم ليسوا بصدد مشاهدة فيلم وثائقى يسرد لهم أحداثا، وإن كانوا يفضلون مشاهدة «عمل تاريخى» فكتب التاريخ موجودة.
ومع ذلك ورغم كل الأعمال التى رأيتها فى السينما والتليفزيون عن «جمال عبدالناصر»، لا أفضل سوى أداء الراحل «أحمد زكى»، وهذا لا ينتقص من الممثلين الآخرين الذين جسدوا «ناصر» فكل له أسلوبه وطريقته، لكنى أميل أكثر لأداء «زكى» عندما قدمه فى فيلم «ناصر 56».
بدرخان
قائد شعبى
فترة حكم الزعيم «جمال عبدالناصر» كنت صغيرة لا أدرك معنى السياسة والحياة السياسية. ولكنى دائما ما أسمع من الناصريين أنه «ناصر» لأنه نصر «الغلابة» لذلك عاش فى وجدانهم، وفتح لهم آفاقا من الأمل والحلم فى التعليم والعمل والحياة الكريمة .
بطبيعة شخصيتى لا أصدق كل ما يكتب فى الكتب والمراجع عن الزعماء. لأنها فى الغالب تتبع الأهواء الشخصية لكتابها سواء كانوا مع الشخص فيكتبون لصالحه أو ضده فيكتبون العكس، ولذلك لم أستق معلوماتى عنه من الكتب ومتأكدة من أن شعبية وزعامة «عبدالناصر» جاءت من وقوفه بجانب البسطاء لأنهم العامة والأغلبية. وقد سمعت من أشخاص كثيرين عن فضل «عبدالناصر» عليهم فى تغير مسار حياتهم، التى كانت ستنتهى وهم مجرد أميين لا يعرفون شيئا إلا تربية المواشى.
للأسف معظم الأعمال الفنية التى قُدمت عن فترة حكم الزعيم «جمال عبدالناصر»، أدانت هذه الفترة مثل فيلم «الكرنك» و«إحنا بتوع الأتوبيس» و«وراء الشمس» وغيرها. والتى قدمت السلبيات أكثر من الإيجابيات.
إلهام
حبيب الفنانين
ترتبط ذكرى الراحل «جمال عبدالناصر» فى ذهنى بالثورة فى مصر، وبالقوة وبالهيبة والشجاعة، وفى رأيى أنه هو الزعيم الذى غير معالم مصر.
وأعتقد أن «عبدالناصر» استوعب جيدا أهمية الرسالة الفنية وأدرك أن الفن قوة ناعمة ومؤثرة تغزو العقول، لذلك أخرجت فى عهده روائع فنية كثيرة، بالإضافة لسلسلة أفلام «إسماعيل يس» فى «الجيش» و«الأسطول» «والبحرية» و«الطيران»، وكلها كانت تهدف لبث روح الجندية وتحفيز الشباب على الانضمام للجيش، ولا يمكن أن أنسى لحظة حضوره للعرض الخاص لأول أفلامى «إسماعيل يس فى الجيش» فى «سينما ديانا»، ورغم أنه لم تجمعنى به مقابلة شخصية فإننى أذكر أن سعادتى كانت غامرة وشعرت بالفخر والنجاح.
وكان دائما يحضر العروض الخاصة للأفلام مثل فيلم «رد قلبى»، وجمعته علاقة قوية بنجوم السينما حتى إنه كان سببا مباشرا فى الأفلام التى كانت تجسد المقاومة والشجاعة والانتماء والوطنية.
وكان حريصا دائما على تدعيم علاقته بالفنانين والقرب منهم، فارتبط بعلاقة قوية مع «عبدالحليم حافظ» وحضر حفلاته بنفسه، وكوكب الشرق «أم كلثوم» التى كانت مقربة منه، وغنت له، ودعمته عقب التنحى، وأيضاً الموسيقار «محمد عبدالوهاب».
سميرة

عبقرية فذة
«عبدالناصر» خرج من وسط الناس، وحكم من أحاسيس الناس وإرادة الجماهير.. ولذلك ظل فى قلوبهم حتى الآن، جيلا بعد جيل. فمهما مر الزمن تتوارث الأجيال سيرته وتبقى كثير من أعماله لتؤكد هذه الصورة فى قلوب الناس.
عاصرت «ناصر» وأنا طالب فى المرحلة الثانوية فى ثورة 23 يوليو فى الإسكندرية؟ وكانت البدايات تقدم «محمد نجيب» فى الصورة، إلى أن كشفت الحقيقة كاملة فى أن «جمال» هو مفجر الثورة والمخطط الأول لها مع هيئة الضباط الأحرار. وأفتخر أننى حضرت مسيرة أول استعراض للاحتفال بالثورة عام 1953. وكنت وقتها منضما إلى منظمة الشباب، وعشت حياتى الجامعية كلها فى ظل حكم «ناصر» من أول إلغاء الألقاب وقوانين الإصلاح الزراعى، وصولا إلى الجلاء وإعلان الجمهورية. فقد أعاد حكم مصر للمصريين بعد مئات السنين، فمنذ حكم القدماء المصريين ومصر يتوافد عليها ويحكمها أغراب سواء عثمانيين أو مماليك أو إنجليزأو فرنسيين وغيرهم.. «ناصر» هو من أخرج الإنجليز من مصر إلى الأبد عام 1956 .
أنا وجيلى عندما تخرجنا فى الجامعة فى عصر الزعيم «جمال عبدالناصر» كنا نجد وظيفة واثنتين وكان هناك انتماء ووطنية ووحدة صف حول زعيم الأمة.
«ناصر» خلق وحدة وروحا ومحبة ومن أهم إنجازاته أيضا، التليفزيون، الذى خلق تغييرًا فى الحركة الثقافية وقدم المعارف والعلوم وخلق 12 فرقة مسرحية أنعشت الفكر الثقافى لدى المصريين.
حتى الآن الفن لم يعبر عن عبقرية الزعيم «جمال عبدالناصر» ولم يقدم صورته كاملة، وتجربتى مع فيلم «ناصر 56» كانت تجربة مهمة لأننا قمنا بتصحيح مفاهيم مغلوطة، فقدمت كمخرج و«محفوظ عبدالرحمن» ككاتب سيناريو، جزءا من حياة «عبدالناصر» وهى فترة قراره تأميم قناة السويس، التى اتهمه البعض فيها بأنه اتخذ هذا القرار بتسرع وفى عجالة دون مشاورة أو مراجعة أحد.. ولكن عندما قررنا عمل الفيلم بحثنا فى هذه الفترة وقرأنا التاريخ فوجدنا أنه يفكر فى الأمر من 1953 حتى 1956.. وكان اختيار التوقيت مطلبا شعبيا بدليل أن طلعت حرب طالب بتأميم القناة منذ عام 1942.
فاضل

كبير العائلة
لطالما كان «جمال عبدالناصر» بالنسبة لى زعيما قويا ومحبوبا، وبعيون شابٍ صغير توسمت فيه الزعيم الذى قاد وسيقود مصر إلى التقدم والعدالة، كلها كانت شعارات صدقناها جميعا وآمنا بها. إلى أن جاءت نقطة التحول الأساسية لديَّ وأبناء جيلى كله عام 1967 هذا العام الذى فضح النظام كله فانزاح الستار.. ستار «النكسة»، كأنما دخلت مطبخك لتجد الصراصير والحشرات قد احتلته عن آخره، بالطبع ظل البعض مؤمنا ب«ناصر» عقب الهزيمة، وبالطبع خرج الملايين مطالبين إياه بعدم التنحى، لكن لهذا بواعث وأسباب ليس لها علاقة بالنظام.. إن الملايين طالبوا «جمال عبدالناصر» بالتراجع عن قرار التنحى نتيجة موقف انفعالى، إذ إنهم استيقظوا ذات يوم ليجدوا أن الزعيم قد تنحى، تماما كما يموت «كبير العيلة»، ومن هنا انفجر الشعب حزنا عليه.
ومع ذلك أرفض وجهة النظر التى قالت إن تلك المظاهرات كانت «مصنوعة» و«موجهة»، فهذا ليس صحيحا على الإطلاق، وأنا شاهد على ذلك لأنى كنت أقطن بجانب بيت «ناصر» وخرجت ورأيت وجوه المصريين فى الشوارع والشرفات وقد نهشها الحزن.
فيما بعد، كانت أمامنا حرب، وآمن الناس بحلم «ناصر» ورغبته القوية فى تحرير الأرض إلى أن توفاه الله، ومع ذلك كانت «النكسة» بمثابة القشة التى قصمت ظهر البعير، وانجلى للشعب كل المسكوت عنه وهو أنه يجب ألا يظل مصير وطنهم معلقا فى رقبة شخص واحد، إن بلدًا بحجم مصر وظروفها تخلو من شيء اسمه «ديمقراطية»، وظللنا نخوض هذه المعركة حتى يومنا هذا.
بعد الهزيمة فقد الكثير إيمانهم ب«ناصر» وكانت هناك قلة رافضة لقراراته، ولهذا أسباب شتى، فالبعض تضرر من تلك القرارات والبعض الآخر أدركوا أن هناك شيئا خاطئا فى سياسة الدولة وأن البلد يعانى من مشكلات كثيرة لن تُحل فى ظل هذا النظام.
والآن وقد مرت السنون، حينما ننظر إلى «ناصر» سنراه مخلصا لكنه كان أيضا مخطئا نظرا للظروف التى عاشها، وهذا أمر يتطلب رؤية تحليلية سياسية وتاريخية أعمق، لكن هناك آراء مختلفة مفادها أن «جمال عبدالناصر» كان يريد تطبيق الديمقراطية لكنه لم يوفق.. إن ما أقصده أشبه الآن بموقف الرئيس «عبدالفتاح السيسى»، فمثلا هل كان يستطيع «السيسى» تعويم سعر الجنيه وإلغاء الدعم فى ظل وجود مناخ ديمقراطي؟! بالتأكيد هناك فارق، وهو أن «السيسى» تسلم البلاد وهى «نظيفة» سياسيا، فلا هناك أحزاب ولا توجد بلورة للاتجاهات السياسية، ناهيك عن عدم وجود أى دور للنقابات.
«ناصر» هو الذى «نظف» البلاد، وأقول «نظف» هنا بمعناها الساخر وليس الحقيقى، هو الذى لغى السياسة فى مصر وأممها ولم يكن للنقابات العمالية فى حقبته أى دور لأنه أعطى لهم ما يطالبون به وأكثر، بالتالى لم يكن لها أى قيمة، وتبقى الأسئلة تطرح نفسها فلا تعرف أين الصواب وأين الخطأ، وأنا لست حكما فى ذلك.. ومع ذلك، أنا أدين وبقوة عدم وجود ديمقراطية وغياب القانون وأدين الاعتقالات والتعذيب سواء فى عصر «ناصر» أو غيره، كل ذلك غير مسموح بالنسبة لى حتى وإن كانت له أسباب ومبررات.
إننى أدرك أن هذه الأمور ليست باليسيرة، وأتذكر الآن موقف وزير الداخلية الأسبق «حسن أبوباشا» بعد اغتيال «السادات»، حينما سألوه عن حملات التعذيب، فرد عليهم بأن هذا الأمر طبيعى عندما يكون لديك رئيس مقتول. لقد احترمت هذا الموقف كثيرا، فهو لم ينكر ولم يقل إنها تصرفات فردية وأن التعذيب ليس ممنهجا، كما يقول البعض الآن، لذلك عندما تسألنى: «هل توافق على التعذيب» سأرد ب«لا» بالطبع، ولحسن الحظ لستُ من صناع القرار.
أما عمن يقولون إن السينما والتليفزيون لم يقدما «ناصر» بشكل كافٍ، فأنا أندهش منهم، فما معنى هذه الكلمة؟ لا يوجد شيء كاف، فالفنان حينما يكون له موقف تجاه قضية ما سيقدم عملا يعرض هذا الموقف من منظوره وتصوره الشخصى.. هناك الكثير من الأفلام والأعمال التليفزيونية سواء أكانت دعائية أم سردية، أظهرت شخصية «ناصر» أذكر منها فقط فيملين الأول هو «ناصر 56» بالطبع، والثانى هو فيلم «جمال عبدالناصر» بطولة «خالد الصاوى»، وهذا لم أشاهده من قبل.
وفى حالة «ناصر 56» فهو الأفضل من بين الأعمال القليلة التى شاهدتها عن «جمال عبدالناصر» وهو الأفضل بالنسبة لى، وأعتقد أن دور «ياسر المصرى» فى مسلسل «الجماعة» كان جيدا ورصينا، رغم أن هناك فارقا بين فيلم كامل يتحدث عن «جمال عبدالناصر» ومسلسل ظهر فيه ك(شخصية) بينما العمل نفسه يسرد تاريخ الجماعة !!.
داود

نصير الفقراء
أنا مدينة للرئيس الراحل «جمال عبدالناصر» لأنى دخلت الجامعة بثلاثة جنيهات ونصف فقط، وفور تخرجى، حصلت على وظيفتى فى وزارة التعليم، حتى وإن كنت قد أقدمت على مهنة أخرى فيما بعد هى العمل الفنى، لكنى لم أعان أبدا من فكرة البحث عن وظيفة.. ولولا «ناصر» لكان تعليمى كأنثى عبئًا على عائلتى، التى كانت ستفضل حينها تعليم الأولاد أولا، لأننا كنا أسرة قادمة من الريف.. لقد حققت طموحى فى عهده.
كما كان فى عهده الفساد محدودا جدا، وكانت الناس تراه مثلا أعلى ليسيروا وراءه.
ولم يكن الفقر فى عهده عيبا، وهذا أهم ما ميز فترته، فأذكر أننا كنا نجوما وكنا نركب المواصلات العامة.. فكنا نذهب عن طريق المترو إلى مبنى ماسبيرو لتصوير مسلسل «القاهرة والناس»!!
وفى هذا اليوم الذى سأتحدث فيه عن الزعيم «عبدالناصر»، أود أن أقول للناس ثلاث لقطات مهمة:
أولا «عبدالناصر» من خلال كتاب «لعبة الأمم»، الذى يحتوى على اعترافات وتقارير تدور حول حكمة «ناصر» فى الكواليس السياسية، وكيف استطاع يلاعب «أمريكا، وروسيا» معا، وحاول التكسب من الطرفين خلال صراعهما على أنهما يطيعانه.. حتى عندما أرسلت أمريكا رشوة مالية له شخصيا، بنى بها «برج الجزيرة»، وكأنه يقول لهم أنا لا آخذ رشوة لكنى أعمل شيئا يشبه المئذنة، وذهب الشعب يتفرج على «مصر» من الأعلى.
ثانيا يوم التنحى، رغم هزيمتنا فى حرب 1967 فإننا كنا جميعا متمسكين به جدا. وأذكر أننى فى هذا اليوم - كنت أسكن قرب «روكسى - مصر الجديدة»، أى قريب من بيت «عبدالناصر»، ولا أنتمى لأى أحزاب سياسية، وقبل أن ينهى «ناصر» خطاب التنحى، كنت أجرى بملابس البيت فى الشارع فى طريقى لبيته كبقية الشعب، ورأيت الجيش عندما كان يضع متاريس حول بيته.. ولن أنسى مفاجأتى عندما كنت أنزل من بيتى، لأجد جميع الجيران قد فتحوا أبوابهم فى نفس اللحظة، يهرولون إلى الشوارع متجهين إلى بيته، وأيضا جميع العمائر من حولنا كان يتقاذف منها الناس فى نفس اللحظة.
ثالثا جنازة «عبدالناصر»، فلا توجد جنازة فى التاريخ كجنازته، التى سار فيها الشعب كله ممن يحبونه أو لا يحبونه.. وأنا حزنت للغاية، لأننى شعرت أنه مشروع لم يكتمل، لم أكن أقدر الأمور حينها بعقلى، لكن كانت تحركنى مشاعرى. فكنا لانزال فى حاجة لاستكمال المشوار معه.
بعد أحداث 1967 لم أكن كبيرة بما فيه الكفاية، لكننى وجدت نفسى أقرأ التاريخ لأفهم ما الذى يحدث لنا، وما الذى يعانى منه «ناصر».. وأصبحت من وقتها عاشقة للتاريخ.. ووجدت أن مصر فعلا فى رباط لأننا كنا دائما فى حالة حرب.
الرئيس «عبدالناصر» رجل من الرجال العظام، الذين مروا على تاريخ مصر، فلم يكن عميلا للسرايا، أو الاستعمار.. ولايزال حتى فى غيابة حاضرا، وأكبر دليل هو أننا وجدناه فى ثورتى 25 يناير 2011 و30 يونيو 2013 عندما رفع الثوار صورته عاليا.
فهو رجل لم يهزمه الاستعمار، ما هزمه فقط هو مرض السكرى، لهذا أتمنى إنشاء «صندوق جمال عبدالناصر لمكافحة مرض السكرى» كذكرى له، يتبرع له الشعب.
أكره كل من يقول أنه رجل عسكرى.. «أحمس» كان رجلا عسكريا، و«رمسيس الثانى» أيضا، وكان كلاهما عظيما، وكانا ينزلان المعركة بأنفسهما.. وأقول لكل من يغتابوه «اذكروا محاسن موتاكم»، لأنه لا يوجد ملاك فى الدنيا لكن هنيئا لمن بذل قصارى جهده من أجل الوطن، وجمال عبدالناصر من هؤلاء.
وفى النهاية أريد أن يرى الناس صورة الحقيقة الكاملة. فنحن جيل تحمل منذ 1967 حتى 1973 الفقر الشديد ولكننا تحملناه بصحبة الابتسامة والأمل.
أما على المستوى الفنى، فالوحيد الذى كتب عنه بمنتهى العدل هو «محفوظ عبدالرحمن»، لأنه اختار وقتا محددا ليتحدث فيه عن «ناصر»، وهى فترة 1956 فى «ناصر 56» وأرى أنه عرض تلك الفترة بشكل رائع.
نادية

عاشق مصر
نال «جمال عبدالناصر» فكرة الزعامة المستمرة حتى الآن، لأنه لم يكن زعيما فى مصر وحدها. بل كان فى وقت من الأوقات زعيم الأمة العربية كلها.. استطاع أن يخلق حالة من الوحدة غير المسبوقة بين البلدان العربية..وذلك لأنه شارك الدول العربية كل جراحها مع الاستعمار وحتى هذه اللحظة يعتبر العرب «جمال عبدالناصر» هو الزعيم الوحيد الذى جاء فى تاريخهم .
لم تتغير وجهة نظرى عن «ناصر» منذ كنت شابا وحتى الآن.. رأيته زعيما وطنيا يعشق مصر وشعبها، كان يسعى دائما لأن يجعلها فى الريادة.. لتتولى مسئولية المنطقة العربية بأكملها. نعم، كانت له عيوبه ومميزاته، مثله مثل أى رئيس فليس فينا من هو معصوم من الخطأ. ولكن أيا كانت سلبياته فسوف يظل الزعيم الوطنى الذى سعى لمصلحة مصر وشعبها، ولم يسع لاستغلال منصبه.. ومات وهو مفلس. لم يهرب ملايين الدولارات خارج مصر ولم يلهث وراء تجميع الأرصدة فى البنوك .
عندما قدمت «عبد الناصر» فى مسلسل «العندليب». حاولت أن أكون محايدا، قدمته بمنتهى الصدق.. محاولا الاقتراب من الجزء الإنسانى وعلاقته بأسرته. لذلك عقدت جلسات مع «عبدالحكيم عبدالناصر» لأعرف الكثير عن علاقة الزعيم بأسرته الصغيرة. وأعتقد أن «مجدى كامل» أهم وأنجح من قدم شخصية «عبدالناصر» لأنه درس تاريخه جيدا. وشاهد الخطب واللقاءات الخاصة به، حتى تمكن من الوصول لروح «عبدالناصر». وأكثر ما قدم عن «ناصر» وكان معبرا عن جزء من حياته المليئة بالأحداث الكبرى، فيلم «ناصر 56». بخلاف ذلك كل ما قدم عنه لم يف «ناصر» حقه.
جمال

زعيم الوقت المناسب
كان «عبدالناصر» الزعيم الذى جاء فى الوقت المناسب، كما كان الأوفر حظا، لأن الناس حينها فى ثورة 1952، كانوا متمسكين بالقيم، والأخلاق التى تربى عليها (ناس الزمن القديم).
فكانوا يستجيبون ببساطة، وكان التعامل مع الشعب سهلا، بعكس تلك الأيام، التى أصبح فيها الناس يتشككون فى بعضهم البعض.. فبمجرد ما تناسوا الجزء الأخلاقى، بدأوا عدم الشعور بزعمائهم وأعمالهم.
أما على المستوى الفنى، فلم يُظلم تجسيد دور «عبدالناصر»، لكنه لم يأخذ حقه الكامل أيضا، فلاتزال هناك جوانب فى حياته لم يعرفها الناس بعد.. مثلا دوره الكبير، واهتمامه بالفن كقوة ناعمة لتنمية العقل، لم يتحدث حول هذا الأمر أحد بشكل كبير.بينما وجدنا عناية بتسليط الضوء على دوره فى أعماله وإنجازاته مثل بناء «السد العالى، وتأميم القناة»، أو دوره الكبير مع الدول العربية والأوروبية، لكن مدى اهتمامه بعيد الفنانين، لم يهتم أحد به حتى الآن.. فمن الذى وفق العلاقات بين «عبدالوهاب وأم كلثوم».. عبدالناصر.
الجندى

رمز العزة
الرئيس الراحل «جمال عبدالناصر» بالنسبة لى هو الرجل الذى يمكن أن نطلق عليه زعيم الأمة وليس مجرد رئيس لدولة، فكانت له الكثير من المميزات التى لم تتوفر فى أى حاكم مصرى غيره، فتميز بأنه كان حاكما لديه رهبة وقوى وجريء فى كلماته ومواقفه، فإذا ألقى خطبة، فكان خطيبا بارعا.. وشجاعا لا يهاب أحدا ولا يخاف من أحد.
وأنا شخصيا كنت أحبه جدا، رغم تأثر عائلتى بقرارات التأميم التى طالت أملاكنا، وذلك عندما تم نقل بعض الملكيات الخاصة بنا للمال العام وتحت سيادة الدولة، وعندما أصدر قانون الإصلاح الزراعى وقوانين تحديد الملكية الزراعية لصالح الفلاحين.
والشعب المصرى كله أيضا أحبه،وكانت له شعبية كبيرة، حتى أنه عندما تنحى عام 1967م، وهو عام «النكسة» واستقال من جميع مناصبه السياسية فى مصر بعد هزيمتنا من إسرائيل، تراجع عن استقالته بسبب المظاهرات الحاشدة التى انطلقت بين صفوف الشعب والتى طالبت بعودته إلى الرئاسة وذلك كله يرجع لحب الشعب له وتمسكه به.. وأكثر ما كان يميز فترة حكم «عبدالناصر» هو أنه الرئيس الذى أرهب العالم كله وعلى رأسهم أمريكا وإسرائيل وهى القوى التى لا يستهان بها فى العالم، ويمكن وصف قيادته بأنها لا هوادة فيها، ويعتبر رمزا لأيام من العزة لن تعود. لقد أضاف لمصر النهضة الاقتصادية سواء الصناعية أو الزراعية، ووحد الأمة العربية عندما نمت شعبيته فى المنطقة بشكل كبير، وتزايدت الدعوات إلى الوحدة العربية تحت قيادته وحررت كل الدول العربية من ورائه.
وبالنسبة للفن يعتبر عهد جمال عبدالناصر هو عهد إثراء للفن المصرى كله، خصوصا السينما والأغانى ويعتبر أيضا عهد ازدهار كبير للمسرح المصرى.
عفاف


الرئيس الملهم
أنا ناصرى وقلت ذلك مرارا وتكرارا سواء فى تصريحات صحفية أو حتى فى الأعمال التى قدمتها وعلى رأسها فيلم «ضد الحكومة»، إن أعمالى كلها عبارة عن «مرثية» لذلك الزمن الجميل الذى انقضى، حينما كانت مصر صاحبة إرادة، حينما كنا دولة منتجة نصنع كل شيء من الإبرة للصاروخ، كنا متحكمين فى كل شيء وفى مواردنا، وكنا نسعى لنيل استقلال سياسى بعد الاستقلال الاقتصادى.
إنه الزمن الذى دعمت فيه مصر العديد من دول العالم من خلال «ناصر» و«جوزيف تيتو» و«نهرو» تحت مظلة كتلة عدم الانحياز، وقت أن كان العالم مشتتا بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتى.
هذا الزمن الذى نشأت فيه.. أنا أحب «جمال عبدالناصر» جدا.. جدا! لقد ترعرعت ودرست بسبب قراراته، ولولا تلك القرارات لما تلقيت تعليمى، لأن مجتمع ما قبل «ناصر» كان مجتمع «النصف فى المئة» وذلك رغم ما يقوله أصحاب الأطيان، إذ كانت هذه الفئة من المجتمع هى المسيطرة على الاقتصاد المصرى، بينما لم يجد باقى التسعة والتسعين فى المئة من المصريين قوت يومهم.. كانوا بالكاد أحياء!
أعرف آلام الشعب المصرى جيدا قبل حقبة «ناصر»، بيد أننى عايشت فترة «الحفاء العظيم»، حينما لم يمتلك الفلاح البسيط - أغلب الشعب المصرى - سوى حذاء واحد يرتديه طيلة حياته، فكان إذا أراد الذهاب إلى المدينة لقضاء بعض المصالح، يغسل قدميه فى الترعة أولا ثم يخلع نعليه ويتأبطهما حال وصوله، وذلك كيلا يهترئا. «عبدالناصر» كان يعلم ذلك جيدا أيضا، لذا فإنه حينما قام بالثورة لم يأت بشيء جديد بل نفذ مطالب الشعب المصرى ومثقفيه الحقيقيين من أيام الملك الذين دعوا إلى توزيع الملكية الزراعية، وتطبيق فكرة العدالة الاجتماعية.. لما جاء «ناصر» طبق ذلك، لكن للأسف لم يتركوه يستكمل هذا المشروع لما مثله من خطورة بالغة عليهم، ولا أقصد فقط مشروع العدالة الاجتماعية بل أيضا فكرة التحرر السياسى الذى كان آخر بنوده تحقيق الديمقراطية بصورة صحيحة، وجاءت الهزيمة والنكسة، ثم الرئيس «المؤمن» الذى أقسم أنه سيسير على درب «ناصر».. ولكن بال«أستيكة».
هكذا تحولنا من دولة منتجة تسيطر عليها القيم الإنتاجية إلى دولة مستهلكة فأصبحنا نستورد %80 من الغذاء ولم يسلم من هذا الفول المدمس والعدس، وبات هناك زواج رهيب بين السلطة ورأس المال القبيح، وهذا هو التطور الطبيعى للتحول الذى أحدثه «السادات» بداية من 1974.
كان «ناصر» رمزا للعزة والشهامة والكرامة بالنسبة لى ولأبناء جيلى، أذكر حينما أعلن تنحيه خرجت من دمياط حتى القاهرة متنقلا بين الحافلات فقط كى أقول له لا تتركنا، خرج الشعب كله عن بكرة أبيه مستجديا «ناصر» ألا يتنحى.
شبكة «بى.بى.سى» البريطانية كانت قد أذاعت فيلما وثائقيا بعنوان why cairo was calm تحدث عن موت «السادات» وأظهر لقطات من جنازته التى كانت رسمية للغاية، فى حين أن جنازة «ناصر» شيعها الملايين ممسكين بكفنه ومرددين أغنية «الوداع يا حبيب الملايين»، التى خرجت بلحنها وكلماتها فى هذه اللحظة، هذا كان شكل العلاقة بين شخص وشعب.
ما حدث فى أعقاب ذلك هو ضربة قاصمة لمشروع «ناصر» وفتحت أبواب مصر للاستيراد من كل مكان وبأى شكل وسبب وذلك بهدف ضرب الاقتصاد والإنتاج المصرى. أيامها صرخنا جميعا وعلى رأسنا العظيم «نجيب محفوظ» الذى قال إن «سلم القيم قد انقلب».. وهذا بالضبط ما حصل، فبعد أن كانت قيمة الإنتاج هى السائدة، سيطرت قيمة الاستهلاك، وانقسم المجتمع المصرى لنصفين، نصف «الكومباوند» والآخر خارجه، وترعرع مجتمع «الكومباوند» فى كنف الرأسمالية المتوحشة الحقيرة منعدمة الضمير.
السينما أو التليفزيون لم يوفيا «ناصر» حقه، الأعمال التى قدمت عنه لم تكن كافية، وذلك لأسباب شتى ربما أهمها أنه كان شبه ممنوع تقديم أى أعمال تجسده، ومع ذلك فإن أفضل عمل صور «ناصر» هو بالتأكيد فيلم «ناصر 56» لصديقى الراحل «محفوظ عبدالرحمن» والمخرج «محمد فاضل».. وسبب تفضيلى لهذا العمل دون غيره، هو أن الفيلم أظهر «ناصر» فى لحظة درامية واستثنائية توضح كيف كانت هذه الشخصية فاعلة وقادرة ووطنية، ربما لهذا السبب هو عمل أكثر أهمية على النطاق من فيلم «أيام السادات»، الذى سرد شخصية «السادات» بصورة سردية أشبه بال«جريدة الناطقة».. هذا الأمر قلته لصديقى عمرى الراحلين «محمد خان» و«أحمد زكى»، وأكدت لهما أن الفيلم ما هو إلا سيرة ذاتية وليس له علاقه بالدراما لا من بعيد ولا من قريب، حتى إن «حسنى مبارك» حينما سلمهما جوائز عن الفيلم قال لهما إن «الفيلم جيد لكن كان يفضل أن يسلط الضوء على لحظة بعينها كتلك التى قرر فيها الذهاب إلى إسرائيل».
لذلك أرى أن ناصر «56» هو أعظم الأعمال التى قدمت عن «جمال عبدالناصر» لأنه استطاع أن يلتقط لحظة درامية للغاية ودالة جدا نرى من خلالها شخصية الفيلم، وهى مهمة أى كاتب محترم.
الديك

نهضة جمال
الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، لم أكن واعية فى فترة حكمه ولكن قرأت عنه الكثير عندما كبرت، وأرى أنه رغم سلبيات حكمه مثل صلابة الرأى والعناد وحب السيطرة، وتعرض الكثيرين إلى الظلم فى عهده وإلى بطش وجبروت الفئات الحاكمة، وانتشار المعتقلات وكثرة المعتقلين، فإن إيجابياته مقارنة بهذه السلبيات لا تعد وتعتبر هى الأكثر على الأكيد.. فكانت لديه رغبة أكيدة فى تنمية مصر اقتصاديا وعسكريا واجتماعيا وصناعيا وزراعيا ولا يمكن اعتبار أن هذه التنمية قد حدثت بالصدفة، وكانت دعوته مستمرة فى نشر القومية العربية، وحدث ذلك بالفعل عندما توحدت مصر وسوريا فى عهده.
وعندما يُذكر اسم جمال عبدالناصر أتذكر كرامة مصر وهيبتها، وازدهارها ونهضتها، وأنه كان رجلا جماهيريا التف حوله الشعب وكانوا يحبونه من القلب.. وهو باختصار راعى الثورة، والإصلاح الزراعى والفلاحين، والعلاج والمستشفيات، والتعليم المجانى، والثقافة والفن، والقومية العربية.
وأنا أحد الأشخاص الذين استفادوا واستمتعوا بهذه المميزات ونشأت فيها، رغم أننى لم أعاصر فترة حكمه.
وأرى أنه ظُلم بشكل كبير ممن كانوا حوله ووثق بهم، وقدموا إليه الكثير من التقارير الكاذبة وغير الصحيحة، وكانوا غير أهل للثقة وعلى قدر ضئيل من الكفاءة، كما أن الغرب كله تآمر عليه حتى يتنازل عن مبادئه فى الحرية وعدم الانضمام إلى الأحلاف أو التكتلات ودول الغرب.
والظلم الأكبر له هو ممن يقسون عليه فى الحكم فيتجاهلون مميزاته مقابل سلبياته.
تيسير

رحاب الزعيم
جمال عبدالناصر بالنسبة لى هو الزعيم الذى نشأنا وتربينا فى رحابه، وأنا ابنة فترة حكمه ورئاسته التى تكون فيها وجدانى وعقلى، وأجمل ذكرياتى فى فترة زعامته.. وترتبط هذه الحقبة من الزمن فى ذهنى بالإنجازات والانتصارات والحس القومى العالى والانتماء للوطن، حتى اننى - حتى الآن - تتساقط دموعى عندما أستمع للأغانى الوطنية القديمة.
يعتبر «عبدالناصر» من الفراعنة العظام على مستوى العالم كله، وهو لم ولن يتكرر، كما أنه قلما أن تجتمع فى أحد هذه الصفات التى جمعتها شخصيته.. وكان أكثر زعيم مصرى محبوب من شعبه، وسر شعبيته هو التحامه بالقاعدة العامة والبسطاء من الشعب.
وكانت إنجازاته فى مصر عديدة، ففى شهر سبتمبر عام 1952، أصدر أجرأ قرار وهو «تحديد الملكية» وتوزيعها على الفلاحين، ثم بدأ مفاوضات الجلاء الذى اعتبر حلما مستحيلا لمصر لمدة 70 سنة، وهو من أمم قناة السويس، وانتصر على العدوان الثلاثى على مصر فى دفاع أسطورى، وافتتح فى عهده 50 ألف مصنع فى بلد لم يكن عدد مصانعها يتجاوز أصابع اليد الواحدة، وأدخل فى كل قرية مصرية وحدة صحية ووحدة اجتماعية وناديا ريفيا ومدارس، بالإضافة لبناء السد العالى، كما أنه كان وراء جميع حركات التحرير التى حدثت فى الوطن العربى فى ذلك الوقت.
وللأسف تعرضنا للنكسة فى عهده، وهى خديعة إسرائيلية مدبرة بعناية للقضاء على نفوذه فى المنطقة العربية.
ولا يمكن نسيان احتضانه للفن وللفنانين، فكانت «أم كلثوم» فى عهده هى سيدة مصر الأولى، بينما توارت زوجته عن الأنظار والعمل العام.
كما أن عهده هو أكبر انتعاشة للفن والغناء والسينما فى مصر، وافتتح فى عهده وزير الثقافة «ثروت عكاشة» جميع المعاهد الفنية الموجودة حاليا «معهد التمثيل، ومعهد السينما، ومعهد الباليه، ومعهد الموسيقى العربية، ومعهد الكونسرفتوار» وأيضا كانت هذه الفترة من أهم وأزهى عصور المسرح.
إنعام

قائد عظيم
«جمال عبدالناصر» خرج من قلب الريف المصرى، من وسط المصريين. وأطلق عليه زعيم الفقراء لأن أول أعماله كانت الإصلاح الزراعى، الذى لمس به حال الفلاح المصرى وأخذ من الأغنياء وأعطى الفقراء. والحقيقة هناك ثلاثة أشخاص كان هدفهم الأول بناء مصر: «محمد على»، «جمال عبدالناصر» والآن الرئيس «السيسى». وللأسف أجهضت تجربة «محمد على» وتكبد «جمال عبدالناصر» الكثير من إجل إنجاح تجربته.
أنا من الجيل الذى استفاد من إصلاحات «جمال عبدالناصر»، والتى منها مجانية التعليم التى أنارت الطريق للكثيرين. وكانت حينها المدارس التابعة لوزارة التربية والتعليم هى الأفضل، وكانت المدارس الخاصة لا يدخلها إلا الفاشلون. وهذا كان دليلا على جدية مشروعاته من أجل مصر والمصريين.
«ناصر» اهتم بالتعليم والثقافة. وأنشأ أول مؤسسة سينمائية والتى قدمت أهم 100 فيلم فى السينما المصرية وأنشأ هيئة المسرح التى كان بها 20 فرقة مسرحية وأنشأ أكاديمية الفنون، وكانت لديه خطة ورؤية لبناء مصر على جميع المستويات سياسيا وعسكريا وثقافيا واقتصاديا .
كنت صغيرة وسمعت أمى تهلل من السعادة، وعندما سألتها عن السبب قالت لى «عبدالناصر» خفض من قيمة الإيجارات للناس، لقد حكم على أصحاب البيوت أن يفتحوا شققهم للإيجار.
وعندما كنت طالبة فى المعهد لن أنسى موقف الفنان «محمود مرسى» عندما منعت الرقابة فيلمه «شيء من الخوف» لأنه أشيع وقتها أنه يرمز لحكم «عبدالناصر»، فطلب الفنان الكبير من الزعيم «جمال عبدالناصر» أن يشاهد الفيلم، وبالفعل شاهده وقال: «لو أنا عتريس.. فلا أستحق أن أحكم مصر» وأمر بعرضه وعندما كبرت وأنا فى بيت زوجى المخرج «محمد فاضل» سمعته يحكى عن أن طوال فترة عمله لم يتعرض أبدا لتعنت من الرقابة فى عصر «جمال عبدالناصر»، ربما كانت هناك حوادث أو مواقف، تحدث من أفراد. لكنه كان يحمى البلد والدليل أنه كان صادقا مع نفسه فعندما حدثت النكسة تحمل المسئولية وقرر التنحى.
عندما مات «جمال عبدالناصر» أصيب أبى بانفصال فى الشبكية فى عينيه، من شدة حزنه عليه.. «ناصر» كان رمزا وترابطا للوطن العربى كله والشعب المصرى يملك إحساسا قويا بالصادق والكاذب. وقت وفاته ارتدى الشعب المصرى كله اللون الأسود، لشعورنا بأن الظهر الحامى مات.. انكسر من كان يربطنا.. «جمال عبدالناصر» شخصية لن تعوض والشعب المصرى يحمل له الجميل حتى الآن.
عندما كنا صغارا كنا نشعر أن «جمال عبدالناصر» بمثابة أب لنا، كنا نحبه حبا شخصيا لا حب رئيس جمهورية. كنا نشعر أنه أقرب إلينا من أقاربنا. فى عصره كان لمصر أثر فى المنطقة العربية والأجنبية فرغم أن أعداءه كانوا يكرهونه كراهية التحريم فإنهم كانوا يحترمونه ويخشونه. كان مثلا أعلى لكل مصرى.
أفضل ما قدم عن الزعيم «عبدالناصر» فى الأعمال الفنية - ولست لأنى شاركت به ولكن لكونه تجربة متكاملة - فيلم «ناصر 56» الذى تناول تجربة ال100 يوم فى حياة «عبدالناصر». وأذكر أن مخرجا عربيا قال لى أنه شاهد الفيلم وأنه كان يدرس فى الخارج وأنه قدم لأساتذته فيلم «ناصر 56» كنموذج لعمل عربى. فقالوا له: «إن هذا الفيلم فيلم التفاصيل».
وأذكر أيضا، عندما قال لى «محمد فاضل» إنه سيعرض دور «عبدالناصر» على «أحمد زكى»، اندهشت وقلت له أنه بعيد الشبه والتفاصيل عنه. ولكن عندما تقمص «أحمد» الشخصية، أداها بكل عبقرية لدرجة أننى عندما رأيته فى أول مشهد جمعنى به، شعرت بالخوف عندما كنت أسلم عليه، من شدة ما شعرت أنه «جمال عبدالناصر» بالفعل.
فردوس


إمام الزعماء
اكتسب «جمال عبدالناصر» فكرة الزعامة لأنه منتمٍ للناس، وحاول فى أقل من عام أن يخطو خطوات كبيرة جدا فى صالح المصريين، منها قانون الإصلاح الزراعى وقوانين العمل والعمال وكانت كلها محاولات فى صالح مصر القوية كما كان يريدها.
«ناصر» دفع الثمن عندما أراد أن يبنى الجيش والسد العالى ووقع تحت ضغوط قوية وعنيفة أدخلته فى دوامة أبعدته عن الإصلاح السياسى الحقيقى، المتعلق بالديمقراطية الاجتماعية والشعبية. رغم محاولاته بعد هزيمة 67 أن يغير المسار السياسى.. وتمثل ذلك فى محاولته فى التعدد الحزبى خاصة أن الاتحاد الاشتراكى قد بدأ يشوبه الفساد.
وجهة نظرى فى «عبدالناصر» قد شابها الصراع بينى وبين نفسى، خاصة فيما يتعلق بالديمقراطية وأنا شاب منتمٍ لمنظمة الشباب، حينما فصلت منها بسبب انتقادى للحرية والديمقراطية.. وقتها اختلط عليَّ الأمر، ولكن بعد مرور الوقت أدركت أن الضغوط التى كان يتعرض لها من الخارج والداخل بسبب البناء الذى كان يريده هى السبب فى تأخير الديمقراطية الشعبية ولكنها بالنسبة لى ولغيرى ليست مبررا لغياب الديمقراطية.
فى حقيقة الأمر أنه كان هناك أزمة مع الديمقراطية فى عصر «عبدالناصر» ولكنها لم تكن بالضخامة التى ظهرت عليها، فمن صنعها وضخمها هم الإخوان فهم بارعون فى التضخيم خاصة أن «ناصر» فشل فى اجتذابهم، ثم فشل فى التفاهم معهم كان البديل لديهم هو إلغاؤه وتدميره.
قام «عبدالناصر» بحركات تحرير وطنية فى العالم الثالث، خوفا على مسيرة مصر، كانت محل عتاب من كثيرين وأنا أراها - باستثناء الحرب فى اليمن - دلالة على وعيه بأنه لابد من وجود كتلة عربية يترتب عليها عدم الانحياز. حيث أدرك أنه لابد من وجود كتلة كبيرة فى وجه الكتلتين الكبيرتين اللتين كانتا تحكمان العالم وقتها.
غياب «عبدالناصر» عن الحياة وعن الساحة السياسية، همش العرب وكتبت نهاية وحدتهم بنهايته ودخلوا إلى درب التفتيت والتبعية.
«عبدالناصر» لم يكن اشتراكيا بالمعنى الماركسى، ولكنه كان منحازا للشعب المصرى حسب الظروف والضغوط المفروضة وقتها.. فلأول مرة فى حياتى أرى شعب يخرج ليقف ويساند رئيسا مهزوما!! ورغم الهزيمة فإن «ناصر» خرج منها بأعظم الدروس.. حيث قام بتسليح الجيش والتخطيط لحرب أكتوبر التى لم تنفصل عن حرب الاستنزاف التى كانت تمهيدا لها.
يحسب ل«ناصر» وجود حركة وحالة من الحراك فى المجتمع الثقافى حيث كان هناك حرية فكر وإبداع، ونخبة من المثقفين خلقت احتكاكا جادا، وخاصة فى مجال المسرح. فقد تواجد عدد من الرواد مثل «نعمان عشور» و«ألفريد فرج» و«عبدالرحمن الشرقاوى» وكلهم طالبوا بالديمقراطية السياسية.. أيضا خلق «عبدالناصر» حركة إبداعية انتعشت جدا، وكان لها مردود بين غالبية الناس خاصة فى فترة تولى «ثروت عكاشة» وزارة الثقافة فقد حدث مد ثقافى لم يتكرر حتى الآن.
للأسف كل المحاولات التى جسدت «عبدالناصر» على الشاشة سواء فى السينما أو التليفزيون لم تقدمه كما ينبغى، كل المحاولات لم ترق إلى ملحمية هذا الرجل.. ولم يكتب عنه فيما تم تقديمه، إيجابياته وسلبياته. وقد حاولت - أنا نفسى - الكتابة عنه فى مسلسل «ناصر»، وأعتبر أن أسوأ ما قدم عنه كان مسلسل «صديق العمر».. ورغم أن «أحمد زكى» ممثل بارع، فإنه قام فقط بتقليد شخصية «جمال عبدالناصر» ولم يعش الشخصية كباقى أدواره، بينما اعتبر أن «مجدى كامل» هو أكثر فنان قدم وعاش روح «جمال عبدالناصر».
أبلغ رد لاعتبار «جمال عبدالناصر» هو النظر إلى ما يدور حولنا الآن، فى واقعنا المصرى والعربى. ومحاولة الاستفادة من تجربته.. وهى أنه عندما تكون مصر قوية تكون المنطقة العربية كلها قوية وبخير.
يسرى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.