لحظة فارقة في عمر الإنسانية جمعاء تلك التي خلط فيها المصري القديم الغلال بالماء وتركها لتختمر.. ثم صنع منها كرات مخبوزة سدت جوعه وفتحت شهيته وجعلت غموسه ناقصاً بدونه. كتب التاريخ تقول إن أول عملية خبيز في تاريخ البشرية كانت على أرض مصر وتحديداً في عصر ما قبل الأسرات. المثير في الأمر أنه إذا تأملت المخبوزات في مختلف مطابخ العالم ستجد أن كل خبز يشبه شعبه، فالخبز الغربي أبيض "كالثلج" وفيه الكثير من برودته، وكثيراً ما يأخذ أشكالا ذات زوايا "حادة" مثل المكعب ومتوازي المستطيلات.. ويتفننون في تحلية هذا البياض بشيء من السكر تارة و شيء من الجبن تارة أخرى.. أما الخبز المصري ذلك الأسمر المستدير كقرص الشمس، فحدث ولا حرج عن الأنواع والأسماء التي تقترب من المائة.. الشمسي والمرحرح والفلاحي والباتاو والبلدي والشامي والفايش والرقاق والمخمرة والشوريك والقُرص والملدن والمجردق والكابد والدوكة واللبة والفراشيح والبكاكين والدماسي.. تراه تارة غارقاً في السمن والقشطة كريماً كأهالينا في الفلاحين وأخرى صلباً مثل أهالينا في الصعيد. أما الأكثر انتشاراً بين عموم المصريين فهو "البلدي" "الأسمر" الذي نستعير صفاته إن أردنا أن نمدح وجها جميلا فنقول: "وشه بيضحك زي الرغيف السخن".