من سيحكم الكوكب ؟! وما هي السيناريوهات التي تنتظر العالم ؟! مخاض مؤلم وولادة متعثرة لعالم جديد بعد أن قضت جيوش فيروسات كورونا المستجد على عالمنا القديم.. عالمنا القديم الذي اختفى فجأة بصورة درامية لم يتخيلها أحد سوى بعض مؤلفي أفلام الخيال العلمي.. الولادة متعثرة بسبب غموض نتائج المعارك الدائرة بين الفيروس والإنسان، والتي يشارك فيها ما يزيد عن 2 مليون مصاب وسقط منهم حوالي 150 الف متوفى حتى اليوم منتصف أبريل ومازالت الذروة مجهولة في ظل غياب العلاج وما يزيد الأمور تعثرا ظهور صراع يتكون بين الدول الكبرى الولاياتالمتحدة وبعض حلفائها من جهة والصين وحلفاء من جهة اخرى، وكأنه صراع على حكم العالم، وذلك بعد تبادل الاتهامات الرسمية بالتسبب في نشر الوباء بشكل متصاعد اتهمت الولاياتالمتحدة منظمة الصحة العالمية بعدم الشفافية في التعامل مع فيروس كورونا خاصة في بداية انتشاره في الصين ووصل الأمر لوقف تمويلها لأول مرة منذ إنشاءها وفي نفس الوقت نفسه حملت الصين المسؤولية في التسبب في الوباء وانتشاره عالميا كخطأ عندما تسرب الفيروس من المعامل الصينية، و بسبب تعمد اخفاء البيانات وحقيقة الوضع في بداية الانتشار ما تسبب في تحوله لجائحة عالمية وامتد الأمر لمطالبات بتحقيقات سواء في مسؤلية الصين عن الوباء أو في دور منظمة الصحة العالمية كمقدمة للمطالبة بتعويضات وعقوبات اقتصادية على الصين! على الجانب الآخر وصفت بكين اتهامات واشنطن بأنها دون دليل وصرح مسؤلون صينيون أن الولاياتالمتحدة تسقط عدم قدرتها على مواجهة الوباء على منظمة الصحة العالمية والصين لأسباب انتخابية وسياسية. بل وأشارت انه من المحتمل ان يكون انتشار الفيروس بسبب بعثة أمريكية كانت في وهان الصينية قبل ظهور الوباء بشهر في تغريدة على لسان الناطق باسم الجيش الصيني! والسؤال الصعب إلى أي مدى قد تصل المواجهة، وهل هناك احتمالات للوصول للخيارات العسكرية ؟! الحقيقة أنه غير أمين من يدعى أن هناك من يعرف إلى أين يتجه العالم في ظل عدم معرفة حجم ما ستخلفه المعركة مع الفيروسات، أو المعركة بين الولاياتالمتحدةوالصين ! لكن من خلال قراءة وتحليل المشهد أمامنا سيناريوهات أربعة محددة لن يخرج عنهما التصورات السيناريو الأول: صعود صيني مهيمن في السياسة، النفوذ الاقتصادي مرتبط بشكل أساسي بالنفوذ السياسي، ففي حالة زيادة النفوذ الاقتصادي لدولة ما يزداد معها نفوذها السياسي، والعكس صحيح، ووفق تلك النظرية فإنه في حالة صدق المعلومات الواردة من الصين من قدرتها على السيطرة على انتشار الوباء ما يجعلها في وضع اقتصادي أفضل، معتمدة على قوتها الصناعة والاقتصادية الجبارة، وفي نفس الوقت مع استمرار انتشار الوباء في الولاياتالمتحدة مع الإنهاك الاقتصادي فإن الفرصة ستكون سانحة أمام الصين لملء الفراغ الذي ستتركه الولاياتالمتحدة بشكل ناعم متدرج إلى أن تصل للعب دور قيادة العالم وان تظل مقاومة الولاياتالمتحدة إعلامية في محاولة للحفاظ على ما تبقى من مكتسبات وهو في رأي الأقل احتمالا السيناريو الثاني: انتصار أمريكي ومحاصرة الصين المؤمنون بهذا السيناريو يؤمنون بأن الصين تخفي معلومات عن حقيقة وضعها الوبائي، وأن سياساتها تسببت في انتشار الوباء، وأنها في موقف أضعف مما تحاول إظهاره، وأنه في حال نجاح الولاياتالمتحدة في حشد العالم ضدها نفسيا واعلاميا ومحاصرتها اقتصاديا وسحب استثمارات أوروبية ضخمة وهو ما سيتسبب في معاناه صينية كبيرة في ظل ضخامتها وتضررها الاقتصادي من الوباء ما يؤدي الى انحسار نفوذها السياسي والاقتصادي ما يتيح للولايات المتحدة أن تعود أقوى. السيناريو الثالث: حرب شاملة بمنطق عليا وعلى أعدائي، هو أن ترفض الولاياتالمتحدة قبول وضعها الجديد كدولة غير قائدة للعالم وتستمر في التصعيد والحشد ضد الصين إعلاميا واقتصاديا وهي محترفة في ذلك كما فعلت في دعايا نووى العراق يمكنها تشغيل اجهزتها الإعلامية حول العالم للترويج لقصص مسؤلية الصين عن خراب العالم بسبب كورونا ليس بهدف الوصول للحقيقة ولكن كجزء من استراتيجية الولاياتالمتحدة عبر التاريخ باستخدام سلاح الدعايا لتمهيد الأرض كجزء من المواجهة حتى ينتهي الأمر باستقطاب حاد للعالم في حلفين ينتظرون شرارة لإشعال الحرب، وهذه الحرب ستكون مختلفة لأنها ستكون نووية وستكون حرب شاملة ولا احد يستطيع توقع نتائجها ومن الفائز ومن الخاسر السيناريو الرابع: التقسيم أما هذا السيناريو وهو الأقرب في نظري أن تستمر المواجهة بين الطرفين في تصاعد اعلامي واقتصادي وسياسي وقد يصل الى مناوشات عسكرية لكنها لن تصل الى الحرب الشاملة الهدف من استمرار التصعيد هي محاول وصول كل طرف لأكبر مكسب من الضغط على الطرف الآخر الى أن ينتهي الأمر بالتفاوض وتقسيم النفوذ والأدوار حسب توازن القوى المتبقية بعد وباء كورونا من ناحية، وبعد انهاك كل طرف للآخر من ناحية أخرى بالنسبة لمصر فالموقف في غاية الدقة، مصر لها مصالح مشتركة مع الطرفين، وتتعامل كدولة كبيرة دون أن تكون تابع لأي منهما، بل كان يميز دبلوماسيتها دوما الارتقاء عن المشاركة في الصراعات، وتجنب الانزلاق في فلك أي من القوى الكبيرة فلها شخصيتها المستقلة التي تعكس قيمها وحضارتها وسيادتها ونجحت في الاحتفاظ بعلاقات طيبة مع الجميع سواء الصين أو الولات المتحدة لكن الاختيارات تكون صعبة في لحظات الاستقطاب الكبرى بسبب تزايد الضغوط من كل الأطراف للانضمام له وهو ما سيمثل تحديات إضافية للحفاظ على مصالحنا في ظل السيناريوهات الأربعة ومع ذلك يوجد أيضا فرص مهمة جديدة للتواجد بشكل قوى في ظل اعادة التشكل الحالية واستغلال المساحات للتحرك والاستفادة الاقتصادية والسياسية اقتصاديا فالمشترك والاكيد في كل السيناريوهات ان ثمة حرب اقتصادية قادمة ستتسبب في سحب استثمارات ضخمة من الصين ستبحث ان اسواق ناشئة جديدة ما قد يكون فرصة لقفزة اقتصادية كبيرة لتلك الدول مثل مصر سياسيا أمامنا فرصة للعب دور اكبر في الإقليم والعالم خاصة لو احسنا إدارة أزمة الوباء بأقل الأضرار حيث سيتيح انسحاب الدول الكبرى وانشغالها في مشاكلها وصراعها فرصة للدول الكبيرة في الإقليم للعب دور أكبر في إعادة ترتيب الملفات الإقليمية وفق مصالحنا في النهاية، كل الخيارات مفتوحة، والعالم الجديد سيولد حتى لو بعملية قيصرية، فالأوبئة كالحروب والكوارث الكبرى، تكون اختبار للقوة والشجاعة والتحمل والفكر، وتكون كاشفة، وتفرز أقوياء جدد وضعفاء جدد.. فهل سنستغل الفرصة ليكون عالمنا الجديد أفضل ؟! أم سنختار السيناريو الأسوأ، ليس بسبب صراع الفيروس مع الإنسان، بل بسبب صراع الإنسان مع الإنسان..