عبدالله عبد السلام منذ عقود، يتهمنا الغرب بأننا نعيش فى جلباب المؤامرة، وأننا ارتحنا لها كى نرفع عن أنفسنا عبء المسئولية عما جرى ويجرى لنا. بزمن كورونا، أصبحت المؤامرة، السلعة الأكثر رواجا بسوق السياسة والتفكير بل والحياة العادية بالعالم. قد تحمل النظرية ظلال حقيقة لكنها ليست الحقيقة، وربما لا تقترب منها. ومع ذلك، فالحديث عن تآمر الصين أو أمريكا لزرع الفيروس، لم يثبت تماما حتى الآن. كل طرف يتهم الآخر، ويغلف كلامه بأدلة لا تصمد أمام نقاش عقلانى جاد. الدليل الدامغ على المؤامرة يوجد بمكان آخر.. الطبيعة التى دمرها الإنسان، فإذا بها تذيقه العذاب ألوانا وألوانا. انتهك بكارتها وحاول تغيير قوانينها. قتل كائنات عاشت على أرضها ملايين السنين. هل ترغب بعشاء فاخر لم يخطر على بالك؟ ما رأيك بتناول لحوم حيوانات برية هى الألذ؟ لم يكتف الإنسان بتعذيب الحيوانات المستأنسة بل اعتدى على الحيوانات البرية. أقام الأسواق وجلب مئات الأنواع منها لبيعها والتربح منها. سوق ووهان الصين ى ليس سوى واحد من عشرات موجودة بآسيا وإفريقيا، يختلط فيها البرى مع المستأنس، فتنتقل الأمراض بينها لتصل بعد ذلك للبشر. توماس لفجوى عالم الأحياء الأشهر بزماننا ومبتكر مصطلح التنوع البيولوجى يقول للجارديان: الطبيعة لا تنتقم منا على هيئة كورونا. نحن فعلنا ذلك بأنفسنا. لم نحترمها، فانظر ماذا حدث؟ إضافة للضحايا البشر، سيكلف الوباء العالم تريليون دولار، وستخسر إفريقيا المسكينة نصف الوظائف. كان من الواضح أن المسألة مسألة وقت قبل أن يجتاح العالم هذا الوباء . لقد أفرطنا بتدمير الأنظمة البيئية، وهذه هى النتيجة. الأخطر من ذلك، أن العلماء اكتشفوا أن اعتداء البشر على الطبيعة يؤدى لظهور 4 فيروسات جديدة كل عام، أيًا منها، يمكن أن يتحول لوباء. فلننتظر إذن ماذا يخبئه القدر؟. العالم مشغول بأفلام الإثارة الأمريكيةالصين ية، لكن هل فكر أحد بميثاق دولى ملزم يحظر بيع الحيوانات البرية ويمنع إزالة الغابات وينهى استخدام المبيدات الحشرية واستخراج الفحم.؟ لن يحدث.. لأن الكبار مستفيدون. وحدهم الضعفاء، بشرا وكائنات وطبيعة، هم الخاسرون.