فرضت كورونا علينا جميعا تغييرات في تفاصيل حياتنا اليومية ، ونود عدم السماح لها بالتأثير على علاقاتك وأهمها علاقتك بنفسك؛ ف العلاقة الجيدة مع النفس من أهم مكونات السلام النفسي ، وهو مفتاح المناعة النفسية والتي تؤثر (بقوة) على مناعة الجسد، ويلي ذلك العلاقة مع الآخرين؛ ومدى (ملائمتها) لما نرغب منهم والحدود التي نضعها معهم، لنحمي أنفسنا من (أدخنة) العلاقات، وما أكثرها، ونزيد من عطورها.... نبدأ بالعلاقة مع النفس، فجميعنا نسعى للفوز بأفضل علاقة مع أنفسنا والقلة فقط الذين ينعمون بها؛ ليس لصعوبة ذلك أو استحالته؛ ولكن لعدم معرفة مفاتيحها، أو لعدم التحلي بالصبر والمثابرة لاكتسابها... فلنستفد من الوقت الطويل المتاح لنا؛ بسب كورونا، لنحسن علاقتنا بأنفسنا ونتوقف وللأبد عما نعرف أنه يضرنا، كسرعة الغضب والاستسلام للعصبية والتدخين والطعام غير الصحي، وقلة الحركة وندرة ممارسة الرياضة البدنية (وإدمان) إضاعة العمر بالتحديق المتواصل في الفضائيات ووسائل التواصل الاجتماعي، أو التهرب من فعل ما يفيدنا بالحاضر (ويؤهلنا) للاستمتاع بمستقبل أفضل يليق بنا ونستحقه، وعدم منح أجسادنا ما تحتاجه من الراحة يوميًا والرشاقة والمظهر الجميل؛ وهو ضرورة نفسية للجنسين، والتوقف الزائد عند صغائر البشر، بدلا من المسارعة (بالقفز) بعيدًا عنها؛ فالعقل لا يتحمل إشغاله بها، و(حرمانه) من التطوير والتقدم، ليس بالقراءة فقط وبتنمية المهارات كما يتسارع للذهن، ولكن ايضًا بالاستفادة من التجارب الحياتية والتعلم من أخطائنا، وكلنا نخطئ، وكتابتها حتى لا تتبخر الخبرات في غفلة منا.. ولنهتم بالوقفة بأمانة - مع النفس ويفضل الكتابة الصادقة عما فعلناه بالأعوام الماضية، وهل مضت بنا الحياة كما كنا نأمل، أم لا؟ ولو كانت الإجابة إيجابية؛ فلنحتفل ثم نضع خططًا لحياة أجمل وأوسع وأفضل تنير لنا أعمارنا.. أما إذا كانت الإجابة بالنفي، وهي الإجابة الأكثر صدقًا لنا جميعًا؛ فلنتجنب القسوة على النفس والمسارعة باتهامها؛ فذلك يدفعنا للمزيد من التراجع، ويضاعف خسائرنا بأيدينا لا قدر الله بالطبع، ومهم عدم خداع النفس (بالإدعاء) بإنه لم يكن بالإمكان أفضل مما كان فهذا غير حقيقي؛ فدومًا نستطيع أن نكون أفضل... نوصي بكتابة أوجه التقصير وإمكانية تلافيها، وكأننا ننصح الصديق (المقرب)؛ وهذا (واجبنا) نحو نفسنا أليس كذلك؟.. مع الاهتمام بالترفيه اليومي وتخصيص وقتًا (خاصًا) للنفس حتى لو دقائق، نمارس فيها أي شيء نحبه (ببطء)، ولو كان شرب كوب من الشاي.. مع الانتباه لمكافأة النفس معنويًا وماديًا ولو بأبسط الأشياء، عند أي تقدم؛ فللمكافأة تأثير (سحري) على النفس، فهي تنعش الحياة وتضاعف الحماس لنكون أفضل وتنير الوجه وتوسع الحياة، وجميعنا نحتاجها (بشدة) مع تزايد الضغوطات بمختلف أنواعها قبل كورونا وأثناءها وبعدها أيضًا. ونصل للعلاقات مع من نتعامل معهم.. ونبدأ بالعلاقات العابرة التي تحدث بالأماكن التي تتردد عليها كالمحلات وأثناء قيادة السيارة وغيرها، فلنتدرب على تجاهل التصرفات غير اللطيفة والتي تخاصم الذكاء، وعدم الحديث عنها حتى لا نجدد الضيق منها، ونتعامل معها كذرات التراب التي نسارع بالتخلص منها ولا نستعيدها مجددًا.. ولنهتم بالعلاقات التي (تؤثر) علينا، شئنا أم أبينا؛ ونقصد بها شركاء الحياة، فلابد من الانتباه؛ فالجميع يعاني من كورونا ولا أحد لديه (الرغبة) أو القدرة على تحمل مضايقاتنا له أو التنفيس عن غضبنا بوجهه، وإن سكت وتحمل فسيكون ذلك مؤقتًا؛ وسنفاجأ بانفجاره بأسرع وبأقسى ما نتخيل.. ويجب ألا نحرض أحدًا على التمادي في مضايقتنا؛ فننبهه بحسم وبلطف أولًا بأول، ولا تتأخر وتكن كقائد السيارة الذي (يلمح) مطبات الطريق فيتأخر باستخدام الفرامل، وتكون النتيجة الاصطدام بقوة أو محاولة إنقاذ الموقف في آخر لحظة، وفي الحالتين يتكبد خسائر يمكن تفاديها... ويمكننا استغلال فترة كورونا لتحسين علاقاتنا بلطف وتدرج وبلا تعجل للنتائج مع من (يهمنا) التواصل معهم، فنقوم ببناء الجسور الجديدة لعلاقات أقوى وأجمل معهم وإبداء الاهتمام والود بلا مبالغات، ومشاركتهم بعض اهتماماتهم بصدق وبلا تكلف وفي ذلك فوائد متعددة؛ منها تحسين علاقتنا بهم، والخروج من الدائرة (المنهكة) ونقصد بها الانشغال الزائد بذواتنا، وتوسيع النظرة للحياة، وإضافة الجديد لحياتنا.. ونتوقف عند تزايد الرغبة للانعزال عن التواصل الواقعي والاكتفاء بالكتابة عبر التواصل الاجتماعي؛ وهو أمر خطير ويزيف العلاقات ويقلل قدرتنا على الاحتضان (النفسي) وهو ضروري للتمتع بحياة ناجحة وسعيدة.. ولنفوز بعلاقات جميلة وناجحة مع النفس ومع الآخرين؛ أتمنى أن نفعل كالبريطاني توم مور (99 سنة) وهو من قدامى المحاربين؛ أصر على السير حول مدينته مئة مرة ويجمع 17 مليون جنيه إسترليني لقطاع الصحة ببلده، وشارك 700 مرة بالتبرع، ووصفه الأمير ويليام بالأسطورة ولينشر الأمل (رغم) فيروس كورونا... توم مور كان يسير مستعينًا بمشاية لتعرضه لكسر في الفخذ.. وفور انتهائه صرح: لكل الناس الذين يجدون صعوبة في الوقت الراهن، الشمس ستسطع من جديد والغيوم ستنقشع وسنتجاوز الأمر في النهاية، وسنكون بخير مرة أخرى.. أسعد مرو نفسه بما فعله، ومنح الآخرين نورًا جميلًا؛ وهو ما يمكننا فعله دومًا وليس أثناء كورونا فقط..