لم يعط أى من رؤساء مصرالسابقين اهتمامهم بوسيلة إعلامية كاهتمامهم بالإذاعة المصرية، فقد استخدمها كل رؤساء مصر فى توصيل صوتهم ورسائلهم أكثر من استخدامهم للوسائل المكتوبة، ثم فيما بعد المرئية. فإذا كان الرئيس محمد مرسى قد استخدمها لتكون وسيلته للتعرف على مشاكل الناس، من خلال البرنامج الإذاعى "الشعب يسأل والرئيس يجيب" والذى يذاع حاليا بشكل يومى، فإن الرئيس جمال عبد الناصر كان أول رئيس اهتم بالإذاعة اهتمامًا بالغًا فى التواصل مع الجمهور، بل ولتكون الوسيلة الأولى فى بث خطاباته حول الوحدة العربية ومناهضة الاستعمار الأجنبي للبلدان العربية واستغل إذاعة صوت العرب كونها إذاعة تصل لكل البلدان العربية. واهتم عبدالناصر بأن تكون إذاعة صوت العرب هى الوسيلة الأولى فى التواصل مع العالم العربى، واستغلت الحكومة التى تكونت بعد ثورة 23 يوليو في مصر إمكانيات الإذاعة، ودعت من خلالها إلى دعم المناضلين العرب ودعاة القومية العربية ومحاربة ما يسمى بالرجعية. وكانت صوت العرب صوت مجاهدي الجزائر والمغرب وتونس. وكان يذيع رسائل مشفرة لجبهة تحرير الجزائر والمقاومة الفلسطينية، وكذلك جبهات التحرير بإفريقيا وكذلك كانت هي القوه الإعلامية في ثورة اليمن وداعمه لحركة التحرير في جنوب اليمن. ووصفت صوت العرب بأنها إذاعة عبدالناصر للهجوم على الأنظمة العربية المناوئة له ومن أمثلتها نظام الملك حسين بن طلال في حقبة نهاية الستينات. وقد يعود اهتمام عبدالناصر بالإذاعة كونها كانت أهم وسيلة وأسرعها فى إعلان بيان الثورة الذى قاله السادات بصوته، مما دفع السادات لأن يضع الإذاعة فى اهتماماته الأولى. فلا تنسى آذان المصريين العبارة الشهيرة "اجتازت مصر فترة عصيبة فى تاريخها الأخير» وهى العبارة التى تصدرت بيان الثورة الذى قاله السادات بصوته بعد أن تمكن الضباط الأحرار فى الثالث والعشرين من يوليو 1952 من السيطرة على المرافق الحيوية، ومنها الإذاعة، أى أن الإذاعة كانت أول من سعى إليه حكام مصر. وفى البيان كان السادات حريصا على أن يذهب للإذاعة بنفسه حيث وصل أنور السادات إلى استوديوهات الإذاعة، بشارع علوى، وعندما حضر مذيع الفترة الصباحية، فهمى عمر، قال له السادات إنه سيجرى بعض التغييرات فى برامج الإذاعة، لأن هناك بيانًا مطلوب إذاعته، فلم يستطع فهمى عمر، فى ظل الحراسة العسكرية المشددة، التى كانت تحيط به، من كل جانب سوى أن يجيب: "الإذاعة تحت أمرك". ومع انتشار التليفزيون فى الستينات ، بدأ الاهتمام بالإذاعة يقل تدريجيا إلى أن أعاد السادات الاهتمام بها، ولا يمكن أن ينسى أحد موقفه الشديد أثناء قضائه على مراكز القوى، حيث كان أول ما فكر فيه هو الإذاعة. ففور علمه بحصار الإذاعة أصدر القرار بإعفاء شعراوي جمعة من منصبه وتعيين ممدوح سالم وزيرا للداخلية، وقال له حينها إما أن أكون غالبا أو مغلوبًا، فالمعركة ابتدأت ويجب أن اتحرك، وهنا بدأ السادات فى الإمساك بزمام الأمور بادئا بالإذاعة. وفى فترة حكم الرئيس السابق مبارك، كانت الفضائيات قد بدأت فى الانتشار وعاما بعد عام، تكونت الشبكات الفضائية من الايه أر تى إلى الشوتايم إلى الإم بى سى ثم الجزيرة وروتانا. ويبدو أن برنامج ''الشعب يسال والرئيس يجيب'' الذى يذاع يوميا بعد آذان المغرب علي موجات البرنامج العام وتستقبل الإذاعة اسئلة المواطنين يوميا في الفترة من الساعة الخامسة وحتي السابعة، سيساهم بشكل كبير فى إعادة الروح للإذاعة المصرية، ويمكن أن تكون الإذاعة قوة منافسة للفضائيات إذا ما تم استغلال أفكار وخبرات أمثل الإذاعية الكبيرة أمال فهمى التى لولاها ما كان لإذاعة مثل البرنامج العام قد قامت لها قائمة، حيث تعانى هذه الشبكة من هبوط شديد فى مستوى برامجها منذ فترة، وإعادتها فكرة أمال فهمى التى بامكانها ان لم يتم محاربتها كما يحدث حاليا بعد النجاح الكبير الذى حققه البرنامج، أن تجعل الإذاعة صوت ولسات حال كبار الشخصيات فى مصر وعلى رأسهم الرئيس محمد مرسى الذى فضلها على التليفزيون وعرف قيمتها، التى إدركها كل رؤساء مصر السابقين من قبل .