من قلب الصعيد، وتحديداً من قرية "الدوير" بأسيوط، اجتمع رواد الفن والثقافة والسياسة والعلم لأجل افتتاح مركز الكاتب الراحل أحمد بهاء الدين ابن محافظة أسيوط، في احتفالية أقل ما يمكن وصفها بالرائعة.. لفيف من المفكرين، والأدباء والمبدعين، في مصر والعالم العربي أبدوا سعادتهم الشديدة لكونهم يشاركون في افتتاح صرح ثقافي عظيم ليس له مثيل في الوطن العربي والشرق الأوسط. وقالت ديزي بهاء الدين، زوجة الكاتب الراحل، إن هذا المركز الثقافي يعتبر امتداداً لحياة الراحل، كما إنه يمثل قيمة ثقافية كبيرة لمصر والوطن العربي، أما فيما يتعلق بالقيام ببيع شقة أحمد بهاء الدين فهذا الكلام ليس صحيحاً علي إطلاقه، وأن ما سيتم بيعه هو شقة تمتلكها الجمعية. كان أحمد بهاء الدين يتخذها مكتباً له في وقت سابق، من أجل انتقال الجمعية إلي مكانها الأساسي بصعيد مصر، حيث لا حاجة الآن لوجود هذه الشقة، ويمكن الاستفادة منها لصالح الجمعية. فيما قال وزير خارجية الجزائر الأسبق الأخضر الإبراهيمي، إن العلاقة بدأت بينه وبهاء الدين في آواخر الخمسينيات قبل استقلال الجزائر، حيث كان وقتها سفيراً للجزائر في مصر، وتوطدت بعدها أواصر الصداقة والمحبة بينهما، حتي صارت أسرية، بفضل قرب المسكن، وطيب الصداقة بين الأسرتين. مضيفاً أن بهاء الدين كان صحفياً وكاتباً رائعاً، حيث استطاع بموهبته، أن يأخذ قلوب قراءه، ومحبيه. وحول كتابات أحمد بهاء الدين قال الإبراهيمي إن كتاباته تعدت إلي مجالات النقد البناء، حيث انتقد سياسات الدول العربية الخاطئة في مجالات التعليم والبحث العلمي، والسياسة وغيرها، الأمر الذي أدي إلي منعه من الكتابة في مصر، ورحل إلي الكويت مؤسساً مجلة العرب الكويتي، التي أصبحت من أشهر المطبوعات الثقافية في الوطن العربي. وأشار الإبراهيمي إلي أن هناك تقصيرا عربيا شاملا من جانب جميع الدول العربية يشمل جميع مناحي الحياة السياسية والثقافية والتنموية، كما لايوجد مشروع عربي موحد يمكن أن يقرب بين الشعوب العربية، بسبب عدم وجود إدراة وطنية أو قومية من أجل تنمية متكاملة. منوهاً إلي أن دول مثل الصين والهند وكوريا الجنوبية أصبحت من أكبر دول العالم بفضل حرصهم علي البحث العلمي، والتمسك بأسباب النجاح. وكان من الممكن أن تصبح الدول العربية مثل هذه الدول لو قامت بتنفيذ السوق العربية المشتركة منذ 50 عاماً. وقال محمد سلماوي، رئيس اتحاد الكتاب العرب، إن بهاء الدين كاتب ذو قامة كبيرة، واستطاع بفضل موهبته أن يؤسس مدرسة صحفية جديرة بالاحترام، وما أحوجنا الآن إلي الضمانة المهنية التي رسخها بهاء الدين أكثر من أي وقت مضي، كما نحتاج إلي هذا الفكر التنويري المستنير المتمثل في هذا الصرح الثقافي الكبير الموجود في قلب صعيد مصر، نظراً لأنه يمثل امتداداً ورسالة للكاتب الراحل أحمد بهاء الدين، الذي لاينكر أحد انتماءه وعروبته. مضيفاً أن كون هذا المركز في إحدي قري الصعيد يمثل قيمة كبيرة، لأنه بذلك يحول أنظار جميع المثقفين في الوطن العربي والشرق الأوسط إلي هذه القرية لتصبح عاصمة الثقافة في الصعيد. وأوضح د. محمد أبو الغار، منسق حركة 9 مارس، ورئيس لجنة تحكيم جائزة أحمد بهاء الدين أن كون المركز موجود في قرية مصرية يمثل إضافة كبيرة للثقافة العربية، خاصة في ظل حرمان القري في مصر من جميع النواحي الثقافية، كما يخلد ذكري المرحوم أحمد بهاء الدين. مشيراً إلي أن المبني والتجهيزات علي أعلي مستوي، متفوقاً علي مباني وزارة الثقافة. ومنوهاً إلي أن أحمد بهاء الدين كاتب مصري عربي قومي، ولذا تم منعه من الكتابة في مصر، ليرحل إلي الكويت، ويؤسس مجلة العربي الكويتي، ليطل منها علي جميع الدول العربية، ويوثق علاقته الثقافية بها. مشيراً إلي تدهور الحال في مجلة صباح الخير الآن، في حين أن العربي الكويتي مازالت تحتفظ بمكانتها، لأنه تم المحافظة علي نفس السياسة والنهج الذي بدأ به بهاء الدين خطواته الأولي في المجلة، وسار علي منواله من جاء بعده. وحول تفريغ الجامعات المصرية من المواهب قال أبو الغار إن الجامعات أصبحت الآن تواجه صعوبات كبيرة، وتحديات أمام المثقفين، وأصحاب الرأي، حيث يتم وأد آرائهم قبل صدورها بفعل السياسات التعليمية الخاطئة. جدير بالذكر أن حفل الافتتاح حضره لفيف من الكتاب والمثقفين والسياسيين. منهم الأخضر الإبراهيمي والدكتور سمير رضوان أستاذ الاقتصاد، والدكتور محمد أبو الغار، منسق حركة 9 مارس، وعبدالله النباري عضو مجلس الأمة الكويتي، والدكتور جلال أمين أستاذ الاقتصاد بالجامعة الأمريكية، وعبد المحسن وليلي القطان رئيسا مؤسسة القطان الثقافية بلندن، ورئيسا مؤسسة أحمد بهاء الدين بلندن، ومحمد سلماوي رئيس اتحاد كتاب مصر، وديزي بهاء الدين رئيس جمعية أصدقاء أحمد بهاء الدين، وزوجة الكاتب الراحل، والدكتورة كريمة خليل عضو جمعية بهاء الدين، والكتاب الصحفيين مصطفى نبيل، ومحمود حبيب، وحزين عمر، وآمال نسيم.