أثارت تصريحات هشام الشعيني نائب الوطني المنحل السابق بمحافظة قنا ونائب حزب الحرية بالبرلمان بشأن شفيق وانتسابه لآل البيت موجة من الجدل بشأن فكرة استخدام النسب النبوي للدعاية السياسية، خاصة وقد أكد شفيق نفسه في وقت سابق على أنه ورث الصوفية عن والده في وقت سابق. فكرة الترويج للمرشح الرئاسي بالاتكاء على جوانب دينية لها علاقة بالتصوف والانتماء لآل البيت ومغازلة المشارع الدينية فكرة ليست بجديدة سبق استخدامها في دول عدة. ففي الأردن على سبيل المثال لطالما افتخرت الأسرة الهاشمية بانتمائهم لقبيلة بنو هاشم التي ينتسب إليها النبي محمد صلى الله عليه وسلم من ناحية السيدة فاطمة الزهراء ابنة النبي وزوجها علي بن أبي طالب. وكذلك الأسرة الحاكمة في المغرب وعلى رأسها الملك محمد السادس لدرجة أنه يطلق عليه في المغرب أمير المؤمنين، وأن هذا النسب النبوي هو سبب تنصيب أجداده سلاطين على المغرب في القرن الرابع. وفي العراق كان الرئيس الراحل صدام حسين دائما ما يغازل الشيعة في الجنوب من خلال عمل أقبية أضرحة الشيعة بالذهب الخالص، فضلا عن أرتال الذهب التي كان يرسلها لهم على سبيل الهدايا بخلاف ادعائه انتماءه لآل البيت من أجل أن يكتسب مزيدا من الشرعية خاصة في الجنوب الذي شهد محاولة تمرد على حكمه في عام 1991 عقب عودة جنوده من الكويت، أعقبها اختفاءات لأكثر من 105 من رموز الشيعة هناك. وكل ما سبق يطرح تساؤلات عدة حول استغلال فكرة الانتماء لآل البيت في الدعاية السياسية وتوطيد المنصب السياسي بشكل أو بآخر، رغم أنه مفترض فيه القداسة الدينية. ولكن قبل ذلك نطرح تساؤلات أخرى بشأن طرق التحقق من النسب، وكيفية تداوله وتوارثه إن كان يورث، ومن هم آل البيت. من هم آل البيت؟ وفقا للمذهب السني الذي يدين به أغلب مسلمي الوطن العربي فإن آل البيت هم أزواج النبي محمد صلى الله عليه وسلم وبناته وأمهات المؤمنين وصهره وانتهى الأمر عند هذا الحد دون اعتبار كل من ينتسب إليهم بصورة بعيدة من آل البيت مستندين إلى الآية الكريمة التي تقول {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (28) وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآَخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا (29) يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (30)وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا (31) يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا (32) وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآَتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33)وَإذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِي}. وفي بعض المواضع الأخرى تتم إضافة سيدنا علي بن أبي طالب رضي الهَ عنه وأرضاه ابن عم النبي لآل البيت وخاصة عند الشيعة وهم لهم اعتقاد آخر في أهل البيت، وينتمي سيدنا علي بن أبي طالب هو الآخر إلى قبيلة بني هاشم التي منها النبي صلى الله عليه وسلم. أما لدى المذهب الشيعي وتحديدا الطائفة الإثنى عشرية فآل البيت هم: محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وسلم) فاطمة (بنت محمد) علي بن أبي طالب (ابن عم النبي) الحسن (بن علي-حفيد النبي) الحسين (بن علي-حفيد النبي) بخلاف عدد من أئمة الطائفة الشيعية المنتسبين للبيت النبوي وهم: (علي السجاد - محمد الباقر - جعفر الصادق - موسى الكاظم - علي الرضا - محمد الجواد - علي الهادي - الحسن العسكري ) المهدي المنتظر. وفي مصر فينتشر المنتسبون للبيت النبوي الشريف منذ نزول السيدة زينب إلى مصر في 61 هجريا واستقرارها بها سنة واحدة ثم رحيلها إلى مثواها الأخير ودفنها في البلاد، وكذلك الترحال المستمر لنسل الحسن والحسين حفيدى الرسول صلى الله عليه وسلم. وقد بدأ تأسيس نقابة الأشراف في مصر عام 220 هجريا عندما زاد عدد المقبلين على تسجيل نسبهم النبوي بحيث أصبحت النقابة هي المرجع الأساسي لآل البيت في مصر. وتتولى نقابة الأشراف في مصر رعاية شئون المنتسبين لآل البيت من خلال إدارة الأوقاف الخاصة بهم في مصر، وكذلك المساهمة في إنشاء بعض المشروعات مثل المستشفيات والمعاهد الأزهرية وما خلافه. السيد محمود الشريف نقيب الأشراف في مصر يعترف بانتماء الفريق شفيق للنقابة بالفعل هو وأسرته مؤكدا أن والده كان يحمل منهجًا صوفيا معتدل ولكنه يؤكد في الوقت نفسه "هذا لا يؤثر بالضرورة على موقفنا من دعمه في انتخابات الرئاسة من العدم" مؤكدا أن النقابة قابلت جميع المرشحين ورحبت بهم جميعًا. وعما إذا كان الانتماء إلى نقابة الأشراف يحمل أي مزايا للمنتسب إليها يؤكد محمود الشريف أن المنتسب للنقابة هو مواطن مثل أي مواطن له ما له من حقوق وعليه ما عليه من واجبات رافضا استغلال هذا النسب سياسيا ومؤكدا رفضه من استخدام النقابة بصورة من شأنها تفتيت المصريين وأن المنتسب لآل البيت يجب أن يكون الأكثر خلقا إعمالا بحديث رسول الله "إن أقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحسنكم أخلاقاً". وتابع "النقابة فيها السلفي والإخواني وفيها المسئول وفيها الوزير وقد نتدخل أحيانا لخدمة الوطن وأمن مصر القومي بالنسبة لنا هو خط أحمر". "الناس بيقولوا الشريف وما أدرانا أنه شريف، وما أدرانا أن رجوعه للنسب كان صحيحا، هي أمور يحاول الناس بها أن يثبتوا لأنفسهم بها شرفا ولكن عند الله الناس سواسية" هكذا يستنكر الدكتور محمود عاشور وكيل الأزهر الأسبق فكرة التباهي بالنسب النبوي. ويؤكد أن الناس سواسية عند الله عز وجل بحكم الآية الكريمة { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ }. وتابع عاشور "النبي محمد صلى الله عليه وسلم نفسه رفض هذه الفكرة من خلال الواقعة الشهيرة عن عائشة رضي الله عنها {أن قريشاً أهمّهم المرأة المخزومية التي سرقت، فقالوا: من يكلم فيها رسول الله، ومن يجترىء عليه إلا أسامة، فكلمه أسامة، فقال الرسول: أتشفع في حد من حدود الله، ثم خطب فقال: إنما أهلك من كان قبلكم إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق الضعيف أقاموا عليه الحد، وأيم الله ! لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يده ، فأمر النبي بقطع يدها.. رواه البخاري ومسلم}. واستنكر عاشور استغلال هذه المسائل في الدعاية الانتخابية واستنكر كذلك ما وصفه بالفتاوى التي صدرت في إطار الدعاية الانتخابية الرئاسية بأن "فلان" حبيب الله و"فلان" ولي الله بقصد دغدغة مشاعر الشعب المصري الذي يهيم في حب آل البيت "ولكن هذه المسائل تحتاج تحري الدقة". واختتم عاشور كلامه بأن بحديث النبي "سلمان من أهل البيت" وعلى الرغم من أن سلمان هو فارسي ولكن مقصد الرسول أن كل من انتسب للإسلام فقد انتسب لآل البيت.