في زلة لسان كشف أحد قادة حزب بهارتيا جاناتا الحاكم، نوايا الهند من التصعيد العسكري الذي قامت به منذ أسبوع حين عبرت طائراتها المقاتلة لتنفيذ ضربات داخل الجزء الباكستاني من إقليم كشمير لاستهداف معسكر قالت إنه يؤوي متشددين ضالعين في تفجير انتحاري أودي بحياة 42 جنديًا هنديًا علي الحدود. وقال "بس يديورابا"، القيادي البارز بالحزب الحاكم، إن التصعيد العسكري بين الهندوباكستان، سيساعد الحزب على الفوز بعشرات المقاعد في الانتخابات البرلمانية المقبلة المتوقع إقامتها بين أبريل ومايو المقبلين، وهو ما يصب في صالح رئيس الوزراء ناريندرا مودي، الذي كان ينظر لتصعيده غير المسبوق مع باكستان على أنه خطوة تهدف لتعزيز موقفه في الانتخابات، ولكن تصريحات يديورابا أكدت ذلك بما لا يدع مجالا للشك. ونزعت باكستان فتيل الأزمة حين بادرت بتسليم الطيار الهندي الذي أسقطت طائرته داخل أراضيها كبادرة حسن نية وعلامة على إرادة السلام في بلدين يمتلك كلاهما أسلحة نووية يمكنها تحويل القارة الآسيوية كلها إلى جحيم إذا ما قررت إحدى القوتين النوويتين استخدام سلاحها. ولكن رغم التصعيد حرصت الدولتان على عدم خروج الأمر عن السيطرة، إذ أن الزعماء في البلدين اللذين يعدان خصمًا تاريخيًا حرصا على ألا تنزلق الأمور إلى وضع لا يمكن السيطرة عليه، خاصة وأنه في حالة اندلاع حرب واسعة النطاق، فإن استعمال إحدى الدولتين للسلاح النووي كان سيكون مطروحًا بقوة. ولأولئك الذين يتساءلون عن السبب في أن استخدام الأسلحة النووية كان ليكون مطروحا على الطاولة في حالة حرب شاملة بين البلدين، فإن التفاصيل توضح لنا الصورة الكاملة. عدد سكان باكستان أقل من 200 مليون نسمة؛ بينما سكان الهند 1.3 مليار، ويبلغ حجم الجيش الهندي أربعة أضعاف حجم باكستان، لذا فإن احتمالات تصدي باكستان لغزو هندي واسع النطاق بدون استخدام الأسلحة النووية التكتيكية ضئيلة إلى معدومة تمامًا بحسب مجلة فورين بوليسي. وكانت الهند قد نفذت ضربات داخل الأراضي الباكستانية قالت إنها قتلت فيها 300 متشدد، وردت باكستان بتنفيذ ضربات داخل الجزء الهندي من كشمير، ثم أسقطت مقاتلتين هنديتين وأسرت أحد طياريها. وكانت المعارك الجوية هي التصعيد الأخير في مواجهة متبادلة كانت تختمر منذ أن قتل مهاجم انتحاري ما لا يقل عن 42 جنديًا هنديًا في إقليم كشمير المتنازع عليه في 14 فبراير. وألقت الهند باللائمة على المسلحين الكشميريين المقيمين في مطالبات، بدعم من - باكستان. ورغم أن الهند لم تخترق الأجواء الباكستانية في تصعيد كهذا منذ نصف قرن بحسب مجلة فورين بوليسي، إلا أن هذا التصعيد يأتي على خلفية الحملة الانتخابية الهندية، فالتهديد الخارجي عادة ما يكون جيدًا بالنسبة لشاغل الوظيفة، في هذه الحالة رئيس الوزراء ناريندرا مودي الذي استعرض عضلاته جيدًا. ولم يبد رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان، نية للتصعيد رغم رده على الضربات الهندية، فقال في خطاب بعد ساعات قليلة من إعلان الجيش الباكستاني أنه أسقط الطائرات الهندية وقام بالتوغل في المجال الجوي الهندي "يجب أن نجلس ونحل هذا الأمر بالمحادثات. "جميع الحروب أخطأت الحساب، ولا أحد يعرف إلى أين تؤدي إلى ذلك.. في حالة الدول التي لديها أسلحة نووية، فإن لعبة النهاية لا يمكن تصورها." "أنا أسأل الهند"، قال خان، "بالأسلحة التي يمتلكونها، وتلك التي نمتلكها، هل يمكننا تحمل خطأ في التقدير؟ إذا تصاعد هذا، فلن يكون في سيطرتي". لم يكن هناك أي رد فوري من مودي، رئيس وزراء الهند، ولكن في الأيام التي تلت التفجير الانتحاري للقوات الهندية، تحدث هو و خان عن التركيز إلي أي مدى يشترك البلدان. حتى الجيش الباكستاني القوي كان يتخذ لهجة تصالحية. وقال متحدث باسم الجيش الباكستاني إن قصفه للمنطقة الخاضعة لسيطرة الهند يهدف إلى تجنب وقوع إصابات بين المدنيين و الجيش: "كانت الرسالة الداخلية هي أنه على الرغم من قدرتنا، فإننا نتطلع إلى السلام".