على الرغم من امتلاك الدول العربية مجتمعة إمكانات هائلة في مجال الزراعة من مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية والموارد المائية والبشرية والتكنولوجيا ورءوس الأموال التي تتيح إنتاجا زراعيا وصناعيا يحقق الأمن الغذائي العربي بل تصدير الغذاء بكافة أنواعه إلى كل دول العالم، إلا أنه هناك فجوة غذائية كبيرة تواجه الوطن العربي، وقابلة للزيادة في الفترة القادمة نتيجة انخفاض الإنتاج الزراعي من جهة وزيادة النمو السكاني بنسبة كبيرة من جهة أخرى. وعلي مر السنوات لم تكن هناك خطوات جادة من الدول العربية لبحث كيفية التغلب على قضية نقص الأمن الغذائي العربي، والعمل على استخدام وتوظيف واستثمار تلك الإمكانات الكبيرة والهائلة الزراعية للتصدي للحد من ارتفاع مستوى تراجع الأمن الغذائي على مستوى الوطن العربي ووضع الإستراتيجيات لتحقيق الاستقرار في مجال الغذاء الذي هو قضية حيوية وأمن قومي لكافة المنطقة العربية، وهناك حكمة شهيرة تقول من لم يملك قوته لم يملك حريته، ودائمًا تؤثر الارتباطات والتعاقدات الاقتصادية على المواقف السياسية، وهذا ما نراه ونشاهده بالفعل في واقعنا الحالي. وأكدت آخر الدراسات والإحصاءات أن غالبية الدول العربية تستورد أكثر من 90% من غذائها من دول الغرب بمليارات الدولارات سنويًا، ويقدر استيراد دولة الإمارات الشقيقة لوحدها من الغذاء بنحو 7 مليارات دولار سنويا، وهذه الأموال تكفي لتدعيم وتنشيط اقتصاد أي دولة عربية لو تم الاستيراد منها؛ مثل دولة السودان التي هي بحق سلة الغذاء للوطن العربي؛ بل للعالم كله لو تم استثمار كافة إمكاناتها الزراعية الهائلة من أراضٍ ومياه وثروة حيوانية كبيرة. ولاتخاذ خطوات محمودة - ولأول مرة في حل مشكلة نقص الغذائي العربي ووضع الإستراتيجات لها والآليات لتنفيذها - تنطلق اليوم الأربعاء فعاليات المؤتمر السادس للاستثمار في الأمن الغذائي بإمارة الفجيرة بدولة الإمارات الذي ينظمه اتحاد الغرف العربية بالتعاون مع غرفة تجارة الفجيرة برئاسة خليفة خميس مطر الكعبي والأمانة العامة لجامعة الدول العربية ومنظمة الأغذية والزراعة (الفاو)؛ وذلك تحت رعاية الشيخ حمد بن محمد الشرقي عضو المجلس الأعلى وحاكم إمارة الفجيرة، ويشارك فيه الدكتور خالد حنفي أمين عام اتحاد الغرف العربية، ومن مصر الدكتورة جيهان صالح مستشار رئيس مجلس الوزراء للشئون الاقتصادية، والسفير أحمد أبوالغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية، والدكتور ثاني بن أحمد الزيودي وزير التغير المناخي والبيئة بالإمارات والمتخصصون في الزراعة والغذاء. ومن الموضوعات المهمة التي سوف يبحثها المؤتمر أهمية زيادة الرقعة الخضراء، ومكافحة التصحر في الدول العربية، والزراعة الذكية والتكنولوجيا والبحث العلمي؛ لتطوير إنتاج وتصنيع الغذاء والمشروبات والاستثمار في الأمن الغذائي العربي وآليات التمويل التي يتيحها برنامج تمويل التجارة العربية وآليات ومجالات التمويل التي يحتاجها القطاع الخاص للاستثمار في التحديث والاستدامة، ودور المنظمة العربية للتنمية الصناعية والتعدين في توحيد مواصفات الدول العربية في مجال الصناعات الغذائية، ودور القطاع الخاص العربي في تعزيز الجودة والسلامة في القطاعات الغذائية، ودور صغار المنتجين في تأمين واستدامة الأمن الغذائي العربي. وهناك آمال كبيرة معقودة على هذا المؤتمر العربي المهم في اتخاذ كافة الإجراءات التي من شأنها وضع الخطط والبرامج والإستراتيجيات موضع التنفيذ في تطوير إنتاجنا الزراعي العربي، والعمل على التكامل بين الدول العربية في هذا المجال، وتوجيه الاستثمارات العربية داخل الدول العربية؛ للنهوض بالزراعة والتصنيع الزراعي والصناعي بأحدث الطرق والأساليب والتكنولوجيات العالمية؛ لتحقيق ما نصبو إليه من تكامل غذائي عربي. [email protected]