مع استمرار مشكلة الاحتباس الحراري، وتوقعات بارتفاع درجة حرارة الأرض؛ مما ينذر بإذابة الجليد في القارة القطبية وارتفاع مناسيب مياه البحار، وغرق أجزاء كبيرة من الدلتا، نظمت وزارة الري، مؤتمرا لمناقشة تداعيات ذوبان الجليد وارتفاع منسوب البحر مما يهدد باختفاء جزر مأهولة بالسكان في العالم، وتأتي مصر في مرمى الآثار السلبية المتوقعة. ووفقا ما قاله خبراء، إن الدلتا المصرية معرضة للغرق، وهو ما تعمل عليه أجهزة الدولة للحيلولة دون غرق المناطق الشمالية والدلتا. "بوابة الأهرام" ترصد مخاطر الاحتباس الحراري والإجراءات الاحترازية التي تتخذها وزارة الري، لمنع حدوث كارثة بيئية. الفقر المائي قال د. محمد عبدالحميد دَاوُد،َ خبير مائي، إن مصر تعتمد بشكل رئيسي على مياه نهر النيل؛ حيث يمد مصر بما يعادل نحو 97% من إجمالي احتياجاتها المائية الحالية، لافتا إلى أن مصر تواجه شحًا وفقرًا في مواردها المائية منذ التسعينات نتيجة انخفاض حصة الفرد من الموارد المائية المتجددة عن 1000 متر مكعب سنويا، وهو خط الفقر المائي وفقا للتعريفات الدولية. وأضاف الخبير المائي، أن الفجوة المائية الحالية تقدر بين الاحتياجات الفعلية والموارد المائية المتاحة بما يقرب من 20 مليار متر مكعب. وتوقع زيادة الاحتياجات المائية بنسبة 20% بحلول 2020 نتيجة لزيادة الطلب على المياه بسبب الزيادة السكانية، فضلا عن التغيرات المناخية التي تشير كافة الدراسات إلى أنها ستؤثر بشكل كبير على الموارد المائية في المستقبل، وكذلك الأمن الغذائي واستخدامات الأراضي في مصر. فيضانات البحار وأشار إلى أن التأثيرات المحتملة للتغيرات المناخية طبقًا للتقارير الدولية تتوقع سيناريوهات محاكاة التغير المناخي عالميًا إلى ارتفاع مناسيب سطح البحار والمحيطات بسبب ارتفاع درجات الحرارة، لافتا إلى أن الباحثين استعانوا بعمليات حسابية معدلة ونماذج رياضية للتنبؤ بمدى ارتفاع منسوب المياه، وتوصلوا إلى أنه من المتوقع ارتفاع منسوب المياه في المحيطات على مستوى العالم بما يتراوح بين 50 و130 سنتيمترًا عن المستوى الحالي بنهاية هذا القرن بسبب ارتفاع درجة حرارة الأرض بمقدار 3 درجات مئوية. وتابع: "إذا لم تقل انبعاث غازات الدفيئة بشكل سريع؛ سيرتفع منسوب البحار بواقع 50 إلى 100 سنتيمتر بحلول عام 2100، بحسب تنبؤات الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة. غرق الدلتا ولفت إلى أن هذه النتائج المتوقعة لارتفاع مناسيب المياه في البحار والمحيطات فإنه من المحتمل غرق ما يقرب من 15% من أراضي شمال الدلتا، لافتا إلى أن بعض الدراسات توقعت أيضا أنه بحلول عام 2100 سوف يتم تهجير 3 مليون من السكان، وخسارة مساحة من الأرض الزراعية تبلغ 4100 كيلو متر مربع. وأشار إلى أن أسوأ سيناريو تنتظره كل من محافظتي الإسكندرية وبورسعيد حال ارتفاع مستوى سطح البحر بمقدار نصف متر فقط؛ سوف تفقد محافظة بورسعيد، وحدها نحو 850 كيلو متربع من أراضيها ستتبعها خسائر في الوظائف. كما أشار إلى أن هناك جهودا دولية من خلال اتفاقية باريس، والتي تم اعتمادها في 12 ديسمبر 2015، في العاصمة الفرنسية، وتهدف هذه الاتفاقية إلى الحد من ارتفاع درجة الحرارة عند اثنين درجة مئوية عن عصر ما قبل التصنيع. ارتفاع منسوب المياه وعن آثار ارتفاع منسوب سطح البحر بالسواحل الشمالية لمصر، قال: إنه سيؤدي إلى زيادة درجة ملوحة المياه الجوفية بالأراضي الساحلية حتى عمق 7 كيلومترات من تلك السواحل طبقا لدراسة لمعهد بحوث المياه الجوفية بالمركز القومي لبحوث المياه بمصر، في عام 2011، وتم تحديثها في عام 2015، مضيفا "على الرغم من أن بعض السيناريوهات تتنبأ بحدوث زيادة في معدلات الأمطار بدول المنبع مما ينتج عنه زيادة الجريان السطحي لنهر النيل إلا أن ارتفاع معدلات البحر سيؤدي في المجمل لخسارة لا تقل عن 15% من تصرفات نهر النيل". سيناريوهات مخيفة وأكد الخبير المائي، أن معظم السيناريوهات تشير إلى أنه من المحتمل أن تؤدي التغيرات المناخية إلى انخفاض الجريان السطحي، ونقص تدفقات نهر النيل بنسبة 15% بحلول 2081 – 2098، نتيجة ارتفاع معدلات البحر، والفقد نتيجة ارتفاع درجة الحرارة، وهو ما يؤثر بشكل كبير على حصص الدول المشتركة في هذا النهر. وأشار إلى أن أكثر المحاصيل تأثرًا بالتغيرات المناخية هي "الذرة، والقمح، والأرز"، حيث من المحتمل تتناقص إنتاجية القمح بنسبة 18% والشعير والذرة الشامية بنحو 19%، والأرز بنسبة 17%، كما أن تغير مستوى ثاني أكسيد الكربون، سيؤثر في الوظائف الفسيولوجية للآفات الحشرية ما يؤدي إلى قصر دورة حياة الحشرات. وأضاف أنه قد يؤدي إلى انخفاض تدفقات نهر النيل تصل إلى أسوان وانخفاض في إنتاج الطاقة الكهرومائية التي تمثل 12% من إجمالي الكهرباء المولدة في مصر من السد العالي. حصر للآثار البيئية وأشاد د. محمد عبدالحميد داوود، بدور الحكومة بمجال دراسة التغيرات المناخية وتأثيراتها المحتملة منها؛ الانتهاء من إعداد تقرير الإبلاغ الوطني الثاني لاتفاقية الأممالمتحدة الإطارية للتغيرات المناخية، وتم من خلاله عمل حصر لغازات الاحتباس الحراري الناتجة من مختلف القطاعات في مصر، بالإضافة إلى الوقوف على آخر تطورات الوضع فيما يخص التغيرات المناخية سواء من ناحية تأثيراتها أو الأبحاث العلمية، لافتا إلى أنه تم تحديد كيفية التعامل معها، ووضع نموذج إقليمي لمحاكاة التغيرات المناخية لمنطقة حوض نهر النيل للتنبؤ بالوضع المستقبلي لتوفر الموارد المائية. وأكد أن الحكومة تنفذ العديد من المشروعات لتقييم التهديد ومخاطر التغيرات المناخية التي تواجه مصر، وتنفيذ مشروعات للتأقلم مع التغيرات المناخية. جهود لخفض الانبعاثات واستكمل أن الحكومة نفذت برنامجًا للتوسع في بيع شهادات خفض انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون للدول الصناعية الكبرى؛ بهدف تحسين اقتصاديات مشاريع محطات توليد الطاقة البديلة والمتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وتسريع برنامج الحكومة في تنفيذ خطة طموحه لتوفير الطاقات الجديدة بقدرة 850 ميجاوات، مؤكدا أن الحكومة تدعم برامج بحثية لتطوير أصناف جديدة من المحاصيل الزراعية تكون أكثر تكيفًا مع ارتفاع درجات الحرارة، ومقاومة للجفاف والملوحة لزيادة إنتاج المحاصيل، وتقليل التأثيرات السلبية، وتنفيذ مشروعات حماية الشواطئ. الاحتباس الحراري.. ظاهرة عالمية ومن جانبه، قال المهندس حسام محرم، المستشار الأسبق لوزير البيئة، إن ظاهرة الاحتباس الحراري تعد ظاهرة بيئية عالمية بخلاف المشكلات البيئية الأخرى التي تتسم بطبيعة محلية. وأضاف أنه يقصد بالاحتباس الحراري؛ الازدياد المضطرد لمتوسط درجة الحرارة السطحية على كوكب الأرض بفعل تصاعد غازات تسمى الغازات الدفيئة أو غازات الاحتباس الحراري ومنها ثاني أكسيد الكربون، الميثان، وبعض الغازات الأخرى. مخاطر بيئية جسيمة وأشار إلى أن تلك الغازات تصدر من خلال عدد من الأنشطة من بينها "الصناعة، والنقل، وتوليد الطاقة، والمدافن الصحية للمخلفات"، مؤكدا أن هذا الارتفاع المستمر في المتوسط العالمي لدرجة الحرارة سيؤدي إلى العديد من المشكلات البيئية الخطيرة. ولفت إلى أن التقارير الدولية تشير إلى أن مصر معرضة لأخطار وتهديدات بسبب تلك الظاهرة، كارتفاع مستوى سطح البحر مما قد يهدد بغرق بعض المناطق الساحلية والدلتا، وكذلك التأثير على الموارد المائية والإنتاج المحصولي، وما قد يترتب من آثار سلبية على البنية الأساسية والصحة العامة. التصدي للاحتباس الحراري وأوضح المستشار الأسبق لوزير البيئة، أن مصر قامت بخطوات بمجال تنفيذ "اتفاقية الأممالمتحدة الإطارية للتغيرات المناخية"؛ من خلال حصر انبعاثات غازات الاحتباس الحراري من القطاعات المختلفة، ودراسة إمكانيات التخفيف بالحد من تلك الانبعاثات، وكذلك تحديد المخاطر وسبل التكيف معها، لافتا إلى أنه بمجال إجراءات التخفيف، تم تنفيذ عدد من مشروعات آليات التنمية النظيفة للحد من غازات الاحتباس الحراري. وفيما يتعلق بإجراءات التكيف مع التغيرات المناخية، قال: إن مصر تقوم بالعديد من الإجراءات بمعرفة الوزارات المعنية مثل الزراعة، والري، والصحة"، ومن بين تلك الإجراءات تطوير نظم الري والبحث عن مصادر جديدة للمياه، واستنباط محاصيل مقاومة لارتفاع درجة الحرارة وقلة المياه، وتطوير الخدمات الصحية خاصة في المناطق الريفية. الأسوأ قادم فيما أشار حمادة غلاب، عضو لجنة البيئة بمجلس النواب، إلى ن الهيئة العالميّة للتغيّر المناخي، تعتقد أنّ معظم الارتفاع الذي حدث لحرارة كوكب الأرض خلال النصف الثاني من القرن العشرين يُعزى بصُورةٍ واضحة إلى الأنشطة البشرية، وتُشير التوقّعات الحديثة إلى أنه في حال استمرار النشاط البشري على وتيرته الحالية، فإنّ حرارة الأرض سترتفعُ بما قد يصل إلى 4.8 درجات مئوية عند نهاية القرن الواحد والعشرين، ممَّا ستكونُ له نتائج كارثيّة على حياة الإنسان والحيوان والنبات على وجه الكوكب. ولفت إلى أن الولاياتالمتحدة هي الدولة الأولى المسئولة عن تلوث المناخ في العالم، مضيفا أنه في آخر مؤتمر تم عقده في ألمانيا عن الاحتباس الحراري حثُ على ضرورة دعم الدول الصناعية الصغرى على تطوير الآلات الصناعية واستخدمها الغازات النظيفة وتركيب الفلاتر على مداخن المصانع. وأكد أنه من الضروري تقليل استخدام النفط واستخدام الطاقات المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والمياه في توليد الطاقة. وطالب بضرورة الإكثار من زراعة الأشجار لأنها تمتص غاز ثاني أكسيد الكربون الذي يؤثر على الغلاف الجوي.