في كثير من الأحيان تصدر منا كآباء وأمهات بعض التصرفات الخاطئة، تترتب عليها مشادّات كلامية ترتقي لحد المشاجرة، متناسين أن هناك أطفالاً بيننا يرصدون كل ما نقوم به من أفعال، مما يصيبهم بحالة من الاكتئاب التي يترتب عليه الخوف الدائم والتبول الإرادي وعدم الإحساس بالأمان. "بوابة الأهرام" ترصد الآثار السلبية للعنف الأسري على الأطفال، وكيف يتسبب الوالدين دون دراية في تدمير مستقبل أطفالهم وإصابتهم باضطرابات نفسية. فقدان الأمان بداية يقول الدكتور هاشم بحري أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر، أن العنف ضد الأطفال يفقدهم الإحساس بالأمان، فالأب والأم بالنسبة للطفل هم مصدر الأمان وهم المجتمع، وإذا تسبب الوالدين في المعاناة والقهر للطفل سيشعر بعدم الأمان، وبالتالي لا يثق في المجتمع أو في نفسه، كما يشعر الطفل أنه غير ذات قيمة وأنه من الأفضل ألا يكون موجودا، ومن هنا يصاب بالاضطرابات ويشعر بتربص الناس به وانتقاده الدائم، كما يصاب بالتلعثم في الكلام خشية العقاب من الوالدين أو الآخرين، ويكون أيضًا في حالة قلق مستمرة بسبب أو بدون سبب. وأضاف الدكتور بحري، أن اكتئاب الطفل الناتج عن ممارسة العنف ضده، يجعله في شعور دائم بعدم الرغبة في الحياة ومن هنا يبحث عن وسيلة للتخلص من نفسه سواء بإدمان المخدرات أو الإقدام على الانتحار، كما أن الخوف الزائد لدى الأطفال الصغار بسبب العنف الأسري يصيبهم بالتبول اللاإرادي واضطرابات النوم والكوابيس المخيفة فضلاً عن التشتت والتأخر الدراسي. العنف.. أنواع من جانبها، أكدت الدكتورة فاطمة الشناوي، استشاري الطب النفسي والعلاقات الأسرية، أن ممارسة العنف ضد الأطفال أو أمامهم من خلال الأبوين، يصيبهم بالعديد من المشكلات النفسية، مضيفة أن العنف ضد الأطفال ينقسم إلى ثلاثة أقسام "لفظي بدني جنسي". وأضافت الدكتورة فاطمة الشناوي، أن العنف اللفظي الذي يُمارس على الأطفال مثل "أنت غبي.. فاشل" يسبب للطفل إحساس دائم بالفشل ويجعله متأخرا دراسيًا وفاقدا الثقة في النفس ولديه أيضًا إحساس دائم بالخوف، أما العنف البدني فيتمثل في الضرب، خاصة الضرب على الوجه، وهو ما يجعل الطفل فاقدا للكرامة وفي حالة تخوف دائم من أي شيء يفعله أو يتلفظ به خشية أن يتم الاعتداء عليه بالضرب من أحد والديه، وتتكون لدى الطفل صفات الجُبن والتردد. وأوضحت استشاري الطب النفسي والعلاقات الأسرية، أن النوع الثالث من أشكال العنف التي تمارس على الأطفال هو "العنف الجنسي" وهناك حالات بالفعل ثبت فيها تعرض الأطفال للعنف الجنسي، وهو ما يتسبب في إصابتهم بمشكلات نفسية. كراهية الأب وأشارت الدكتورة فاطمة الشناوي، إلى أنه فيما يتعلق بالعنف الذي يمارسه الزوجان على بعضهما البعض أمام الأطفال بسبب الخلافات أو الضغوط اليومية، فيتسبب ذلك في كراهية الأطفال للأب لأنه في الغالب هو الطرف المعتدي، كما يمكن أن يتكون لدى الطفل إحساس بالاستمتاع حين يرى اعتداء والده على الأم إذا كان لا يُحبها بسبب عقابها المتكرر له أو الاعتداء عليه لفظيًا، كما يتكون اعتقاد لدى الأطفال " ذكور أو إناث " أن الضرب والإهانة المتبادلة بين الأب والأم شيء طبيعي في العلاقة الزوجية. وليد العنف وفي سياق متصل، أكد الدكتور جمال فرويز، أستاذ الطب النفسي بجامعة القاهرة، أن الطفل "وليد التقليد" فهو يُقلّد ما يمارسه الأبوان من أفعال وألفاظ، كما أن كثرة العنف الذي يمارسه الوالدان ضد الطفل يصيبه بالحرمان العاطفي، ومن هنا تظهر من الطفل تصرفات غريبة يعوض بها الحرمان العاطفي مثل "السرقة والشتم والكذب والاعتداء على زملائه سواء في الحضانة أو المدرسة"، مما يترتب عليه تشتت الطفل وعدم القدرة على التحصيل الدراسي. وأضاف الدكتور جمال فرويز، أن العنف الأسري يجعل الأطفال يكرهون الزواج نظرًا لخلفياتهم السلبية التي رأوها في الأبوين من مشكلات وصراع دائم، كما أن كثرة المشكلات بين الأبوين وتكرار شكوى الأم من العنف الممارس ضدها من قبل الزوج أمام الأطفال، يجعل هناك حاجز كراهية بين الأطفال ووالدهم، كما أن الأطفال الذكور يلجؤون إلى إجراء عمليات تحويل الجنس عند الكبر نظرًا لكراهيتهم لجنس الرجال بسبب الأفعال ومشاهد العنف التي كانت تحدث بين الوالدين.