"حقا إنها مهنة البحث عن المتاعب"، فما بين اعتقالات واعتداءات، يمارس الصحفيون عملهم في ظروف بالغة الصعوبة، وخصوصا في أوقات المظاهرات والاعتصامات، وغيرها من الإضرابات، ودائما ما تطولهم يد البطش، لكونهم الذين يقومون بنقل ما يجري، سواء داخل أرض الوطن أو خارجه. وبالأمس القريب وبعد ساعات، من احتفال الصحفيين باليوم العالمي لحرية الصحافة، تعرض العديد من الصحفيين للاعتقالات والاعتداءات، أثناء تغطية أحداث العباسية. ممدوح الولي نقيب الصحفيين أكد في تصريحات خاصة ل"بوابة الأهرام"، أنه تم الاتصال بالعديد من الجهات الرسمية، فور اندلاع الأحداث ومعرفته تعرض عدد من الصحفيين، لعدد من الانتهاكات، ووعد جميعا بالإفراج الفوري عن كل الصحفيين، مضيفًا أنه أجري أيضا اتصالا باللواء عادل المرسي، رئيس القضاء العسكري، الذي أكد أنه لا يوجد أي صحفيين من أعضاء النقابة ضمن المحتجزين. وقال نقيب الصحفيين: إنه دار حوار بينهما حول المعتقلين من غير أعضاء النقابة، باعتبارهم كانوا يؤدون عملا صحفيا، وكذلك العاملين في الفضائيات، لأنهم يقومون بأعمال تتصل بالعمل الإعلامي، مشيرًا إلي أن مرسي وعد ببحث موقفهم في أسرع وقت. وأضاف الولي أنه جار الاتصال بمختلف الصحف، لمعرفة أسماء المعتقلين والمحتجزين، وتلقي الأسماء بالنقابة، والاتصال بالقضاء العسكري، للإفراج الفوري عنهم. وأوضح أن مجلس النقابة سوف يعقد اجتماعا طارئا، ظهر غد لبحث الانتهاكات، التي تعرض لها الصحفيون، يعقبه مؤتمر صحفي للذين تعرضوا لاعتداءات أو انتهاكات لعرض شهاداتهم فيما جري من أحداث. وقال كارم محمود، سكرتير عام نقابة الصحفيين، إن النقابة أصدرت بيانًا أدانت فيه بشدة، الأحداث الدامية التى وقعت يوم الجمعة الماضية فى ميدان "العباسية" ومحيط وزارة الدفاع، والاعتداءات الوحشية التى طالت عددًا من الصحفيين والمصورين ومراسلى القنوات التليفزيونية، وأسفرت عن إصابات جسيمة لبعضهم، إضافة إلى احتجاز عدد من الصحفيين لعدة ساعات، بواسطة الشرطة العسكرية. وأضاف أن مجلس النقابة، سجل أن هذه الموجة الجديدة من الاعتداءات تأتى بعد يوم واحد فقط من احتفال العالم كله باليوم العالمى لحرية الصحافة، لتثبت أن القائمين على مقاليد الأمور فى مصر لازالوا بعيدين كل البعد عن الإيمان بحرية الصحافة ووسائل الإعلام كافة، ورسالتها السامية فى نقل الحقيقة للرأى العام. وتابع موضحًا لعل هذه الرسالة هى المستهدفة من تلك الاعتداءات المنظمة والممنهجة، والتى تحاول منع الصحفيين والإعلاميين عن أداء دورهم فى كشف مرتكبى تلك الاعتداءات، سواء من قبل قوات الأمن والشرطة العسكرية، أوعصابات البلطجية والمأجورين، أو حتى بعض المتجاوزين من بين المتظاهرين. وقال: إن النقابة ناشدت في بيانها المجلس العسكرى الحاكم، الالتزام بأقصى درجات ضبط النفس إزاء المتظاهرين، ووقف نزيف الدم المصرى، سواء بين المتظاهرين أو قوات الشرطة والجيش، وإبعاد القوات المسلحة بجميع تشكيلاتها عن التعامل العنيف مع المواطنين، احتراماً لدورها وتاريخها الوطنى العظيم، وإعلاءً للمبدأ الذى سبق وأعلنه المجلس العسكرى من أن دماء المصريين"خط أحمر" لا يمكن تجاوزه. وأضاف أن النقابة ناشدت فى الوقت نفسه، جميع المتظاهرين على اختلاف انتماءاتهم، الالتزام بسلمية التظاهر، وعدم التعرض أو تعطيل عمل المنشآت والمؤسسات الحيوية فى الدولة، أو المبادرة بالاعتداء على قوات الشرطة والجيش، مطالبة الإفراج الفوري عن جميع المواطنين الذين يثبت عدم صلتهم بالأحداث. في غضون ذلك كشف مركز "المصري للدراسات والمعلومات" في أحدث استبيان قام به حول الاعتداء علي الصحفيين خلال عام 2011، أن هناك 71.8% من الصحفيين المستطلع آرائهم سبق وأن تعرضوا لاعتداءات أثناء عملهم الصحفي. ولفت الاستبيان الذي تم الكشف عنه خلال المؤتمر الصحفي الذي عقد بنقابة الصحفيين منذ أيام إلي أن هناك 53.8% من الاعتداء الذي تعرض له الصحفيون يتمثل في الاعتداء اللفظي و 26 % تمثل في التحفظ علي الأدوات الخاصة بالصحفي. وأشار الاستبيان إلي أن هناك 20.8% من الصحفيين تعرضوا إلي اعتداء بالضرب لم يؤد إلي إصابة، و 13.8% تم تحطيم المعدات الخاصة بهم ، و 13.1 % تم استدعاؤهم للتحقيق امام النيابة، و 11.9% تعرضوا إلي تحرش ، و 9.3% تعرضوا إلي ضرب استدعي علاجا، و 7.1% تعرضوا للاعتقال، و 6.7% تعرضوا لاحتجاز موقت في أماكن تابعة للجيش، و 2.2 % أصيب بطلق ناري. وأكد الاستبيان الذي تم علي عينة عشوائية عددها 324 صحفيا، أن هناك 4 صحفيين أكدوا أنهم تعرضوا لإصابات تسببت في إعاقة كاملة أو جزئية. ولفت الاستبيان إلي أن هناك 81.8% من الصحفيين قالوا إنهم يعتقدون أنه تم استهدافهم لأنهم صحفيون، فيما أجاب 8.9% بأنهم اعتقدوا في ذلك إلي حد ما، و 9.4 % أكدوا أنهم لا يعلمون إذا ماكان عملهم هو سبب الاستهداف، وأشار 16.5% من الصحفيين إلي اعتقادهم بأن إبراز الصحفي لهويته يزيد من الاعتداءات عليه، وأبدي 59.1 % اعتقادهم بذلك الي حد ما، فيما نفي 24.4 % ذلك. وأوضح الاستبيان أن 65.7% من الصحفيين المستطلعة آراؤهم قالوا إنهم يعتقدون أن الصحفيين في مصر يعانون من اعتداءات تعوق عملهم ، فيما أجاب 31.4% ب " إلي حد ما "، و2.9% ب "لا"، و أشار 76.2% من الصحفيين إلي أن سبب الاعتداءات يرجع إلي ضعف قوانين حماية الصحفيين، و 70.6% تراجع الحريات في مصر بشكل عام، و56.4% لضعف دور نقابة الصحفيين. وفس سياق متصل أدان عدد من مؤسسات المجتمع المدني الاعتقالات والاعتداءات التي تعرض لها الصحفيين في أحداث العباسية الأخيرة، حيث استنكرت مؤسسة عالم جديد للتنمية وحقوق الإنسان احتجاز واعتقال عدد من الصحفيين المكلفين من مؤسساتهم الصحفية بتغطية أحداث فض المظاهرات والاعتصام بميدان العباسية وأمام وزارة الدفاع أثناء تأديتهم لعملهم المهنى فى التغطية الصحفية للأحداث ونقلها للرأى العام. وكانت أحداث العباسية، قد أدت إلى إصابة محمد الشامى المصور الصحفى بجريدة المصرى اليوم ومحمد عمر المصور الصحفى بجريدةالوطن، والقبض على أحمد رمضان وإسلام أبو العز الصحفيين بجريدة البديل وعبد الرحمن مشرف الصحفى بجريدة الوطن، واحتجاز فرجينى نوين مصورة جريدة المصرى اليوم البلجيكية من قبل قوات الشرطة العسكرية، وتأخر تلقيها العلاج برغم إصابتها فى أحداث العنف. وطالبت بسرعة الإفراج عن الصحفيين والإعلاميين المحتجزين، والحفاظ على حياتهم وسلامتهم الجسدية، وإنقاذ المصابين منهم وعلاجهم دون إبطاء، وحماية حقوقهم الإنسانية والآدمية فى تلقى الرعاية الطبية والعلاج، خصوصًا أنهم ليسوا طرفًا فى هذه الأحداث وأن دورهم المهنى هو نقل الحقائق للشعب المصرى.