قال الكاتب محمد سلماوي، إن الأديب الكبير نجيب محفوظ، كانت تتجسد فيه الشخصية المصرية الأصلية، والتي من أهم صفاتها الخلق الحسن الذي تميز به محفوظ، وكذلك روح الدعابة التي عرفت بها الشخصية المصرية على مر تاريخها، وبالإضافة لذلك فإن صاحب نوبل عرف عنه عزة النفس والتواضع، والترحيب بالآخرين دائما. وأوضح سلماوي، خلال احتفالية نظمها المتحف المصري بالتحرير، بمناسبة الذكرى ال12 على رحيل نجيب محفوظ، أن صاحب نوبل كان يريد تقديم التاريخ المصري القديم في رواياته، مثل سير والترسكوت، الذي كتب تاريخ إسكتلندا من خلال الرواية، لكن الواقعية جذبت محفوظ أكثر من الحديث عن تاريخ مصر القديمة، فانتقل للرواية الواقعية، كما أوضح سلماوي. وقال محمد سلماوي الذي ألقى كلمة نوبل في احتفال الأكاديمية السويدية عام 1988 نيابة عن نجيب محفوظ، إن ابن الجمالية كانت تتجسد فيه الشخصية المصرية الأصلية، والتي من أهم صفاتها الخلق الحسن الذي تميز به محفوظ، وكذلك روح الدعابة التي عرفت بها، وبالإضافة لذلك فإن صاحب نوبل عرف عنه عزة النفس والتواضع، والترحيب بالآخرين دائما. وقال إن صاحب نوبل أديب ناشئ من قلب الحضارة المصرية القديمة، واستكمال لها، وأدبه هو امتداد للأدب المصري القديم بكل أشكاله. وتابع سلماوي أن ما يتبادر لنا عن مصر القديمة هو ما أنتجته من منتجات مادية، لكن الأدب في تلك الحقبة كان له دور كبير في قيام هذه الحضارة، وله أسبقية زمنية عن الأدب في الحضارات الأخرى، وضرب مثالا على ذلك بأن الأدب المسرحي نشأ في اليونان القديمة ثم انتقل لروما، لكن إذا دققنا نجد أن ذلك الأدب وجد في مصر قبل ذلك بمئات السنين. ووفقا لسلماوي فإن الحضارة المصرية القديمة، ما تزال موروثاتها تنتقل من جيل لجيل، فمثلا النحات محمود مختار، رغم أنه تعلم فنون النحت في أوروبا، إلا أن أعماله كثيرا ما تأخذ تأثيرها من الحضارة المصرية القديمة، وظهر ذلك جليا في أهم إبداعاته مثل تمثال نهضة مصر، والفلاحة، وغيرها، وكما هى قصة مختار، فهى قصة محفوظ أيضا، فأول كتاب وضع عليه نجيب محفوظ اسمه، كان عبارة عن ترجمة من الإنجليزية لتاريخ مصر القديم، ثم اتجه محفوظ بعد ذلك للرواية، فكتب أول رواياته وكانت عن مصر القديمة وهى "عبث الأقدار"، "رادوبيس"، و"كفاح طيبة". وتطرق سلماوي إلى نقطة أن أدب الرواية وجد في مصر القديمة، مثل قصة "الفلاح الفصيح"، وليس كما ينظر له كأدب غربي نشأ في القرن ال19، وليس من قبيل الصدفة أن يستمد محفوظ أدبه من التاريخ المصري القديم. ولم يترك التاريخ المصري القديم محفوظ، بل ظل في ذاكرته دائما، حيث إنه في خطاب نوبل الذي ألقاه سلماوي نيابة عن محفوظ، قال "أنا ابن حضارتين، الحضارة المصرية القديمة، والحضارة العربية الإسلامية"، وفقا لسلماوي. وعن مراحل تطور التاريخ الروائي لمحفوظ، قال سلماوي إن محفوظ بدأ بالروايات التي تتحدث عن مصر القديمة، ثم انتقل للواقعية في رواياته خصوصا في ثلاثيته "بين القصرين"، "قصر الشوق"، و"السكرية"، ثم انتقل للمرحلة الفلسفية في روايات مثل "اللص والكلاب"، وفي آخر مراحل تطوره كتب القصص المتناهية الصغر التي تعبر عن أفكار كثيرة في سطور مركزة. واختتم سلماوي حديثه بقول محفوظ عن نفسه، بأنه كان دائما واقعيا، وعندما كتب "كفاح طيبة"، عن كفاح المصريين صد الهكسوس، فإنه كان يريد إسقاط ذلك على مقاومة المصريين للاحتلال البريطاني في القرن الماضي، فهو بذلك أعطى بعدا تاريخيا ثريا جدا للواقع.