د. حاتم عبدالمنعم أحمد أصبح "التوك توك" حقيقة واقعة في حياة المصريين، بل وضرورة في كثير من الأحيان، وبالتالي يصعب إلغاؤه؛ لأن هناك ملايين تعتمد عليه، سواء كوسيلة مواصلات، أوعمل للبعض، والمشكلة أنه أصبح وسيلة يستخدمها البعض في ارتكاب جرائم، كما يتسبب في كثير من الحوادث؛ نتيجة عدم تنظيم استخدامه؛ حيث نجد عادة أطفالًا يتولون قيادته، كما أنه ليس هناك أي ضوابط أو فحوصات للعربة أو لقائدها. ومن هنا فالمشكلة هي في الإدارة والضوابط الرسمية في التعامل مع هذه الظاهرة، وبالرغم من عدم وجود إحصاءات رسمية منشورة، لكن هناك بعض التقديرات التي تقدر بأن مصرتستورد ما يقرب من مليون سيارة سنويًا، وبغض النظر عن حقيقة الرقم، فإن الأعداد الموجودة في الشارع المصري كبيرة، وفي حالة تزايد، وهذا يعني أن العاملين عليه أعداد تقدر بالملايين، والمستفيدين بالركوب أكثر، ومما لا شك فيه أن هناك مناطق في حاجة إليه؛ لصعوبة وجود نقل جماعي فيها، ولضيق الشوارع، أو عدم ملاءمتها بوجه عام، ولذلك يقدر البعض الضرائب التى يمكن أن تحصلها الدولة من تقنين وحسن إدارة استخدام "التوك توك" بالمليارات. ولكل ما سبق، فإن هذه الظاهرة إذا تم تقنينها وإخضاعها للنظم والقوانين فسوف تتحول معظم هذه السلبيات إلى مزايا؛ ولذلك ليس مفهومًا للآن تأخر المرور فى إخضاع "التوك توك" لدخوله في المنظومة المرورية في مصر، بداية من تحديد المواصافات الفنية لحصول العربة على الترخيص؛ وفقا لشروط الأمان المطلوبة. وهنا تساؤل للخبراء، هل اعتماد العربة على ثلاث عجلات فقط يعرضها لسهولة الانقلاب؟ وإذا صح ذلك، فلماذا لا نضع شرط وجود أربع عجلات؟ والأهم من هذا لماذا لا يتم تصنيعه داخل البلاد؟ وأعتقد أن خبرات وزارة الإنتاج الحربي كبيرة، وقادرة على تصنيعه على أعلى مستوى، ونوفر مليارات شرائه، وقطع غياره؛ بدلا من مافيا الاستيراد، كما أن تصنيعه في مصر سيوفر فرص عمل لكثير من المصريين، ثم بعد ذلك يرخص في أماكن معينة تناسب إمكاناته، ويدفع ضرائب الحكومة، ويخضع السائق للاختبارات المطلوبة، مع الشدة في تطبيق القانون؛ سواء بالنسبة ل"التوك توك"، أوعربيات الكارو التي ما زالت تسير في الشوارع الكبيرة في القاهرة؛ لأنه ليس مقبولًا استمرار هذه الأوضاع ودخولها بعد ذلك للعاصمة الجديدة. كما لا أجد مبررًا لوجود ذلك الآن، وما ينتج عن ذلك من حوادث وتعطيل للمرور، وشكل غير حضاري في بلد بحجم ومكانة مصر التى تعتبر مزارًا سياحيًا للعالم، كما يجب وضع تعريفة ركوب أو نظام لتعامل الجمهور، كما يمكن وضع فترة انتقالية نحو سنة للترخيص لجميع العاملين، مع ضوابط الأمن والأمان واختبارات القيادة للسائقين، ومن ثم يسهل - إذا أحسنت إدارة هذا الملف - تحويل سلبيات "التوك توك" إلى إيجابيات يستفيد منها صاحبه والجمهور أو الراكب والدولة. كاتب المقال: أستاذ علم الاجتماع البيئي - جامعة عين شمس