لم تخجل "دعاء" طالبة الثانوية العامة الحاصلة على المركز العاشر شعبة أدبي من الحديث عن مهنة والدها الذي يعمل حارس عقار بحي مدينة نصر، ورغم فرحتها التي طغت عليها الدموع والزغاريد، إلا أنها تتقدم خطوة وتتراجع خطوات في قرار الالتحاق بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية خوفا من وظيفة والدها التي قد تكون عائقا بينها وبين تحقيق طموحها. هي دعاء مهران محمود مهران، صاحبة المركز العاشر شعبة أدبي بالثانوية العامة، من سكان ، مدرسة الشهيد ملازم أول قوات مسلحة محمد أشرف بشرق مدينة نصر، ابنة الحي الشعبي التي عقدت اتفاقا مع والدها جعله يوصل الليل بالنهار من أجلها. كانت "دعاء" شغوفة جدا بالشعبة العلمية ومتفوقة للغاية بكافة موادها ولكن خوف الأب الذي يعمل حارسا لأحد العقارات ، جعله يطلب منها على استحياء تغيير المسار نحو شعبة الأدبي لتخفيف عبء المصروفات والدروس الخصوصية. "مقدرتش أقول لبابا لأ.. استحيت أتقل عليه المصاريف وحولت أدبي رغم عشقي وتفوقي في العلمي"- وفق ما قالته الطالبة التي أشركت البكاء في حديثها وهي تقول : بابا دا عظيم وتعب عشاني وحرم نفسه من كل حاجه ومكنش ينفع أكسر بخاطره. يعود الأب المكافح للحديث ليوضح أنه اضطر لعمل جمعية لتوفير نفقات الدروس الخصوصية لدعاء والتي كانت تكبده 3200 شهريا ليعلق" مرتبي 900 جنيه من العمارة بس أنا اتفقت مع بنتي أصرف عليها وأكد وأتعب وهي تعطيني نتيجة ترفع راسي وراسها والحمد لله ربنا جبر بخاطرنا". يضيف الأب بصوت مختنق وهو يبكي: " بنتي نفسها تدخل سياسة واقتصاد وتشتغل في السفارة بس خايفة من شغلانتي لأني "بواب" والأماكن العالية دي بتاخد ولاد الكبار، بنتي بتفكر تدخل كلية على أد الحال أفضل ما تتصدم وشقى عمرها في التعليم يضيع على الفاضي لو دخلت سياسة واقتصاد ورفضوا يشغلوها أكمني أبوها حارس. تلتقط الأم الهاتف من زوجها لتقول" والله يا أستاذة تعبنا واتحرمنا من كل شئ لتوفير مصاريف ابنتها التى كانت تسجل تفوقا ملحوظا في كل عام. وتستكمل.." الأولوية في كل شئ كانت لدعاء، ودروس دعاء، كنا خدامين تحت رجليها لأجل ما ربنا يكرمها وتنفعنا وتنفع إخواتها، والنبي تقفوا معاها وما تكسروا بخاطرها وتدخلوها الكلية اللي هي عايزاها. تختلط الزغاريد في بيت دعاء بالمخاوف، ليبقى مشهد "علي" ابن الجنايني، في فيلم "رد قلبي" نقطة فاصلة في حياة كل من يحاول أن يقهر ظروفه ويصعد للسماء بطموح مشروعة كفلها لها دستور ألزم نفسه بالمساواة وتكافؤ الفرص بين الجميع.