اعتدنا أن نراه يواجه قضاياه الشائكة عبر شاشات التليفزيون وليس من خلال أوراق وأعمدة الصحافة، أن يقف فى موقع الكاتب لا البطل، إنه السيناريست الكبير وحيد حامد، الذي أثار الجدل مؤخرا بعد نشره وثائق ومستندات رسمية، تشير إلى وجود شبهات فساد وإهدار أموال تبرعات مستشفى "57357" لعلاج سرطان الأطفال. "بوابة الأهرام"أجرت مواجهة مع الكاتب والسيناريست وحيد حامد، من أجل استيضاح الحقيقة للرأى العام، وتوجيه كافة الاستفسارات والتساؤلات له حول تلك القضية.. - دائما ما تطلق سهامك ضد أصحاب الفكر المتشدد والقوى الظلامية من خلال أعمالك السينمائية، لماذا اخترت أن تخوض معركة "57357" بنفسك بعيدا عن السينما؟ و هل أنت شخص تعشق الدخول فى المعارك؟ على الإطلاق، انا شخص لا أحب الدخول فى المعارك، ولكنني صادق مع نفسي وغيري، وأقول كل ما أؤمن به وأثق فيه وأصدقه فقط، لذلك تعودت على "نهش الذئاب"، بسبب ما أقدمه من قضايا وأفكار، ولكن هذا لا يعنيني طالما أنني صادق فيما أقوله وواثق فيما أكتبه، فأنا شخصيا اعتدت طوال عمري أن أقول الحقيقة، ولايليق بي بعد هذا العمر أن أخالف ضميري أو أقول شيئا غير الحقيقة. وحيد حامد خلال حواره مع بوابة الاهرام -جسدت مشكلات الناس وهمومهم فى الكثير من أعمالك الفنية، كيف استطعت أن تفعل ذلك وأنت تقضي أغلب فترات وقتك فى فندق مطل على النيل؟ البعض يظن أنني بعيد عن الناس، ولكن هذا غير صحيح، فدائما أشغل بالي بقضايا المجتمع، وأركز على مشكلات الناس وهمومهم، وتعودت طوال عمري أن ألمس المشاكل التي يعاني منها المواطن بنفسي، وأن أشعر بما يمر به، حتى أكون صادقا مع نفسي فيما أكتبه وأقوله للناس، وأتمنى حاليا أن تنكسر الروح الانهزامية لدى المواطن، وأن نعلمه كيف نواجه الفساد والشر؟، وهذا لن يحدث إلا بالتدريج.
-هل تشعر أن حكومة الدكتور مصطفى مدبولي الجديدة قادرة على مواجهة التحديات التي ستواجهها؟
الحكومة الجديدة "لسه محدش حس بيها"، لأنها لم تفعل شيئا حتى الآن، وعلينا أن ننتظر لنرى ما ستقوم به الفترة المقبلة. - نأتي للجانب الأكثر إثارة للجدل بسبب ما نشرته حول وجود تجاوزات فى مستشفى "57357" لعلاج سرطان الأطفال، ما الدافع وراء طرح القضية؟ ولماذا اخترت هذا التوقيت لإثارتها؟ الحملة المسعورة الخاصة بإعلانات التبرعات فى شهر رمضان، كانت مستفزة للغاية، وكنت أشعر أن تلك الأموال حق أصيل للمرضى وليس شركات الإعلانات، وسبق وأن تحدثت مع المسئولين عن المستشفى وقلت لهم "إن ما ينفق من أموال التبرعات على الإعلانات بهذا الشكل سفه والمرضى أحق بذلك"، ووعدوني خيرا، ولكنهم لم ينفذوا ما التزموا به، فشعرت بشيء من الاستفزاز، وهناك مقولة تقول"الشيء إذا زاد عن حده انقلب لضده"، لذلك ما أود أن أؤكد عليه أن حملة الإعلانات المستفزة هي ما دفعتني لفتح هذا الملف، وأقولها صراحة "أنا مش هاجي على آخر العمر، وبلغت من العمر 74 عاما، وأدخل معركة باطلة، فلا يليق بي الكذب أو الخداع أو الغش، أو أكون سببا فى ضرر الغير بأي شكل من الأشكال" وحيد حامد خلال حواره مع بوابة الاهرام - هل دافع الاستفزاز فقط هو من أجبرك على خوض تلك المعركة؟ هناك قاعدة أسير عليها، "إذا كانت لديك قضية تثق وتؤمن بها، وتعلم أنها تهم الناس، فتأكد أن المعركة ستخوضها للنهاية"، فحينما أجد صور الأطفال فى المادة الإعلانية يتم المتاجرة بهم، فهذا أمر غير مقبول،لأن المريض لديه خصوصية يجب احترامها، وليس سلعة يمكن المتاجرة بها، وأتساءل هنا:"ما الفارق بين طفل مريض يظهر على الشاشة وأطلب أن يتم التبرع له فى إعلان تليفزيوني، وبين سيدة متسولة تقوم بخطف طفل لتشحذ به فى الشارع؟"، فما الفارق ولماذا نهدر قيمة الإنسان؟، فهل علاج مريض يستدعي إهانة إنسانيته وتدميرها، "الموت أفضل فى هذا الوقت". - هل كنت تتوقع أن تواجه هجوما شرسا وعنيفا أثناء طرحك للقضية؟ على الإطلاق، لم أكن أتصور أنني دخلت معركة، لم أكن أعلم أن الباطل له أنصار، وتعلمت درسا كبيرا أن قوة المال مازالت مؤثرة وحاكمة، وتستطيع أن تسكت أصواتا وتشكل كيانات أخرى، وكل ذلك لصالح أصحاب المنافع، وأريد هنا أن أستشهد بقول الإمام على بن أبى طالب: "لن يقاسمك الوجع صديق، ولن يتحمل عنك الألم حبيب، ولن يسهر بدلا منك قريب"، ويقول أيضا "لا تبحث عن قيمتك فى أعين الناس، ابحث عنها فى ضميرك، فإذا ارتاح الضمير ارتفع المقام، وإذا عرفت نفسك فلا يغرنك ما قيل فيك". وحيد حامد خلال حواره مع بوابة الاهرام - لماذا لم تفكر فى طرح القضية فى عمل سينمائي بعيدا عن المواجهة الشخصية مثلما ناقشت فى أعمالك قضايا الإرهاب والفكر المتشدد؟
لكي أقوم بإعداد فيلم سينمائي، يناقش ما أريد أن أطرحه فى تلك القضية، سيحتاج الأمر لتحضيره والانتهاء منه، ما يقرب من سنة تقريبا، لذلك أردت التعبير عن حدث يجري حاليا، ووجدت أن أسرع شيء هو القلم والورقة والجريدة التي تنشر، لذلك دخلت المعركة فى وقتها، فمسألة إعداد فيلم أو مسلسل ممكنة، ولكن قضيتي إنسانية من الدرجة الأولى، وهدف الصحافة فى المقام الأول هو التنوير. - تقصد من بقولك "أصحاب المنافع"؟ كل شخص انتفع أو حصل على غنيمة من هذا المستشفى أصبح ضدي فى هذه القضية، و"أنا مش على راسي بطحة علشان أخاف من حاجة" وحيد حامد خلال حواره مع بوابة الاهرام - ألم تفكر أن طرح تلك القضية قد يؤثر على نسب التبرعات التي ستأتي للمستشفى وتضرر العديد من الأطفال الذين يحتاجون للعلاج؟ هذه أمور ملتوية، "لاتتكلم عن حق يراد به باطل"، أكدت من قبل أن التبرعات القادمة لعلاج الأطفال، يجب أن تذهب لعلاج الأطفال فقط، ولم أقل أن يتم منع التبرعات نهائيا، ولكن كل ما أردت الإشارة إليه هو ضبط الإنفاق، والإدارة، وعدم الاسراف فى أموال التبرعات بهذا الشكل، واذا كنت وجدت تلك الأمور محققة بالفعل، لم أكن سأخوض تلك المعركة نهائيا، ما أكدت عليه أن أموال التبرعات تنفق في غير محلها فقط، وأنا شخصيا من تقدمت ببلاغ إلى النائب العام، وأقولها صراحة "هم يتاجرون بقضية الأولاد والتبرعات وفلوس العلاج، ولكن أنا قضيتي الأطفال وعلاجهم فقط، وأنا لست فى خصومة مع أحد، فالساكت عن الحق شيطان أخرس"، لذلك أحارب بقلمي الذي أملكه بين يدي، وأعبر فيه عن عدم رضائي عن هذا الأمر. - هل اعتبرت أن تشكيل وزارة التضامن الاجتماعي لجنة لكشف مخالفات المستشفى بمثابة انتصار رمزي لقضيتك؟
لا، على الإطلاق، لست مستبشرا خيرا بهذه اللجنة، وأشعر أن هناك فخا كبيرا، "أول متقول لجنة تم تشكيلها فى أي مجال، إعرف ان القضية ستموت، بس خلاص"، وأنا على يقين أن من بدأ مشوارا يجب أن يكمله للنهاية، فهذه قضية مجتمع بأكمله وليس قضية شخصية، وأسعى خلالها للحصول على حق الناس، وربنا ينصرني في تلك القضية. وحيد حامد خلال حواره مع بوابة الاهرام - ما ردك على ما أشاعه البعض أن اتهاماتك لمستشفى "57357" من أجل توجيه التبرعات لصالح مستشفى آخر؟ هذا الكلام غير صحيح على الإطلاق، ليس هذا أسلوبي، والقضية ليست أشخاصا ضد أشخاص، ولكنني أدافع عن حق المرضى فى تلك القضية، وأقولها صراحة "مفيش ولا مسئول بالدولة أو غيرها كلمني فى هذا الموضوع"، هذه المسألة أتحمل مسئوليتها بنفسي فقط، وأنضم إليً الكثير من الأقلام التي تدعمني، وهناك شرفاء آخرون فى صحف أخرى، "شايلين القضية مثلي بالظبط"، وأتساءل: "هل كل شخص يسعى للتصدي لاحتمال وجود فساد فى قطاع ما لابد أن يكون مسنودا؟"، وأريد أن أؤكد أنني إذا ما قررت الكتابة فى هذه القضية، سأقوم بعمل دراسة عن التبرعات فى العالم برمته، لأن جمع التبرعات أمر متبع فى كل بلاد الدنيا وشيء جميل، ولكن لايتم بهذه الطريقة التي نراها. - ما حقيقة تعرضك لتهديدات من أجل منعك من استكمال تلك القضية؟ بالفعل، تعرضت لشتائم عديدة، ووقعت عليً ضغوط لمنعي من الاستمرار فى تلك القضية من قبل القائمين على المستشفى، لأن لديهم نفوذا، وحاولوا منع النشر بأكثر من طريقة أو أخرى، ولكنهم فشلوا، فقاموا بعمل كتائب اليكترونية مدفوعة الأجر، وللأسف تم الإنفاق عليها أيضا من أموال التبرعات. - أشرت فى سياق ما قمت بنشره على استغلال أموال التبرعات للإنفاق على عمل تليفزيوني وتم رصد تكلفة كبيرة لميزانية تأليف العمل؟ بالفعل، لدي وثائق ومستندات، تثبت أنه تم رصد نحو "5.850.000" مليون جنيه لميزانية تأليف العمل التليفزيوني، وسواء حصل عليها مؤلف العمل محمد فتحي وحده أو برفقة شركاء، فأنا لا أدري، ولكن الميزانية موجودة ولدي مستندات تثبت صحة ما أقوله. - ما تعقيبك على نفي مخرج عمل "الشريط الأحمر" محمد جمعة، حقيقة الاتهامات التي أوردتها فى كلامك بشأن إخلاء العنابر من أجل التصوير؟ معي كافة الأوراق التي تؤكد صدق كلامي، ولست أقول كلاما فى الهواء، وأنا أمتلك أوراق الميزانية الخاصة بالمستشفى، وأقول للمخرج محمد جمعة "أسكت"، وأتساءل: "هل هناك مسلسل يتم تصويره فى 60يوما فقط، كلهم دخلوا سبوبة، ومش عايز أتكلم لأني مش ناقد، أنا معايا مستندات، ومش جايب كلام من دماغي". وحيد حامد خلال حواره مع بوابة الاهرام - ما تعليقك على ما أثاره طارق نور رئيس قناة القاهرة والناس بشأن إضرارك بالمستشفى وتبرعات الأطفال بسبب ما قمت بنشره؟ لن أقول شيئا، كل أصحاب المصالح ضدي، طارق نور كتب ردا، وقمت أنا كذلك بالرد عليه، أعلم يقينا أن هناك حملة مسعورة وأقلام ستوجه ضدي، ولكنني أعلم أن قضيتي عادلة ومستمر فيها، ولا شأن لي بالآخرين، والحمدلله، هناك أشخاص بدأوا يكتبون لصالحي ويساندونني فى تلك القضية، "أنا عارف هما فتوات وعندهم قوة المال، وأنا معايا ربنا"، وسأنتظر نتائج اللجنة التي شكلتها وزارة التضامن الإجتماعي، لأرى ماذا ستفعله، وسأمثل أمام جهات التحقيق، إذا تم استدعائي من قبل النيابة للرد على أي تساؤلات في هذه القضية. - بعيدا عن قضية مستشفى "57357".. ماذا عن أعمالك المقبلة؟ لم أستقر على عمل بعينه حتى اللحظة الراهنة، وستتضح الأمور خلال الفترة المقبلة. وحيد حامد خلال حواره مع بوابة الاهرام - وماذا عن فيلم "سري للغاية"؟ وما حقيقة تعرضه للإيقاف؟ "معنديش فكرة ومفيش حاجة أقولها في هذا الأمر" -تعرضت لوعكة صحية منذ عدة أشهر.. نريد أن نطمئن على حالتك الصحية؟ الحمد لله على كل شيء، لدي رحلة علاج منتصف الشهر المقبل، سأجرى خلالها بعض الإجراءات الطبية. - هل تشعر أن الرسائل التي وجهتها من خلال أعمالك السينمائية ضد أصحاب الفكر المتشدد والقوى الظلامية أثرت بشكل حقيقي على أرض الواقع؟ "للأسف مفيش حاجة اتغيرت".