لم تكن الأزمة المالية العالمية وحدها سببا رئيسيا في تكبد عملاء البورصة خسائر فادحة في الآونة الأخيرة كما يعتقد الكثيرون، بل كان نظام الشراء بالهامش المستخدم في السوق حاليا مسئولا بشكل مباشر عن تلك الخسائر ونظام الشراء بالهامش هو عبارة عن اقتراض العميل لمبلغ من المال من شركة السمسرة التي يتعامل معها بغرض تمويل شراء أسهم واستخدام استثماره في تلك الأسهم كضمان للمديونية. وعادة يقوم المستثمرون باللجوء إلى الشراء بالهامش بغرض زيادة القوة الشرائية المتاحة لهم ليحصلوا على عدد أكبر من الأسهم دون أن يسددوا كامل قيمتها، وبالتالي تحقيق عائد أعلى على قيمة استثماراتهم النقدية في حالة ارتفاع سعر تلك الأسهم، وهو ما اعتمد عليه العديد من المستثمرين قبيل الأزمة وكان إحدى الآليات التي دمرتهم. ودائما ما يحذر خبراء البورصة من خطورة قيام المستثمرين - خصوصا أصحاب الملاءة المالية البسيطة - بالتوسع في استثمار أموالهم بنظام الشراء بالهامش وأكدوا أن هذا النظام رغم ما به من مميزات فإنه يعرّض المستثمر إلى خسارة كل أمواله وخروجه من السوق وتعرضه للمساءلة القانونية في كثير من الأحيان إذا تضاعفت الديون عليه، وقامت شركة السمسرة ببيع محفظته بسببها. وقال عمر رضوان، المدير التنفيذي لإدارة الأصول بشركة اتش سي للأوراق المالية، إن نظام الشراء بالهامش موجود في معظم الأسواق العالمية، إلا أن به مخاطر كبيرة للمتعاملين فيه خصوصا في حالة تراجع السوق كما يحدث الآن في البورصة المصرية التي لا يعرف أحد إلى أين سينتهي هذا الأداء المتذبذب ومتى ستعود السوق لحالتها الطبيعية. وأشار إلى أن هذا النظام ليس سيئا في كل أحواله كما أنه ضروري في بعض الأحيان، لأنه يزيد حجم التداول في السوق وينشط السوق بشكل كبير إلا أن ذلك لا يحدث إلا في حالة الارتفاع فقط، أما في حالة تراجع السوق فيمكن أن يؤدى ذلك إلى كارثة وتتضاعف خسائر المستثمر حتى إنه يمكن أن يخسر كل أمواله في حالة استمرار السوق في التراجع. قال أحمد رياض، العضو المنتدب لشركة تايكون للوساطة في الأوراق المالية، إن من مخاطر الشراء بالهامش أن يضطر المستثمر إلى البيع الاضطراري لأسهمه إذا زادت نسبة مديونيته للشركة على 60% من القيمة السوقية للأوراق المالية المشتراه بالهامش، فإنه عليه أن يقوم بالسداد النقدي للمديونية أو تقديم ضمانات إضافية فإذا لم يقم بالسداد أو تقديم الضمانات اللازمة خلال يومين من إخطار الشركة له يكون بذلك للشركة الحق في بيع أسهمه ويكمن الخطر هنا في أنه قد يتم البيع في ظروف للسوق غير جيدة وبأسعار منخفضة تترتب عليها خسارة محققة للمستثمر، فضلا عن ضياع مكاسب كان من الممكن تحقيقها إذا تم البيع في وقت لاحق وظروف أفضل. كما أنه يمكن إذا انخفضت القيمة السوقية للأوراق المالية المشتراه بالهامش وزادت نتيجة ذلك نسبة مديونية المستثمر للشركة على 60% من قيمة هذه الأوراق المالية، وقامت الشركة بإخطار المستثمر ثم حدث انخفاض آخر في قيمة الأوراق المالية، ترتب عليه زيادة نسبة المديونية إلى 70%، فإن للشركة الحق في بيع أوراق المستثمر المالية دون الانتظار لانقضاء مدة الإخطار (يومان) وهو الأمر الذي لا يتمكن معه المستثمر من الحفاظ على استثماراته حتى لو كان بصدد تدبير الضمانات الإضافية أو السداد النقدي المطلوب. وأضاف أنه من المخاطر أيضا أنه لا يجوز مد فترة السماح للمستثمر عندما تخطره الشركة بضرورة تقديم ضمانات جديدة أو التسديد النقدي لخفض نسبة المديونية بعد انتهاء المدة المحددة، حتى وإن كان المستثمر يتوقع زيادة أسعار هذه الأوراق المالية خلال فترة قصيرة، كما أنه إذا كان المستثمر قد اشترى بالهامش أكثر من ورقة مالية فستقوم الشركة ببيع بعض هذه الأوراق لتسديد الديون وتختار الشركة الأوراق التي تريد بيعها دون أن يكون للمستثمر الحق في الاعتراض على ما يتم اختياره للبيع من أوراقه أو أن يطلب إبقاء أوراق بعينها وبيع أخرى.