فوزي: اختيارات الرئيس للمعينين بمجلس الشيوخ تثري العملية التشريعية    تعهد بالعطاء وخدمة الوطن.. النائب محمد شبانة يوجّه الشكر للرئيس السيسي بعد تعيينه بمجلس الشيوخ    محافظ المنوفية يقرر صرف مساعدات مالية عاجلة ومواد غذائية للأسر الأولى بالرعاية    «العمل» تتعاون مع الجامعة المصرية الصينية لدعم التدريب وبناء القدرات    البورصة المصرية تربح 14.7 مليار جنيه في ختام تعاملات الأحد    وزير الخارجية يستقبل وكيل الأمين العام للشئون الإنسانية    بعد إلغاء عرضه في الجونة السينمائي.. عرض "آخر المعجزات" في مهرجان القاهرة    حماس: لن نشارك بتاتا في المرحلة الانتقالية    باكستان تغلق حدودها مع أفغانستان عقب تبادل إطلاق نار عبر الحدود    موعد مباراة مصر وغينيا بيساو في تصفيات المونديال والقنوات الناقلة    محمد صبحي يفوز ببرونزية وزن 88 كجم ببطولة العالم لرفع الأثقال البارالمبي بالعاصمة الإدارية    مصرع مهندس زراعي في تصادم دراجة نارية بسيارة نقل بمنطقة مساكن طابا ببنها    التنسيقية تهنئ أعضاءها المعينين في مجلس الشيوخ    انطلاق مؤتمر مهرجان القاهرة السينمائي بحضور نخبة من نجوم الفن.. فيديو    مهرجان القاهرة السينمائي الدولي يعلن أفلام مسابقة الأفلام القصيرة في دورته ال46    مدير المستشفيات يتفقد مستشفيي قويسنا وبركة السبع لمتابعة انتظام العمل وجودة الخدمات الطبية    "صحة الدقهلية" تعلن إجراء 41 ألف جلسة علاج طبيعي وتشغيل عيادة الأطراف الصناعية    آلاف المتظاهرين يخرجون إلى شوارع العواصم الأوروبية دعمًا للشعب الفلسطينى    نقابة المهن التمثيلية تهنئ خالد جلال وياسر جلال لتعيينهما بمجلس الشيوخ    5 أبراج لا تعتذر عن أخطائها.. برج الحمل يعتبر كلمة آسف ضعف    رام الله: مستوطنون يقتحمون خربة سمرة بالأغوار الشمالية    هانى العتال عن تعيينه فى مجلس الشيوخ: شرف كبير أنال ثقة الرئيس السيسي    محافظ المنوفية يدشن فعاليات المبادرة الرئاسية للكشف عن فيروس سي    قرار عاجل من محكمة جنايات دمنهور بشأن المتهمين بقتل تاجر الذهب برشيد    سبورت: برشلونة لن يجدد مع ليفاندوفسكي ويبحث عن البديل    بحصة سوقية 6%.. "مصر" الخامس عالميا في صادرات الخضروات والفواكه المحفوظة بالخل    الضرائب: الفاتورة الالكترونية والإيصال الإلكتروني شرط أساسي لإثبات التكاليف ورد ضريبة القيمة المضافة    وفاة طفل بأزمة قلبية خوفا من كلب فى أحد شوارع قرية كلاحين أبنود بقنا    ضبط 106074 مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    بالأرقام.. جهود الداخلية خلال 24 ساعة لتحقيق الأمن ومواجهة الجريمة    امير كرارة ومصطفى قمر وشيكابالا في العرض الخاص لفيلم «أوسكار عودة الماموث»    مي فاروق: «ألبومي الجديد تاريخي.. والتكريم الحقيقي حب الجمهور»    تعرف على مسابقة الأزهر الشريف لحفظ القرآن الكريم فى كفر الشيخ    أسعار الفاكهة اليوم 12-10-2025 في قنا    «التضامن»: 121 زيارة رقابية لدور الرعاية وتحرير 8 محاضر ضبط قضائي خلال سبتمبر    هولندا في مواجهة قوية أمام فنلندا ضمن تصفيات المونديال    محافظ أسوان يتابع استكمال تشغيل المراكز الطبية ضمن منظومة التأمين الصحي الشامل    وزير الصحة يشهد حفل توزيع جائزة «فيركو» للصحة العامة في ألمانيا    «التضامن» تقر قيد 4 جمعيات في 3 محافظات    رحيل فارس الحديث النبوى أحمد عمر هاشم.. مسيرة عطاء فى خدمة السنة النبوية    السيناريست هانى فوزى: لدى 11 سيناريو فى الدرج    أسبوع الانتصارات    مصر تتسلم رئاسة المنظمة الدولية للتقييس "أيزو" لمدة 3 أعوام بعد فوز مشرف ومستحق    وزارة التعليم تحدد 3 امتحانات بالفصل الدراسى الواحد .. اعرف المواعيد    تعرف علي أسعار البنزين والسولار صباح اليوم الأحد 12 أكتوبر 2025 فى محطات الوقود    الرئيس السيسى : حماية المياه تمثل قضية مصيرية ولم تعد شأنا محليا أو إقليميا    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 12اكتوبر 2025 فى المنيا    بتهمة نشر أخبار كاذبة والإنضمام لجماعة إرهابية.. محاكمة 56 متهمًا اليوم    قيادي ب فتح يدعو حماس لإجراء مراجعة وإنهاء حكمهم في غزة.. ويطالب مصر باحتضان حوار فلسطيني-فلسطيني    العظمى في القاهرة 28 درجة.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم الأحد 12 أكتوبر 2025    إصابة خمسة أشخاص في تحطم مروحية في ولاية كاليفورنيا الأمريكية    من انقلاب السيارة حتى النقل إلى المشفى.. تفاصيل حادث الوفد القطري في شرم الشيخ قبل قمة السلام    «الكهرباء»: الهيئات النووية المصرية تمتلك كفاءات متراكمة نعمل على دعمها    «كفى ظلمًا».. حسام المندوه: أدخلنا للزمالك 800 مليون جنيه    تركيا تكتسح بلغاريا بسداسية مدوية وتواصل التألق في تصفيات كأس العالم الأوروبية    نجم الأهلي السابق: توروب سيعيد الانضباط للأحمر.. ومدافع الزمالك «جريء»    رئيس جامعة الأزهر يوضح الفرق بين العهد والوعد في حديث سيد الاستغفار    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 11-10-2025 في محافظة الأقصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصطفى إبراهيم شاعر يبدأ ميلاده من "ويسترن يونيون فرع الهرم"
نشر في بوابة الأهرام يوم 22 - 02 - 2012

لاتندهش عزيزي القارىء وأنت تقرأ عبارة "الطبعة الثالثة" على غلاف ديوان بالعامية المصرية كتبه شاعر شاب يبدو اسمه الآن وكأنه أحد علامات الجودة التي يطمئن لها الثوار الشباب، وبطريقة تتحدى مبيعات كتب الشعر التي لا تتجاوز عادة مئات النسخ.
فقبل ثورة25 يناير بأيام قليلة أصدر الشاعر مصطفى إبراهيم ديوانه "ويسترن يونيون فرع الهرم" عن دار ميريت وخلال عام واحد قفزت مبيعات الديوان، وبات اليوم ضمن قائمة الكتب الأكثر مبيعا، كما أن صفحة صاحبه على ال"فيس بوك" و"اليوتيوب" واحدة من أكثر الصفحات تصفحا الأمر الذي يطرح سؤالا عن مبررات رواج نصوص شاعر لا يكاد سنة يتجاوز 25 عاما.
قد يكون حماس الشاعر للثورة التي دعمها بعدد من الاغنيات مع المطرب المبدع محمد محسن أو تكون أغنيته " فلان الفلاني" التي يغنيها باسم وديع في كليب لهالة القوصي من بين أسباب رواجه ، لكن رواج نصوص هذا الشاعر لا يجعل منها ظاهرة استهلاكية أو ينصبه شاعرا تلفزيونيا على النحو الذي عهدناه مع برنامج "شاعر المليون" الذي جعل من الشعر مادة للاستهلاك السريع شأنه شأن الاعلانات التلفزيونية، لان موهبة مصطفى ابراهيم حاضرة بوضوح و نصه الشعري ينطق بآسى يخصه، يعبر عنه صاحبه ببساطة ومن دون ارتباكات تتعلق بالشكل الشعري الذي ينحاز اليه.
صحيح أن غالبية هذه النصوص تبدو وكأنها ترتد بقصيدة العامية المصرية إلى حالة غنائية كانت قد خرجت منها في الثمانينيات بفضل نصوص لشعراء متميزين كانوا أكثر مغامرة في كتابة قصيدة النثر العامية مثل ابراهيم عبد الفتاح ومصطفى الجارحي ويسري حسان ومحمود الحلواني والراحلين مجدي الجابري ، خالد عبد المنعم إلا أنه من الصعب النظر الى صاحب " ويسترن يونيون فرع الهرم " كشاعر مرتد يعود بقصيدته إلى أرض مهجورة ، فالمحتوى بداخلها يمنح النصوص وهجا خاصا، أقرب إلى ما يكون إلى الدفء، فنصه حميم الى أقصى درجة.
وعلى الرغم من حضور الموسيقى في النصوص الموزونة في غالبيتها وفق بحور الشعر التقليدية الا أن هذه الموسيقي تبدو خافتة النبرة كأن صاحبها لاعب أوكارديون يرتدي قفاز الشاعر.
وإذا كان المنظرون للقصيدة الجديدة يتحدثون عن قدرة أصحابها على إعادة الاعتبار للفرد ورفضه القضايا الكبرى ويروجون للنص الذي يحتفي بالشاعر الهش وليس بالشاعر الفحولي الذي يمثل صوت القبيلة ويتبنى قضاياها فأن قصيدة مصطفى ابراهيم كما رأيتها لا يمكن أن تقرأ خارج هذا الفضاء الذي يمكن اكتشافه من صفحة الاهداء الذي يقدمه الشاعر إلى أسماء ومواقف وأفلام عبرت حياته وتركت أثرا في روحه وهو أهداء مطول يبدو قصيدة بحد ذاته تحرر وعي القارىء من البداية لتقبل قانون الشاعر ويقبل معه بهذا الاتفاق الضمني على التواطؤ الذي يجعل من الديوان ساحة للعب في روضة أطفال ، أو شاشة سينما تعرض مشاهد سينمائية أداها الشاعر في حياته.
يفضل مصطفى ابراهيم في نصوصه أن يحتمي بمفهوم خاص عن الشعر ،لا يخالف فيه ميراثه الشعري الذي صنعه آباء كبار مثل فؤاد حداد وصلاح جاهين والأخير أقرب الى وعي الشاعر الذي يبني قصائده بطريقة درامية شأن قصائد جاهين ويستجلب منها حكما وخلاصات ذات نزعة فلسفية لافتة، بل أن الشاعر يثق في قدراته الى حد التطرف بكتابة قصائد في قالب الرباعيات استكمالا للخط الذي برع فيه جاهين لكنه يمنح هذه الرباعيات أصداء الحياة اليومية الصاخبة وتفاصيلها المثقلة بهموم شاعر معاصر هموم في أغلبها ذات طابع وجودي، فنصوص كثيرة فيها معنى المناجاة والتضرع الى الرب الخالق كما في قصائد (شفته / أيها العبد الملول / فرصة كمان / الجريمة لا تفيد / الحبل ع الغارب )لكن قصائد كثيرة تسقط منه بسبب وقوفه لصيد طيور الحكمة في غابة مليئة بالاشجار وبسبب الاصرار على هذا الصيد يرتد نصه أحيانا لأرض الزجل أكثر من التمسك بأرض الشعر الرحبة، تاخذه الى شارع أحمد فؤاد نجم المزدحم أكثر من استقراره تحت شجرة صلاح جاهين لتأمل الحياة بهدوء.
لا يخفي الشاعر حيرته ولا يقفز فوق أسئلته القلقة عن الحياة ومعناها ، بل أنه ينغمس في الحياة الى حد التورط في كتابة قصيدة محملة بقضايا اجتماعية ولكن من دون ديماجوجية أو صخب ايديولوجي فهو شاعر "نهاية مفتوحة" كما يعبر في واحدة من قصائده تظهر غربته وطبيعة عصره فهو ابن جيل ولد نهاية الثمانينيات عاش أبواه في غربة ليضمنا له حياة مريحة، يلتبس معناها على مصطفى ابراهيم الذي يعادو التأكيد على اثار تلك التجربة في روحه المغلقة على أسى وشجن غير خافيين ويظهران بوضوح في القصيدة التي تحمل عنوان الديوان (في ويسترن يونيون فرع الهرم / بسلم بطاقتي / وأروح استلم / أبويا اللي غايب /وعمره اتسرق / وقسط غيابه عن ابنه اللي سابه / بحبة فلوس متشالين من حسابه / وحبة هدايا / وحبة ورق).
وفي مواجهة هذه الخسارة يحتمي الشاعر بوطن كبير يخصه، وطن حاضر في قصيدته الفذة (القلب القماش) التي يناجي فيها مصر دون ان يذكرها حتى وهو يقول (الكوتشي اللي باش / م الف في شوارعك / يحرم عليه /يبوس ارض غيرك / والقلب القماش / المكوي بعمايلك / لساه معبق بريحة عبيرك ) قصيدة تجعل من الوطن قرين للمناجاة ورفيق درب يمكن الغضب منه ولكن من المستحيل الاستغناء عنه وهي قيمة تفرض نفسه في الديوان الذي يحتفي بالحياة وبالبشر ويرسم لهم صور تضعهم في اطار من الحزن الشفيف، حزن يشبه نغمة الكمان يطارد القارىء حتى الصفحة الأخيرة من ديوان يقدم صاحبه الى مجتمع الشعراء بقلب جامد يعرف انه لن يضيع في الزحام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.