انتخابات الشيوخ 2025.. ننشر أسماء مرشحي "الجبهة الوطنية" ضمن القائمة الموحدة    شيخ الأزهر يناقش مع سفير قطر سبل تعزيز العلاقات العلمية والدعوية    البنك الأوروبي لإعادة الإعمار يقرض بنك مصر 100 مليون دولار    قطاع الاتصالات يتجاهل حريق سنترال رمسيس ويرتفع بختام جلسة اليوم    "الكهرباء" و"الإسكان" تبحثان دعم مشروعات الطاقة المتجددة والمدن الخضراء    هجوم بالسكاكين.. مشاهد لحادث طعن إسرائيليين عند مفترق غوش عتصيون (صور وفيديو)    القاهرة والسلام.. الأهلي يحدد ملعبي الموسم الجديد    6 معلومات عن شيكو بانزا الذي يقترب من الانضمام للزمالك    نتيجة الدبلومات الفنية 2025 برقم الجلوس.. رابط الاستعلام وآخر الإجراءات    مصرع شخص صدمته سيارة مسرعة في بني سويف    بالصور.. وصول جثمان المخرج الراحل سامح عبدالعزيز مسجد الشرطة    هل الماء بالليمون يذيب دهون الكبد؟    تحذير من عبوات مغشوشة لبخاخ الأنف "أوتريفين"    تحالف بيئي - إغاثي بين وزارتي البيئة والتضامن.. توقيع مذكرة تفاهم لإدارة المخلفات وتحقيق استدامة آمنة    كفرالشيخ تكرّم أبطالها البارالمبيين بعد التتويج ببطولة إفريقيا للطائرة في كينيا    الاتحاد المنستيري يمهل الزمالك أسبوعًا لسداد مستحقات الجفالي ويغلق الباب أمام عودته    فرانشيسكا ألبانيز ترد على عقوبات واشنطن: سأظل واقفة إلى جانب العدالة رغم الضغوط    وكالة الأنباء المغربية: إعادة فتح سفارة المملكة المغربية في دمشق    طقس الجمعة.. شديد الحرارة رطب وشبورة والعظمى بالقاهرة 35 درجة    الإعدام لمتهم قتل شابا تدخل لفض خلاف مع صديقه في الإسكندرية    من واشنطن: عاصفة باريسية تضرب ريال مدريد في نيويورك    فيديو.. نائب أمير منطقة مكة المكرمة يشارك في مراسم غسل الكعبة    فيلم "أحمد وأحمد" يتصدر المركز الأول    محافظ الغربية: الثقافة ركيزة لبناء الإنسان.. والمسرح القومي يُرسّخ العدالة الثقافية من قلب طنطا    فيديو.. صحة غزة: مستشفى شهداء الأقصى على وشك الخروج عن الخدمة    نقابة الصحفيين توقّع بروتوكول تعاون مع أكاديمية دبي للإعلام.. الأحد المقبل    محافظ الإسماعيلية: 450 ألف خدمة طبية بمستشفى القصاصين واعتماد دولي لجودة الرعاية    لتجنب الأزمات القلبية.. أفضل نمط حياة للحفاظ على صحة قلبك    ضبط 1296 قضية نقل و3850 سرقة تيار كهربي في يوم    الجريدة الرسمية تنشر قرارين جمهوريين للرئيس السيسي - تفاصيل    الهيئة العليا للوفد تطالب عبد السند يمامة بالاستقالة    موعد وتفاصيل التقديم للثانوي الفني البحيرة ودرجات القبول به    "من حق بيراميدز".. تعليق ناري من نجم الأهلي السابق على "كوبري" إبراهيم عادل    مها الصغير في محطة جديدة بقطار السرقات بسبب «كلام كبير» ل هبة قطب    الموسم الجديد ل«واحد من الناس».. فقرات جديدة ومفاجآت للمشاهدين    عن موت الأشياء    الإحصاء: القاهرة أكبر محافظات الجمهورية من حيث عدد السكان بإجمالي 10.4 مليون نسمة    كييف تعلن إسقاط 14 صاروخا و164 مسيرة روسية    لماذا طردت حكومة بنغازي وفدًا وزاريًا أوروبيًا استقبلته طرابلس؟    رئيس مجلس أمناء جامعة بنها الأهلية يترأس لجنة تقييم القيادات الأكاديمية والإدارية    رئيس الوزراء: جهود مكثفة لجهاز حماية المستهلك في يونيو.. 682 حملة رقابية و15 ألف شكوى تحت المراجعة    انتخاب رئيس جهاز حماية المنافسة المصري لمنصب نائب رئيس الدورة التاسعة لمؤتمر الأمم المتحدة للمنافسة    تداول أسئلة امتحان الرياضيات التطبيقية والتعليم تتخذ الإجراءات القانونية    الكنيسة السريانية الأرثوذكسية تُعلن تضامنها مع "الأرمنية": انتهاك حرمة الكنائس مرفوض    "كوبري جديد؟!".. الأهلي يتدخل لقطع الطريق على صفقة الزمالك المنتظرة    في حالة توتر وترقب، انتظار أولياء أمور الطلاب الثانوية العامة أمام لجان الامتحان (صور)    الوداع الأخير.. المطرب محمد عواد في عزاء أحمد عامر ثم يلحق به اليوم فجأة    ما حكم الوضوء بماء البحر وهل الصلاة بعده صحيحة؟.. أمين الفتوى يحسم (فيديو)    سعر سبائك الذهب في مصر اليوم الخميس 10 يوليو 2025.. «بكام سبيكة ال10 جرام»    اليوم الخميس| آخر تقديم ل 178 فرصة عمل بالإمارات ب 24 ألف جنيه    لولا دا سيلفا ردا على رسوم ترامب الجمركية: البرازيل دولة ذات سيادة ولن نقبل الإهانة    وفاة المخرج سامح عيد العزيز بعد تعرضه لوعكة صحية والجنازة من مسجد الشرطة    الولايات المتحدة تشهد أسوأ تفش للحصبة منذ أكثر من 30 عاما    ترامب: سنعمل على تيسير السلام في السودان وليبيا    نجم الأهلي السابق ينصح برحيل ثلاثي الفريق    ما أحكام صندوق الزمالة من الناحية الشرعية؟.. أمين الفتوى يوضح    عصام السباعي يكتب: الأهرام المقدسة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 10-7-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصطفى إبراهيم شاعر يبدأ ميلاده من "ويسترن يونيون فرع الهرم"
نشر في بوابة الأهرام يوم 22 - 02 - 2012

لاتندهش عزيزي القارىء وأنت تقرأ عبارة "الطبعة الثالثة" على غلاف ديوان بالعامية المصرية كتبه شاعر شاب يبدو اسمه الآن وكأنه أحد علامات الجودة التي يطمئن لها الثوار الشباب، وبطريقة تتحدى مبيعات كتب الشعر التي لا تتجاوز عادة مئات النسخ.
فقبل ثورة25 يناير بأيام قليلة أصدر الشاعر مصطفى إبراهيم ديوانه "ويسترن يونيون فرع الهرم" عن دار ميريت وخلال عام واحد قفزت مبيعات الديوان، وبات اليوم ضمن قائمة الكتب الأكثر مبيعا، كما أن صفحة صاحبه على ال"فيس بوك" و"اليوتيوب" واحدة من أكثر الصفحات تصفحا الأمر الذي يطرح سؤالا عن مبررات رواج نصوص شاعر لا يكاد سنة يتجاوز 25 عاما.
قد يكون حماس الشاعر للثورة التي دعمها بعدد من الاغنيات مع المطرب المبدع محمد محسن أو تكون أغنيته " فلان الفلاني" التي يغنيها باسم وديع في كليب لهالة القوصي من بين أسباب رواجه ، لكن رواج نصوص هذا الشاعر لا يجعل منها ظاهرة استهلاكية أو ينصبه شاعرا تلفزيونيا على النحو الذي عهدناه مع برنامج "شاعر المليون" الذي جعل من الشعر مادة للاستهلاك السريع شأنه شأن الاعلانات التلفزيونية، لان موهبة مصطفى ابراهيم حاضرة بوضوح و نصه الشعري ينطق بآسى يخصه، يعبر عنه صاحبه ببساطة ومن دون ارتباكات تتعلق بالشكل الشعري الذي ينحاز اليه.
صحيح أن غالبية هذه النصوص تبدو وكأنها ترتد بقصيدة العامية المصرية إلى حالة غنائية كانت قد خرجت منها في الثمانينيات بفضل نصوص لشعراء متميزين كانوا أكثر مغامرة في كتابة قصيدة النثر العامية مثل ابراهيم عبد الفتاح ومصطفى الجارحي ويسري حسان ومحمود الحلواني والراحلين مجدي الجابري ، خالد عبد المنعم إلا أنه من الصعب النظر الى صاحب " ويسترن يونيون فرع الهرم " كشاعر مرتد يعود بقصيدته إلى أرض مهجورة ، فالمحتوى بداخلها يمنح النصوص وهجا خاصا، أقرب إلى ما يكون إلى الدفء، فنصه حميم الى أقصى درجة.
وعلى الرغم من حضور الموسيقى في النصوص الموزونة في غالبيتها وفق بحور الشعر التقليدية الا أن هذه الموسيقي تبدو خافتة النبرة كأن صاحبها لاعب أوكارديون يرتدي قفاز الشاعر.
وإذا كان المنظرون للقصيدة الجديدة يتحدثون عن قدرة أصحابها على إعادة الاعتبار للفرد ورفضه القضايا الكبرى ويروجون للنص الذي يحتفي بالشاعر الهش وليس بالشاعر الفحولي الذي يمثل صوت القبيلة ويتبنى قضاياها فأن قصيدة مصطفى ابراهيم كما رأيتها لا يمكن أن تقرأ خارج هذا الفضاء الذي يمكن اكتشافه من صفحة الاهداء الذي يقدمه الشاعر إلى أسماء ومواقف وأفلام عبرت حياته وتركت أثرا في روحه وهو أهداء مطول يبدو قصيدة بحد ذاته تحرر وعي القارىء من البداية لتقبل قانون الشاعر ويقبل معه بهذا الاتفاق الضمني على التواطؤ الذي يجعل من الديوان ساحة للعب في روضة أطفال ، أو شاشة سينما تعرض مشاهد سينمائية أداها الشاعر في حياته.
يفضل مصطفى ابراهيم في نصوصه أن يحتمي بمفهوم خاص عن الشعر ،لا يخالف فيه ميراثه الشعري الذي صنعه آباء كبار مثل فؤاد حداد وصلاح جاهين والأخير أقرب الى وعي الشاعر الذي يبني قصائده بطريقة درامية شأن قصائد جاهين ويستجلب منها حكما وخلاصات ذات نزعة فلسفية لافتة، بل أن الشاعر يثق في قدراته الى حد التطرف بكتابة قصائد في قالب الرباعيات استكمالا للخط الذي برع فيه جاهين لكنه يمنح هذه الرباعيات أصداء الحياة اليومية الصاخبة وتفاصيلها المثقلة بهموم شاعر معاصر هموم في أغلبها ذات طابع وجودي، فنصوص كثيرة فيها معنى المناجاة والتضرع الى الرب الخالق كما في قصائد (شفته / أيها العبد الملول / فرصة كمان / الجريمة لا تفيد / الحبل ع الغارب )لكن قصائد كثيرة تسقط منه بسبب وقوفه لصيد طيور الحكمة في غابة مليئة بالاشجار وبسبب الاصرار على هذا الصيد يرتد نصه أحيانا لأرض الزجل أكثر من التمسك بأرض الشعر الرحبة، تاخذه الى شارع أحمد فؤاد نجم المزدحم أكثر من استقراره تحت شجرة صلاح جاهين لتأمل الحياة بهدوء.
لا يخفي الشاعر حيرته ولا يقفز فوق أسئلته القلقة عن الحياة ومعناها ، بل أنه ينغمس في الحياة الى حد التورط في كتابة قصيدة محملة بقضايا اجتماعية ولكن من دون ديماجوجية أو صخب ايديولوجي فهو شاعر "نهاية مفتوحة" كما يعبر في واحدة من قصائده تظهر غربته وطبيعة عصره فهو ابن جيل ولد نهاية الثمانينيات عاش أبواه في غربة ليضمنا له حياة مريحة، يلتبس معناها على مصطفى ابراهيم الذي يعادو التأكيد على اثار تلك التجربة في روحه المغلقة على أسى وشجن غير خافيين ويظهران بوضوح في القصيدة التي تحمل عنوان الديوان (في ويسترن يونيون فرع الهرم / بسلم بطاقتي / وأروح استلم / أبويا اللي غايب /وعمره اتسرق / وقسط غيابه عن ابنه اللي سابه / بحبة فلوس متشالين من حسابه / وحبة هدايا / وحبة ورق).
وفي مواجهة هذه الخسارة يحتمي الشاعر بوطن كبير يخصه، وطن حاضر في قصيدته الفذة (القلب القماش) التي يناجي فيها مصر دون ان يذكرها حتى وهو يقول (الكوتشي اللي باش / م الف في شوارعك / يحرم عليه /يبوس ارض غيرك / والقلب القماش / المكوي بعمايلك / لساه معبق بريحة عبيرك ) قصيدة تجعل من الوطن قرين للمناجاة ورفيق درب يمكن الغضب منه ولكن من المستحيل الاستغناء عنه وهي قيمة تفرض نفسه في الديوان الذي يحتفي بالحياة وبالبشر ويرسم لهم صور تضعهم في اطار من الحزن الشفيف، حزن يشبه نغمة الكمان يطارد القارىء حتى الصفحة الأخيرة من ديوان يقدم صاحبه الى مجتمع الشعراء بقلب جامد يعرف انه لن يضيع في الزحام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.