قال الكاتب "ميسرة صلاح الدين"، إنه يعتقد أن أهم ما قام بإنجازه في كتابه "100عام على وعد بلفور"، هو الربط بين التاريخ والأدب، معتمدا علي نماذج أدبية وفنية في عرض القضية التاريخية لكشف الحق الفلسطيني الضائع. وتنظم دار "بيت الياسمين" للنشر حفل إطلاق للكتاب، مساء اليوم السبت 2 ديسمبر بمكتبة "ألف" فى الإسكندرية. وأضاف "صلاح الدين" في تصريحات خاصة ل"بوابة الأهرام"، أنه بجانب الوثائق والمستندات يركز الكتاب بشكل كبير علي التركيبة الإنسانية اللي كانت السبب في اختيار فلسطين، والعوامل النفسية والدينية التي تم التدليل عليها من محورين، الوثائق والأعمال الأدبية، بجانب أنه استعراض تاريخي لكل تاريخ الشعب العبراني وعلاقته بفلسطين منذ نشأته الأولي وحتى قيام الدولة. ويبحث الإصدار الجديد في التاريخ الديني والأدبي لبني إسرائيل، وكيف صارت المعتقدات الدينية والأدبية هي الغذاء الروحي لليهود – رغم أنها علميا ليست حقائق مثبتة- في مواجهة صراعهم مع الشعوب الأخرى، التي كانت في المنطقة أو وفدت إليها. يحكي الكتاب كيف مضى التاريخ باضطهاد لليهود، لم يكن للفلسطينيين فيه ناقة ولا جمل، حتى العصر الحديث حين رأت إنجلترا وأوروبا أن وسيلة سيطرتها على المنطقة هي زرع دولة إسرائيل. يناقش الكتاب مواضيع "العبرانيون" وميراثهم من الأدب الخالد، و مدينة الرب المخضبة بالدماء، وسنوات الشتات، و حكاية السيف الصهيوني والدرع الأحمر، و الموقف البريطاني، و قوانين نورمبرج وقيام الدولة. كان قيام دولة يهودية في فلسطين بحماية بريطانية أوروبية، ضامنًا في المستقبل، لعدم اتحاد مصر والشام في حِلفٍ عربي مُوَحَّدٍ، يسيطر على نهر النيل وشمال إفريقيا من ناحية، وقناة السويس وآسيا الصغرى من ناحية أخرى، كما حدث في فترة حكم محمد علي، وسَبَّبَ قلقًا بالغًا للدول الاستعمارية الكبرى. نرى في هذا الكتاب كنز العقائد اليهودية عبر التاريخ، وكنز المؤامرات العصرية على العرب، ورسائل بين السير آرثر ماكماهون المندوب البريطاني في مصر، وبين الشريف حسين حاكم مكة، مع بداية الحرب العالمية الأولى، حول مستقبل المنطقة بعد الحرب، وكيف انتهى الأمر إلى "وعد بلفور" في الثاني من نوفمبر عام 1917، ثم كيف مشت الأمور والمؤامرات بعد ذلك لقيام دولة إسرائيل. لقد استفاد اليهود من اضطهادهم القديم من الدول القديمة التي احتلت المنطقة، ومن اضطهادهم الحديث في أوروبا الذي وصل إلى ذروته إبان الحكم النازي لألمانيا، والتقت رغبتهم في إقامة وطن لهم مع رغبة الدول الاستعمارية في إضعاف المنطقة. يعرض الكتاب أيضا كل وجهات النظر، حتى لأولئك الذين كانوا ضد وعد بلفور من اليهود، ثم دور أمريكا في المسألة، بعد أن خرجت بريطانيا من الحرب العالمية الثانية منهكة ومرهقة، فلقد بدأت الآلة الإعلامية الأمريكية في مصاحبة الجيش المنتصر- جيشها وجيوش الحلفاء- في التجول داخل ألمانيا ما بعد الحرب، لتصور الكاميرات التليفزيونية معسكرات الاعتقال النازية، وتكشف العديد من المقابر الجماعية، وأفران الحرق، وتَبُثُّها إلى العالم مع التركيز على المعتقلين اليهود بشكل خاص، على حساب كل الضحايا الآخرين. يفسر الكتاب كيف أصبح اليهود أكثر تصميمًا بعد الحرب على بناء وطن خاص بهم، وكيف أصبح العالم أكثر تعاطفًا وترحيبًا بالفكرة، وتوالي الهجرات بشكل مكثف إلى فلسطين، حتى إن الرئيس الأمريكي ترومان أراد أن يُرحِّل مئة ألف من الناجين من معسكرات التعذيب النازية، التي سميت لاحقًا "الهولوكست"، إلى فلسطين. وأصبحت بريطانيا، الدولة الجريحة بعد حربين عالميتين، في حيرةٍ من أمرها، وأصبحت تكلفة الحفاظ على فلسطين أكثر مما ينبغي، فأعلنت بريطانيا من قِبَلِ مندوبها في الأممالمتحدة عن أنها عاجزة في ظل الأوضاع الراهنة عن حفظ السلام في فلسطين بين العرب واليهود، وستترك حلَّ المسالة في أيدي الأممالمتحدة، وهو ما يعني رغبة بريطانيا في الانسحاب من فلسطين تحت ستار دولي، واقترح المبعوث الروسي "أندرو جرميه" تقسيم فلسطين بين العرب واليهود، وتم تشكيل لجنة من قبل الأممالمتحدة وإرسالها للقدس لتقصي الحقائق على أرض الواقع. بدأ اليهود في التواصل مع تلك اللجنة لإقناعهم بأحقيتهم في المطالبة بأرض فلسطين، خصوصا أن مدنهم ومزارعهم ومدارسهم هي الأقرب للمدنية على الطراز الأوروبي، بينما المدن العربية بدائية وبسيطة! وغير ذلك كثير جدا من المعلومات والحقائق التي انتصرت في النهاية لفكرة قيام إسرائيل. يلجأ ميسرة صلاح الدين في كتابه، إلى التنقل من الدين إلى الأدب إلى الفولكلور إلى السياسة، بحيث في النهاية تعبر معه تاريخ اليهود في العالم، وتاريخ المنطقة، وتعرف كيف تم الغدر بالعرب أو كيف انهزم العرب ولماذا؟ وما دور الحقائق والأساطير في الأمر كله. كما يعرض الكتاب الرؤية الأدبية للأحداث في ذلك الوقت، وكيف كانت أوروبا ترى اليهود من خلال الكتابات الأدبية،على سبيل المثال شكسبير الذي كتب رائعته تاجر البندقية، وتشارلز ديكنز والعديد من الكتاب والأدباء الذين عكسوا رؤية الغرب لليهود. يميز الكتاب نجاحه في تناول العوامل الأدبية والتاريخية التي صاغت الشخصية اليهودية، وكانت السبب في إصرارها على الوصول لفلسطين، والتعامل معها واعتبارها أرض الميعاد، ويكشف الكتاب بشكل موثق العوامل التاريخية التي دفعت انجلترا لإعطاء اليهود وعد بلفور، في السياق التاريخي الاستثنائي المتمثل في الحرب العالمية الأولي. ويعرض الكتاب علاقة اليهود بأوروبا في العصر الوسيط -عصر الشتات- ونظرة الإنسان الأوروبي لليهود من خلال أمثلة أدبية وفنية متنوعة تصاحبك طوال صفحات الكتاب.