فى كتابه «100عام على وعد بلفور.. قراءة عبر الأدب والتاريخ» الصادر أخيرا عن بيت الياسمين، يقدم لنا الشاعر «ميسرة صلاح الدين»، رؤية مغايرة لوعد بلفور بمناسبة مرور مائة عام حيث أطلقه وزير خارجية بريطانيا «آرثر بلفور» 2 نوفمبر 1917. ويتناول علاقة القبائل العبرانية أجداد بنى اسرائيل بفلسطين وأرض كنعان، وأطماعهم فى المنطقة من خلال طرح جديد يعتمد على النصوص الأدبية والوثائق التاريخية والأعمال الفنية لكتاب وفنانين وسياسيين عبر العصور. وفصوله الثمانية تحمل عناوين ذات دلالات واضحة، وتأخذ القارئ فى رحلة ثقافية وتاريخية كلها تشويق ومفاجآت، يستكشف خلالها أسس العقيدة والفكر اليهودى والعوامل التى شكلته وأثرت فيه، وكيف صار الغذاء الروحى للشعب اليهودى فى صراعه مع الشعوب الأخري، فى المنطقة أو وفدت عليها. ثم يعرض الكتاب لتاريخ مدينة القدس تحت حكم البابليين والفرس واليونان، وانتقالها من أيدى الكنعانيين إلى المصريين القدماء، إلى أن أقام فيها اليهود مملكة محدودة لفترة قصيرة من الزمن، والرومان الذين دمروها وأصدروا مرسوماً بطرد اليهود منها بشكل نهائى قبل أن ينتقل حكمها للعرب، حتى وقعت أخيراً تحت سيطرة الدولة العثمانية. ويناقش الكتاب التاريخ الوسيط لليهود فى أوروبا، أوما يسمى عصر الشتات، وكيف تعامل سكان أوروبا مع اليهود، وحكامها ومراحل الوفاق والصدام بين الأوروبيين واليهود، وبين الديانتين المسيحية واليهودية. ويستعرض نماذج من أهم الأعمال الأدبية التى تناولت اليهود بأيدى أشهر الكتاب الأوروبيين، ويوضح الكتاب العوامل التى هيأت لصدور وعد بلفور خلال الحرب العالمية الأولي، والوعود الأخرى التى أطلقتها انجلترا خلال تلك الحرب لغير اليهود كالفرنسيين والعرب. وكيف غيرت الحرب شكل العالم والمنطقة العربية بعد انهيار الدولة العثمانية، ويعرض وجهات نظر من كانوا ضد وعد بلفور من اليهود، وقيام المنظمة الصهيونية العالمية وتأثير رجال الأعمال وأثرياء اليهود فى ذلك الصراع ودعمهم هجرة اليهود من أنحاء العالم إلى فلسطين، ودور أمريكا فى القضية. وحقيقة ما دار فى الحرب العالمية الثانية على يد هتلر والجيش النازى لليهود وغيرهم ممن لم تنطبق عليهم قوانين نقاء الدم النازية التى صنفت الشعوب تبعاٌ عرقيا ودينيا. ويستعرض الفصل الأخير خطوات اليهود لإعلان دولتهم، ودور العرب فى التصدى لتلك الخطوات، ودور الأممالمتحدة وقراراتها فى إعلان دولة اسرائيل، ويتميز الكتاب بلغة سهلة نجحت فى دمج الفن والأدب بالتاريخ والوثائق فى رؤية بشرية إنسانية صاغها أصحابها بأقلامهم على اختلاف معتقداتهم وتوجهاتهم لتكشف أبعاداً جديدة للقضية وتعبر عن جانب مهم من أسرارها.